أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - سعدي يوسف للجنرال فرانكس:لا تقطع شجرة! 16















المزيد.....

سعدي يوسف للجنرال فرانكس:لا تقطع شجرة! 16


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 414 - 2003 / 3 / 3 - 04:02
المحور: الادب والفن
    



روائي عراقي
www.alaazal.com


 رسالة الشاعر سعدي يوسف المؤرخة بتأريخ 1/3/003 الموجهة إلى الجنرال تومي فرانكس والتي تحمل عنوان " رسالة مبكرة إلى الجنرال تومي فرانكس" هي أكثر من رسالة من شاعر إلى جنرال في ظروف عادية، بل هي، أي هذه الرسالة تعكس ،في معنى عميق، نظرة الشاعر سعدي يوسف شخصيا إلى قضية الاحتلال حيث يوصي هذا الشاعر الجنرال بالالتزام بنصيحة الخليفة عمر بن الخطاب لقائد جيشه ( بأن لا تقطعوا شجرة...).

ولا أعتقد أن شاعرا ومثقفا على قدر كبير من النزاهة والشجاعة والوضوح مثل سعدي لا يعرف أن  تومي فرانكس ليس بائع بلابل في سوق الشورجة، بل هو باختصار رجل مهنته صناعة الموت، وأن قنابله الذكية وغير الذكية تنتمي إلى عصر آخر غير عصر الفروسية المنقرض، وهو مكلف بسحق حضارة وقّع سعدي يوسف  اسمه فوقها ( شاعر من بلاد ما بين النهرين ).

ولا أدري كيف يظن شاعرنا الأخضر بن يوسف أن رسالته هذه إلى هذا الجنرال هي الأولى ويسميها صراحة" رسالة مبكرة" ويتجاهل مواقف مئات الكتاب والشعراء والمثقفين حددت وبصورة مبكرة، يوم كان سعدي يوسف في حالة ترقب وصمت وانتظار، ليس فقط مخاطر الحرب القادمة، بل حددت حتى شكل المؤسسة الحاكمة القادمة، وتنبأت بما فاجأ سعدي يوسف اليوم وهو منع ومطاردة المثقفين" أصحاب الرؤوس الحارة" بل حتى محاولة تصفيتهم؟.

 وقد تكون هذه الرسالة مبكرة حقا من ناحية كونها أول رسالة احتفالية من شاعر عراقي على هذا القدر من الأهمية بجنرال يتأهب لسحق عاصمته.

 وبقدر ما يتعلق الأمر بنا أحيل إلى مقالتين نشرتا لنا في هذا الموقع بالذات تعرضتا بصورة تفصيلية لشكل النظام العراقي المقبل تحت الاحتلال وتركيبته والعناصر المتضررة من هذه الحرب عدا السلطة الفاشية، وحددنا بصورة خاصة" اليسار والحركة الإسلامية والمثقفين أصحاب الرؤوس الحارة".

المقال الأول: منشور في موقع" الحوار المتمدن" تحت عنوان" وثيقة التوجهات السرية"وبتاريخ 8/10/ 2002، أي أن هذا التاريخ يعد رؤية مبكرة لنظرة الإدارة الأمريكية لمستقبل العراق.

المقال الثاني: منشور تحت عنوان" وحش ينطلق، وقبيلة مركبة" وتاريخ النشر في هذا الموقع هو 15/2/2002. وفي هذا المقال شرح مفصل عن شكل  وتركيبة النظام القادم في العراق تحت الاحتلال استنادا إلى وثيقة التوجهات السرية الأمريكية التي حددت معالم السياسة الخارجية منذ أوائل التسعينات وفي وثيقة مشهورة، ومع الأسف الشديد لا يقترب منها الإعلام العربي والعراقي المعارض.

 وفي هذا المقال تم تحديد ليس فقط أن المثقفين أصحاب الرؤوس الحارة سيكونون في مواجهة الوضع الجديد، بل هناك  كلام صريح لا لبس فيه إلى احتمال قيام حملة اغتيالات جسدية أو رمزية يتم تبريرها بعد ذلك استنادا إلى( مبدأ الإنكار المقبول ظاهريا) وهذا المبدأ يقوم على التصفية الجسدية ثم الإنكار العلني المقبول.

وقد تطال هذه الاغتيالات شخصيات سياسية وثقافية وعلى صورة حوادث دهس أو شجار في مقهى أو خلافات شخصية أو غرامية..الخ.

 ولأن المقال المذكور"وحش ينطلق، وقبيلة مركبة..." يحفل بتوقعات كثيرة سيكون لطفا من القارئ العودة إليه كي تكون الصورة أوضح.

إذن فإن دهشة الشاعر سعدي يوسف متأخرة كثيرا عن رؤية مثقفين وكتاب عراقيين آخرين، اللّهم إلا إذا كان شاعرنا المحترم وجيله يعتقدون أن الأفكار والنبوءات والقصائد والمواقف لا تمر إلا من خلالهم، أي أننا، مرة أخرى، أما حرس قديم في الأدب كما نحن الآن أمام حرس قديم في السياسة. ومن سياق هذه الرسالة، يمكن تلمس ما لم يقله الشاعر علنا أو ما سكت عنه أو ما أشار إليه ضمنا أو تلميحا أو ما قاله مراوغا، أي سنحاول الحفر والنبش في خفايا الكلام أو المخبوء منه أو ما قاله صراحة أحيانا.

إن سعدي يوسف وهو يذكّر الجنرال بنصيحة عمر بن الخطاب لا يخفي سعادته من دخوله بغداد ويقول "سوف تدخل يا سيدي الجنرال بغداد، كمن دخلها قبلك، غالبا:...الحاكم يغلب. وحاكمنا أول المغلوبين. وأنا سعيد بهذا، فلقد حرمني هذا التافه هواء وطني لأكثر من ثلاثين عاما..."

 إذن الشاعر يوسف يعترض وفقط على خبر قرأه يقول" إن هناك قائمة أعدها عملاؤكم العراقيون تقضي بمنع 2000 عراقي معارض من دخول وطنهم، بدعوى تجنيبكم المتاعب في الفترة الأولى للاحتلال".

 ليس الاحتجاج، إذن، على مبدأ الاحتلال، بل على مبدأ عدم دخول العراق.
هذه هي كل المشكلة!
 
 ولا أدري أين وجد الشاعر سعدي يوسف سعادته في حكومة احتلال يقودها" عملاء عراقيون" صاروا من الآن كتبة تقارير ووشاة على رفاق وزملاء لهم، ولا شك أن بعض هؤلاء هم  من "الثُور ـ يين!" القدماء والمتصابين  الذين فرغوا توا من النضال على علب البيبسي كولا وتطوعوا في أرذل العمر للعمل كإدلاء لجنود قوى وحشية ولفتح معتقلات موت جديدة وتحت شعارات جديدة.    

لا شك أن حلم الشاعر سعدي يوسف كان بوطن غير هذا، وبمصير غير هذا المصير، وبخيارات غير هذه بين الفاشية والاحتلال، لكن هل يبرر هذا دعوة جنرال غاز كي يلتزم بنصيحة خليفة عادل في حرب غير عادلة، وأن يعلن سروره بهذا الاحتلال، ومشكلته لا تكمن إلا في السماح له بالعودة؟!

 وكان في وسع سعدي يوسف، لو كانت مشكلته هي العودة فقط ، أن يعود إلى العراق في ظل هذه السلطة دون أن يتعرض له أحد، ليس لأن هذه السلطة كفت عن قتل الشاعر، بل لأنها صارت لا تخاف منه اليوم، بل تخاف من الجنرال والمدفعي والطيار والمصرفي والتاجر والمقاول وطاقم الأواكس ولجان التفتيش وحاملة الطائرات ..الخ.

 بل أن هذه السلطة تحتاج اليوم إلى شاعر بحجم سعدي يوسف لتجميل وجهها القبيح ولو كزائر لوطنه. فهل العودة تحت ظلال حراب الاحتلال  أشرف من العودة تحت ظلال سلطة فاشية؟.

أليس الوطن، في الحالتين، في حالة استباحة؟.

وأين نضع في هذه الحالة موقف الفنان الكبير بيكاسيو الذي رفض العودة إلى وطنه الأم أسبانيا مع لوحته الشهيرة" جارنيكا" ووضع شرطا لعودته هو نهاية الدكتاتورية وتحقيق الديمقراطية؟.

 ولماذا فضل جان جاك روسو المطارد في وطنه الأصلي سويسرا الموت والدفن في فرنسا ولا يزال قبره هناك إلى اليوم؟.

وهل ننسى موقف الشاعر الأمريكي عيزرا باوند الذي سجن أكثر من عشر سنوات لتعاونه مع العدو في برلين في الإذاعة الألمانية ضد وطنه ولم يتخلص حتى اليوم من وصمة العار هذه ولم يشفع له تاريخه الشعري الضخم وتصحيحه مسودة قصيدة" الأرض الخراب" لأليوت؟.
وهل ننسى موقف أبو العلاء المعري ضد جيش مغولي جاء لغزو الشام التي كان على خصام مع ولاتها؟

إنني أجد حرجا وأنا أقدم أمثلة إلى شاعر ومثقف بقامة سعدي يوسف كنا ومازلنا نحن جيل الخيبة والخذلان والطعن والحرب والسجن نظن أن شاعرا مثله  لن يلتقي مع جنرال ولو كان من صلبه، فكيف إذا كان هذا الجنرال  قائد جيش احتلال؟.

وأنا لا أقول إلى تومي فرانكس  لا تقطع شجرة.
لأنني أعرف أنه ذاهب لقطع شجرة تمتد عميقا مابين النهرين، وأن الدكتاتور الكريه ليس إلا شوكة فيها.

إنه ذاهب، بالضبط، لقلع شجرة بابل وفتح مجزرة !

ـــــــــــــ*
سلسلة مقالات" محنة البطريق"



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما جدوى أن تكون مثقفا؟ 15
- أسرار ليلة الدخلة 14
- يوميات قلعة الموتى 13
- السجن والطبقة والجنس 12
- الشاعر حسين حبش ـ غرق في الورد
- ذهنية المخبأ السري .11
- الشاعرة جنيفر ميدن ـ تأملات في الوحش
- لن نركع . 10
- انطلاق وحش وقبيلة مركبة 9
- الشاعر علي رشيد ـ الحرب والطفولة
- محنة البطريق ـ نقد العقل الاختزالي 8
- محنة البطريق ـ تفكيك صورة الجلاد 7
- محنة البطريق ـ نقد العقل الجنسي 6
- محنة البطريق ـ مقتل محارب نظيف5
- محنة البطريق ـ الحريق، الحريق 4
- محنة البطريق ـ الرؤية المشوهة
- محنة البطريق ـ فوضى الادوار2
- محنة البطريق وعلامات التحول 1
- الكتابة والاحتيال
- بغداد لن تتزوج الجنرال


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - سعدي يوسف للجنرال فرانكس:لا تقطع شجرة! 16