|
بين التظلم والتميز / تجتمع حضارات العالم عند أبواب القدس
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5744 - 2018 / 1 / 1 - 00:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بين التظلم والتميز / تجتمع حضارات العالم عند أبواب القدس ...
مروان صباح / بادي ذي بدء ، لا يمكن للمرء ، المرور ، دون التوقف عند كلمة مندوب اسرائيل في جمعية الأمم المتحدة ، وقد يكون أهم ما جاء في خطابه ، ذاك التشخيص الإسرائيلي للعالم ، دول لا تستطيع الخروج من حاوية الزبالة ، والحديقة الوحيدة في هذا العالم ، اسرائيل ، وهذا يفسر ، تساءل نكي هالي ، مندوبة أمريكا في مجلس الأمن ، كيف يمكن للحديقة ، الاستمرار في العيش مع مجموعة ، اعتادت إصدار قرارات ، نهاية أمرها ، حاوية الزبالة ، لكن ، سنضع نكي هالي جانباً ، باعتبارها ، النسخة المقلدة ، ونعرج على الأصل ، مندوب إسرائيل ، كيف يرى نفسه على حق وأغلبية العالم على خطأ ، حتى من تحفظوا على التصويت ، يروا أن الفلسطيني ، طالب بأقل من حقه ، بالطبع ، يتساءل المرء ، هل الإسرائيلي ، مازال يعيش في دائرة الضحية ، أما أن الحكاية تعود في أصلها إلى التركيبته التاريخية ، وقد يكون المجتمع الروسي ، من المجتمعات التى شخصت طباع اليهود ، ففي سردية يتناوله أدباء الروس ، على سبيل السخرية ، لكنها ، ذات دلالة وبعدها عميق ، تفسر البنيوية التفكيرية لليهودي ، وهي أيضاً ، تعتبر خلاصة تجارب الروس مع شريك ، رافض الشراكة الوطنية ، بل ، حرص تاريخياً ، على الازدواجية في العيش ، يدخر التَقية داخل البيت والمسايرة في الخارج ، لكن ، التجارة والموت ، كانوا عاملان ، في إسقاط القناع .
تنقسم الشخصية اليهودية إلى قسمين ، الأولى ، محورها العائلة الصغيرة ، يترفع فيها التعالي والتميز ، والأخرى ، التظلّم ، هنا تكشف لنا الحكاية الشهيرة القادمة ، المزج بين التميز والتظلم ،حيث تقول الحكاية ، أن هناك أم يهودية ، كانت تودع ابنها في محطة القطارات ، الذي ألتحق إلى الخدمة العسكرية في عهد القيصرية بعد استدعائه ، كانت الحرب آنذاك ، مشتعلة ببن الروس والأتراك ، وقفت الأم توصي ولدها ، يا ولدي ، إياك وأن ترهق نفسك ، أقتل تركياً واسترح قبل قتل الأخر، لكن الابن ، سئل أمه الباكية ، ماذا لو قتلوني يا أماه ، حينها صعقت الأم ، وأخرجت ما في جعبتها من تظلم وتساءلت ، لماذا يقتلونك يا ولدي ، أي ذنب ارتكبت أيها اليهودي الطيب ، في سياق متصل بين حادثة عتيقة وحديثة ، يتساءل مندوب اسرائيل في جمعية الأمم المحتدة ، لماذا هذا الاستنكار الشديد ، فقط ، لأننا استولينا على فلسطين ونريد هدم الأقصى وبناء الهيكل ، بل ، يكشف قرار تنفيذ نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ، عن عجز دولي أمام عربدة عمياء ، ناجمة عن امتزاج من التقية والتظلم .
الآن ، الأمريكيون والإسرائيليون ، باتوا على قناعة ، أن جميعة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، أعيد لهما قليلاً ، المعنى لوجدهما ، في المقابل ، عودة انتخاب بوتين في الأيام القادمة ، رئيساً للروسيا ، يعني باختصار ، استمرار التوازن في العالم ، وهذا ، يتعارض مع جوهو المخطط التى تسعى له كل من واشنطن وتل ابيب ، التفرد الكامل في المنطقة ، يعيق استكماله ، بل أيضاً ، من جانب أخر ، يقلص خطوط المواجهة العالمية ، لأن ، الولايات المتحدة تواجه جملة تحديديات ، في شمال شرق آسيا ، الصين وكوريا الشمالية ، وأيضاً ، القارة الجنوبية ، الساحل الجنوبي فنزويلا ، مشروع توحيد أمريكا اللاتينية ، الذي قاده في السابق ، سيمون بوليفار، مؤسس كولومبيا الكبرى ومحرر أمريكا اللاتينية من إسبانيا ، كان الرجل قد تأثر مبكراً بالفيلسوف جان جاك روسو ، حيث ، ساعدت فلسفته في تشكيل الأسس السياسية التى أدت إلى قيام الثورة الفرنسية ، أعاد تشي جيفارا في منتصف القرن الماضي ، مشروع توحيد القارة مرة أخرى ، واليوم تتبنى فنزويلا مجدداً إحياء المشروع ، في جانب أخر ، يُعتبر الأخطر ، يعيد الرئيس ماكرون فرنسا إلى الحراك السياسي ، بينما ، تقود المستشارة الألمانية مركيل ، إعادة بناء ألمانيا الصناعية ، بطريقة ناعمة ، في حين ، يتراجع التفرد الأمريكية ، في كل من الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا والقارة اللاتينية ، وأيضاً ، هناك عمليات تركية ومصرية ، تزاحم أوروبا والأمريكان والإسرائيليّون ، في أفريقيا ، مبادرات تطمح إلى الشراكة ، لكن من الواضح ، يبقى الخلاف داخل البيت الأمريكي ، هو ، الأكثر خطورة على إستراتيجية الأمن القومي ، التى باتت تراوح بين رؤيتين أمريكيتين ، الأولى ، وصلت إلى قناعة ، أن الهيمنة المطلقة على العالم ، أمر غاية من الصعوبة ، بل ، حسب التجارب ، مضيعة للوقت ، أما الرؤية الاخرى ، تجد أن الفرصة مؤاتية تماماً ، من أجل الانقضاض على العالم ، وإعادة تشكيله من خلال إحياء الصراعات القومية والمذهبية ، الدفينة .
يقف العالم عند مفترق طرق ، لا يوجد في حقيقة الواقع ، جهة عالمية مؤهلة للهيمنة على العالم ، اليهود يمتلكون أصول المال للاقتصاد والصناعة والزراعة ، لكنهم ، ليسوا على مستوى أمة ، قادرة على الانتشار فوق جغرافية الشرق الأوسط ، بل ، جميع تحالفاتها مع الأقليات ، الدروز في فلسطين أو الكتائب لبعض الوقت في لبنان أو الأكراد في العراق أو اثيوبيا في افريقيا ، منذ عهد هيلا سلاسي وايضاً جنوب السودان ، لم تجدى نفعاً ، صحيح أنها أصابت المنطقة بالإنهاك والإضعاف ، لكن ، تبقى خارج الهيمنة الكاملة ، في المقابل ، الولايات المحتمدة الأمريكية ، حسب تجربتها في العراق ، وجدت مع مرور سنوات الاحتلال ، أنها في دائرة الاستنزاف ، بالفعل ، تراجع خطاب إدارة البيت الأبيض ، عند الفئة الشعبوية ، ليس فحسب الشعب ، لأن ، تركيبة الأمة الأمريكية ، قائمة على تدفق المهاجرين ، فعلاقة الفرد مع الدولة ، نفعية ، فأي حرب ، غير محسومة أو نتائجها مجهولة ، ليست مرغوبة ، على سبيل المثال ، في حرب فيتنام ، رجل مثل محمد عليّ كلاي ، استطاع تغير التفكير حول أهداف الحرب لدى المواطن الأمريكي ، رغم وجود في البيت الأبيض ، آنذاك ، رجلان من الطراز الثقيل ، الرئيس نيكسون ومستشاره لشؤون الأمن القومي ، هنري كسينجر ، بالفعل ، استطاع محمد عليّ زرع التوتر في قرارات الإدارة ، الذي دفع نيكسون بالمغامرة ، بهجوم جوي جنوني على فيتنام ، جاء عكس توقعاته ، أراد حسم المعركة بوقت قصير ، في المقابل ، الروس ، حتى الأن ، يكدحون ليلاً نهاراً ، من أجل إعادة روسيا إلى مكانتها التاريخية ، لكن ، هناك إشكالية تربوية لدى الروسي ، حديته في التعامل ، بالإضافة إلى القوقعة على الذات ، التى عكست تاريخياً ، بناء قوة دفاعية ، فالبنيوية العسكرية الروسية لا تحمل أي تمدد بقدر أن الدولة تكتفي بمشاركات ، هنا وهناك ، لهذا ، لا نرى في الحروب القائمة ، معارك متساوية على الأرض ، بل ، هناك سلاح جو ، يتعامل مع أرض محروقة ، وسماء تخلو من أي منافسة ، الذي يشير ، بأن الأرض ستبقى بين كَر وفر .
بين كل هذه الأطراف ، هناك الصين ، تتمدد أقتصادياً ، بطريقة سلحافوية ، للصين مشكلتان أساسيتان ، اللغة ، عصية على الهضم الدولي ، من جانب أخر ، لا يوجد خطاب ايديولوجي مقنع يستقطب الشعوب الأخرى ، في المقابل ، هناك حدث يتطور ، ربما هو الأهم ، تركيا ، القوة الإسلامية ، لديها إصرار للعودة إلى الشراكة الدولية ، من المعلوم ، أنها تفتقد للقوة النووية وصناعة سلاح الجو ، لكنها ، تعمل على تحقيق الذات ، وتسعى لتقليص إتكالها على الغرب ، بالاضافة إليّ ذلك ، يمتلك الأتراك ، مطعم منتشر بين ثقافات العالم ، كما أنها نجحت تركيا في العقد الأخير ، تقديم صناعات ذات جودة أفضل من السلع الصينية ، فوضعت في الأسواق العالمية ، بدائل عن السلع الغربية ، التى عرفت بارتفاع اسعارها ، وايضاً ، كمنافس للسلع الصينية ، منخفضة الجودة ، بالاضافة ، إلى ذاك وهذا ، الإنسان التركي ، يمتاز باكتسابه للغات ، العربية والألمانية والإنجليزية ، لكن ، ما ينقص الروس ، تمتلكه تركيا ، وما تمتلكه تركيا ، ينقص الروس ، لهذا ، مع تعثر دول الكبرى في تحقيق استراتيجياتها ، هناك فرصة للعرب والأتراك ، توحيد جهودهم مع فتح باب الاجتهاد العلمي ، للارتقاء بتقنية التسلّيح ، سلاح الجو والنووي والسلاح الصاروخي ، قد يتساءل المرء ، لماذا ضرورة التوحيد ، لأن ، بحكم التجربة التاريخية ، عندما أراد صلاح الدين تحرير المنطقة ، وجد أن مصر والشام مجتمعتين ، غيّر كافيتان لتنفيذ المهمة ، لهذا ، قام بتوحيد الأتراك والعرب ، من غير ذلك ، ستبقى جميع الولادات تشبه محاولة محمد عليّ ، ضالة كسيحة لا حول لها ، تنتقل بدبلوماسيات مشلولة بين المربعين الأمريكي والروسي . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تدخل روسي في المنطقة / تحول إلى واقع / هل المنطقة على كفاءة
...
-
لا مكان للمحنطون بين الأحرار ..
-
ما أبعد وأعمق من القدس ...
-
مصير الإنفتاح على إسرائيل ، بين الإستيعاب والإبتلاع
-
جراحات عميقة للإنسان العربي وحضارته / تتقاطع فيها الأطراف أث
...
-
أطول اغتصاب في التاريخ ...
-
تنظيف خطوط المواجهة مع إقتراب ساعة السفر
-
العربية : بين الملكة والصناعة ..
-
التفكير والقراءة ، يُسَقِطان الطُفيليون عند أبواب العزلة
-
المثقف بين التعذيب والإنصاف ..
-
إشكالية الإنسان التاريخية في الوصول للإنسانية / تاريخ بشري م
...
-
تغيب الفكر عن مؤسسات الدول الإقليمية ، تأرجح طويل بين ردة ال
...
-
متغيرات على الأرض ، تحديات مطلوب مواجهتها ، مصر السعودية وال
...
-
برنامج اغتيال ابو حسن سلامة / قناة الجزيرة / اشكالية الاستقص
...
-
القدس / تآكل الهوية الإسلامية وتعاظم الهوية اليهودية .
-
غسان كنفاني ووديع حداد وبرنامج قناة الجزيرة بين إعادة الذاكر
...
-
البداوة العربية تتفوق على المدنية الإسلامية
-
هل البكاء أمام سُوَر البُراق / استبدل البراق إلى مبكى / أما
...
-
بين العَلَمُ والشارب فقد العربي ذاته .
-
تحالف المفكر وراعي البقر، والتحكم بشعوب العالم
المزيد.....
-
عراقجي يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى عدم الخضوع للض
...
-
-أونروا-: مخازن الأغذية في غزة أصبحت فارغة والقطاع على شفا م
...
-
قوة الردع الخاصة في طرابلس تعلن إنجاز أكثر من 800 قضية خلال
...
-
الاستخبارات الخارجية الروسية: الفاشية الأوروبية هي العدو الم
...
-
اكتشاف طريقة معالجة الدماغ البشري للمشاكل الجديدة
-
علماء صينيون يطورون روبوتات مجنزرة على شكل حلزون
-
نظام غذائي يحمينا من الالتهابات المعوية الخطيرة
-
تجربة واعدة تحدد -الوقت المثالي- لاستخدام بخاخ الربو الوقائي
...
-
-كوفيد الطويل الأمد- والخرف المبكر.. تحذيرات من علاقة محتملة
...
-
فان دام يعرب عن محبته لبوتين ورغبته في القدوم إلى روسيا ليصب
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|