سيدي الجنرال
أوّلاً، أودّ أن أُصْـدقك القولَ بأنني أتابع صورتك في ما يُسمح للتلفزيون بمتابعته من أخبارك: بين جنودك المحتشدين، مع أسرتك، مع رئيسك...إلخ ، وبأنني إذ أراقبُ التاريخَ - على غير ما تراقبه أنت - أشعرُ بأنني أريدُ أن أكون مثلَ سلَفٍ لي، جنَّبَ أن تستباحَ ، أيامَ تيمورلنك ، مدينةٌ ببلاد الشام .
سوف تدخل، يا سيدي الجنرال، بغدادَ ، كمن دخلها قبلك: غالباً ...
لكنك تعرف، باعتبارك من أمّـةٍ كانت مغلوبةً، أن الشعوب لا تُـغْـلَـبُ .
الحاكم يُغلَبُ. وحاكمنا أول المغلوبين. وأنا سعيدٌ بهذا، فلقد حرمني هذا التافهُ هواءَ وطني لأكثرَ من ثلاثين عاماً .
أنت لك مأخذُك على يوليوس قيصر: تقول إنه جنرال، لكن خُطبه طويلةٌ، ولهذا قُـتِـلَ !
أنا، الشاعر، لن أطيل الخطاب .
سوف تدخل بغدادَ ، يا سيدي الجنرال؛ هل أوصيك بما اوصى به عمرُ ( الخليفةُ الثاني بعد محمد) قائدَ جيشه المتوجه إلى العراق ؟
لا تقطعوا شجرةً ...
لكن الحديث يدور هذه الأيامَ مداراً آخرَ ؛ إذ يقال إنكم تريدون أن تقطعوا مواطنين عن وطنهم، ويقالُ في الشائعات إن هناك قائمةً أعدّها عملاؤكم العراقيون تقضي بمنع حوالي 2000 عراقي معارض من دخول وطنهم، بدعوى تجنيبكم المتاعبَ في الفترة الأولى للإحتلال .
يصعُبُ عليّ الإقتناعُ بنفي الشائعة .
فلقد نشرتْ صحيفة " المؤتمر " قبل فترةٍ ( وهي صحيفةٌ أسبوعية باللغة العربية ، يموِّلها دافعُ الضريبة الأميركي، وتصدر في لندن)، رسالةً ترى منعي أنا الشاعر سعدي يوسف من دخول العراق بعد ( التحرير ) .
أتوجّـه إليك ثم إلى جوني أبو زيد حاكمنا العامّ المقبل ( كما يقال ) بطلبٍ للتوضيح في ما يتّصل بالحقوق المدنية المتعارف عليها دوليّـاً، وتطبيقها في ظروف الإحتلال الوشيك.
سعدي يوسف
شاعرٌ من بلاد ما بين النهرين"
لندن 1 / 3 / 2003