أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - طفح الكيل في السليمانية














المزيد.....

طفح الكيل في السليمانية


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 5734 - 2017 / 12 / 21 - 20:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو ان سقوط استفتاء اقليم كردستان قد أسقط معه، بين أشياء اخرى، نفحة الايدلوجية القوموية، الشعاراتية،تلك المادة الصمغية الرديئة، التي كانت تجمع الكرد مع بعضهم البعض، وإن على مضض، طوال مرحلة (السلم والبناء) التي عاشها الاقليم منذ السقوط وحتى الان. تلك النفحة التي كانت تسكتهم على سوء الادارة والمفاسد، وتمنعهم من اثارة الخلافات الداخلية ليظهروا، كما تحبذ الانظمة والأحزاب الشمولية عادة أن ترى (شعوبها)، بمظهر الموحَدين وراء (زعاماتهم) وقضيتهم الكبرى.

تبدد هذا الوهم الآن، تظاهرات مدن السليمانية تؤكد ذلك. لقد تفجرت الخلافات وروح السخط التي حملها الكرد كثيرا في أعماقهم نتيجة الضيم الذي لحق بهم.

غير أن احتجاجات السليمانية ليست نتاجا مباشرا لتردي الاوضاع في الاقليم بكل تفاصيلها، ولا لفشل الحكومة والأحزاب السياسية في الانتقال بالمجتمع الى افق ناجح بالتنمية والرفاه الاجتماعي، وحسب، وإنما هي أيضا نتاج لصراع الاقليم مع المركز. فقد راهن المركز، بعد نجاحه في وأد الاستفتاء، على تفجير الوضع الداخلي بالضغط الاقتصادي الذي أرهق المواطنين قبل أن يؤثر على الحكومة وأحزابها الحاكمة، ولكن هذا الضغط نجح أيضا بسبب ضعف وفشل الحكومة هناك في تأمين نفسها وشعبها من أي احتمالات لأزمات ممكنة الحدوث، ما يدل على أن الحكومة وأحزابها في الاقليم، مثلها مثل قريناتها في المركز، مشغولة في تأمين مصالحها الخاصة قبل أي شيء.

ولم يكتف المركز بالتعويل على الضغط الاقتصادي وإنما أرفقه بمحاولة زعزعة الداخل الكردي وشق صفوف الأحزاب فيه وتفكيك تحالفاتها القلقة. ولا ينكر أنه قد حقق بعض النجاح في هذا الشأن، لكن النجاح هناك ربما سيشترط نجاحا مماثلا في مدن الجنوب، (الوعود بحملة مكافحة الفساد التي تتنطع بها الحكومة حاليا) وهي الفاتورة التي على أحزاب الاسلام السياسي، بعد فشلها المتواصل، الاستعداد لتسديدها.

لايمكن بطبيعة الحال عزو سبب الاحتجاجات الى عامل صراع الاقليم مع المركز وحده، فالعوامل التي أدت الى الانفجار متداخلة، ولايمكن انكار أن أغلبها، إن لم يكن جميعها، داخلية تتعلق بطريقة الحكم وتوزيع الثروة وحماية الحقوق في الاقليم.

الملفت أن التظاهرات قد أخذت طابعا عنفيا؛ حرق مباني حكومية ومقار أحزاب، ماسهّل انتقادها، لكن هذا، بظني، له مايفسره ويثير الشكوك حوله أيضا. فليس من المستبعد أن السلطات الأمنية هناك، المهتاجة، قد تكون هي من دبر الأمر، أو على الاقل اشعال شرارته الأولى. فكلنا يعرف كيف قامت مخابرات نظام السادات في تظاهرات الخبز عام 1977 في مصر بحرق المرافق العامة، باصات النقل العام وغيرها، واتهمت المتظاهرين بتلك الأفعال، ليتسنى للسلطات ادانة الاحتجاجات ووصمها بصفات ليست فيها،( انتفاضة الحرامية) كما أسماها السادات حينها. ولا يستبعد أن يتكرر الأمر في مدن الشمال المنتفض، لاسيما وأن الحزب الحاكم هناك، الاتحاد الوطني، هو من الأحزاب البرغماتية التي لا تتوانى عن فعل أي شيء من أجل بلوغ أهدافها. ومايعزز هذا الظن أن انتفاضة المواطنين هناك تفتقد لقيادة تدير فعالياتها ما يجعل أمر اشعال العنف داخلها أمرا يسيرا، فهناك شباب منفعلون غاضبون يسهل جرهم الى أي فعل عنيف، لهذا قد تكون السلطات لجأت الى تأجيج العنف، بقيامها بالخطوة الاولى لينجر الجمهور وراءها غير مدرك أو مقدر لتبعات ومضار هذا السلوك.

في الجانب الاخر يبدو أن (حدك) قد أمسك بخيوط اللعبة والسلطة في منطقته، فلم يشارك أبناء أربيل ودهوك في التظاهرات لحد الآن، مع أنهم يتساوون في حصة الضيم مع مواطنيهم من أبناء السليمانية، وتأخر أو تلكؤ أبناء أربيل ودهوك بالانخراط في الاحتجاجات يعود بعض منه، بظني، الى تدني مستوى الوعي، وقوة تاثير تدجين السلطة هناك، وهو غير على ماهو عليه الواقع في المدن المنتفضة، حيث عُرفت السليمانية تاريخيا بالتمرد على السلطات وبتقدم الوعي السياسي في مجتمعها زائدا تقدمها الحضري، وطالما تباهى اهلها بذلك، لكن هذا التلكؤ يعود أيضا الى مايشعر به أبناء تلك المناطق، اربيل ودهوك، من أنهم مسؤولون عن الفشل الذي أدى اليه الاستفتاء وماتبعه من آثار بذات القدر الذي تتحمله السلطات هناك نظرا لحماستهم بتأييد تلك الخطوة والإقدام عليها.

حاول المدافعون عن سلطات الاقليم، كالعادة، اعتبار التظاهرات فعل مدبر ومؤامرة اقليمية تشترك فيها حكومة المركز وإيران بالتعاون مع حركة التغيير، وهذه محاولة بائسة لتحريف الأبعاد الحقيقية لهذه الانتفاضة، فحتى لو كان الأمر فيه شيء من شبهة التحريض والاستثمار الخارجي فهو لن يقلل من شان هذه الانتفاضة ولا يغير من حقيقة دوافعها، ورغم ذلك، لا أظن أن انتفاضة السليمانية، كما هي أي حركة احتجاجات أخرى في العراق،( وأتمنى أن أكون مخطئا)، ليست أكثر من فقاعة، بنت لحظتها، وتعبير عن انفعال وغضب آني سيتلاشى تاثيره ومفاعيله مع زوال مسبباته المباشرة، وسيعود الوضع (الى ماهو عليه)؛ متكلسا منغلقا في دائرة ضيقة من الهموم الطائفية والمذهبية والقومية، حتى تحين ساعة (يقظة) تنقل وعي العراقيين الى مستوى آخر يمكن أن يخلق ممكنات جديدة لتحولات في الواقع تجعل من الوطن مكانا قابلا للعيش ونسج الأحلام، وتلك لحظة غائبة لايعلم بها أو يجزم بإمكان حدوثها أحد.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أولوية الأولويات
- ممكنات التغيير في العراق
- لمحة عن الصراع في الحركة القومية الكردية
- تحديات الاستفتاء
- شيء من الماضي
- حلقات مفقودة من سيرة (مناضل)
- مديح زائف
- وعود خفية
- مأزق الاستفتاء
- مهرجان الاستفتاء والانفصال
- ذات يوم كان ديلان
- مخالب فولاذية أُنْشِبَت في غير مكانها
- تلك هي شقائق النعمان إذن!2
- تلك هي شقائق النعمان إذن!
- نظرة إحادية
- مشروع مؤجل
- محنة العجز
- محنة عراقية
- (المناضل) عزيز السيد جاسم
- أول آيار، بعيد، حزين ومنسي


المزيد.....




- اتهمت جيفري إبستين باستغلالها جنسيًا.. رواية فيرجينيا جوفري ...
- فيديو: انهيار ناطحة سحاب في بانكوك جراء الزلزال يثير تساؤلات ...
- إسرائيل تعلن توسيع نطاق عمليتها العسكرية في غزة مع إخلاء -وا ...
- عملية أمنية أوروبية تطيح بشبكة ضخمة لاستغلال الأطفال جنسيا و ...
- اتهام موظف رفيع في وزارة أمريكية بالقرصنة الإلكترونية
- مستشار ترامب: الرئيس قادر على إيجاد طريقة للترشح لولاية ثالث ...
- مشروبات الجمال والصحة
- -ما حدث في غرينلاند يمكن تكراره في إسرائيل- - هآرتس
- ترامب يستعد لـ -أم المعارك- التجارية: العالم على شفير هاوية؟ ...
- مناورات صينية بالذخيرة الحية حول تايوان تحاكي ضرب موانئ ومنش ...


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - طفح الكيل في السليمانية