أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دعد دريد ثابت - تزخرف النجوم زرقة ليل بضيائها، فماذا حين يضئ الكون في قلب إنسان؟














المزيد.....

تزخرف النجوم زرقة ليل بضيائها، فماذا حين يضئ الكون في قلب إنسان؟


دعد دريد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 5755 - 2018 / 1 / 12 - 05:02
المحور: الادب والفن
    


كولومبيا، بلد عريقة بكل نقائض أرض خُلقت في لب صميم سكون الكون. فهي ومنذ التاريخ الأول، ارض حضارة وعطاء بقدر ماتحتاج ، قسوة وفقر بقدر أكثر مما تحتاج.
وللوهلة الأولى، تغيب عن الناظر هذه الملامح الصغيرة، المنمنمة والتي تعطي للقالب النهائي خصوصيته المجردة والتي تميز البشر عن بعضهم. خصوصية تفرق الشعوب ومايدفعها للوصول الى غاية معينة.
ماهو هذا الشئ الذي يحث البشر في إختياراتها؟ هناك من يملك ولايعطي، وهناك وإن لم يملك مادة يقدمها، فيحتضن ليواسي متألماً، لتكفيه إبتسامة رضاه.
ومن هذه النجوم التي تسطع وتشع قلباً، لويس المكتبجي. يقول لويس: " إن لم يستطع الأطفال الوصول للكتب، تصل الكتب اليهم" .
يستيقظ صباح كل يوم في الساعة الثالثة، وواسطة نقله الحمار. لاتوقف عزيمته المخاطر التي قد تتأتي جراء تقلبات المناخ كالسيول، ولابعد الطريق ووعورته وخطورته من الثعابين السامة مابين الجبال والأدغال. ولا حين يسقط حماره العزيز عليه، كما حدث له مرتين لتنكسر ساقه، ويضطر لبترها ووضع ساق إصطناعية.
فهو يجوب القرى النائية محملاً بالأمل والكتب. الفرحة التي يراها في عيون الصغار هي غايته. سعادته في أن يتذكر الأطفال مجيئه لهم وكشف عوالم جديدة في بواطن وعيهم الصغير الشفاف، هي ثمن هذا التعب المكلل بحبات عرق التي هي أغلى من ذهب المايا التي أعمت الإسبان حين أقتحموا هذه القارة.
يرافقه حماره الرفيق الواعي لمهمته بكل صبر ومحبة وتؤدة، حاملاً على ظهره قصص وحكايا مطبوعة في ذاكرة الورق وأخرى في ذاكرة لويس وذاكرته. ملونة جميلة ومحفوفة بالأخطار كالعالم من حولهم. بعض هذه القرى لاتملك حتى مدارس، ولم يرى أطفالها في يوم كتاب. وبعضها الآخر وإن كانت تملك مدارس، فليس لديهم مكتبة، ولايستطيع الأهالي توفير الكتب لصغارهم. فهم ملزمون بشراء متطلبات المدرسة من ملابس ومستلزمات التعليم.
وحين يصل لهم لويس مع حماره الملون بالكتب، ينادي الصغار، ليتحلقوا حوله، فيباشرون بسرعة وايادي صغيرة متلهفة بإنزال الكتب، وهم غير مصدقين لهذا العالم الذي كان قبل لحظات بسيطة غير مرئياً، وبحركة عصا سحرية، أصبح ناطقاً مليئاً برقص مفرداته وموسيقاه، التي يعزفها لهم لويس، بالرغم من تعبه ليقص لهم إحدى الحكايا. يتحلقون حوله. بعضهم ينظر له صامتاً خاشعاً من الرهبة، والأصغر، محتضناً له. فكتفيه هما أعمدة السماء، فكيف لايشعرون بالأمان وهم يحتضنون هذه السماء الوادعة الحنينة؟
ويبقى معهم مايسمح له الوقت، ربما ساعتين أو أكثر، لكن هناك صغار آخرين ينتظرونه، وعليه سباق الزمن، فأطفاله يكبرون بسرعة، وهناك الكثير منهم، قبل أن يكبروا وينسوا أنهم كانوا أطفالاً يوما ما لم يتعلموا رقص الكلمات.
وبعد يوم حافل يعود لويس ليلاً لزوجته الحبيبة صاحبة المطعم البسيط المتواضع. فيحتضن ويقبل بشوق أجمل إمرأة في العالم، التي تفرح لملقاه سالماً آمناً بعد كل مغامرة ورحلة ويطمئن قلبها في إحتضان لؤلؤتها بداخلها.
ويضحك لويس من أعماق كونه المشع، ويقول: قد استيقظت في الثالثة صباحاً، والآن في العاشرة مساءاً، قد أزفت شمس الصباح لينام نجمي قليلاً، وغداً لنا موعدُ.



#دعد_دريد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سيرقص الإنسان أم الأحمق فينا ؟؟
- زهور المنون
- كرنفال خريف
- هل يعيد التاريخ نفسه؟ وهل نعيد أدوار السلف؟ وهل نحن على قاب ...
- مناجاة كأس
- حلم الريح
- اللعبة
- صحوة الموت الصغير
- حين يكون الوعي ذبابة !
- تعابير العدم
- ستقضي العولمة على نفسها ببراقش !
- أتون ليل
- مخاض موت مجرة
- قلق الغياب
- همس جرادة
- القبض على غربة متلبسة بإثم وطن!
- أنة النثيث
- الغربة باب
- لم أصل بغداد الا أمس!
- سرمد الغياب


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دعد دريد ثابت - تزخرف النجوم زرقة ليل بضيائها، فماذا حين يضئ الكون في قلب إنسان؟