الثلاثاء 04 مارس 2003 07:34
تقديم وترجمة جمانة حداد
دعـوا بـراكـين الـكـلـمـات تـنـفـجـرفـصـمـت كـهـذا قـد يـصـيب الأطـفـال بـالـصـمـم
مـزّقـوا هـذا الـسكـون الـبـلـيـد فـالـرجـال الـعـمـيـان يـركـضـون إلـى هـاويـة الحـلـكـة
الشعر ضد الحرب؟ حسناً تفعلون أيها الشعراء. حسناً تجمعون اثني عشر الف قصيدة من انحاء الارض كلها لتصنعوا بها سوراً منيعاً من الغابات والأنهر والنبضات والنظرات يحمي ينابيع الكلمة وأحلام الشجر وشعب العراق.
حسناً تشنّون بالشعر حرباً على الحرب.
لكنْ، متى كان الشعر حربياً الا في جاهليات الشعوب؟
أعرف انكم تتقدمون لا لتحاربوا بل لتقاتلوا بسيف دونكيشوتي طواحين الاجرام وتبددوا هواء مسموماًً يلوث نقاء الخيال.
أعرف أنكم لا تقدرون بالكلمات على اسقاط شعرة واحدة من رأس الطغاة والديكتاتوريين المتربعين على عروش استبدادهم في واشنطن وبغداد وسواهما.
ولكنْ حبذا لو تستيطعون ايها الشعراء. حبذا لو!
الشعر ضد الحرب؟ بلى، وحسناً.
فما دمتم سترفعون هذه القصائد الى الكونغرس الاميركي، غداً، لمناسبة هذا الخامس من آذار الذي سيعلن يوماً عالمياً لـ"الشعر ضد الحرب"، لعل كلماتكم تكون نجمة شبيهة بتلك التي قادت المجوس الى بيت الإله الطفل، فتقود سيد البيت الابيض الى مزود السلام والامل. لعل المعجزة تتحقق فيكفّر الشعر عن ذنوب التاريخ كلها، كأن يمشي جلجلة المسيح في فلسطين، وان يهرع الى جبل لبنان ليرفع عنه اكليل الظلم والهوان، وان يذهب الى أوطان العرب كلها، والى نواحي أفريقيا المضطهدة وجغرافيا العالم الثالث المعذب، والى كل ارض يعشش فيها الجوع والفقر والألم، اراضي الليل الهائل حيث لا يستطيع بياض ولا إله ان يمحو حلكة الموت. لعله بياضكم يستطيع ايها الشعراء!
سيكون على كلماتكم ايضاً ان تيمم نواحي بابل ونينوى ونيسابور وبغداد وكربلاء لتدمل جروح ارض الطوفان.
سيكون عليها ان تعرّج ناحية قرية جيكور التي احتضنت بدر شاكر السيّاب، لتتعطر بالنشيج الطالع من هناك مع كل قمر ينز من قصائد شاعر المطر واناشيده.
حبذا لو تستطيعون اذن ايها الشعراء!
حبذا لو تخترعون بكلماتكم يداً ممدودة تضع حداً لفراق بغداد عن دجلتها، وتنسج اجنحة لعصافيرها المشلّعة، وتصنع فضاء لهذه النجوم التائهة في عيون اطفالها.
حبذا لو تصفعون بكف قصائدكم خد الديكتاتور المقيم في كل مكان، وتحفرون عميقا في صحراء العقل البشري الهمجي هذا، لعلكم تفجّرون فيها نبع الحب والامل والحق.
حبذا لو تكتشفون حجر صوان في هذا البرد الكابوسي ليشعل نارا تقي اهل العراق وجع ليلهم الطويل، وتخيطون غيوما ترفع ارهاب شمس الوحشة عن بلاد الرافدين.
الشعر ضد الحرب؟ بلى، وحسنا. ولكن، متى كان على الشعر ان يحارب، نسأل؟ متى كان على الشعر ان يحكي، وبالكاد نسمع الشعر ونراه في خفوت القلب؟ متى كان عليه ان يكون كفاحيا فيرفع صوته ويمتشق سيف عنفوانه وينزل الى الشوارع ليقف في وجه السلاطين والطغاة؟
الشعر ضد الحرب؟ بلى. رغم ان اسلحته ليست غير صوته الخفيض وبروقه واقماره ومتاهاته ووجدانه الأرقّ من افكار الربيع وعزائه الاعمق زرقة من مياه الدموع.
الشعر ضد الحرب؟ بلى، رغم كل ذلك، بل من اجل ذلك كله، فاذا كان لا بد من شهادة، واذا كان لا بد من اعجوبة، فلنجرّب هذا الترياق القوي، المخصب، المرنح، الذي يُسمى الشعر.
في هذا الخضم الهائل من القصائد والاسماء المتجاورة في مواقع المشروع على شبكة الانترنت، في برج بابل هذا المشيد من كل لسان وامة، بدءا من اميركا وفرنسا واسبانيا والمانيا وكندا وانكلترا وصولا الى الهند واثيوبيا ويوغوسلافيا وروسيا واليابان وسواها من البلدان، سنقرأ الكثير من قمح الشعر، ولكن الكثير من الزؤان ايضا. فالقائمون على تنفيذ المشروع لم يكن همهم الانتباه الى النوعية قدر التفاتهم الى شمولية هذا الموقف المقاوم السلمي. ورغم تفاوت قيمة القصائد في ما سوف يشكل اكبر ديوان حول موضوع واحد في التاريخ الادبي، الا ان اهمية فكرة "الشعر ضد الحرب" انها تندرج في باب الاعتراض النبيل على ما يُرتكب من بشاعة في العراق، واهميتها الاستثنائية في كونها تنتمي الى عالم الايمان بقوة الشعر كباعث ومخلّص، او على الاقل كـ"فضّاح" و"ديّان". اي ان الذين يرفضون الحرب يقاتلون بلحم الكلمـات الصـادق الحـي، لحم القلوب والوجدان والخيال، على امل ان يوقفوا بهذه زحــف جيـش كلــي القـدرة وان يصـدوا ارهـاب الطائـرات المغيـرة وان يسحقــوا وحش الكــره الدمــوي البغيض.
كثيرة المواقع الالكترونية التي دعت شعراء العالم الى ارسال قصائدهم ضد الحرب على العراق، نذكر منها www.poetsagainstthewar.com و www.nthposition.com و www.ukpoetsagainstwar.com ومنها ومن مواقع اخرى انتقينا هذه القصائد. وكثر الشعراء الذين لبوا الدعوة وكتبوا وشاركوا واعترضوا، على ان تكون ذروة المشروع ذكرنا تقديم المجموعة الشعرية الهائلة الى الكونغرس الاميركي غدا واعلان الخامس من آذار يوما عالميا للشعر ضد الحرب. وفي المواقع المختلفة لهذه الحملة الشاملة التي ساهمت شبكة الانترنت في تنظيمها و"عولمتها"، يتجاوز شعراء بارزون ومكرّسون امثال سام هاميل وريتا دوف وستانلي كونيتز (الولايات المتحدة) وشون اوبريان وادريان ميتشل (بريطانيا) واوغيت برتران (كندا) ودانيال لودوك (فرنسا) ورانجيت هوسكوت (الهند) ومحمود درويش... الى اسماء شبه مجهولة واشخاص يكتبون ربما قصيدتهم الاولى. وجدير بالذكر ان عددا كبيرا من المثقفين المعروفين، شعراء ومسرحيين وروائيين وناشرين، من امثال بول اوستر وآرثر ميلر وتود سويفت ومارك رودمان ومارلين هاكر ساهموا في الاعداد لهذا الحدث وشاركوا في مراحله. وفي الخامس من اذار ايضا تُعقد حلقات قراءة شعرية ومناقشات ومؤتمرات صحافية حول هذا الموضوع في واشنطن ومدن اخرى في سائر انحاء العالــم. ويكشــف ذلك مــدى الحاجــة التي يستشعــرها الكون وشعوبــه الى ما يحــرر اللعبــة السياسيــة بين الـدول من معاييــر القــوة والعنـف والسـلاح النــووي والمال والانانيات وكل انواع الجشع.
لذا سنقف بدورنا مع هذه التظاهرة الفريدة من نوعها، رغم ايماننا بأن القتلة سيستمرون في قتلهم، ورغم خوفنا من ان تقع المبادرة في فخ الشكلانية والفولكلور.
سنقف معها رغم كل شيء، وسنقول اننا جنود في هذه الحرب المضادة المستحيلة، العزلاء الا من جبروت الكلمة، في مواجهة ارادة العنف وشهوة القتل والاستيلاء والالغاء.
سنقف معها لأننا نريد ان ننتظر أملا ينجو هذه المرة من الغرق على زورق قصيدة،
عساها بارقة الشعر تكون الضوء على ارض العتمة هذه،
عساها نجمته تكون النجمة الاولى في سماء خوفنا ويأسنا.
في هذه المجموعة المختارة من جهات الارض، ثمة صرخة واحدة اذن: لا للحرب. واذ نقدمها عشية اعلان اليوم العالمي لـ"الشعر ضد الحرب"، فلكي نمنع ضمير الكون من ان يغفو هذا المساء. لعله اذا تأرّق قليلا تنزل عليه صاعقة الالهام ويعرف بحواس القصيدة وغرائزها ورؤاها ان لا افضل من نجمة الشعر ليدل على طريق الفجر.
جرّب العالم اسلحة كثيرة من شأنها ان تهلك البشرية كلها في رمشة عين.
لعل العالم اذا جرّب هذه الصرخات، اذا جرب الشعر، يستيقط غدا ومن فمه تنبجس معجزة السلام.
أغنية سلام
آهٍ أيتها الحرب!
حتّام تدقين أبواب مدينتي؟
ليتني أصبح صوتاً صارخاً
لأُخرس صدى قبضتيك الثقيلتين!
أريده أعلى صوتي
من هدير طائراتك المقاتلة
فوق مدينة تكافح
أريده أعمق
من أنين الموت
في حنجرة هذي الأرض الوقحة.
لستُ رجل ملاحم
لأنفخ في بوق زعمائك الباطلين...
بل رجل كلمات أنا
وشاعر سلام
فدعيني استعيد القيثارة
التي سرقتها من شعوبي
لكي أغني جروحهم النازفة.
دعيني أكتب أغنية سلام
تطغى على ملاحمك الزائفة.
مجيد نفيسي
(شاعر إيراني مقيم في أميركا)
كل شيء بات واضحاً
الآن وقد كتبتُ قصيدة
ضد الحرب في العراق
أو في اي مكان آخر
علماً أنها واقعة لا محالة
بات في وسعي ان اغسل يديّ من دم هذا الصدّيق
أن أتمدد مطمئناً
وأن أشعر بالرضا
بات في وسع الحرب ان تندلع
بعدما ارحت ضميري
وإذا سألني يوما ابني الذي لم يولد بعد:
ماذا فعلت لكي توقف تلك المجزرة يا أبي؟
سأجيب: "أنا؟ لقد كتبت قصيدة ضد الحرب!"
يان أوسكار هانسن
(البرتغال)
مقابر الحرب
أمّاه،
أهذه الهدية
التي أهديتنيها
يوم ولدت؟
لم أنعم ببهجة خطواتي الأولى
أو بفتنة الدمى الملونة
ولا بمداعبة العشب المندّى
لقدمي الحافيتين.
لم أطرب لنقيق الضفادع
في البرك الطافحة
ولا قطفت الحب والقبلات
بين سياجات أيار.
أمّاه،
أهذه هديتك؟
أتكون كمامة لأختنق
ومزقاً في أحشائي
تتدفق منه الحياة
إلى أفواه الآخرين الشرهة؟
موسيا فانتولي
(إيطاليا)
الديكتاتور الإله
يتنزه الديكتاتور جذلاً في غابة قتلاه
وينعب كالغراب المنتشي بين الجثث.
من عساه أعطاه السيف؟
يقدّم الديكتاتور الكريم الحياة لضيوفه
على طبق من الموت.
من عساه سلّمه المصائر؟
يتربع الديكتاتور المطمئن على عرش الغباء الأرعن
ويعيد اختراع ايام الخلق السبعة
من عساه نصّبه إلهاً؟
آنا ماريسكو
(رومانيا)
الطوفان
في مكان ما في البعيد
تستجمع عاصفة هوجاء قواها
قبل ان تطلق وحوش حقدها وثأرها
علينا جميعا
كفّارة عن ذنب لا يعرف احدٌ كنهه.
تصخب مياه البحر
وتحمل الريح نذير الدمار
اما النباتات والاشجار
فتنتظر وصول العاصفة
في مثولها الصامت الهادئ المطمئن.
هي تعرف بالطبع
أنّ العواصف والفيضانات تمضي
ولا تنال من الشرارة
التي تشعل جوهر العالم.
هي تعرف
ان الحياة أزهرت من جديد
بعد طوفان نوح.
مونتزورول هوك
(اليابان)
خيار
لو أني مثلك
لكنتَ قطعتني
بسيفك المصلت على عنقي
مثلما تُقطع دجاجة ولدت حرة
ولم تنعم بحريتها هذه.
لو أنكَ أنا
لكنت حييتك
ببشارات وعطايا
بغابة زهور في يد
وحمامة بيضاء في اليد الاخرى
لكي تدعني اعيش في سلام
لكي ترفع سيفك عني.
أبيرا ليما
(إثيوبيا)
قصيدة ضد الحرب
لنرد بها على من يسحقنا
على من يغتصبنا
على من يجرفنا الى بحر مآسٍ مشتركة
ويدفننا
نحن وآخرين
تحت عجزنا العنيد عن الحياة.
قصيدة ضد الحرب
بلا تخفٍّ
بلا هرب
قصيدة محلقة
بلا إحجام
سكوت واتسون
(اسكوتلاندا)
أمور تحصل فجأة
سوف نكون جالسين
أمام التلفزيون
أولادنا
يلعبون في هدوء في الطبقة العلوية
والهرة غافية
بين معلبات اليخنة والبندورة...
فجأة ستصبح الغرفة
بيضاء
وستزهر حدائق كبرى
في دواخلنا...
آلن كوبر
(كندا)
مقطع من أغنية الحزن
من نعزي حين يموت الأطفال
في أحضان امهاتهم؟
من نؤاسي حين نضيء شمعة
في أرض مشى عليها إنسان ذات مرة؟
كيف نملأ الفراغ
كيف نردم المساحات الخالية
التي تولد
كلّما اشعلنا ناراً لنعتّم الأرض؟
تحت اي ظلال نرقد
حين يدهمنا النعاس
بعد أن يدمروا عالمنا
في حرب باسم السلام؟
شابير بانوباي
(جنوب افريقيا)
كأطفال لم يولدوا
تلمّسوا خد الأرض في رقة
لن يصعب عليكم ذلك
إنحنوا فوقها قليلاً
كأطفال لم يولدوا بعد.
تلمّسوا خد الارض في رقة
في بساطة الصغار افعلوا ذلك
كلما عبرتم إحدى الدروب
على كوكب الهجس هذا.
طفولتكم ليست بعيدة
ها نجومها تبرق في سمائكم
أنقذوا بها عالمنا
إلعنوا قنابل الموت قبل فوات الأوان!
إيغور ميخايلوشنكو
(روسيا)
الحرب ضد الشعر
... ولفايق حسّان.
حدثوني عن نهاية الشعر
عن الفيض المتدفق لشهوات السلطة
التي تودون لو نتقاسمها معكم
بعد ان نؤجل تعاطفنا الى الغد.
حدثوني عن قراراتكم المختلفة
عن المثل العليا
التي ينبغي سحقها واستبدالها
عن الحرية العلى المحك
عن السلام والكرامة والشجاعة غير الضرورية
حدثوني عن خوفكم من الرأي العام
عن خوفكم من نبع الكلمات
حدثوني
عن خوفكم من الشعر.
ريبيكا براونرت
(ألمانيا)
إلى طفل عراقي
هوّن عليك
كثر نحن الذين هنا
من ترف منازلنا
ودفء ملابسنا
نفكر فيك محتضراً هناك
في مستشفى بارد ومعتم
فنرتجف ونرتعش
وعبثاً نرفع حرارة الغرفة
عبثاً نرتدي المزيد من الثياب:
يدك الباردة
تتشبث بأرواحنا
تشبثها بالحياة.
أما اولئك الذين يقتلونك
فلا يخترقهم صقيع
لأن أرواحهم أشد برودة من الموت.
هوّن عليك
لا أسلحة لدي
لأدافع عنك
إنما لدي كلمات
بضع كلمات فقط
أرددها
في سرية الدهاليز المنيعة
داخل وحدتي.
ستافروس أمبيلاس
(اليونان)
تجار السلام
سلبتموهم الارض
وأعطيتموهم السلام
في الموت.
جونسون دايل
(النروج)
الزعيم
ارتدى سترته الحربية
على طريقة إرول فْلِن
وتوجّه بلغة منمّقة
الى قومه والاصدقاء والجيران.
ما همّ إن تلعثم؟
سيصفّقون له في أي حال.
ما همّ إن كانت كلماته مبهمة
وعطاياه كلها حروباً؟
ما همّ إن كانت المعركة التي يشنّها
غير تلك التي ينشدون؟
إن كان يروي ظمأ رجال النفط
وهم يحلمون بالسوبر ماركات؟
المهم أنهم ذهبوا معاً الى الحرب
كلٌّ يغنّي على ليلاه
حاشدين قوى بلدانهم
ليجعلوا الحق... باطلاً.
فرنون مويس
(انكلترا)
الرجل ذو الروح العمياء
ألا يسعنا أن نتبادل الخير؟
لمَ يكون ذلك مستحيلاً؟
القلوب الخاوية
لا تتسع الا للألم.
تذكّر ذلك أيها الرجل ذو الروح العمياء.
أوقف الحرب!
فمع دموع الاطفال
يقطر الأمل ويذوي
لأن جوهر الحياة
في مآقي عيونهم.
فيسنا فريندافان
(يوغوسلافيا)
عظامٌ بيضاء على أرض سوداء
أسمع الأبواق تنفخ في أرض الخراب
لحن السواد
قذائف الفولاذ الفارغة تتهاوى
وتشيع السواد
لا يتعالى من الناس صراخ،
سواد فقط.
السواد في السماء
السواد على الارض
هل ينبغي لنا ان نموت
لكي نربح حربا اخرى؟
إنها حرب الرجال العميان
الراكضين الى هاوية الحلكة
حيث الحب هيكل عظمي ابيض
فوق جسد الحرب الاسود.
مايكل كيلي
(إيرلندا)
صوت
... ولجواد سليم.
حين يغفو العالم
أتألم لمآل أشباهي
لقصص حبهم المشلّعة
في خضم أعمالهم
أتألم لأقدامهم العالقة
في مستنقعات القانون
لحقائبهم
التي تجوب العالم
أتألم لرواد الوحدة هؤلاء
لهربهم الى السواد
في اصفرار التاريخ
لهؤلاء الصدئين الذين يثرثرون
في بياض الايام
أتألم لسلطان أيديهم الوقحة
حين يجري كل شيء
كما لو أن شيئاً لم يكن
أتألم، بلى، أتألم
حين يطارد الليل أبناءه القذرين
المتلفّعين بأحشاء المدن
لموائدهم الخالية من أي معنى
بلى أتألم للإبر التي يحقنون بها شرايينهم
لمواسم قطاف أذرعهم المثقوبة
لعيّنات برامج التبرّع
للقطع النقدية الصغيرة.
حين أغضب
أتألم بلى أتألم
حين تُقرع النواقيس
في جسد الكنائس الأجوف
أتألم ايضاً، بلى أتألم، لغياباتكم
وأتألم لرغباتي
حين يدفعني المطر
الى هاويات جسدي
المصلوب على أجسادكم
أتألم لصمتكم
للفواصل الطويلة بين كلماتكم
لصمتكم الذي كلهاثٍ رابض
على عتبة روحي
لروحي الطافحة بتلك النار المعذّبة
التي ترافق الكائن
حين يوشك كل شيء
أن يقع في العدم.
أتألم لما ينكأ
قلوب أقراني
كصوتٍ يعلو
ليقول
إني أتألم.
أوغيت برتران
(كندا)
خطاب الرئيس 2003
لم أذهب قط الى القدس
لكن شيرلي حدّثتني عن القنابل.
لا إله لي
لكني رأيت الاطفال يصلّون من أجل أن يتوقّف القصف.
لآلهة متعددين يصلّون
أما الاخبار فهي هي على الدوام
تتكرّر مثل عادة سيئة
مثل التبغ الرديء
مثل المجاملات الاجتماعية.
لفرط ما رأى الاطفال موتاً
لم يبق الموتُ يعني لهم شيئاً
صفوفاً صفوفاً ينتظرون الخبز
وينتظرون المياه
رأيناها عيونهم ألوف المرّات
أقماراً سوداء تعكس الفراغ.
قريباً سوف يتكلم الرئيس
سوف يتحدّث عن القنابل
عن الحرية وعن أسلوب عيشنا
لكني سأطفئ جهاز التلفزيون.
هكذا أفعل دائماً
لأني لا أحتمل
رؤية النصب التذكارية
في عينيه.
سام هاميل
(الولايات المتحدة الاميركية)
هل أنتَ هكذا؟
... ولجواد سليم.
على غرار ذاك الذي يقتل طفلاً
ثم يسلخ جلده
ويطحن عظامه
ويحرق مفاصله
ويُطعم أحشاءه للكلاب
ثم يدعو بكل فخر
أهله والاقرباء والجيران
الى اجتماع عام
ويروي لهم بتعابير دقيقة
تفاصيل عمله الوحشي هذا
ويطلب اخيراً من المجموعة
جمع أشلاء الطفل من جديد...
فيكرام بابو يسأل:
هل أنتَ هكذا؟
خيسوس أغوادو
(اسبانيا)
الحرب
... وحليمة محمد علي.
مثلما تموت بعض الكلمات
قبل أن تُلفظ
مثلما يفيض نهرٌ
جارفاً السدود والجسور
مثل صمتٍ يقتل
وصخبٍ يغتصب
مثل كل ما يقتلع
كل ما يطيح
كل ما يعطب
هكذا تتقدّم الحرب مع الليل
مع السخام الذي تغطّي به الارض
وحين تنسحب في هجمة متأخرة
يكون كل شيء قد أمسى سواداً
كمثل حبرٍ
متّسخٍ
يحجب الزمان.
دانيال لودوك
(فرنسا)
بقعة نفط
أنابيب النفط
هي الآن شرايين العالم.
أحياناً يحرقها جشع السلطة
فتروح تتسّع بقعة النفط
لتغطي بحار الدماء
وأوطان الاطفال
وأجساد الناس المشوّهة.
لم تكن يوماً أسباب بهذا السواد
على هذا القدر من الوضوح.
خوسيه لويس مينديز
(الارجنتين)
مخالب جامحة
أين أسئلتكم؟
مزّقوا هذا السكون البليد
بمخالبها الجامحة!
لتكن كل كلمة تنطقون بها
سكّيناً يشقّ بعنف
أوتار سماء الصمت،
هذا الصمت المستبد الطاغية!
أين اسئلتكم؟
دعوا براكين الكلمات تنفجر
صمتٌ كهذا
قد يصيب الاطفال بالصمم.
أفيجيت شاترجي
(الهند)
قصة النبي فو والعظاءة
الحرب هي الحل الاخير
يقول النبي فو
مقلّماً أظافره
بينما يحصي البنادق.
لكن العظاءة المتمدّدة على الصخرة تحت الشمس
لا يعوزها قناع
لندوبها.
أستطيع أن أحوّل نفسي الى ما أشاء
يقول النبي فو
أن أكون حيواناً زاحفاً أو نسراً
ثعلباً أو كلب صيد
سمكة قرشٍ أو انساناً.
لكن العظاءة الأبيّة لا تتحرك
بل تواجه اللهب
ولا تحترق
تعيش فيها وتخمدها
ولا تحترق.
ومثلها جميع أولئك الذين يحملون النار في أرواحهم
مثلها سوف يولدون كاملين
من رماد الانبياء
او الرؤساء
الكذَبَة.
خوسيه أوراسيو دي ألمييدا
(البرازيل)