أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال الربضي - و الله لأشكيكم لأبوي














المزيد.....

و الله لأشكيكم لأبوي


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 5734 - 2017 / 12 / 21 - 13:09
المحور: كتابات ساخرة
    


و الله لأشكيكم لأبوي


في طرف الحارة البعيد كانت فيلا "دُوعَس كُـرُنْب" تقف ُ بكل ِّ فخامتها الأسطورية، محاطة ً بأسوار عالية تراقبها الكاميرات و تُعلن لافتاتٌ وزِّعت في أماكن مختارة بعناية وجود نظام حماية كهربائي صاعق لكل من تسوِّل ُ له نفسه الآثمة الاقتراب.

اكتسب السيد دُوعس كُرُنب لقبه من همسات أهل الحارة الذين كان يسيمُهم شر الذل و الهوان، إذ أن أسهل كلمة كان يلقيها على مسامع البسطاء و المُعدمين منهم هي: ولك بدوعسك دعوسة (أي سأدوسك دوسا ً)، إذا ما شكَّ و لو دون حق أو دليل أو داعٍ أن هذا المسكين يحاول أن يخالفه في شيئ، أي شئ،،،

،،، و أما كُرُنب، فهو إشارة ٌ إلى رائحة طبيخ نبات الملفوف المحشي الذي يتصاعد من فيلته باستمرار، و الذي كان يفضله على أي طبخة ٍ أخرى.

لم تكن غطرسة دُوعس كرنب من غير داعمٍ لاستدامتها، فهو على سلاطة ِ لسانه، و جلافته في التعامل، و غطرسته المهولة، كان سخيِّا ً في إنفاق ماله في الوجوه التي تضمن له الولاء و الطاعة أو الصمت و التخاذل، و كلُّها لديه واحدة، لأنها تؤدي في النهاية إلى تحقيق كل ِّ ما كان يريد فرضهُ في الحارة.

لذلك لم يكن من النادر أن تشاهد الناس قياما ً مبادرينه بالتحية حين يمر، حتى و لو لم يردَّها عليهم، أو شوَّح لهم بطرف إصبعه ردَّا ً بقرف ٍ و لا مبالاة، فكم من طلاب ٍ دفع رسوم دراستهم في الجامعات، و من أرملة ٍ كساها و أولادها و تكفَّل َ بطعامهم بعد ترمُّلها و تيتُّمهم، و يالذلك المخزن المهول الذي أقامه قريبا ً من فيلته يوزع منه ما لذ و طاب.

و في ليلة ٍ ظلماء غاب نور قمرها، شاءت جنِّياتُ القدر الإغريقية أن يحلَّ بعضُ أصدقاءِ دوعس كرنب على الحارة، و هم في حالة ِ سُكر ٍ شديد، و تقودهم أرجلهم إلى بيت العم "سماعين" فيضربونه و زوجه و أطفاله و يحتلون المنزل طالبين حقَّ الضيافة إلى حين خروجهم،،،

،،، و يخرج العم سماعين، الدرويش المسكين إلى أهل الحارة ِ يستنصرهم لحفظ بيته، و كرامة عائلته، فيخرج أهل الحارة ِ ليحيطوا البيت محاولين اقتحامه، إلا أن ضيوف دوعس اللئيم يشهرون في وجوههم أسلحتهم الفتاكة مانعين و محذرين، فيعودُ أهل الحارة على أعقابهم ثم يتجمعون أمام منزل دوعس طالبين منه أن يستضيف ضيوفه في فيلته الكبيرة أو أن يخرجهم من الحارة.

يا دوعس ساعدنا – صاح أحدهم
تاج راسنا يا باشا مشان الله بنترجاك بنبوس إجرك ارحم سماعين – بكى آخر
بعد اذنك يا كبيرنا و حبيبنا البيك بس لو تأذن نحكي معك دقيقة – استعطف ثالث

تعالت الأصوات،
خرج رأس بنت دوعس البلهاء من أحد الشبابيك العالية،
انتو مين؟ شو مفكرين حالكم؟ - قالت البلهاء بقرف

احنا أهل الحارة يا ستنا، بنترجاكي خلينا نحكي مع بابا – قال عم سماعين بضعف

روحو من هون يا نَوَر، بابا مش فاضيلكم – صاحت مرة أخرى

ما بصير هيك – تعالى أكثر من صوت بغضب
احنا مش شحادين احنا أهل الحارة – رددت ذات الأصوات

طيب، أنا بورجيكم، أنتو ما بتيجو بالزوق و الإنسانية يا بهايم، و الله لأشكيكم لأبوي – قالت بحدة ثم اختفت في الداخل

و سمعت الحارة صوتها و هي تصيح:
بابا
تعال شوف هدول الحشرات الي برا
انتا الحق عليك
كان لازم تدعسهم من زمان


تجشَّأ دوعس من آثار ِ نصف كيلو ملفوف كان قد تناوله لتوِّه، ثم رفع سماعة الهاتف و طلب وكيل أعماله:
أبو فلوس، اسمع، اجـِّـل دفعات الشهر هاذ لأهل الحارة، بعدين بفهمك.


ثم ضرط و سعل، قبل أن يقول لابنته أن تغلق الشباك و تتركهم يصرخون كما شاؤوا.



--------------------------------------------------------------------------------------------
على الهامش و في تأمُّلات ٍ لا علاقة َ لها على الإطلاق: بالحارة و دُوعس كُرُنب و ضيوفه الثقال و بيت العم سماعين.

وقفة للتأمل:
هددت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة السيدة: نيكي هالي، كل دولة ستصوت ضد قرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل و نقل السفارة إلى تل أبيب، بأنها سترفع إسم تلك الدولة للرئيس، الذي سَـ "يُراقب"، ثم سَـ "يُعاقب" بقطع المساعدات و حجب المعونات.

وقفة ثانية للتأمل:
قصور دُول الشرق الأوسط عن بناء مجتمعات مُكتفية حضارية قادرة على الوقوف مُتجذِّرة ً في هُوية وطنية صلبة، مُتعدِّدة الأعراق و المنابت و الثقافات و الأديان و الأيديولوجيات و الأفكار، تعمل بتناغُم، أدَّى في النهاية إلى اعتمادها على منظومات دعم غربية لاستدامة: الاقتصاد و الأمن، و بالتالي للخضوع للتبعية.

وقفة ثالثة للتأمل:
خلال السنوات الأخيرة تم بيع فكرة، و تسويقها، و البناء عليها، في عقول العالم، مفادها أن الخطر الأعظم في وجه الحضارة هو تطرف السلفية التكفيرية، و من خلالها إشغال الناس بالإسلام و المسلمين، في ذات الوقت الذي تم تجاهل العامل الأعظم في إخراج الفكر المتطرف إلى الساحة و استدامته و هو: الأطماع الاستعمارية للوحش الغربي الأشقر. إن الحديث عن: إسلام متوحش، أو سلفية تكفيرية، هو ذريعة ناجحة على المستوى السياسي لاستمرار التعامل مع الدول العربية كأسواق حاضنة للسلع الغربية، و مناجم مُنتجة للموارد و المواد الخام، و بالتالي لاستعباد شعوب لم يُتح لها يوما ً أن تنمو أو تتطور.

وقفة رابعة للتأمل:
إن رفض الفكر السلفي التكفيري، لا يعني على الإطلاق القبول بالاستعمار الرأسمالي العلماني، لكن يجب أن يكون العمل ضد كليهما دافعا ً للتمسك بالفكر الإنساني العلماني الحر الرافض للقولبة و الوحشية و التعصب، و العامل نحو منظومات سياسية اقتصادية اجتماعية قادرة على تحقيق الكرامة الإنسانية للجميع، تحت مظلة الأخوة الإنسانية الجامعة.



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوح في جدليات – 27 - بعضُ خواطري -6.
- قراءة في اللادينية – 10– أصل الدين - فيورباخ.
- بوح في جدليات – 26 - بعضُ خواطري -5.
- بوح في جدليات - 25 – بعضُ خواطري -4.
- بوح في جدليات - 24 – بعضُ خواطري -3
- أين مصباحي يا صبحا؟
- بوح في جدليات - 23 – بعضُ خواطري -2
- بوح في جدليات - 22 – بعضُ خواطري.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 11 – ما قبل المسيحية – 6.
- قراءة في الجسد كأداة تعبير– يارا قاسم نموذجا ً.
- بوح في جدليات - 21 - صوتُ صارخ ٍ في البشرية.
- قراءة في العلمانية – 5 – المنظومة الأخلاقية – 3 – القيم الذا ...
- قراءة في العلمانية – 4 – المنظومة الأخلاقية – 2.
- قراءة في العلمانية – 3 – المنظومة الأخلاقية.
- عن فاطمة عفيف.
- قراءة في العلمانية – 2- المنظومة الشاملة.
- بوح في جدليات - 20 – دجاجاتٌ على عشاء.
- لن يسكت هؤلاء – و ستبقى الحجارة تصرخ!
- قراءة في الوجود – 9– عن الوعي، الإرادة و أصل الأفعال.
- قراءة في الوجود – 8– عن الوعي، الإرادة و المسؤولية – 2


المزيد.....




- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...
- فيلم -فانون- :هل قاطعته دور السينما لأنه يتناول الاستعمار ال ...
- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال الربضي - و الله لأشكيكم لأبوي