لواء

سهام مهدي الطيار

الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 28 - 15:32
المحور: الادب والفن
    

لــــــــــــــواء
25/7/2003 تاريخ لا يمكن أن يمحى من ذاكرة لواء هذا الشاب الوسيم الذي تربى على الترف وعاش حياة مختلفة لا تشبه حياة أقرانه فهو ابن سفير ، أن يعمل أبوه في السلك الدبلوماسي في ثمانينيات القرن العشرين هذا أمر ليس بالعادي لكنه شاب محبوب وطموح ورغم ميوله الدائمة لخوض التجارب العاطفية ألا أن المرأة لديه تحظى بمفهوم اخر ..
حين حضر لواء معرضاً للكتاب في الجامعة التي تخرج منها منذ زمن أذ أنشغل بالعمل التجاري وأبتعد عن حياة الدراسة وعالم القراءة لكنه يحاول أن يوفر فسحة من الوقت يمارس بها بعض هواياته وبينما هو منشغل في أختيار بعض الكتب وقعت عيناه عليها . نعم ,انها هي الملاك الذي يبحث عنه منذ زمن . ودون أن يشعر تقدم نحوها وأبتسم في وجهها وحياها تحية الصباح نظرت في وجهه وترددت في الجواب لكنها حيته بطريقة رسمية شأنه شأن أساتذتها وباقي الزملاء الحضور ثم مرت لسبيلها لكنه ظل يطاردها بنظراته خلال تجوالها في القاعة وهو على يقين بأنها قادرة أن تميز هيئته التي تحمل معاني الرجولة القديمة وحركته التي تشير بوضوح أنه مختلف بعض الشي أو قد يكون تربى في بيئة مختلفة ، كررت نظراتها نحوه وبتساؤل أذ أنها لا تعرف ما يبتغيه هذا الرجل الذي يشبه فرسان القرون الوسطى بكياسته وتعامله ..
تجرأ وأقترب منها ثانية وسألها لأي جهة رسمية تنتمي فأجابته: بأنها هنا تمثل الشركة التي تعمل بها، تبسم في نفسه وسجل نصراً أولياً في الحصول على عنوان عملها ثم ابدى اعجابه بعدد من الكتب لعله يتوصل الى نوع المصادر التي تحبها وتستسقي ثقافتها منها فأجابتهۥ بخبث لأنها أدركت أنه سيكون لديه أكثر من معلومة عنها غير أن دافعاً لا شعورياً جعلها تجيب بصدق لحاجة في نفس أي فتاة في مثل عمرها : شكسبير .. أحسان عبد القدوس .. نزار قباني فأجابها : ممتاز رجعت ملاك لواء ألى بيتها ولا تستطيع نسيان لحظات اللقاء به بأدق تفاصيله ظلت تستعيدها في ذاكرتها وهي على يقين مطلق بأنه سيظهر في مكان ما أو يحاول أن يلتقيها ثانية ، هرعت الى أختها لتخبرها بهذه القصة المشوقة التي تسبب الدوار اللذيذ لكل صبية تحدثت لأختها بالتفصيل الممل ووصفت لها مشاعرها ضحكت أختها وحثتها أن تتهيأ لحفل زفاف جارتهم أذ لم يعد هناك متسع من الوقت قبل بدء الأحتفال ركضت ۥأمنية تتهيأ للحفل وأختيار الملابس وتزينت وما أن وصلت حتى فوجئت بحفل بهيج باذخ ، ألامر الذي دفعها الى أن تلقي نظرة على ملابسها لتتأكد أنها بمستوى هذا الحفل المهيب ، أخذت محلها مع باقي أسرتها في أحدى الزوايا الجميلة وهي تتفرج بعيون مليئة بالفضول لكل ما ترتديه الفتيات من ملابس وحلي حقيقية من ذهب والماس وأزياء لا يمكن أن تكون موجودة في ألاسواق المحلية بل هي منتقاة من دور أزياء عالمية ، الحفلة مميزة هذا ما قالته مع نفسها ، بدأت تتجاذب أطراف الحديث مع أختها فوقع بصرها على شاب يقف قبالتها يتقصد أن يلفت أنتباهها نظرت اليه وأذا هو نفس الشاب الذي التقته صباحاً في معرض الكتاب وبجرأته المعهودة تقدم نحوها وسلم على باقي أفراد أسرتها ورحب بهم وأنسحب نحو مجموعة من الشباب الذين يقفون على مسافة ، وظلت هي وأختها في تعجب واستغراب.
أنتهت الحفلة وعند عودتها الى البيت وبينما هي تتساءل مع أختها في ظهوره مجدداً رن المحمول الذي في حقيبتها فإذا به رقم غريب فتحت الخط لترد على المكالمة جاء رداً عذباً بصوت ذكوري رخيم يسلم عليها ويبدي أعجابه بملابسها التي كانت ترتديها في الحفلة ردّت بغضب: من تكون؟ فيقول أسمي لواء عمري أثنان وثلاثون سنة أعزب أبحث عن عروس وقد حرصت على أن اجعلك في مرمى بصر أمي كي تراك في حفلة الليلة .
أنهى المكالمة ، ظلت هي شاردة الذهن لا تعرف ماذا تفعل وبينما هي كذلك أفزعتها رنة وصول رسالة فتحتها وفحواها (خالتي جارتكم وقد أخذت منها رقم المحمول الخاص بكم) .. أزدادت حيرة ، ظلت واجمة غارقة بالتفكير فقطع عليها شرودها سؤال أختها من الذي على الخط فأجابت بعينين جامدتين لواء تضاعفت حيرة الاخت وطلبت توضيحاً فأعطتها المحمول لتقرأ الرسالة .
تكرر لقاؤه معها بعد أن زارها في مقر عملها محاولا أن يعطيها فرصة لتتعرف عليه خصوصا وأن الظرف الذي تمر به البلاد ظرف عصيب وقد أنشغل الناس بالوضع السياسي نتيجة تغيير الحكومات بدأ يتصاعد نحو الاسوأ فعجل لواء بمفاتحة أهله لخطبة ۥأمنية لكنه فوجئ بالرفض أذ أن الفارق المادي والأجتماعي واضح جداً وإن المستوى الاعتباري لوالده مختلف عن مستوى والد ۥأمنية الموظف الذي يعمل في أحد الدوائر الحكومية وبعد محاولاته اليائسة طلب منها لقاءً خارج نطــــــــاق عملها فوافـقــت وحضرت بتاريخ( 25/7/2003 )هذا التاريخ الذي رسمته خارطة لكل تقاويم حياتها .
أبلغها برفض أهله ويأسه من أعادة المحاولات وبدون أن تنبس بحرف سقطت دمعة صامتة من عينها وطلبت لقاءً اخر شريطة أن يكون بتاريخ 25/7/2013 علهما يعرفان الحكمة من عدم فوزهما ببعض فوافق وأنتهى لقاؤهما .
لم تكن الايام بطيئة في خضم أحداث مؤلمة مرت على الجميع بل سارعت من تقادم الأحداث فالوضع السياسي تصاعد أكثر وتأّزم.

#سهام_مهدي_الطيار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات