أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الثقافة الدينية في ديوان - خروج من ربيع الروح- ابتسام أبو شرار















المزيد.....

الثقافة الدينية في ديوان - خروج من ربيع الروح- ابتسام أبو شرار


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5715 - 2017 / 12 / 1 - 23:46
المحور: الادب والفن
    


لكل مجتمع ثقافته، وبالتأكيد هذه الثقافة تنعكس بشكل أو بأخر على المثقفين، ومن ثم على ما ينتجوه من أدب، من هنا يمكننا أن نحدد الجغرافيا والبيئة التي نشأ فيها الكاتب، ونتعرف على الظرف والحالة التي كتب فيها النص، طبعا كل هذا يسهل على المتلقي الدخول إلى النصوص والاستمتاع بها أكثر ومعرفة ما يراد بها وما تحمله من مضامين فكرية أو احداث.
الشاعرة "ابتسام أبو شرار" تقدم لنا ديوان بلغة مميزة، فنجد العديد من الاستحضار للآيات القرآنية في نصوصها الشعرية، وهذا التضمين لم يأتي بشكل إقحام، لكنه يأتي هكذا على السليقة، من هنا سيكون أثارها جميلا على المتلقي، فهي يأتي كالفاكهة، التي نستمتع بشكلها ونتلذذ بطعمها.
من اشكال هذه التضمين ما جاء في قصيدة "حكاية السرائر الأولى" والتي جاء فيها:
"خذينا للفضاء الحر فيك موعدا، زنبقة، فراشة..
سنبلة تنبت سبع سنبلات خضر
طيفا يموج في السبيل،
أفقا أنا وأنت يا نفسي، وروحنا القدر" ص46، فهنا تناص مع ما جاء في سورة "يوسف" والتي جاء فيها: ") يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)" فنجد التناص ليس في اللفظ فقط، "سبع سنبلات" بل في المضمون ايضا، فهناك تقارب بين لفظ "خذينا للفضاء الحر" ولعلي أرجع للناس"
ونجد هذا التضمين في قصيدة "وحدك على مقصلة الأفق" والتي تعد أهم قصيدة في الديوان لما لها من تناص مع الثقافة الدينية والتاريخية والملحمة/الأسطورية، تقول الشاعرة:
"أضرب بعصاك الصخر
واترك فرعون يغطيه الماء
يكفيه علوا فغي الأرض،
حسبه
أن جعل الذين عليها كلهم
شيعا،
يتفنن في ملكات الابداع في ذبح أبنائهم
في العراء، وفوق الذرى يستبيح حياء نسائهم،
يستضعفهم، وكأنه يمتلك الأرضا
ناج ربك في واديك المقدس
طوى،
لتكون من الوارثين
وتقيم السلام
لقسطاس العدل المستقيم
فترى
فرعون وجنده ما كانوا ينكرون
ويعود لمصر البهاء
وتولى عجاف السنين" 74و75
يمكننا أن نجد هذا التناص في أكثر من سورة في القرآن الكريم، فمثلا نجد في سورة "القصص" هذه الآية ") إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)" ويمكننا أن نجده في العيدد من السور، لكننا إذا ما أخذنا الكيفية التي استخدمها الشاعرة سنجدها تؤخر وتقدم في استخدامها للأحداث وللكلمات، وكأنها تشير إلى لغتها الخاصة في الديوان وفي ذات الوقع على ثقافتها القرآنية التي ترى فيها ما يميزها عن الثقافات الأخرى.
وقد نجحت الشاعر تماما في هذا الاستحضار للقرآن الكريم لأن الحديث يدور عن مصر وأحوالها، فهي تستخدم ذات القصص الدينية "فرعون"، لكنها لا تريدنا أن نهتم بالقصة بحد ذاتها بقدر اهتمامنا بالرمز الذي يمثله "فرعون" لهذا نقول بأن الجمع بين الحدث الديني والرمز يعمق الفكرة التي تريدها الشاعرة، وتجعل المتلقي لا يعود إلى القصة المسلم بها فقط، بل يتوقف عندها مفكرا، وهذا أهم ما في هذا الاستحضار.
ونجد هذا الرمز ايضا في قولها "أضرب بعصاك الصخر" ولم تقل "الحجر" كما جاء في الآية القرآنية "أضرب بعصاك الحجر" من سورة "البقرة" فالشاعرة تحافظ على رمزية الحجر الفلسطيني ولا تريد خدش أو تشويه تلك الرمزية للحجر، لهذا استخدمت لفظ "الصخر" والتي تشير بالتأكيد إلى الجمود والتكتل الضخم للاحتلال، لهذا نقول بأن الثقافة الدينية للشاعر كانت تثري قصائدها دون أن تمس المقدس الوطني، فهي تتعاطى مع الثقافة بما يخدم قضيتها الوطنية، وفي ذات الوقت تثير في المتلقي التفكير وتجعله يتوقف عند هذا التغريب لما هو متعارف عليه متسائلا لماذا أحدثت هذا التغيير.
وتغريب الحدث مدرسة معروفة في عالم المسرح، فعندما أقدم "برخت" على تغريب الاحداث التاريخية وسردها بغير الطريقة المعروفة للجمهور، أرد به أن يدفع مشاهديه إلى التفكير والتقف عند الحدث، أي إثارة التساؤل عند مشاهديه، فمهمة الشاعر/الكاتب تتمحور في تقديم التساؤلات وليس الاجوبة، لأنه لا يريد المتلقي أن يكون تابع مجرور له، بل يريده أن يكون صاحب موقف، موقف مبني على التفكير الحر، وليس ناتج عن التلقين.
ونجد تناص آخر في قصيدة " يوميات من تحت الركام" والتي جاء فيها:
"...
ثم تعلو في الجو طيور أبابيل
إذ ترمي قاتلها بحجارة سجيل
ويصير الجناة إلى أقبية التلاشي كعصف مأكول
ويرتل صوت الفراغ
تب أبو اهب،
وجراده تب،
تبت كل الأيدي الحاضنة
للحطب" ص86، فهنا تضمن الشاعر قصيدتها بأكثر من سورة من القرآن الكريم "فنجد سورة "الفيل" "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (5)"
ونجد سورة "المسد" "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ (5)" وهذا ما يؤكد على ان الشاعر حريصة على استخدام ثقافتها الدينية بما يخدم قضيتها التحررية، فنجد رمزية الحجر هنا في مكانها السليم، وبما يتوافق ومقدسها الوطني "الحجر" الذي يضرب على "الجناة" الذين سيمحقون كما محق "أصحاب الفيل" ومن ثم سيكون هناك من يتحدث عن ظلمهم وعما أحدثوه من خراب فيكونوا تحت وابل اللعنات كما هو حال "أبو لهب".
هذا على صعيد الشكل، أما بخصوص المضامين الفكرية فهي بالتأكيد لا تقل جمالية أن الشكل الذي قدمت فيها القصائد، فالمضمون يعد احد العناصر الجمالية في النص الأدبي كما هو الحال بالنسبة للغة والشكل الأدبي، وإذا ما أخذنا الشواهد السابقة من قصائدها سنجد الأفكار النبيلة والإنسانية التي تكمل جمالية ديوانها، فهي تقدم لنا إنسانية المقاوم، الذي يرفض الظلم والخراب، ويسعى ليكون كما خلقة الله، حر في تفكيره وفي حركته.
الديوان من منشورا بيت الشعر/ رام الله، فلسطين، الطبعة الأولى 2015.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتجاهات في قصيدة -مصرع انكيدو- عبد الجبار الفياض
- إسرائيل المصنوعة في رواية -قط بئر السبع- أسامة العيسة
- الشاعرة والإنسانة في كتاب -الرحلة الأصعب- فدوى طوقان
- بيضة التمساح مرة أخرى
- الفاتحة السوداء في قصيدة - يا موتنا مت مثلنا- يوسف عمر خليفة
- مناقشة مجموعة قصائد للمرحوم الشاعر الفلسطيني التشكيلي توفيق ...
- البحر والمرأة والثورة في ديوان -العبور إلى الضفة الأخرى- توف ...
- بدايات أدب السجون -تحت أعواد المشانق- يوليوس فوتشيك
- القصيدة العابر للشخصيات -قم حين موتك- عمار خليل
- الأسطورة في قصيدة -تموز والشيء الآخر- فدوى طوقان
- الفاتحة البيضاء في قصيدة -شهداء الانتفاضة- فدوى طوقان
- مناقشة مجموعة -عندما تبكي الألوان- في دار الفاروق
- استنساخ الاشتراكية في رواية -آن له أن ينصاع- فارس زرزور
- أهمية الفانتازيا في قصة -عرس في مقبرة- علي السباعي
- الاختزال في حكم خالد سليم الخزاعلة
- الأم الفلسطينية في رواية -الأم الاجيوس/حكاية فاطمة- نافذ الر ...
- محاورات الأموات في رواية -سارة حمدان- ماجد أبو غوش
- المرأة في رواية -عسل الملكات- ماجد أبو غوش
- مناقشة ديوان (طفل الكرز) لعدلي شما في دار الفاروق
- أدوات الصدمة في قصيدة -أبي- جاسر البزور


المزيد.....




- -ذبدبات من غزة- يظفر بجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان لندن ال ...
- إعادة الإنتاج في 2024.. أفلام تبحث عن نجاح الماضي لكن النتائ ...
- نزل تردد قناة ماجد الجديد 2024 أحلى الأغاني المميزة لأطفالك ...
- دوناتا كنزلباخ.. ناشرة ألمانية وقعت في غرام الأدب المغاربي
- -منتدى أصيلة- يحتفي بـ-شغف وإرادة- محمد برادة
- ماضي الهيمنة والاستعمار.. هل تتغلب الفرنكوفونية على انحسارها ...
- نعي رسامة تشكيلية فلسطينية استشهدت رافضة النزوح من شمال غزة ...
- الإعلان 2.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 168 مترجمة على فيديو لا ...
- مسلسل الدم الفاسد الحلقة 10 مترجمة قصة عشق
- محاسن الخطيب: فنانة تشكيلية من غزة تنبأت بمقتلها في الحرب -و ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الثقافة الدينية في ديوان - خروج من ربيع الروح- ابتسام أبو شرار