عزيز السوداني
الحوار المتمدن-العدد: 5734 - 2017 / 12 / 21 - 18:06
المحور:
الادب والفن
هكذا كنتُ
....................
في زمنٍ لا يولدُ فيه الإنسان، عارٍ من أزهارِ العطرِ ومدينةٍ تلفظُني خارج أسوارها، الفراشاتُ تدورُ حول نارِ الوجعِ عندما تشظّى العطرُ وأصبحَ الروضُ في خبرِ الضمورِ، مسلّةُ القمحِ أكلها الليلُ الطويل، العصافيرُ في صحراءِ الإبتعادِ، الصحراء كالبحرِ ليس له أمان، وبيني وبين النهرِ خصومةٌ قديمةٌ عندما جفّ تأوهتُ وألقيتُ في مجراه ذكراه الموجعة، أمقتُ ذلك الجسرَ الذي تركني أمشي حافياً حتى أفسدتْ الطريقُ قدمي، جلستُ خلف نصفِ جدارٍ متهالكٍ ظلَّ رأسي في مرمى الريحِ معلّقاً على عمودِ الرحيلِ حتى حُملَ الى منفىً في أقصى الشرقِ ومنفىً آخرَ شمال الحزنِ وتعددتْ المنافي، ثم عدتُ الى جنوبِ ذاكرتي يركلُ خاصرتي أقزامُ الليلِ وأمي تغزلُ أعوامي لتنسجَ من رملِ المأساةِ موطأَ إختبائي، شقّتْ في وجهي جلبابَ كهولتها وأخرجتْ قلبها لتدفنَ أسراري بين أقواسِ أضلعها، شاخَ النهارُ وأحاطَ الضبابُ برأسي وتلاشى الموجُ، وماتَ الغولُ ومازالت أمي تقطفَ من صدري قبلاتٍ تدفعني لأعبرَ الجسرَ من جديد........
.............................
عزيز السوداني
العراق
#عزيز_السوداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟