|
إنتخابات أيار 2018 / نينوى
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5768 - 2018 / 1 / 25 - 17:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رُبما ستكون إنتخابات مجلس النواب العراقي وكذلك إنتخابات مجالس المحافظات ، والمُؤمَل إجراءها في 12/5/2018 ، من أهَم الإنتخابات منذ إحتلال العراق في 9/4/2003 . إذ بعد التجارُب المريرة لمدة خمسة عشر عاماً ، وثبوت فشل إسلوب المحاصصة وكذلك إندحار التنظيمات الإرهابية " عسكرياً على الأقل " ، وتراكُم الرفض الشعبي لمُجمَل الطبقة السياسية الحاكمة ، هذه الطبقة الموغلة بالفساد . لهذهِ الأسباب ، فأنه من المنطقي ، أن يكون هنالك تغييرٌ جذري من خلال الإنتخابات . ولكن هل في الأُفق ما يُشير إلى حدوث ذلك فعلاً ؟ ... من خلال رصد الحراك السياسي في ( نينوى ) كنموذج ، سأحاول الإجابة قدر الإمكان : * في إنتخابات 2014 والتي قبلها أيضاً ، كانت الموصل وتوابعها ، مسرحاً للعمليات الإرهابية الكبيرة ، التي تقوم بها داعش وغيرها . وكانتْ داعش تجبي " بشكلٍ شُبه علني " الضرائب شهرِياً .. أي ببساطة : كانت الموصل إحدى أفضل الحواضن لداعش والمجاميع الإرهابية الأخرى . هددتْ داعش العاملين في مفوضية الإنتخابات في الموصل ، حينها ، فتركَ أكثر من نصفهم العمل ! . اليوم إنتهتْ هذه المرحلة . بالأمس ، كانتْ مناطق شاسعة من محافظة نينوى ، تحت النفوذ المُباشِر لحزبَي السُلطة في أقليم كردستان ، ولا سيما الحزب الديمقراطي ، فسنجار ومعظم أنحاء ربيعة وزمار وسهل نينوى ومخمور ، كانتْ تُدار من قبل الحزب الديمقراطي . اليوم تغيرتْ الأمور كثيراً . * الحزب الديمقراطي الكردستاني ، لن يُشارك في إنتخابات كركوك ، لأنها ( ترزحُ تحت بساطيل الجيش والحشد الشعبي ) .. لكنهُ سيشارك في إنتخابات نينوى ، فعلى الرغم انهُ نفس الجيش ونفس الحشد في المكانَين ، لكن كما يبدو فأنهم في الموصل يلبسون القباقيب وليس البساطيل ! . * الفرق هو : ان نفوذ الحزب الديمقراطي كبير في مجلس محافظة نينوى الحالي ، بل ان رئيس المجلس عائِدٌ له . وكذلك هنالك علاقات تقليدية بين بعض شيوخ العشائر العربية في منطقة ربيعة وغيرها وبين الحزب الديمقراطي . إضافةً إلى وجود علاقات قوية بين عائلة النُجيفي والحزب الديمقراطي برعايةٍ تركية منذ سنوات . لهذه الأسباب ، فأن الحزب الديمقراطي يعتقد بأنه مازال مُحتفظاً ب " شعبيته " في نينوى ، ويطمح الحصول على بعض المقاعد النيابية ، حتى لو كانتْ أقل من الإنتخابات السابقة . * الإتحاد الوطني الكردستاني والإتحاد الإسلامي الكردستاني ، سينزلان الإنتخابات كلٌ على حدة ، شأنهما شأن الحزب الديمقراطي . جبهة حركة التغيير وتحالُف الديمقراطية والعدالة والجماعة الإسلامية ، سيشتركون بقائمةٍ واحدة . أي ان الكُرد في نينوى ، سيشتركون بقوائم متعددة وليس مثل الإنتخابات السابقة ، وستتبعثر أصواتهم . * نظراً للإنسحاب القسري للبيشمركة والإدارة ، من سنجار وسهل نينوى ، وتغيُر الظروف بصورةٍ دراماتيكية ، فمن المتوقَع أن ينخفض عدد مقاعُد الكُرد في مجلس النواب ومجلس محافظة نينوى ، بشكلٍ ملحوظ . علماً ان الحزب الديمقراطي يتفائل بحصوله على أصوات كثيرة في مُخيمات النازحين في منطقة دهوك والذين معظمهم من أهالي سنجار . * إذا كانتْ الأحزاب والحركات " العربية " في كركوك ، قد تحالفتْ ونسقتْ فيما بينها وستشارك في الإنتخابات بقائمةٍ واحدة ، وكذلك فعل التُركمان .. فأن الوضع في نينوى مُختلِف ، إذ هنالك بقايا ما يمكن تسميته ب ( سُنّة المالكي ) وتضم عدداً من أعضاء مجلس النواب الحاليين وبعض أعضاء مجلس المحافظة ، وبالمقابل هنالك اليوم ( سُنّة العبادي .. إذا جازَ التعبير) وبينهم الشخصية القوية وزير الدفاع السابق خالد العبيدي . أما القائمة الأبرز فهي [ القرار العراقي ] بزعامة أسامة النجيفي ، والتي تضم 11 حزباً ، فيها العديد من الشخصيات الفاعلة مثل : خميس الخنجر / سلمان الجميلي / طلال الزوبعي / أحمد المساري . طبعاً .. جميع القوائم المختلفة تضم العديد من شيوخ العشائر . ........................ - في إعتقادي .. حتى لو لم تحصل أحداث 16 إكتوبر 2017 وما تلاها ( أي سيطرة بغداد على كركوك وسنجار وبعشيقة ) .. فأن أسهُم الإتحاد الوطني الكردستاني إنخفضتْ بشكلٍ جَلي في كركوك وأنحاءها بسبب الفساد وسوء الإدارة المُزمِن ... وشعبية الحزب الديمقراطي الكردستاني تدهورتْ في نينوى منذ 3/8/2014 وبسبب الفساد المزمن وسوء الإدارة الشنيع . وينبغي أن لا ننسى أن قُوة الحزب الديمقراطي في نينوى خلال السنوات الماضية وحصوله على العديد من المقاعد النيابية ومجلس المحافظة ، قامتْ على أكتاف " الإيزيديين " بصورةٍ رئيسية في سنجار وسهل نينوى ... ومن السذاجة بمكان ، تصديق ان أغلبية الناخبين الإيزيديين سوف ينتخبون مُرشحي الحزب الديمقراطي في 12/5/2018 ، إذ من الواضح ، ان جزءاً مُهماً منهم أي الإيزيديين يقولون ان الحزب الديمقراطي يتحمَل جانباً كبيراً من مسؤولية سقوط مناطقهم بيد داعش . وينسحب ذلك على المسيحيين أيضاً في سهل نينوى . أرى ان الحزب الديمقراطي سيكون الخاسر الأكبر مُقارنةً بإنتخابات 2014 . فأنهُ سيقاطع إنتخابات كركوك التي كان له مقعدَين فيها في 2014 ، وسيحتاج إلى حظٍ كثير ليحصل على مقعدَين أو ثلاثة " من أصوات نازحي سنجار في مخيمات دهوك أساساً ) ، بدلاً عن مقاعده الستة في 2014 . - هل قامت القوائم الكردستانية الأخرى : حركة التغيير / الديمقراطية والعدالة / الجماعة الإسلامية ، الإتحاد الإسلامي .. هل قامتْ بنشاطات مُكثّفة خلال الفترة الماضية ، لكسب ناخبي نينوى في إنتخابات أيار 2018 ؟ أستطيع القَول أن نشاطهم لم يكُن بالمُستوى المطلوب وأشكُ في قُدرتهم على تعويض المقاعد التي سوف يخسرها الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني . - إذا كانتْ الأحزاب الإسلامية السُنية والشيعية ذات طابعٍ ديني وطائفي ... وأحزابٌ عربية وكردية وتركمانية توجهاتها قومية ... وحركات وتجمعات الشيوخ والآغوات جوهرها عشائِري .. وهذهِ الفِئات الثلاثة ، هي المُستحوِذة على المشهد السياسي في نينوى ، للأسف .. فمن المُحبِط أن يكون تواجُد البديل المعقول والمنطقي ، أي : اليسار المدني العابِر للطائفة والقومية ، ضعيفاً ، بل ضعيفاً إلى درجةٍ مُحزِنة . فلا زالَ اليسار مُبعثَراً مُفتَقِراً لإستراتيجية عملٍ مُشتَرَك فّعال على أرض الواقع . هل سيستطيع الحزب الشيوعي الكردستاني " الذي لهُ نشاطٌ ملحوظ بسهل نينوى في أوساط الإيزيديين والمسيحيين والشبك " وبالتنسيق مع الحزب الشيوعي العراقي ، أن يفوز بمقعدٍ نيابي ؟ آمل ذلك . - كما ان ذاكرة الإيزيديين والمسيحيين في سنجار وسهل نينوى ، لم تنسَ بعد ، مسؤولية الحزب الديمقراطي في سوء إدارتهِ لما جرى في 3/8/2014 وما بعدها .. فأن عموم أهالي نينوى ولا سيما مدينة الموصل ، لم ينسوا إطلاقاً ، مسؤولية مُحافظ نينوى المُقال أثيل النجيفي وشقيقه أسامة النجيفي ، عن مأساة سقوط المدينة بيد داعش في 9/6/2014 . وعلى الرغم ان أسامة النجيفي يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية حالياً وكان رئيساً لمجلس النواب سنواتٍ عديدة ، وعلى الرغم من علاقاته المُميزة مع إدارة أردوغان ومع الحزب الديمقراطي الكردستاني ، وعلى الرغم من تحالفه مع " أقوياء " مثل خميس الخنجر [ إذا كانتْ المافيات الإيطالية في الستينيات ، تصنع رؤساء الوزارات في بلدها ، والكارتلات الصناعية تصنع الرؤساء في أمريكا ، فأن خميس الخنجر في مكتبه من عمان الأردن ، كان يصنع الوزراء في حكومة بغداد منذ 2005 ] ، وعلى الرغم أنهُ أي النُجيفي يعزفُ على اللحن الطائفي ... على الرغم من كُل ذلك ، فأن شعبية النُجيفي مُنخفضة في الموصل إلى درجة ، أشُكُ معها ، في حصولهِ على أغلبية في إنتخابات 12/5/2018 . - تحرير الموصل وتلعفر من الإحتلال الداعشي ، وكذلك بسط السيطرة على سنجار وسهل نينوى ، ولعب " الحشد الشعبي " دوراً مهماً في ذلك ، دفع أحزاب الإسلام السياسي الشيعية القابضة على السُلطة في بغداد ، إلى إستغلال الوضع وتنظيم عشرات الآلاف من أهالي الموصل وربيعة وسنجار وسهل نينوى ، في الحشود الشعبية والحشود الوطنية ، ومحاولة كسبها إلى جانبها في الإنتخابات القادمة . ويتنافس العبادي والمالكي والعامري والخزعلي والصدر ، على جَر أكبر عددٍ إلى جانبهم . - جُزءاً مهما من نازحي نينوى ، لم يعودوا إلى مدنهم بعد ، بسبب تلكؤ إعادة الإعمار والإفتقار الى الخدمات ، بل حتى بسبب عدم ثقتهم بالقوات الإتحادية ولا سيما الحشد الشعبي . ..................... عموماً ... مِئة يوم تقريباً حتى موعد الإنتخابات ، فإذا بقى " سانت ليغو المُعّدَل " كما هو ، وإذا بقتْ القوائم مُغلقة أو شُبه مُغلقة ، وإذا سارتْ الأمور بالوتيرة الحالية ولم تحدث مُفاجآت تُغّيِر الموازين ، فأتوقع ان تكون نسبة المُشارَكة في الإنتخابات في نينوى ، مُنخفِضة .. تعبيراً عن عدم ثِقة الناس بالوجوه الفاسدة والسيئة ، نفسها . وأتوقع إنخفاضاً حاداً في نسبة مقاعد الكُرد ، وكذلك إنخفاض نسبة مقاعد القائمة " العربية " الرئيسية أي قائمة النجيفي ، وحصول قوائم السلطة أي العبادي والمالكي والحشود ، على مقاعد مهمة لأول مّرة . أما إذا نجحتْ الضغوط على مجلس النواب خلال الأسابيع القليلة القادمة ( وذلك إحتمالٌ ضعيف للغاية ) وأقّرَ " المنطقة الإنتخابية الواحدة " والقائمة المفتوحة ، فرُبما سيشجع ذلك الكثير من المواطنين للذهاب الى الإنتخابات وإختيار الشخصيات النزيهة أو المستقلة .. لكن كما قُلت فأن هذا بعيد الإحتمال للأسف .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مَشاهِد من الساحة السياسية العراقية / كركوك
-
أعداء الكُرد وكُردستان
-
شروال الحَجي
-
إطلالةٌ على إحتجاجات السليمانية
-
مراكِز .. ومقرات .. ونوادٍ
-
لحظاتُ صِدق
-
عن السِلم الداخلي في أقليم كردستان
-
الدولار .. والهَيْمنة
-
حِوارٌ مع الذات
-
إغتيالُ حلم
-
خّلِصوا أنفُسَكُم !
-
إرفعوا إيديكُم عن كُردستان
-
سوفَ نَرى
-
- خطوة إلى الأمام .. خطوتَين إلى الوراء -
-
كفى لحُكامِ بغدادَ وأربيل
-
مسرحيةٌ في مُنتهى البذاءة
-
- أحمد يونس - ... محطات من حياته
-
حمكو المجنون يقول : الإنتخابات ستُؤجَل
-
صِراعٌ على الحدود
-
بين أربيل وبغداد
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن الاتفاق النووي المتوقع بين واشنطن والرياض؟
-
أردوغان: لن نسمح بتقسيم سوريا وسنقف إلى جانب حكومتها في مواج
...
-
أبو عبيدة يُعلن فقدان الاتصال بالمجموعة الآسرة للجندي عيدان
...
-
عشرات الغارات الأمريكية الجديدة على اليمن
-
ماذا يحدث في الأردن؟ ومن هي الجماعة التي تلقت تدريبات في لبن
...
-
تونس .. أرقام قياسية لاكتظاظ السجون ورؤية لإصلاح المنظومة
-
فيتسو ردا على كالاس: لن يمنعني أحد من حضور احتفالات النصر في
...
-
السلطات الأردنية تحبط محاولة تهريب أكثر من نصف طن من الحشيش
...
-
وزارة الخارجية الأمريكية تلغي منحاً لدول أجنبية بـ215 مليون
...
-
الجيش المصري ينفذ بحثا عسكريا يرسم مستقبل أمن الطاقة
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|