أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيل الساعدي - الدلالة الوجودية في نص الشاعر جواد الشلال(البياض)















المزيد.....


الدلالة الوجودية في نص الشاعر جواد الشلال(البياض)


حسين عجيل الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 5718 - 2017 / 12 / 5 - 04:19
المحور: الادب والفن
    


الدلالة الوجودية
في نص الشاعر جواد الشلال(البياض)

بقلم / حسين الساعدي

البياض
..
صغيرة تلك الأفكار ، التي تنام تحت ابط المعنى ، تأكل قلب الفجر ، تعطس سوادا مقلوبا ...
كل صحف " الدفتر " تنام راكدة تشبه جهدا لا معنى له ، أين المفر من اللامعنى ،
دون بصيرة ، دروب عطش قديم ،
أزقة خاوية ، مكفهرة ، تضحك أسنانها مصبوغة باصفرار ، عتيق ....
بياض
بياض
بياض
وصية ... بياض

*****
أن قراءة أي نص شعري يضعنا أمام خيارين ، أما النظر الى جوانبه الفنية وتركيبته اللغوية ، النحوية والبلاغية ، أو البحث عن مدخل مغاير يكشف عما يحمله النص من رؤى ، وما يختزنه من دلالات كاشفة عن الأطر التي تحكمه وتحركه .

(تنام تحت ابط المعنى)
(تأكل قلب الفجر)
(تعطس سوادا مقلوبا)
(جهدا لا معنى له)
(أين المفر من اللامعنى؟)
(دون بصيرة ، دروب عطش قديم ،
أزقة خاوية ، مكفهرة)
(بياض / بياضه/ بياض/ وصية ... بياض)

تشكل هذه المفردات القلق الوجودي والاغتراب عن الواقع والبحث عن المعنى في زمن اللا معنى .
(اللا معنى) هو وصف للنصف الأول من القرن العشرين ، نتاج أفرزته الحربين العالميتين الأولى والثانية من مآسي وكوارث ألمت بالإنسانية ، مما أنعكس ذلك على مجمل الحركة الفكرية والثقافية في الأدب والفن والفلسفة ، حينها لم تبق للوجود الإنساني أي معنى ، مع تأكد العجز والإيمان باللا جدوى في مواجه الإنسان قدره أمام عبثية الحياة . أحدث هذا الشعور إشكالية مخيفة ، وأدخل الإنسانية في نفق مظلم ، زعزع قناعات الإنسان في إيجاد حلول ناجعة للمشاكل التي خلفتها هذه الحروب . الشعور بـ(اللا معنى) في الحياة ، كان له الأثر ونواة أولى في أظاهر التفلسف الوجودي الى العلن ، ومن ثم تشخيص أمراض المجتمع (السأم/اللا معنى/ اللا جدوى/ اللا معقول/ العبثية ...) التي تعني اللا إنتماء واللاشيء ، مما أصابت الإنسان والمجتمع بالعجز ، وسقوطه المرعب في هاوية (اللا معنى) . أذاً الوجودية مثلت حالة (أغتراب المعنى) عند الإنسان وكينونته . فشكل هذا المعنى مرتكزاً لـحالة (الأغتراب) و (القلق) الوجوديين ، وأقترنت بفلسفة الفوضى والعدمية .
لقد وظب الشاعر "جواد الشلال" (اللا معنى) في نصه بمجمله وليس بجزئية (جهدا لا معنى له) أو (أين المفر من اللامعنى؟) ، فهو - النص -(يرقى الى بلاغة التورية والاستعارة والكتابة الرمزية) . فـ(اللا معنى) طاقة تعبيرية ورمزية عالية و(أستفراغ كلي لكل جدوى إنسانية أو أخلاقية) ، أن صيغة (اللا معنى) تستحوذ على صيرورة النص الشعري ، فتفرض حالة تأملية داخل النص . ونفي المعنى له دلالة مرتبطة مع موجودات النص الأخرى الدالة على الضعف الإنساني أمام قوى (اللا معنى واللا جدوى واللا معقول) . والشاعر يتدارك هذا المعنى ، لغرض تثبيته وفق ما يريده ، لإنه يعني شيئاً بهذا النفي . فأي محاولة تأويلية في تحديد فهم لحالة (اللا معنى) ، لابد أن ترتكز على حالة النفي هذه .
يثير الشاعر "جواد الشلال" سؤال وجودي قائم على رؤيته بنسق رمزي ، متسائلاً (أين المفر من اللامعنى؟) وهو (سؤال المعنى في زمن اللامعنى) ، كعنوان تعيشه الإنسانية ، في شرق الأرض وغربها ، نتيجة الفوضى الذهنية .
أن تشبث الشاعر بـ(اللا معنى) يستند الى واقع مجتمعي معاش مأزوم ، يجسد حالة (اللا معنى) في عدم وضوح الرؤية والقدرة على إستيعاب وفهم الواقع وإيجاد معنى وهدف للحياة ، وهي رؤية سريالية بالنسبة الى الشاعر ناتجة عن عدم وجود موجه ضابط مجتمعي للسلوك والفكر .
يتميز الشاعر "جواد الشلال" بشاعرية سريالية تتيح له (الهلوسة الفكرية) الرائعة في نصوصه ، وهي أنعكاس للعقل الباطن أو اللا شعور . أن الرمزية صفة ملازمة لأغلب نصوص الشاعر "جواد الشلال" ، فهو يعتمد الإستخدام الرمزي في تركيب النص الشعري ، بل هو (غابة من الرموز) على حد تعبير بودلير . وميله الى الإيجاز والأختزال في ألفاظه .
في نصه هذا يخرج الشاعر "جواد الشلال" عن حالة الأسترخاء التي عرف بها ، فيحتدم عنده الصراع بين الوعي واللا وعي ، المعنى واللا معنى ، الواقع والخيال ، والشعور بالعبثية ، فيكتب بـ(موقف أنفعالي) تنفيساً عن ذاته . وهذا نابع من حالة (القلق الوجودي) ، الرافض لواقع مؤطر بالألم والحزن والمرارة .
يرى النقد الحديث (أن هناك بنية نفسية وسياقاً عاماً وراء أي خطاب لغوي ) "تحليل الخطاب الشعري" ، د. محمد فتاح ، ص٧٠ ، والرؤية العامة في نص (البياض) تشير إلى كون النص سريالي حداثوي ، بل هو شطحة خيال واسع ، كـ(شطحات الصوفية في صمتها عندما لا تريد أختزال العمق الوجودي كـ(حراك فلسفي) ضمن دائرة المعنى) . أن للنص مسار يختلف عن المسار القرائي وكلا المسارين هما نتاج فعل سيكولوجي إجرائي يمارسه الشاعر والمتلقي في إعادة أنتاج النص .
ولو وضعنا النص تحت مجهر القراءة الأستنطاقية بمستوى تفكيكي لغوي لنسق كتابي ، قد تكون هذه القراءة ، لغوية أو فلسفية وحتى نفسية ، تستطيع أن تفتح مغاليق النص ، وتكون مدخلاً حيوياً لبواطن النص المكتوب ، لأن النص المكتوب هو فعل ومنتج ذهني مبني ومحكوم وفق رؤى متعددة ، يمكن أن يؤدي إلى أستنباط نص جديد يعتمد في تكوينه على قراءة مستقلة عن النص الأول المكتوب .
"جواد الشلال" قبل أن يكون شاعراً ، هو قارئ جيد لنصوص شعرية ونثرية ، عالمية ومحلية ، يأتي إلى الكتابة وذاكرته تختزن مرجعيات شعرية متعددة ، ورؤيته في النص هو أستكشاف ذاته وأعماق لا شعوره ، والأشتغال على المخزون الرمزي لديه ، ولهذا نجد نصه فيه رمزية الى حد يختزل الجملة الشعرية بلفظ ، فاللفظ عنده لم يعد له مدلول ثابت .
(البياض) يبدأ من عتبة النص ذات البعد البصري والرمز السيميائي ، والذي شكل بوابة دلالية لجمالية المعنى الشعري من خلال الأختزال اللغوي المكثف والبوح عن المشاعر والأفكار ، وبؤرة تتفرع الى دلالات أخرى ، ويمكن أن تطرح مقاربة بين دلالة العنوان وبنية النص الشعري ، من أجل الكشف عن المحتوى الفلسفي المستند على (الأفتراضات الوجودية) للفهم الشامل للدلالة النصية .
ان مدلولات كل لون تكون ذات صلة كبيرة بالنفس الإنسانية ولها مدلول فلسفي وروحي وجمالي ورمزي و معرفي مميز . و(البياض) له رمزية وخاصية في صنع الدلالة ، فهو في السياق الدلالي العام (رمز للصفاء ، ونقاء السريرة ، والهدوء و الأمل ، وحب الخير والبساطة في الحياة وعدم التقيد والتکلف) ، "علم عناصر اللون" ، فرج عبو ص١٣٧ . وقد ينظر الشاعر الى اللون الابيض بمنظور مغاير لمدلوله ، إذ يدل في بعض الأحيان على الموت كـ(بياض الكفن) . و (ينحرف أحياناً في بيئات وأمکنة وأزمنة وأوقات معينة الی معانٍ تناقض تلک المعاني التقليدية وتقف علی الضدّ منها تقريباً ، فهو مثلاً رمز للحزن لدی بعض الأمم ... علی النقيض من دلالته علی الفرح والبهجة والسعادة عند الکثير من الأمم الأخری ) ، "اللون لعبة سيميائية" ، فاتن عبدالجبار جواد ، ص 44
شكل النص حالة من التضاد مع النظرة السوداوية للواقع ، فمناداة الشاعر للبياض هي وصية لواقع مؤلم محزن وصدى لنفسه .
أخيراً النص يمكن أن يقرأ أكثر من قراءة ، من قبل قارئ له دراية في أستنطاق مكنونه .



#حسين_عجيل_الساعدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية الطفولة والحرب قراءة في نص الشاعر يعقوب زامل راضي (طي ...
- قصيدة اللحظة سيرورة الزمن الشعري قراءة في ديوان ((أقرب مما ي ...
- قراءة في كتاب (عبد الجبار الفياض حكيم من أوروك) للباحث والنا ...
- قراءة في ديوان-وجعٌ عائمٌ في لغتي- الشاعر ماجد الربيعي نايٌ ...
- إضاءة على نص الشاعر -جاسم ال حمد الجياشي- (إغفاءةٌ / فوق رما ...
- رؤية الريادة السومرية للحداثة
- فلاح الشابندر شاعر تجاوز زمن كتابته
- أمين جياد .. قراءة في ديوان (إن نسيتُ .. فَذكّروني)
- الشاعرة ميسرة هاشم الدليمي إشكالية الجرأة عربدة شفاه أم ...
- الشاعر فاضل حاتم .. بين عضوية (الألم) ووجوديته


المزيد.....




- بمشاركة روسية.. فيلم -أنورا- يحظى بجائزة -أوسكار- لأفضل فيلم ...
- -لا أرض أخرى-.. فيلم فلسطيني-إسرائيلي يظفر بأوسكار أفضل وثائ ...
- كيف سقينا الفولاذ.. الرواية الأكثر مبيعا والتي حققت حلم كاتب ...
- “الأحداث تشتعل”.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 183 كام ...
- أين ومتى ستشاهدون حفل الأوسكار الـ97؟.. ومن أبرز المرشحين لل ...
- الكويت.. وزير الداخلية يعلق على سحب الجنسية الكويتية من الفن ...
- هل تتربع أفلام الموسيقى على عرش جوائز أوسكار 2025؟
- وزير الداخلية: ما -العمل الجليل- الذي قدمه الفنانون للكويت؟ ...
- في العاصمة السنغالية دكار.. المتحف الدولي للسيرة النبوية في ...
- مصر.. إيقاف فنان شهير عن العمل لتعديه على لقاء سويدان


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيل الساعدي - الدلالة الوجودية في نص الشاعر جواد الشلال(البياض)