عزيز السوداني
الحوار المتمدن-العدد: 5720 - 2017 / 12 / 7 - 22:20
المحور:
الادب والفن
الهجرة الى السفن الغرقى
..............................
كان المدّ على ضفافِ الرملِ يقبض على شفاهِ الجراحِ، رغم أنّ القمرَ هذه الليلة أكثر إشراقاً يتمايل نوره مع الأمواجِ، البردُ يحيطُ بي من كلّ جهةٍ حتى داخل معطفي، البارجة القريبة تتكىءُ على شراعِ المسافاتِ البعيدةِ وهي تُطلقُ نيرانها نحو غربِ الشرقِ المشتعلِ، موضعي يكادُ ينزفُ ما تبقّى من فتاتِ رغيفٍ يابسٍ، وتكاد تخطفه الأمواجُ وتلقي به في الميناءِ المهجورِ، تلمّستُ طريقي الى موضعٍ آخر علّي أجد ما أسد به ألمي، كان الطريق طينياً أملساً يتحدّى الأقدامَ، لا تنفعُ التعاويذُ الملتصقةُ بالأكتافِ، الجميعُ يعجّون تحتَ الظلّ الأسودِ يموتُ الإنسانُ الرجلُ هناك وتظلّ حبيبتُه تنسجَ أحلامَها من الطينِ الممتزجِ برائحة الرحيلِ وتبحثَ عن وطنٍ آخرَ في داخلِ حلمِها المتجمّدِ، القمرُ يهاجرُ ولا يتنفس الصبحُ شمسَ الحياةِ، كنتُ أقول لصاحبي: اللاوعي هو الأحلى في زمنٍ لا يولد فيه الإنسان، وهو يُغنّي أغنيةً جنوبيةً، يبحثُ في جيبِ بنطالهِ الخلفي عن شيءٍ مردداً: لوكان معي لكنتُ الآن قد ركبت البحرَ ووصلت النصفَ الآخر من الأرضِ، ركبتُ أنا أمواجَ الليلِ فيما ظلّ صاحبي ينزفُ آخر حرفِ من تلك الأغنيةِ ومضى به الماء الى حيث السفنِ الغرقى......
....................
عزيز السوداني
العراق
#عزيز_السوداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟