|
الفنان علي رشيد الموسوي يقف ضد الحرب ... ألف غورنيكا
مجيد ابراهيم خليل
الحوار المتمدن-العدد: 414 - 2003 / 3 / 3 - 03:37
المحور:
الادب والفن
يمثل المثقف ، والمبدع خصوصا ضمير شعبه في تمثيل قيمه الانسانية وتشخيص نبله ، وفي تكثيف انتمائه لوطنه ،. وعندما يكون المبدع منفيا خارج وطنه ، ويكون الوطن ضحية لطاغية أهوج مارس طيلة مدة حكمه والتي امتدت إلى ثلاثين عاما خرابا وتقتيلا وخسائر ، وحين يكون هذا الوطن معرضا لموت وتجارب إبادة تتهدده بعنجهية من راجمات الموت الامريكي . يكون الفنان صرخة أحتجاج ضد الموت .وعلي رشيد فنان وشاعر عراقي يمثل قضية شعبه ووطنه . رسم وكتب ضد الحرب منذ أكثر من عقدين من الزمن . هاجسه الموت المجاني الذي يتعرض له الابرياء من أبناء وطنه على يد الطاغية سواء من خلال القتل والتغييب والنفي أو من خلال حروبه المشبوهة ، ولذلك جاء كتابه - أضحية رمزية لمعارك الله – وهو كتاب تخطيطات من زمن الحرب حيث نفذها الفنان قبل مايقارب عشرين عاما حين كان منفيا كبقية جيله إلى سواتر موت وسماء شظايا وانفجارات ، فدون هذه الحرب بخطوطه على ورق وكأنه يؤرشف كتابا يوميا ، أنه أنتماء لهاجس ومشروع الفنان والشاعر والذي ابتدأه منذ ذلك الزمن العصيب والذي أسماه ( تدوين الذاكرة ) ، و يمكن تتبع نصوصه عن الحرب والمنفى في مجموعته الشعرية - ذاكرة الصهيل - .وقد أقام الفنان علي رشيد مؤخرا معرضا شاملا على قاعة كاليري expo11 في بروكسل لأعماله الصارخة ضد الحرب ، حرب الطاغية وحرب العولمة الأمريكية لقتل أبناء شعبه . اعمال الفنان والتي نفذها منذ عشرين عاما جاءت صدمة للمتلقي البلجيكي وللأعلام كصرخة إدانة ، ولذلك أهتم الاعلام البلجيكي بالفنان حيث أجرت محطتان تلفزيونيتان بلجيكيتان مقابلة وكذلك الراديو الوطني البلجيكي ومقابلة مع صحفية متخصصة في النقد والكتابة الأدبية حيث طرح الفنان رؤاه ومواقفه ضد الموت على يد الطاغية أو أمريكا . أوضح الفنان لقناة canvas التلفزيونية بأن هناك ألف سبب لأمريكا في محاسبة الطاغية وإزالته بوسائلها الكثيرة وتقديمه كمجرم حرب ، ولكن ليس هناك سبب واحد لقتل طفل واحد وتدمير العراق وأدناه ترجمة للمقابلة الصحفية في صحيفة De Standaard ومع الصحفية البلجيكية Inge schetraete وبتاريخ 19-2-2003 والمعنونة : الفنان علي رشيد الموسوي يقف ضد الحرب ( ألف غورنيكا) نص المقابلةأعمال الشاعر والفنان التشكيلي العراقي علي رشيد تستحق الاهتمام ومع أقتراب الحرب الامريكية ضد العراق وهي الحرب الثالثة في أقل من خمس وعشرين سنة ، فأن الأعلام الرسمي يخفي بعيدا الرسالة التي تؤديها اعمل الفنان أينما كان ، فالفنان نفسه يقول بملء الفم كفانا حروبا في عام 1980 وعندما كان عمر الفنان 23 سنة ( حيث كان يتلمس طريقه الفني ) ، أرسل إلى جبهات القتال في الحرب العراقية – الايرانية ، ومن المدهش أن يجد الفنان طريقه الفني ويكتشف صيغ التعبير هناك ، كما أدرك انه سيموت هناك ربما (( انه من المؤسف أن اتذكر ان هناك زملاء لي في بغداد يواصلون عملهم الفني ويحتسون البيرة بينما آخرون يغيبون في جبهات القتال يواجهون الموت )) .س : ألم يكن كل الشباب مشاركين في الحرب ؟(( في الغالب نعم ، ولكن اذا كان أحدهم مؤيدا للسلطة أو كان من عائلة ثرية فأنه يمكن ان يتجنب الذهاب إلى الحرب بالطبع )).للفنان بصمة خاصة يمكن تمييزها ، من خلال خطوط متعرجة بالحبر الأسود ، ووجوه مشوهة بالألم ، وقنابل وأجزاء متناثرة من أجسام الضحايا .يتخلل العمل نصوص عربية منمقة على نحو غير مكبوح . (( كشاعر ، لم أتمكن من كتابة نصوصي ضد الحرب في المخابيء أو الخنادق ، هناك لايستطيع المرء أن يقول مايريد فالناس خائفون حتى عندما يكونون مع عوائلهم أو في الشارع ، ولهذا كتبت نصوصي من اليسار إلى اليمين وليس من اليمين إلى اليسار كما هو الحال في اللغة العربية كنوع من التمويه ، إلى ذلك لم أتبع القواعد المعروفة في الكتابة ، ولكنني استخدمت الحرف في رسوماتي كحركة تعبيرية فأذا سأل أحدهم ماذا كتبت هناك أستطيع الاجابة بالقول لاشيء ، انها تقنية لملء المساحات البيضاء . وعند عودتي في الاجازة كنت أعيد صياغة النصوص وحسب القاعدة )) . الفنان يتحل مسؤلية كبيرة وهو الصوت المعبر عن معاناة شعبه ( ليس أمرا عاديا الا يكون الفنان ملتزما ، بيكاسوكان لسنوات طويلة مشغولا بدراسة الضوء والخطوط والتجريب بمدارس فنية عديدة وفي لحظة معينة وجد نفسه يرسم لوحة الغورنيكا . في العراق ألف غورنيكا لم تظهر للوجود حتى الآن ) . في الرسوم التي يمتليء بها جدار المعرض ، يصرخ رجل معصوب العينين من الألم ، انه السجن ( عندما كنا مبعدين في الجبهة ، كانت عوائلنا تقاوم في السجون . أخي الأصغر مني والذي كان فنانا هو أيضا اختفى منذ عام 1987 ، ولانملك معلومات عنه ، لهذا أقول ان الحرب بالنسبة لنا لم تنته بعد ) .في عمل آخررجلان يتقاتلان في الوقت الذي يترقبهم صف طويل من الوجوه المتماثلة ينظرون الى منصة الموت ( عندما كنت أرجع إلى جبهة القتال بعد قضاء أجازة أشعر انني عزلت وأبعدت عن الحياة ، حيث عليّ أن أعيش لمدة شهرين آخرى في سواتر تحت الأرض ، كنت أفضل ان أنهي حياتي بشكل ما على أن أرجع لجبهة القتال مرة آخرى ، ولكن مقابل ذلك كان يمكن ان يتعرض أبي وأخوتي إلى الأعدام ).سخر الفنان من تقولات الأمريكان وندائهم إلى الجنود العراقيين الاّ يقاوموا القوات الغربيّة ، وكأن الجنود عندهم خيار ترك جبهات القتال حيث سيتعرضون للأعدام .هو يرى أنه على الفنانين الذين تعاملوا مع النظام في السابق البرهنة على انقطاعهم عنه . أنه يحترم الجميع حيث يعيش في هولندا منذ عام 1994 ، لكنه يجد ان الادباء الذين كانوا يدبجون قصائد المديح للطاغية انقلبوا فجأة عليه وهذه قضية تجرح مشاعره وكبرياءه ، حيث صرخته التي أطلقها من خلال أعماله لم تكن وليدة اليوم بل منذ عشرين عاما , غيّر البعض ممن تعاون مع النظام سابقا خطابه بما يتلاءم والخطاب السائد .( هدفي هو تجنب الحرب وأبحث عن أنسانية أكبر ) .في قاعة العرض الثانية ، عرض الفنان لوحاته التي رسمت حديثا . حالات الحرب نفذها بالباستيل وأستخدام طوابع بريدية وقصاصات من أجزاء ظروف الرسائل المرسلة له جوا على الورق المقوى . في مجموعة آخرى تتأرجح سطور من نصوص ذهبية وفضية وكأنها غشاء أو نسيج من خلال ألوان حارة وقوية تصور المدينة بنوافذها الرصاصية المزججة ( أنا أحلم بكربلاء مدينتي الحلم ، قبل أن يخربها الدكتاتور ، كربلاء المدينة المقدسة بمبانيها الجميلة وأضوائها وتكوينها الفني بألوانه القدسية الخضراء والزرقاء وبأنوارها الساطعة ) .تلمست في الفنان حنينه إلى وطنه ، الذي يحمل ذكرياته عنه وعن الحرب .يتحدث الامريكان والغرب الآن عن العالم العربي ككتلة واحدة ، ولكن العراق له خصوصيته ، فمنذ عام 1920 ظهر الكثير من المبدعين وفي وقت مبكر من القرن العشرين تأسس معهد الفنون الجميلة أضافة إلى أن العراق يمتلك حضارة تمتد لسبعة آلاف سنة ( لا أقول هذا بتعصب ولكن هذه حقيقة الاشياء ) .أخيرا قال الفنان ( عندما تكون هناك ديمقراطية في بلدي سأرجع اليه بالتأكيد وهو حلم كثير من العراقيين في المنفى ) .
#مجيد_ابراهيم_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|