هيام محمود
الحوار المتمدن-العدد: 5719 - 2017 / 12 / 6 - 04:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ستكون تساؤلات حول الإيديولوجيا المسيحية , موجزة دون حاجة إلى إطالة أو إلى ذكر نصوص فهي معلومة من الجميع , وحتّى من لم يقرأها فأكيد صدّع المسيحيون رأسه بها مرارا وتكرارا فهي "أسلحتهم الفتاكة" التي يُشهرونها اليوم خصوصا في وجوه المسلمين , وفي كثير من الأحيان يتغاضى عنها بعض الملحدين ويُردّدون أقوالا عجيبة غريبة من قبيل "المسيح رمز سلام ومحبّة" أو "لم يسبي , لم يقتل , لم يزني ولم يغتصب مثل محمد" إلى آخره من "الأسلحة المسيحية" التي تجد لها "ضحايا" بين المسلمين الذين لم يتجاوزوا وهم الإله والفارّين من جحيم محمد وإسلامه . والأمر سهل جدّا بالمناسبة , فيكفي المسيحي أن يُلفت إنتباه المسلم إلى "عيسى القرآني" الوحيد المعصوم عن الخطأ إسلاميّا وشريك الله في الخلق وكلمته وصاحب المعاجز الكثيرة عكس محمد "المعصوم" عن المعجزات وصاحب الخطايا الكثيرة ولن أتجنّى إذا قلتُ أن محمدا هو أقلّ الأنبياء قيمة في القرآن لو قورن موضوعيا بأي نبيّ آخر وعيسى طبعا أعلاهم شأنا . لذلك وغيره يسهل على المسيحيين إستقطاب المسلمين "الطيبين" الذين "يحبون الله" : إله جميل ومحب لكل البشر , ليس جبارا ماكرا ولا منتقما , لا يأمر بالقتل والعنصرية ضد الآخر المخالف , يحترم المرأة ويساوي بينها وبين الرجل إلخ من الآمال التي يتوهّمها المسلمون "الطييبون" وينسبها المسيحيون زورا وكذبا إلى إلههم المزعوم .
أعطيكم قاعدة يعرفها الملحدون وسيكتشفها المتدينون عندما يستيقظون من أوهامهم : " أي دين يرفع في وجهك شعارا معيّنا خُذ نقيضه مباشرة ودون تفكير " وطبعا الشعارات المرفوعة ستكون "الكمال المطلق" في كل شيء , قاعدتي سيُصادق عليها المتديّنون وسيطبقونها على كل الأديان إلا على دينهم لكن وللأسف هي "حقيقة" لا تستثني أي دين ويوم يستيقظون سيتذكرون كلامي . هذه "القاعدة" ليست "علما" أو "إكتشافا" بل في متناول الجميع لكن يلزم حدّ أدنى من المنطق ولا أقول كما يزعم الكثيرون أن الأمر يلزمه دراسات وأبحاث ودراية بالتاريخ والفلسفة والعلوم واللغات إلخ , هذه الأمور وغيرها تلزم فقط المتخصّصين الذين يسعون لمعرفة كل كبيرة وصغيرة وهو أمر منطقي فهم "المتخصصون" مؤمنينا كانوا أو ملحدينا .
لنبدأ ولنتبع هذا القليل من المنطق ومن خلال بعض الأمثلة التي تكفي لهدم الخرافة المسيحية ولسنا في حاجة لمعرفة تفاصيل هذه الإيديولوجيا أو إضاعة أعمارنا في دراستها فذاك شأن المتخصصين كما قلتُ . أول سؤال يجب علينا سؤاله هو : كيف عرفنا الإله ؟ وهو سؤال سيُجنّبنا الحرج حتى مع المختصين وخصوصا المتدينين مهما كانت معارفهم وعلومهم , الجواب عليه وببساطة شديدة ولسنا في حاجة لا إلى تاريخ ولا أنثروبولوجيا ولا ماركسية ولا فلسفة ولا أي شيء آخر : الإله عرفه الجميع من الأسرة والمجتمع والتعليم الرسمي والإعلام , الإله "فكرة" أو "قصة" سمعنا عنها فقط لكن لا أحد قابل هذا الإله ولا أحد "عزمه" على عشاء أو في برنامج تلفزيوني فشاهده الناس , دقّق جيدا هنا لأنك لن تجد أي فرق بين قصة الإله الذي يتكلم الجميع عنه وبين أي أسطورة أخرى يصدقها المجتمع الذي ولدتَ وعشتَ فيه , أتكلم عن المسيحية إذن سيكون هذا الإله هو المسيح .
المسيح كغيره من الآلهة المزعومة , لم تره وليس لك أي دليل على وجوده إلا ما قيل لك , تُلقّن منذ الصغر أنه ترك لك كتابا لتهتدي به وهذا الكتاب كتبه أنبياء كثر من بني إسرائيل ( حصرا ) على مدى قرون وهدفهم كلّهم هو "التنبؤ" عن قدوم المسيح الإله الظاهر في الجسد / الكلمة / إبن الإله الذي "تنازل" وجاء إلى أرضنا ليفدينا بنفسه من الخطية التي ورثتها البشرية من آدم وحواء المزعومان ومن لم يقبل فداءه يكون مصيره النار الأبدية , يعني تُشوى إلى الأبد في البحيرة المُتّقدة بالنار والكبريت لأنك لم تؤمن ورفضت قبول الفداء أو الخلاص .
قلتُ أن أي شعار يُرفع أمامك تكون الحقيقة عكسه تماما , لنأخذ شعار "المسيحية / المسيح حياة - حب - سلام" الحقيقة ستكون وفق كلامي "المسيحية / المسيح موت - كره - حرب ، إرهاب ، دمار" . أعود لحدوتة آدم وحواء التي لا يوجد أي دليل علمي / تاريخي / أركيولوجي على صحتها وهي مجرد خرافة سرقها العبرانيون من الأقوام التي وُجدت قبلهم وتبنّتها المسيحية "حرفيّا" ؛ الكذبة الذين يقولون برمزيّة القصة أشبّههم لكم بالكذبة المسلمين الذين يقولون بلامادية الجنة الإسلامية والنوعين من الكذبة لا علاقة لهم بالمسيحية والإسلام , ثم قصة الجنة المادية ليست من أصول العقيدة الإسلامية عكس أسطورة آدم وحواء في المسيحية فهي أصل أصول العقيدة والقصة كما قلتُ "حرفية / حقيقية" وفق هذه الإيديولوجيا , فليُعلم إذن أن المسيحي الذي يدّعي اليوم أن القصّة رمزيّة فعله يُشبه القول إسلاميا أن محمدا ليس رسولا أو القرآن تأليف محمد :
الإله خلق آدم ومن ضلعه خلق حواء ولا يخفى إحتقار ودونية المرأة في القصة فهو الأصل / الكل وهي الفرع / الجزء , آدم وحواء في الجنة يأكلان من كل شيء إلا من شجرة وضعها الإله ومنع الإقتراب منها (سأتجاوز عن الكثير من الأمور في القصة كي لا أطيل) , عصيان أمر الإله يحصل بسبب المرأة بإيعاز من الحية فتأكل ويأكل الرجل فيعاقبان بالخروج من الجنة , هنا حصلت " الخطية " في حق الإله اللامحدود ويستحيل أن تمرّ دون عقوبة وإلا إنتفى العدل الإلاهي المطلق ولذلك لا أحد يستطيع أن يدفع أجرة الخطية أي الموت الأبدي إلا الإله نفسه لأنه الوحيد اللامحدود لذلك أرسل إبنه ليموت بدلا عن البشرية جمعاء فيفديهم من الخطية وتتحقق المعادلة "العظيمة" : عدل مطلق / رحمة مطلقة , والمطلوب من البشر ليخلصوا من الموت الأبدي قبول الفداء والإيمان بالمسيح ربا فاديا مخلِّصا وإن لم يقبلوا وهم "أحرار" ! في إختيارهم يكون مصيرهم الجحيم :
هذه أصول الإيديولوجيا المسيحية التي بُنيت عليها كل عقائدها وصدّقها مليارات البشر وبسببها قُتل الملايين ودُمّرت الحضارات وحرق الفلاسفة العظام واستعبدت النساء طوال تاريخ هذه الإيديولوجيا الإجرامية . أصل هذه الإيديولوجيا خرافة لا تصلح حتى لتُقص على الأطفال لإجرامها ولموتها , إدعاء زائف تافه يُعتبر اليوم مُصيبة علمية يقول أن البشرية أصلها رجل وإمرأة , يأكلان من شجرة فيحكم على البشرية جمعاء بالحرق في النار لأنها ورثت الخطية من أبيها المزعوم آدم وأمها المزعومة حواء ولا خيار أمام هذه البشرية إلا الإيمان بهذا المسيح وبأكذوبة صلبه وقيامته لكي لا تشوى إلى الأبد في النار ! أين العدل وكل البشر يولدون موتى محكوم عليهم بالنار لأنّ آدم أكل من شجرة ؟ ما دخلي أنا في آدم هذا وأكله ؟ أين الحياة في عقيدة إجرامية كهذه تُلقّن للأطفال منذ الصغر فتغتصب براءتهم وتُشوّه فكرهم ؟ كيف يُربّى الأطفال على فكر إجرامي كهذا فيقال لهم أنهم ولدوا خطاة لأن آدم الخرافي هذا أكل من شجرة ؟ أين الحب في إله وضع شجرة وهو يعلم أن آدم سيأكل منها ليحكم عليه وعلى ذريته التي لا ذنب لها بالجحيم الأبدي إذا لم يؤمنوا به ؟ أهذا إله محب أم سادي أمكر ماكرين ؟ , أهذا دين حب كما يزعمون أم دين إجرام وإرهاب ؟ أهذه عقيدة حياة كما يدعون أم عقيدة موت ؟ .. بعض تساؤلات وإلا فهي أكثر من هذا بكثير ..
أذكّر مرة أخرى أن هذا هو أصل الإيديولوجيا المسيحية : مجرد خرافة لا أكثر ولا أقل وعليها بُنيت كل أكاذيب هذه الديانة العنصرية المتخلفة , نعم ! أكثر من عشرين قرنا ! كل تلك الدول ! كل تلك الكتب ! كل أولئك البشر الذين آمنوا ! كل أولئك المغفّلين الذين كتبوا رسموا ورنموا ! كل تلك الأسماء الكبيرة ! كل تلك الحروب والدماء ! كل هؤلاء الكتاب والمعلقين في الحوار وفي كل مكان آخر ! كل شيء أصله خرافة لا تساوي في سوق العقل والمنطق والحب "فلسا" .
يطالب بعض المسيحيين بحظر القرآن لما فيه من إرهاب وإهانة لكل ما يمتّ للإنسانية بصلة , فليعلموا أن سياسة الحظر هذه لو طُبقت يوما فالذي يجب حظره قبل حظر القرآن هو كتابهم ولسنا في حاجة لذكر كل نصوصه التي لا علاقة لها بالكرامة الإنسانية بل وحدها خرافة آدم وحواء تكفي , لن يفوتني أن أذكِّر بالطبع أن هؤلاء يُعادون العلم الذي أثبتَ صحته لصالح هذه القصّة .
أذكر هؤلاء أن كشف حقيقة المسيحية لا يعني أن المسيحيين تنطبق عليهم الأوصاف التي قيلت , حاشا أن يكون ذلك قصدي , لكني سأؤكد أن أي خصلة جميلة في المسيحيين لا علاقة لها بدينهم تماما مثل المسلمين وأي دين آخر , وأن المسيحي "الحقيقي" الذي يطبق دينه لن يكون إلا إرهابيا وليس كما يزعم البدو من المسيحيين أنهم كلّما إقتربوا من دينهم كلما تقدسوا عكس المسلمين الذين كلما إقتربوا من دينهم كلما صاروا إرهابيينا وقتلة . "مجدهم في خزيهم" تلك عقيدتهم التي سحقتهم من أجل نصوص مهترئة عفّى عليها الزمن , "مجدهم في خزيهم" فالمجد يسحبونه من الإنسان الحقيقة الوحيدة في عالمهم ليحيوا الإله الوهم مسيحهم وتلك ديانتهم التي يفتخرون بها , "مجدهم في خزيهم" متى يفهمون أن أجرم إنسان مسيحي أرقى مليون مرة من إلههم المزعوم الذي ينزهونه بالكذب والنفاق عن كل خطأ ويرمون أنفسهم بأفضع الأوصاف وكيف لا يفعلون ذلك وقد آمنوا بخرافة آدم وحواء التي منها "يجب" أن يكون كل البشر خطاة لتستمر الخرافة , "مجدهم في خزيهم" يفتخرون بهذا الإجرام في حقهم وهذه العبودية المقيتة ويدعون أن ذلك تواضعا , عجبي ويرمون من هن / هم مثلي بالغرور والتكبّر عجبي ..
أنا هنا تكلمتُ عن الأصل الذي بُنيتْ عليه هذه الإيديولوجيا ومن داخلها والحقيقة أننا لا نحتاج لذلك , فمن اليهودية تُنسف المسيحية التي تبنتها زاعمة كذبا وزورا أن أنبياءها تنبؤوا عن "مسيح المسيحية" . وأصل الخرافة اليهودية دون الدخول في النصوص الإجرامية الإرهابية والمقزّزة لها : شوية بدو كانوا الأحطّ معرفيا وأخلاقيا مقارنة بالأقوام الذين عايشوهم (مصر وميزوبوتاميا) , في إطار مشروع "نازي" / قومي شوفيني صنعوا إلها ليتوّحدوا وليؤسسوا مملكة فوق أراضي الغير ومن ثمّ يستعبدون العالم أجمع , أحلام وآمال أناس بدائيين عاشوا في تلك العصور لا أكثر ولا أقل . مرّت عليهم السنين إلى أن خضعوا إلى الإستعمار الروماني فكانتْ أحلامهم مجيء مسيح ملك محارب يخلّصهم من الرومان ويعيد لهم الأمجاد المزعومة لمملكة داود لا أكثر ولا أقل : القصة حزب أو مشروع سياسي حربي إستعماري إجرامي يستهدف الأرض ومن عليها تماما كالمشروع الإسلامي .
لن يفوتني هنا القول بعنصرية ونازية كل من يصدق هذه القصة , ربما "تُمرّر" القصة لو قيل أن هناك إلها ضمن آلهة أخرى إختار شعبا له وهنا "مشكلته وليست مشكلتي" , أما أن يزعم أحد أن هناك إله واحدا خلق جميع البشر وإختار أولئك البدو المرتزقة اللصوص شعبا له من كل شعوب الأرض فهذا لا يمكن أن يقوله من يملك ذرة عقل وهنا تكون القصة "مشكلتي ومشكلة كل أحرار العالم" . الإيديولوجيا المسيحية فكر إرهابي عنصري لأنها نشرت هذه الفاشية في كل ربوع الأرض وإلى اليوم يردّد أغلب المسيحيين هذا الهراء والعجب العجاب أنهم يرفضون النازية العربية الإسلامية في زعمها أن أولئك البدو الصعاليك خير أمة وينتقدونها بشدة أما النازية اليهودية فلا وكل دفاعياتهم الكرتونية في هذه النقطة ليست إلا هراء ودليلا على مدى إفلاس الدين المتخلف الذي يدافعون عنه وخصوصا على بداوتهم فالكثيرون من المسيحيين المحترمين لا يعترفون بهذا الإختيار المزعوم وما رافقه من قتل وإجرام في حق الشعوب الأخرى حسب التوراة عهد المسيحيين القديم كما يسمونه , أعجبُ حقيقةً من بشر يصدق بوجود هذا الإله سمسار الأراضي والعجب الأعظم ممن يزعم أن الكتب الخرافية اليهودية تكلمتْ عن مسيح المسيحيين .
وأستطيع هنا تشبيه كذب المسيحيين على الكتب اليهودية بفعل القرآنيين اليوم مع الإسلام بل كذبهم أعظم : إفراغ الأصل من محتواه الحقيقي لنسفه فلا يبقى منه إلا الإسم , نفس الشيء فعله محمد مع شخصية "عيسى الإسلامي" والعجيب أن المسيحيين يفضحون كذب الإسلام على شخصية "يسوع المسيحية" ولا يرون كذبهم الذي أراه أعظم وأفدح . ومن هنا نبدأ خرافة مسيحية أخرى يتشدّق بها حتى بعض الملحدين : أكذوبة الموعظة على الجبل , أسطورة الموعظة على الجبل ! فخر المسيحيين اليوم وسلاحهم النووي الذي يدمّرون به كل الأديان التي تدعوا إلى الكراهية وعلى رأسها الإسلام ! يا سلام على المحبة والسلام ! هذا دين رائع ! دين الحب والمحبّة ! وهل يوجد أروع وأرقى من دين أو فكر يدعو إلى محبة الجميع حتى الأعداء ؟ صعب جدا ! بل مستحيل أن يكون هذا تشريع بشر و .. و .. بقية الإصطوانة المشروخة التي ملّتْ العقول من سماعها , فالأديان إيديولوجيات لا تقدم حججا صلبة تصمد أمام النقد لكن تقدم الترديد الببغائي للأكاذيب وكم أعجب هنا من هؤلاء عندما يذمّون Goebbels ولا يرون رموزهم , فمن الأكذب يا ترى يسوع الناصري إلههم المزعوم أم Goebbels "المسكين" الذي كذبه ليس إلا حبّة صغيرة في صحاري الأكاذيب المسيحية ؟ , تساءل معي : هل أستطيع أن أقول أن أكبر كذاب عرفته البشرية هو الذي إدعى أنه إله ؟ حتى محمد "المسكين" لم يفعلها مع أن الله رسوله كما نعلم لكنه لم يزعم أنه إله ! , أعجب من المسيحيين الذين يتجرؤون إلى اليوم على القول أن يسوعهم بلا خطية وكأنهم يظنون أن العالم كله مسلمين , وأي خطية أعظم ممن إدعى أنه إله دون تقديم دليل واحد على زعمه ؟ وأي خطية أعظم من الخيانة للوطن ؟ وأعود إلى أسطورة الموعظة على الجبل .
..
للحديث بقية ..
#هيام_محمود (هاشتاغ)