نزهة الرملاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 26 - 12:55
المحور:
الادب والفن
نزهة الرملاوي
عطر الماضي ..
يا الله! أعادت لي الأمكنة والبيت والشبابيك أريجًا من عطر الماضي ما زال منتشرا في الذاكرة، نعم إنه ذلك الفتى، حبي الأول. ما زالت ذكراه عالقة في وجداني، وصورته تقرب لي مسافات الغياب. ما زلت أذكر كيف كان يدنو من سور بيتنا ويختبئ خلفه؛ حتى لا يراه أحد رجالنا، فيضيع بين يديه بلا رحمة، وكيف كان يعاود القدوم بين الحين والآخر؛ ليراني من خلف النافذة فيلوح لي بمنديله المبلل بالعرق صيفًا، وبقبّعته السوداء شتاء. وكلما داست أقدامه حيّنا، امتدّت يده إلى الورد الجوري في بستان الجيران، في لحظة غفلة منهم، يقطفها، ويقذفها نحو نافذتي ضاحكًا ويلوذ بالفرار. وفي الصباح المدرسي تراقب عيوني تسلّله، وهو يحاول تسلق أسوار المدرسة، وبعدما يخرج من مدرسته ظهرًا، فينهره الحارس ويتوارى عن الأنظار.
غاب الصبيّ، وهُجّر مع من هجّروا، كموسم ربيع ما فتأ أن احترق شوقًا من الغياب، لم أره منذ ذلك الوقت، ضاع في شوارع المدينة ولم يأت كعادته كل مساء، ترك عيوني خلف نوافذ الأمل تنتظر.
#نزهة_الرملاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟