أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 5














المزيد.....

ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 27 - 12:10
المحور: الادب والفن
    


فورَ إنهائي المكالمة الهاتفية مع الكاتب، مضيتُ باتجاه الترّاس علّني أصيب شيئاً من الشمس الربيعية، الآخذة بالأفول. وأفكّر في أسى، أنّ حياتي أيضاً تميل إلى غروبها دونما أن يتبقى منها سوى ظلال باهتة. أما الروح، فإنها في مكان قصيّ لن يُبلغ أبداً.
عليّ كان أن ألجَ باب الكهولة، وحيدةً، تحيطني مظاهرُ الثراء والنعمة، غير راغبة بشيء أكثر من الهدوء والدِعَة. إلى الأمس القريب، لم يكن لديّ الجرأة حتى لمجرد التساؤل، ما لو كان كلّ ذلك حياة حقيقية.. أو أنني مضيتُ في طريق الخير والشر أحملُ في رحمي، وهماً على وهم، جنينَ روحٍ أخرى؟
أكان ذلك سؤالي الأساس، أم أنني خجلى من كشف أثرتي وأنانيتي؟ لقد كان الكاتبُ محقاً نوعاً، حينَ وصفني بالمرأة الكتومة. بلى، عليّ أن أعترفَ الآن بأنني مشغولة البال بسؤال آخر العُمر: لمن أدع ثروتي وأملاكي؛ أنا مَن لم تحظَ بوارثٍ من صلبها؟ الأدهى، أن ينتظر موتي أبغضُ الناس إليّ، وهيَ أختي من أمي. ليسَ بوسعها، الكلماتُ، الإفاضة بمشاعرٍ موزعة بين الألم والندم. كوني عزفتُ عن فكرة التبني ( أتكلم عن ابنة صديقي فرهاد وكانت في رعايتي زمناً )، فإنني ضيّعتُ عليّ وارثاً يستحقُ اسمي!

*
شجيرات النخيل والزيتون والليمون، هنا في الترّاس المزجج والمُشرع للنسيم الربيعيّ، تتمايلُ في أصصها الفخارية الضخمة. لقد زرعتها بعيدَ بناء الفيللا، آملةً أن تعينني على الذكرى الغاصبة. هأنذا أرسلُ فكري خِلَل الشجيرات، ليمضي بعيداً نحوَ خيالات أخواتها، ثمة في مراكش. المدينة، تكمن هنالك في الطرف الآخر من المحيط، مكتسية بأكمات الزيتون ومزيّنة بعَرَصات النخيل والليمون.. شامخة بمنارتها العظمى. أعلمُ أنها تغيّرت بشدّة، حدّ أن تنكرها عيناي ما لو فكّرتُ بالعودة إليها بعد كل تلك الأعوام. مع أنني متيقنة، بأن ربيعها ما يفتأ على نفس الحال، حارّاً وجافاً، كما لو أنه صيفٌ عائدٌ على أعقابه. كذلك نحنُ، عشاق مراكش السابقون، أصابنا الزمن بسهام الذبول. الذكرى، ما تني ربيعاً حاراً يُذيب شمعَ أرواحنا.
طيّ أوراقي، الغافية ثمة على الطاولة الأنتيكية في الصالة، كانت المدينة بدَورها تنامُ على وقع دفوف وطبول ساحتها.. ساحة جامع الفنا.. أو " كعبة العالم "، مثلما دعاها ناشرُ هذه السيرة في إحدى مقالاته. مذاك الوقت، وأعني على أثر قراءتي للمقالة، رحتُ أهتمّ بما يكتبه الرجل. أيقظت كتاباته فيّ دودة المطالعة، لدرجة العودة إلى ما نُشر سابقاً في صفحته الخاصة على النت. لغرائب الاتفاق، أن كلانا قد سبقَ وعبَرَ ذات الأمكنة، وإن بأزمنة مختلفة.. موسكو.. مراكش.. بل ومسقط رأسي نفسه؛ اللاذقية، التي أدى الكاتب في أحد معسكراتها خدمته الإلزامية. وبمحض المصادفة أيضاً، سيجتمع الكاتب مع صديقي " فرهاد " بصورة عابرة آنَ كانا كلاهما في موسكو لغاية واحدة. ولكن ماذا عن بقية معارفي، هناك في مراكش؟

*
" آلان "، الشاب الموهوب، ستلقونه أيضاً أثناء مطالعتكم لمزيدٍ من صفحات سيرتي هذه. لقد كان آخر شخص عمل سكرتيراً لديّ في المدينة الحمراء. وأتكلم عنه كشاب، بطبيعة الحال، طالما أن صلتي به انقطعت مذ مغادرتي المغرب. لم يكن من أفراد عصبتنا، إلا أنّ القدَر شاءَ له أن يكون حلقة مهمة تربط حلقات السيرة بعضها ببعض. وإنه الكاتب من تنبّه للأمر، كونه قد سبقَ ونشرَ تلك التذكرة، " تاجر موغادور "، التي أضحت بمثابة فاتحة سيرتنا. من إشارات معينة، كان لا بدّ أن أهجس بأن الكاتب تعرّف بطريقة ما على سكرتيري السابق. ولكنني لم أطرح الموضوعَ، بما أن الرجل آثرَ تجاهله.
" خَجيْ " الصغيرة، ما أنفكّ أحفظ صورتها في حجرة خاصّة بالدمى.. صورتها المكبَّرة، الموضوعة ضمن إطار رائع يليق ببهاء صاحبتها. " خجي"، أظنها الآن بمثل عُمر أمها " الشريفة " في أوان إنجابها لها. كم أشعر بالعار لإهمالي معرفة أخبار ابنة صديقي " فرهاد "، خلال كل تلك الأعوام المنقضية، بحيث أنني خجلت من سؤال الكاتب عنها. في المقابل، يخفف عني ذلك الشعور، حقيقة كوني قد واصلت الاهتمام بأمر الطفلة لحين سفري إلى المغترب الجديد.
تراني من الحماقة، أنني أكرر هنا أشياءَ ستعثرون عليها فيما يلي من صفحات. مردّ ذلك ربما، راجعٌ إلى نوع حياتي في هكذا مكانٍ موحش، محكوم بالرتابة. بيْدَ أنه الكاتب، من نصحني ألا أُدخلكم إلى متن السيرة إلا عبْرَ بوابة هذه المقدمة المُبتسرة. وهوَ نفسه، كان قد أقترحَ عليّ أن " نعمد " إلى إذابة مذكرات المسيو الفرنسيّ في بوتقة هذه السيرة. تشديدي على الجمع، عائدٌ إلى أنّ الصيغة الجديدة للسيرة إنما تمّت بفضل الكاتب. فلا يسعني سوى شكره لما بذل من مجهود في ذلك، وفي المراجعة والتنقيح عموماً.
أتكهّن بأنّ القارئ يمكن أن يتساءل، ما إذا كنتُ أملك حق التصرف بسيرة المسيو " غوستاف " على النحو المذكور؟ وأجيب، بلا تردد، أن بلى! فإنّ المسيو، في حياته، كان غير راغبٍ بنشر مذكراته وقد أوضحَ ذلك بلا أيّ لبس ـ كما قرأناه قبلاً على لسان" شيرين "، التي عَهَدَ إليها أمر المذكرات بغية تنقيحها. وعلى أيّ حال، سيجد القارئ سهولة ويسر عند تمييزه للمقاطع المقتطفة من مذكرات صديقي الفرنسيّ الراحل.
ختاماً، هأنذا أطوي أوراق المقدمة، كي أرافقكم في الطريق المُفضي إلى متن السيرة المخطوطة..













#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدباء ورهبان 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 2
- أدباء ورهبان 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 1
- أدباء ورهبان 2
- كعبةُ العَماء: كلمة لا بد منها 3
- كعبةُ العَماء: كلمة لا بد منها 2
- كعبةُ العَماء: كلمة لا بد منها
- كعبةُ العَماء: حاشيَة
- سيرة أخرى 67
- المركبة الملعونة
- سيرة أخرى 66
- أدباء ورهبان
- سيرة أخرى 65
- سيرة أخرى 64
- لعبة الذكرى
- سيرة أخرى 63
- سيرة أخرى 62


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 5