أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علاء السيد - بلدية حلب : ننظف بيوتنا ..فقط ... عندما يزورنا الضيوف














المزيد.....

بلدية حلب : ننظف بيوتنا ..فقط ... عندما يزورنا الضيوف


علاء السيد

الحوار المتمدن-العدد: 1479 - 2006 / 3 / 4 - 09:35
المحور: كتابات ساخرة
    


بلدية حلب: ننظف بيوتنا .. فقط …عندما يزورنا الضيوف .

المرأة التي تدعّي النظافة ، لا تقوم بتنظيف منزلها إلا عندما يأتيها ضيوف غرباء ، و حتى أمام الضيوف الأقرباء ، لا تكلف نفسها هذا العناء .
و لذلك نقول عنها أنها تدعّي النظافة ، و هي ليست نظيفة أصلا .

قال لي أحدهم : أرأيت ماذا يفعلون في وسط مدينتنا حلب ، إنهم ينظفون جدران الأبنية ، و يعبّدون الشوارع و يزيلون ما يشوه الأبنية ، و بتسارع غير معتاد .. ألم تعلم السبب .... سوف يزور حلب (كوفي عنان ) .
و أخبرني ثاني : أن من سيزور حلب هو ملك اسبانيا ، و ليس كوفي عنان .

و في إطار تظاهرة : (حلب عاصمة الثقافة الإسلامية ) ، اجتمعنا مع السيد رئيس مجلس المدينة ، الذي أخبرنا بضرورة حض المواطنين على العناية بالنظافة ، لان الأجانب و السياح سيأتون لحلب في شهر آذار بمناسبة احتفالية حلب عاصمة الثقافة .

و في ظاهرة ملفتة لم أرى مثلها طوال مدة إقامتي في حلب ، خلال خمس و ثلاثين عاما ، لم أرى قبلاً عمال مجلس المدينة يعملون بهذه الهمة في تنظيف جدران الأبنية ، بل إن الإدارات الحكومية قامت بتنظيف واجهات أبنيتها بالرمل و الماء ، و خلال أيام .

و أقام مجلس المدينة عشرات اللوحات المعدنية العملاقة ، و التي تزيد تكلفة كل واحدة منها على المليون ليرة سورية ، و كلها تحمل عبارة واحدة مع شعار واحد (حلب عاصمة الثقافة الإسلامية ) .
و قامت البلدية بقلع و إعادة تزفيت الشوارع الرئيسية في وسط المدينة .

و التساؤلات التي تطرح نفسها الآن :

- التساؤل الأول : ألا ننظف بيوتنا إلا إذا زارنا كوفي عنان ، ألا يستحق هذا الشعب البسيط ، والذي تقولون عنه في شعاراتكم انه مغرق في الحضارة ، أن لا يكون مغرق في القذارة .

- التساؤل الثاني : وقفنا يوماً في جولة سياحية أمام ضريح ، أقامه والي حلب المملوك خاير بك في العهد المملوكي ، و الذي خان قانصوه الغوري و تواطأ مع السلطان سليم العثماني ،و الضريح موجود في حي باب المقام ،و هو بناء كان غاية في الروعة ، و حالياً غاية في القذارة .
المهم : وقفنا أمامه و معنا نشرة سياحية تعرفنا به ، فتبرع رجل طاعن في السن من أهل الحي ، معتقدا أننا من السياح الأغراب ، ليشرح لنا أن هذا هو قبر احد آل البيت ، من أولياء الله الصالحين ، و طلب منا قراءة الفاتحة على روحه .
ألا يستحق هذا المواطن الحلبي البسيط أن توضع له لوحة صغيرة ،لا تكلف لا ألوف الليرات و لا ملايينها ،لتشرح له تاريخ هذا البناء ، فهل شرح تاريخ البلد للأجانب أهم من شرحه لأهل هذا البلد ،أليست هذه اللوحات لو وضعت على كافة الأماكن الأثرية في البلد لتشرح تاريخها ، أهم من أن ننفق ملايين الليرات على لوحات ضخمة ، لا تحمل سوى عبارة واحدة و شعار واحد (حلب عاصمة الثقافة الإسلامية ) .

- التساؤل الثالث : و هل تكون حلب عاصمة للثقافة بكثرة وضع صور الشعار على الجدران و الدرابيات ، أم تكون عاصمة للثقافة بأعمال تنشر الثقافة الفعلية ،و لا تنشر الشعارات الجوفاء .
- و قد قررت اللجنة المشرفة على هذه الاحتفالية ، مشكورة ، طباعة مئة كتاب عن حلب خلال هذا العام ، تصوروا مئة كتاب عن حلب ، و هل تعلمون أن اليونان - و هي أخفض الدول الأوربية درجة ، و وضعها قريب من وضع الدول العربية- تطبع يومياً ثلاثمائة كتاب ، يومياً و ليس سنوياً .
- كما قررت اللجنة إقامة مئة محاضرة بهذه المناسبة ، مئة محاضرة يحضر كلٍ منها كحد أقصى خمسمائة شخص نصفهم يحضرون بصفتهم الرسمية لا الثقافية ، و يتكرر معظمهم في هذه المحاضرات المائة ، أي انه من أصل أربعة ملايين حلبي ، قد تصل معلومات هذه المحاضرات إلى عشرة آلاف منهم ، كحد أقصى .
- و هل تكون العاصمة ، عاصمة ثقافية ، تجاه عشرة أو عشرين أو ثلاثين ألف شخص ، من أصل أربعة ملايين ، لماذا لا نتوجه بهذه المناسبة إلى تثقيف الجماهير العريضة ، لا إلى تثقيف النخبة ، المثقفة أصلاً .

- التساؤل الرابع : أما كان الأجدى بالدوائر الحكومية أن تنظف واجهاتها منذ زمن ،و بكلفة تقل عن كلفة صيانة سيارة واحدة من سيارات مرآب السيد المدير .

- التساؤل الخامس : اين يمضي كل هؤلاء العمال و المستخدمين في مجلس مدينة حلب - و الذين ظهروا فجأة و هم يعملون بهذه الهمة - أيامهم العادية ، و على ماذا يقبضون رواتبهم .

- التساؤل السادس : هل الشوارع الرئيسية في وسط مدينة حلب ، و التي كانت بحالة جيدة ، تستحق ان يقلع زفتها و يعاد تزفيتها ، أولم يروا الحارات الشعبية التي توجد فيها أغلب الأبنية الأثرية ، و التي تبدوا شوارعها كشوارع (قندهار ) ، اما كان الأجدى بهم قلع الزفت في هذه الحارات - هذا ان وجد زفت في شوارعها أصلا- و إعادة تزفيتها .

لا نريد أن نقلل من جهود القائمين على هذه الاحتفالية فهم في النهاية مشكورين ، و السيد محافظ حلب و السيد رئيس مجلس المدينة الحاليين ، فعلاً ، مشهود لهم ، و اليد الواحدة لا تصفق .

و باسمي و بإسم كل الحلبيين ، أدعو (كوفي عنان ) إلى الإقامة الدائمة في حلب ، لعلنا نرى حملة النظافة مستمرة ، و ربما عندما يقيم بحلب لا نعتبره من الضيوف بل من أهل البيت ، و نعود إلى ما كنا عليه ، بانتظار ضيوف غرباء جدد، لننظف لهم بيوتنا .
حلب المحروسة 3 /3/2006
المحامي علاء السيد



#علاء_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردود السيرة النبوية على الرسوم الدانمركية
- حدثنا عيسى بن هشام عن المحاكم


المزيد.....




- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علاء السيد - بلدية حلب : ننظف بيوتنا ..فقط ... عندما يزورنا الضيوف