أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل محسن - يوميات عاطل عن العمل















المزيد.....

يوميات عاطل عن العمل


جميل محسن

الحوار المتمدن-العدد: 1475 - 2006 / 2 / 28 - 09:23
المحور: الادب والفن
    


التلاشي
جاء بالحبل معه تأكد من متانته , لم ينتبه الى خشونة ملمسه , وضعوه في كيس شفاف من النايلون حمله وسار به , كان يتلوى بدوائر كأفعى ساكنة مقطوعة الرأس , سيلتف حول رأسه هو عقدة واحدة متينه ومسمار في السطح وكرسي أو طبلة ايهما سيتحمله؟ الحبل يفي بالغرض يكفي تثبيته بالمسمار وقياس المسافة بين رأسه وقدميه والمقعد لتتم الموازنه , ثم ابعاد الطبله, سيكون هنالك حتما شبر من الفراغ يكفي لحركة ساقيه ضاربتان في اللاجدوى في اخر لحظات اليأس القاتل ,بعدها ستخمد الاعضاء وتهدأ نفس خرجت الروح من جسد احتواها .
تسربت الروح ’ خرجت من الشباك , صعدت الى السماء , بقيت النفس محشورة تحت الحبل بين الحنجرة والصدر والاطراف , تتأرجح الجثة ثم ماذا؟ ستحتاج الى من ينزلها سيغلق الباب اذن, يومان او ثلاثة وتبدأ الرائحة بالانتشار , سيتسائل الناس ثم تكسر الباب وتدخل الشرطة والتحقيق . سيأخذون الجثة الى المشرحة , ستمدد جنب اخريات وقد يكون الزحام شديدا ويأتي الذباب من قال ان مشارحنا مبردة؟ صباحا سيأتي اثنان ويرفعانه ازرق متورم عار يثير السخرية برقبته الجديدة الطويلة , ستبدأ السكاكين بالتقطيع لاسبب داخلي للوفاة , ولكن من سيتسلمه ويلفه ويدبر له التابوت والمقبرة وحفرة موحشة , تمناهاعميقة واسعة يلامس جبينه الرمل وتتمدد ساقاه على وسعها ونوم هانئ ينهي اسطورة الوحشة في حياة فارعة , حاصره الندم في اغلب اوقاتها , جاء النمل يدخل ويخرج بلا استئذان ,لماذا بقيت النفس في الجثة , ولم تلتحق بالروح؟ ثم القوارض فعلت ماعجز عنه النمل , اصوات معاول تضرب في الارض , وصلت الى صدره كسرت اضلاعه كأن ضيفا يحل فوقه , تمنى الموت على تحمل ثقله ولكنه ميت فعلا! اين الراحة اذن؟ اين التلاشي ؟ تحسس الحبل , تطلع لما حوله من الوجوه , كان يعبر الجسر , رمى بالحبل نحو الماء, سيختار فناء اخر.
شاهد الارتطام , الحبل والماء , ابتلع النهر مارماه , غاص الحبل لم يعد له وجود ظاهر, سينام في الاعماق , قد يلتف حول صخرة قديمة اوهيكل حديدي غاطس , ثم يدفع الماء الجاري ا طرافه , ويتمدد فوق الطين وتغطيه مع الايام طبقة غرين وينام , يختفي يتلاشى ماذا لو كان هو ---- انا ؟ لايحتاج الامر الا لعبور هذا الحاجز الحديدي واطلاق اليدين في الهواء , حرتين , ليتهاوى الجسد نحو الماء ثقل وجذب واختراق وغوص ويلامس اسفل القدم ارض النهر , برودة لذيذة لاعلاقة لها بالموت , الجسد يرتفع من جديد يخرج الرأس ليتنفس ضوء النهار طريا منعشا , يضهر مع الفقاعات من حوله خيط احمر قان يذيبه الماء ويرتفع اصبع القدم اليمنى مذكرا بالوخزة التي اعقبت ملامسة قاع النهر , رائحة الدم نفاذة والشق كبير سيحتاج الى لفاف ناشف , ولكن ملابسه مبتلة وفقد فردة الحذاء اليمنى والمستشفى على الطريق وحقنة كزاز ان وجدت , ومصاريف وعناية وتداوي , من سيتحمل؟ اهذه نتائج الانتحار غرقا لرجل قضى عمره صيفا على شواطئ دجلة؟ فتح عينيه , الاشباح نفسها تعبر الجسر من سيرمي بنفسه الى الماء من اجله ؟ من سينقذ من من الغرق؟ وكيف سيلتف الناس حوله على الشاطئ وعند اليابسة؟ حافي القدمين مبتل الملابس جريح الاصبع الكبير للقدم اليمنى , تطلع الى السفل حرك اصابع قدمه , لازالت على حالها , عاد الى السير لعبور الجسر في الربيع سيزداد تدفق المياه ستعلو مناسيبها, ستدفع بعض من الطمى المتراكمة سينكشف حبله , ويدفعه الموج ولكن الى اين ؟ سدة الكوت ربما فهل سيتقطع هناك ؟ التفكير بالحبل ينسيه مسعاه اين التلاشي والخلاص , بعد فقدان الامل ؟ ما اسهل الحل لولا ضيق اليد , الطريقة القديمة المجربة ذاتها سمع عنها وشاهدها في الافلام , تجلس على كرسي مريح وتتكئ برأسك وبيدك مسدس تضع فوهته على صدغك او جبينك وتضغط على الزناد.
لتنهي حقيقة ان تكون او لا تكون , المسدس اغلى من البندقية اغلى من الرمانة اسعاره خيالية لو امتلكها لربما هدأت النفس , صحا ثانية ايقضه العذاب, الحاجة , التراجع نحو الصفر , العجز عن التكيف الحيواني الذي تمارسه حتى غريزة الاميبا , كل مايراه هو تساقط سنوات العمر في فراغ الايام وانتظار اللحظة , همر, اثنان , ثلاثة سرعة لاتجارى تطوي الاسفلت تطوعه , ماذا لو ؟ ولكن هل من فرصة؟ هم اسرع من قدمي سيحسبوني ملغوما , ستتناولني القذائف قبل الوصول , وسأتراجع بفعل الارتداد ممتلئا بعشرات الاطلاقات ثم ارتمي , اتمدد, اسمع كلمات مختلفة داعبت اذني في لحظات الصفاء ومحاولة التجاوز , ثم تتوقف هذه النغمات , وتتباعد الخطوات المنتظمة تلتقط الاذن وتترجم غبي احمق ثم يسود الهدوء تعقبه الفوضى , ملقى على قارعة الطريق , وتسيل الدماء محركة الفضول للقادم و الذاهب في الاتجاهين وبين (الخطية) ولوم الامريكان والاراء المختلفة ها انت (علكة) تنتظر التحميل الى حيث القت رحلها , ثم ماذا ؟
في زمن الخدمة العسكرية لم تمت شاهدته مرارا اخذ الكثير من اصحابك حملت بعضهم بنفسك, كنت هناك ايضا يملأك الضجر والشباب وانتظار الاجازة , (لوري سكس)هل تذكر؟ ساحة سعد والطريق السترانيجي والفاو , ولحظة المنازلة , والشارع العريض الذي تطويه عجلات الايفا , والكاز66 , وفاون التحميل وماتيسر للجيش ولوريات السخرة , ماذا يحدث عندماتدهس احداهن حيوان عابر ؟ تواصل الاخريات طحن لحمه وعظامه وتلون الاسفلت بدمه حتى يمحى يتلاشى, هل تذكر رواية ذلك العسكري العائد ليلا من الاجازة والقمر غائب وكيف دهس وتحول الى غطاء دام للاسفلت وقت النهار كشفته ملابسه , الحيوانات لاترتدي الخاكي , ولوري (السكس) كان دعوة جندي مكلف لراس عرفاء الوحدة , بقي الدعاء في ذهنك تتذكره كلما رأيت عربات الحمل الكبيرة ذات العجلات الخلفية المزدوجة والنائب الضابط مطحون تحتها , كانت تأتي للفاو محملة بالحصى الذي سيتحول الى سواتر , لوري سكس محمل بالحصى ودماء تتفجر ليلا وتراها في الصباح بقع متناثرة تتكفل شمس الجنوب والغبار بالباقي , ويبقى الاسفلت واثار القذائف , ولم تمت , ولم تحيا , وعشت تعد الايام والذين ذهبوا, حتى هي الانثى كلما اقتربت منها هربت عقرب تلدغ ولا تميت و افعى تعض وتؤلم ثم ترحل تاركة لعينيك البحث عن ظلال الاثر,
اذهب اليه مادام لا يأتي ابحث عنه, دع القدر يقول كلمته هناك وراء هذه الكتل الكونكريتية العالية تكمن الالغاز التي تلهث ورائها مفخخات الحديد والبشر المتفجر , وعند بواباتها الضيقة يكمن المواطنون يتجمعون , لازال لديهم امل , ان يخرج المارد من القمقم ويعيد افراح دار السلام , قف معهم فقد يأتي الفرج وتسمع الدوي هل تذكره؟ يتوالى لوبقيت حيا وتهتز الارض يكسوها السواد والبقع الحمراء والنار الصفراء واللهب المتصاعد والجثث المقطعة , في الجبهه كلها ترتدي الخاكي وتذهب معه, اما هنا عند الباب فالالوان مختلفة ماذا لو حدث ما ,,, ؟ وتناثرت الجثث وانت معها سيختلط الازرق مع الابيض مع الاسود مع المموه , تصور بدء الفرز بعد نهاية الصدمة , قد ينجو رأسك وقد يصبح اسود ولكنه رأسك سيتعرفون عليه , باقي جسدك مبعثر وسط هذه العشرات من سوق هرج البشري , من سيجمع الاشلاء المتناثرة الناس قوس قزح وانت تريد نفسك معك , هل سيكون لساقك الجديدة بنطال ازرق ام لساعدك رتبة وعلم؟ ام يكون من بين احشائك قلب صغير لايريد التوقف عن النبض ويهزأ بتشائمك , ام رئة احرقتها السكائر الرخيصة ؟ سابقة القدر ونيران الوغى , ام ان جزئا اخر من جسدك سيحترق بالكامل ويلف بعبائة نسوية , تصور عينيك وهي تتطلع الى العباءة وتطبق فكيك على بعضهما وتصر اسنانك ليرى رأسك ان محتويات العبائة السوداء راحلة الى مجمع الحريم وتتكوم الاشلاء قرب بعضها , ويبدأ البحث والتقليب و من سيلملم ماتبقى منك لتنام كما انت لا اجزاء متناثرة تشكي لربها مرارة الايام و ومن بعضها غربة التكوين والبحث عن الذات , والرأس ينتحب يريد اعضائه فله معها ذكريات السنين مهما تقطعت واحترقت فهي انا , كما الاخرون هم, هل حلت المشكلة؟ كالعادة لا , الخيال يعطيك الامل , يريك بصيص من النور ,
فتح عينيه ثانية على ضوء النهار , الاشباح لازالت تسير تزداد قتامة , وسواد , ما الذي يربطني بها ؟ بيدي لابيد عمرو, سيبقى هذا الجسد يناديك للحياة مالم تحوله الى قطع متشضية تنعي الهيكل , هو هناك , صديق الشدائد والكرب , والمواقع الشقية والحرب , لديه في كل وقت مختلف انواع الاسلحة , لن يبخل علي بما اريد , اعرف منطقته, لاتزال ملتهبه , كأني في عقله مرفوع الرأس ,يتلاشى بطريقته , وتطبق الافواه مبتلعة السنتها عته ,
اريد رشاشة ,, شواجير ,, رمانتين ,, وكافي .
هاهن امامي , اراهن كما كانت جدتي الطيبة ترتب حبوب المرض اماها منحنية بعد ان شلت اعصابها وانحنى عمودها الفقري حتى كاد رأسها يلامس الارض , ونبذها الجميع , وجائت لنا, كنا الاحن بين القساة نسمعها بعض الكلمات , ونتركها لشأنها صامتة صائمة ,ساجدة , مرة ارحتها جلست احدثها عن كل نوع من الادوية التي امامها وتأثيره ثم تركتها , لم اصدق ان التواصل هو لحظة السعادة الحقيقية لها , التي اعادت ذكرها كثيرا , الى ان حلت اللحظة , التف حولها الجميع اهل الاثم والذنوب نادتهم فردا فردا , وارسلت اشارات بانها لاتود الرحيل في ساعة مسك الختام وبقاء الذكرى طيبة عطرة .
والان حان الوقت سأحول بيدي هذا الجسد الى نثار تذروه الرياح ويبتلعه التيه , الشاجور الاول اطلق الرصاص اليد اليسرى تتهشم تتفرق اجزائها , يلحقها الساق الايسر , الفخذ, الركبة ,تنتهي الاطلاقات ,تغير الشاجور تساعدك الساق اليمنى, تلتفت اليها الجسد لاتنثره الا رمانة امسك بها اسحب المسمار بأسنانك تكور عليها ,اسمع الدوي لم يبق سوى جانب من الرأس واليد الممسكة بالبندقية , اطلق ماتبقى على ماتبقى , انتهى الشاجور , الحصيلة امامك بعد ترك المدفع , جزء من اليد اليمنى ورمانة وحيدة , حين تخرج المسمار سيتم التلاشي , هاهم اصنامك, وسطاني وسبابة وابهام , من سيمسك جسم الرمانة ؟ من سينتزع المسمار؟ بقي لليد جزء من الراحة استقرت فيها الرمانة , التف الابهام على ضهر الرمانة , وضع الوسطاني والسبابة المسمار بينهما , ورأساهما مرفوعان الى الاعلى , والان يجب ان يفترقا عن بعضهما ليتم سحب المسمار, وابتدأ العمل الكل يتشنج, يتوتر ,يشد ,ويبتعد رأسا الاصبعين عن بعضهما ,كلما افترقا اكثر امكن سحب المسمار , ولكن الاصل واحد وليس لهما بعد اكبر وسط حرية الابهام , يفترقان من اعلى فقط , وكأن المسمار يبتسم , وفي انفراجهما العلوي يشاهد الاخرون حرفا اجنبيا يرتسم علامة نصر , لامحالة ولكن نصر من على من؟ مادام هنالك شد وجذب وصراع .



#جميل_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستالين تروتسكي والسلطة
- مسرحية محكمة السيدة العجوز
- ( حول ( مشاكل الحزب الشيوعي العمالي
- الظلام


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل محسن - يوميات عاطل عن العمل