مرام عطية
الحوار المتمدن-العدد: 5729 - 2017 / 12 / 16 - 21:08
المحور:
الادب والفن
لا مواسمَ للريحِ ، مزاجيةُ الطَّبعِ متقلِّبةُ الآراءِ كأنثى تضحكُ تارةً وتعبسُ تارةً أخرى ، غاضبةٌ عاصفةٌ مزمجرةٌ كأسدٍ مفترسٍ ، تضربُ بكفها القويِّ خدَّ الزروعِ الخضراءَ، تتلوى كأفعوانٍ بين المروجِ وتنفثُ غبارَ السمومِ تلوي أغصان الزيتون والليمون ، بقبضتها الحديديَّةٍ لاتعرفُ الرحمةَ حتى تكسرُ جذوعها ، و حيناً تفيض نعومةً وأنوثةً كأغنيةٍ حبٍّ هامسةٍ على مسامعِ عاشقٍ حزين ، أو تمشطُ شعر الأَرْضِ برفقٍ وتحنانٍ . ماأشبهها برياحِ السنينِ تأخذكَ إلى جنَّاتِ عدنٍ حيناً وحيناً ترميكَ أرضاً من تلالِ النجومِ ..
خبرتُ طقوسها مُنذُ طفولتي صارعتُ قوافلها الهمجيةَ العاتيةَ ، رميتها مراتٍ في قيعانِ الوديان !! كما شربتُ من كؤوسها النبيذبةَ حبَّا وحنيناً .
لايقينَ الآن إلاَّوجهكَ الفراتي ، أنهارُ عينيك العسليَّةُ وحدها تكسرُ شراعَ الريحِ ، مراكبها الحانياتُ تُلقي في لجةٍ عميقة أثقالَ أحزاني ، و قطاراتُ الشَّوقِ تقلني إلى أقاليمِ التفاحِ والقرنفلِ الأبيضِ . هنااااااك يغتسلُ ياسميني بطهرِ مائكَ من سمومِ الحروب الطويلةِ وعفنِ الفتاوى ، فيعودُ لونهِ الأبيضَ
زاهيا. يالروعةِ الضفافِ ! تهديني زنابقَ لحضارةِ فكرٍ تقدِّسُ الأمومةَ ، تلبسها تاجَ عشتارَ و زينةَ أفروديتَ .
حينَ تأخذني الأمواجُ بسكرها، وتلقيني زبداً على الرمالِ ، أَعْلَمُ أنَّكَ تلملمُ أجزائي ، و تعيدُ تكويني مدينةً جديدةً على فراتِ وريدكَ
وأعرفُ أنَّ في عينيكَ نجمةَ حبٍّ تحرسُ لآلىءَ طفولتي ترعى ورودَ بساتيني، و تصيبُ حوتاً يبتلعُ أسماكي . وفي الليلِ الطويل تحجبُ أستارَ الظلمةَ عن عيوني ، فكيفَ أخشى الريحَ ، وأنت وطني و مرساةُ جنوني ؟!
#مرام_عطية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟