أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - العدوانية كوسيلة لإرضاء الغريزة














المزيد.....

العدوانية كوسيلة لإرضاء الغريزة


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5732 - 2017 / 12 / 19 - 18:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تحدثت من قبل في مقالة لي عنوانها : المثقف العربي و الجنس ، عن الحالات الثقافية أو مدعية الثقافة ، التي تهاجم الروايات (بالذات) العربية التي تتضمن محتوى جنسي صريح ، حيث يذهب هؤلاء إلى مواقع تقييم الكتب و مواقع التواصل الاجتماعي ، فيعمدون إلى كتابة تعليقاتهم الهجومية و محاولة تخفيض التقييم العام للرواية إلى أقل قدر ممكن ، بعد أن يكونوا أول من تهافت إلى شرائها ثم التهامها بنهم المحروم ، ثم التخلص منها ، كدليلٍ على الذنب المقترف ، في مجتمع يعتبر الغريزة الجنسية نجاسة و قذارة لابد من كبتها أو التخلص منها نهائياً لو أمكن !!

و أنا منذ زمن ، كنت و ما زلت ، مؤمناً أن مشكلة مجتمعاتنا الأكبر و الأخطر ، هي الجنس ... لأن هذه الغريزة الأساسية تؤثر و تتأثر بشكل فعال و واضح ، في مجالات الحياة الأساسية كالمجال الاقتصادي و النفسي و الاجتماعي ...الخ
لذلك أنتقد و بشدة هؤلاء المعادين لموجة المحتوى الجنسي الجريء في الروايات العربية الحديثة ... تلك الموجة التي قد تسهل عملية الانفتاح و هدم الحواجز العالية التي تفصلنا عن التنوير الأوربي و تقدّمه التكنولوجي و الثقافي ...

لماذا نحتاج بشدة لذلك الانفتاح ؟؟ ... سؤال مهم علينا أن نجيب عليه ، لندرك حجم الخطر الذي يتربص بنا ، و حجم الخطأ الذي نقترفه بالتصدي له !!

الغريزة الجنسية هي كباقي الغرائز ، حركة إيجابية في الحياة تهدف إلى تحقيق غاية مهمة لاستمرار الانسان أو (الحيوان حتى) في مسيرة الحياة الطبيعية ... فالجنس و البحث عن الطعام (الصيد ، الذبح ، قطف النبات) و السلطة بأشكالها المختلفة (فرض السيطرة و النظام) ... كل هذه الغرائز ذات منحى إيجابي في استمرار الحياة ... لكنها أيضاً لا تخلو من العدوانية الواضحة في تفاصيل العملية الغريزية و التي تكون عبارة عن وسيلة لتلبية هذه الغريزة أكثر منها غاية بحد ذاتها ...
و قد اختلف علماء النفس في هذه الناحية ، فكان منهم من اعتبر العدوانية متأصلة في ذات الانسان و الحيوان ، و منهم من رفض ذلك و اعتبرها حدث طارئ ، يساعد الانسان أو الحيوان على تلبية غرائزه و إشباعها .... و دافعَ هؤلاء المختصين بعلم نفس الحيوان ، عن ذلك ، بقولهم أن عدوانية الحيوان لا تظهر إلا في حالات معينة مثل : الدفاع عن المجال الحيوي (عن الطريدة أو منطقة الصيد ) ... البحث عن الغذاء ... المكانة المرتبية ضمن الجماعة ... التزاوج ...
و لاحظوا أيضاً أن هناك توازن واضح بين سلاح الحيوان المفترس و دفاعات الفريسة ، فبمقدار ما يزداد الدفاع فعالية ، تزداد قوة السلاح و العكس صحيح ... و كذلك هناك ميل كابح يساعد على كبح عدوانية الحيوان غريزياً ، بينما لوحظ زوال هذا التكيف عند الانسان الذي حلّت محل كابحه الغريزي ، كوابح خلقية و حضارية ، فسقط في مأزق العدوانية المفرطة (الحقودة و المبررة) التي تدفعه إلى التنكيل بالضحية و الاستمتاع بعذابها ...
أيضاً يخبرنا بعض علماء النفس عن البدائيين ، أنهم لم يكونوا بتلك الهمجية التي نتصورها و التي تبرز بشكل أوضح في المجتمعات الصناعية ، فحروبهم كانت قليلة الخسائر في الأرواح و غلب عليها طابع المباراة الرياضية و العدل في استخدام الأسلحة ، كما غاب عنها طابع الغدر !!

فالعدوانية إذن تبدو لنا أنها تعمقت في النفس البشرية و استشرت في العصر الحديث بشكل كبير بين فئات المجتمعات التي تعاني من الضغوطات الاقتصادية و الدينية و الكبت الأخلاقي لأهم الغرائز التي تدفع عجلة التطور و الابداع و البقاء أيضا !!
فذلك الكبت الذي تتحرر منه المجتمعات الأوربية و الغربية شيئا فشيئا ، و ما نزال نحن نرزح تحت ضغطه الفاضح ، هو السبب الأساسي و الخطير لتفشي العدوانية و تضاعف شدتها نحو الخارج ، أي نحو الآخر ، كرد فعل على رفض إشباع حاجة حيوية مهمة كالحاجة الجنسية ، فكل غريزة تصاحبها عدوانية كما ذكرت سابقاً ، و قمع العملية الجنسية ، يجعل العدوانية المصاحبة لها حرة طليقة ، مما يدفعها إلى طريق السادية و الحقد الأعمى ، لتحقيق لذتها و إشباعها !!

هذا ما يجعلنا نفكر الآن ، هل يمكننا أن نغفل هذا السبب الهام للعدوانية ، عندما نتحدث عن العنف المتزايد في عصرنا الحالي ، و في مجتمعاتنا المكبوتة ، خصوصاً مع تنامي نفوذ الأحزاب الدينية و خضوع السلطة لمطالبهم في قمع الحركات الحرة و المفكرين المعاصرين ؟؟

وهل علينا أن نستمر في نفاقنا الفصامي ، الذي يدفعنا إلى رفض الجنس في العلن و على مواقع التواصل و مواقع تقييم الكتب ، بينما نشتهيه و نلهث خلفه في الخفاء ؟؟

ما هو واجبنا كمثقفين أو تنويريين ، في خضم هذا الكبت الهائل الذي تفرضه قوانين التحريم و الوصاية الدينية و الأخلاقية على الطبقة الأكبر و الأكثر فعالية في مجتمعاتنا ، و التي هي الطبقة الجاهلة و الأمية (ثقافياً) ، التي تمتص كل ما يقدم لها من رجال الدين و مدّعي الثقافة ، دون أن تبذل أي جهد فكري ، مع التنويه إلى تحريم الشك و التفكير في مجتمعاتنا المضطهدة سياسياً و أخلاقياً و دينياً ؟؟



المصادر :
_ ميلاني كلاين (عالمة نفس نمساوية) ، الرغبة و الحاجة
_ فيلهلم رايش (عالم نفس نمساوي) ، خطاب إلى الرجل الصغير
_كونراد لورنتز (عالم نمساوي) ، علم نفس الحيوان
_ممدوح عدوان (مفكر سوري) ، حيونة الانسان
_فاوستو أنطونيني (عالم نفس إيطالي) ، الانسان الغاضب



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوص تخنق العدم و تجتث الحقيقة
- معايير التكفير بين الأمير و الفقير
- الانجاب بديلاً عن الانجاز
- في الخرافة و التخلف
- البطل العربي
- طفولة عقل (2)
- طفولة عقل !!
- نفاق اجتماعي
- العقول المؤدلجة
- جدوى الحياة
- المثقف العربي و الجنس
- السجين
- المنتخب السوري : بين النظام و الشعب !!
- القصيدة العبثية
- عن الهوية و سلطتها على الذات الإنسانية
- عن الهوية و قيمتها الانسانية ...
- نعم نجح الربيع العربي !!
- في التخلف و بعض أسبابه ...
- تساؤلات ضرورية (2)
- رحيل العتمة


المزيد.....




- بيان رئاسي يكشف ما ناقشه السيسي وماكرون والملك عبدالله باتصا ...
- جدة تحتفي بإرث -دايم السيف- في ليلةٍ -استثنائية-.. الأبرز في ...
- أصالة تعلق على حفلها في دبي بعد حسمها الجدل حول حصولها على ا ...
- وسائل إعلام: بوتين شكر لوكاشينكو على ضبط المتفجرات المتجهة إ ...
- أزمة دبلوماسية تعصف بعلاقات الجزائر مع مالي والنيجر وبوركينا ...
- تقارير.. بروكسل تقترح فرض رسوم جمركية مضادة على واشنطن
- الاستخبارات الألمانية تنفي صحة المزاعم حول الصلة المحتملة لر ...
- -حماس- تشيد بطرد الاتحاد الإفريقي لسفير إسرائيل أثناء مشاركت ...
- قمة القاهرة وترامب.. مساع لوقف حرب غزة
- inews: قيادة الأمن السيبراني الأمريكية تصدر أوامر بتقييد الص ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - العدوانية كوسيلة لإرضاء الغريزة