أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد جاسم - حياة عاطلة














المزيد.....

حياة عاطلة


سعد جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1472 - 2006 / 2 / 25 - 09:40
المحور: الادب والفن
    


- الى العراقي في محنته -

بحكمةٍ عرجاء
ودهاءٍ طائشٍ
وبمكيدةٍ غامضةٍ
تدبَّرها :
إلهٌ غاضبٌ
وطبيعةٌ خائنةٌ
ولصٌ يهذي رصاصاً واكاذيبَ وقتلى
هكذا ......
أَنا العراقيُّ
سليلُ المسلاّتِ والمِحَنْ
المُمتَحَنْ
بفكرةِ الخلودِ
وجوهرِ الوطنْ
هكذا ....
أخذتْ حياتي تتهدمُ
وأخذتْ اشيائي تتعطلُ

في البدءِ :
تعطّلتِ الثلاجةُ
فجَعَلتْها زوجتي
خزانةً ذكرى
لأحذيةِ اطفالي
الذينَ طارتْ أَقدامُهم وتصاويرُهم
في ظلامِ العاصفةِ الاخيرةِ

ثمَّ تعطّلَ التلفزيونُ
ففرحتُ لهذا العطلِ الضروريِّ
الذي انقذني من رؤيةِ
الصنمِ الساقطِ
واللصِّ اللقيطِ
ورؤية " اليانكيينَ "
و" الكاوبويز "
ودهاقنة التحريرِ والتنظيرِ
والتحريمِ والتجريمِ والتقسيمِ
الذينَ إتخذوا من التلفزيونِ مقهى رئاسياً
أو مضيفاً عشائرياً " يسولفون"
ويسوّفونِ فيهِ بطولاتهم وخرافاتهم واكاذيبهم
ووصاياهم وصفقاتهم الفنطازيةِ
ويزوّرونَ دموعَ امهاتنا
ودماءَ اخوتنا
وتاريخَ آلامنا الثقيلة .

أهووووووووو ... اووووووف
التلفونُ هو الآخرُ تعطّلَ
فأصبحَ مثلَ طائرٍ ميّتٍ
بلا رنينٍ
بلا زقزقةٍ
بلا أصداءٍ ولا عواطف
وبلا ثرثراتٍ ولا تحرشاتٍ
تُثيرُ غيرةَ الزوجةِ
وانوثتها وهواجسها العنكبوتية .

ثمَّ تعطَّلتْ غسالةُ الملابسِ
وبعطلها ؛ اصبحتْ برميلاً صدئاً
يلوذُ بهِ الفراتُ
هرباً من اللصوصِ والبرابرةِ
وتجارِ المياهِ العثمانيةِ .

ثمّ تعطَّلتِ المكواةْ
فغدتْ قمصانُكِ يإإمرأتي
وثيابُ بناتي الحلواتْ
" لنكَاتٍ " ياوطني " لنكَاتْ " *
ضَحِكَ العالمُ
مني
عليَّ
وفاتْ
" الثعلبُ فاتْ ... فاتْ "
والمحنةُ والجوعُ وشيعهْ
والذيلُ التفَّ على عنقي
والذيلُ سبعُ لفاتْ
أيضاً :
ضَحِكَ العالمُ
مني
عليَّ
وفاتْ .

وكذلكَ تعطّلتِ الابوابُ
فأصبحتْ تقفلُ على نفسِها
حينَ نريدُ أَن نرى
وجهَ اللهِ
ووجهَ البلادِ الكالح
أو تعاندُ
وتبقى فاتحةً أَفخاذها
للريحِ المُتنمّرةِ
والبردِ الفاتكِ
وللمخبرينَ ... وزناةِ الظلام .

..................

المرايا .... الكتبُ
الأسرّةُ .... المفاتيحُ
الجدرانُ ... المصابيحُ
الستائرُ ... الشبابيكُ
التصاويرُ ... والذكرياتُ
تعطّلتْ ايضاً .

وكذلكَ رأيتُ الحديقةَ عاطلةً
الازهارُ تفسختْ
وعطرُها تعفّنَ
الاشجارُ تتساقطُ
من قاماتها...
الجذوعُ جثثٌ
والعشبُ مريضٌ
وشاحبةٌ خضرتُهُ
والعناقيدُ كالاراملِ
ياباسات بلا بريقٍ ولا أملٍ .
....................

ياإلهي ...
حتى الاطفال
الاطفالُ
أصبحوا عاطلينَ
لامرح .... لا كركرات
لامقالب .... لاصراخ
لا " بابا وماما ومدرستي
أحبهم ويحبوني "
لا " غزاله غزّلوكي "
لا " عندي خروفٌ ابيضُ "
لا " كوكو وتوتو "* *
ولا " موطني ... موطني "
حيثُ أنَّ الوطنَ
مريضٌ
و
ع
ا
ط
لٌ
عن ...
ا
ل
و
ط
نْ
فَمَنْ ؟
للعراقيِّ في محنتهِ
مَنْ ؟؟؟
. . . .

وأَنتِ يا ....
أَيّتُها السيدهْ
ياربةَ البيتِ
أَرجوكِ لاتكوني
كجثةٍ باردهْ
تفوحُ بالموتِ
لمْ يبقَ لي
غيرُكِ في الوجود
أرجوك يا ...
تَمَهّلي ...
أرجوكِ لاتتعطلي
لأنكِ البذرةُ
والفكرةُ
وربةُ الخصبِ
أَرجوكِ أَن تبقي
وتَهبي الحياة
في زمنِ الموتِ .

اشارات
--------
* اللنكَات : الملابس المستعملة .
** اسطر من قصائد واغنيات مدرسية .



#سعد_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوص اللذة والخلاص
- عيناكِ تُضيئان عتمة العالم
- نحنُ ننزفُ ... إذن نحنُ ضروريون
- هل الشعراء ضروريون في العالم ؟
- مسلخ الوطن
- الارض الخرساء
- موسيقى الكائن
- مباهج صغيرة
- مولعٌ بغموضك ياخلاصة الحبِّ
- رائحة الموت
- في ذكرى رحيل فتى النقد العراقي ... عبد الجبار عباس ... حياة ...
- ماالذي يدعو حجازي للانتقاص من الثقافة العربية والشعر العراقي
- ضاع البلد ...ضاع الولد ...وضاعت الاحلام
- قيامة الوحيد
- كرنفال الخلاص وأسئلته المفخخة
- معنيٌّ بك ايتها الانثى - البلاد المستحيلة
- بلاد تحت الصفر
- رقيم الشهوات الأولى
- نصوص الخارج عن متنه
- هايكو عراقي او مفاتيح النصوص


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد جاسم - حياة عاطلة