بويعلاوي عبد الرحمان
الحوار المتمدن-العدد: 5708 - 2017 / 11 / 24 - 09:18
المحور:
الادب والفن
أقصوصة
قبر نتن
-------
يحكى أن رجلا يدعى أمزيـان ، تخلف فرقـا عن الخروج مع
الناس ، إلى جبهة الوغى ، لملاقاة جحافل غزاة ، قادمين من
الشرق ، للدفاع عن وطنه تامزغا ، حتى يموت بشرف وفخر
وفي ليلـة من الليالي الظلمـاء ، التي غـاب فيهـا البدروالنجـوم
سمع طرقا شديدا على باب داره ، أفـاق من نومه ، نهض من
سريره ، تمطى كأنه نـام نوم أهل الكهف ، انطلق نحو البـاب
فلما فتحه وجد شيخـا طاعنـا في السـن ، ليس عليه أثر االسفر
طويـل القـامـة ، قـوي البنية ، عريض المنكبين ، شديد سـواد
الوجـه ، يرتدي ثيـابـا سـوداء ، شعـر رأسه نـاعـم كالحـريـر
نـاصع البيـاض كالثلج ، منسدل على ظهـره ، أزرق العينيـن
لحيتـه حمراء ، كشعلة مـن نـار ملتهبـة ، طويلـة كذيل فرس
تدلت على صدره حتى وصلـت إلى ركبـتـيـه ، قـال الـرجـل
للشيخ : ( من تكون أيها الشيخ الغريب ، وماذا تبتغي في هذا
الوقت المتأخر من الليل ؟ هل أنت عابر سبيل ، تطلب مأوى
وطعامـا وشرابا ؟ تفضل بالدخول ، فأنت ضيفي ) رد الشيخ
قـائـلا : ( أنـا مـلـك الموت ، أتيت مـن طـرف الـرب لأقبض
روحك ) ارتعدت فرائص الرجل ، واصطكت أسنانه ، وجف
ريقه ، وشعـر بقلبه ينبض بقوة ، يكـاد يقفزمن صدره ، هولا
وفزعـا ، بكى الرجـل متوسلا مـلـك الموت ، أن يسمح له أن
يودع أهل بيته ، أجاب ملك الموت لطلب الرجل ، وانصرف
بعد أن وعده بالأوبة في الليلة القادمة ، لما اطمأن قلب الرجل
قليلا ، قال في نفسه : ( أنا ميت لامحـالة ، في أي مكان ألجأ
إلـيـه ، لــكـن إذا اختبأت في جـوف جيفـة ، فما أظن أن ملك
الموت يقترب من الجـيـف ، لرائحتهـا الكريهـة ، لمـا اقترب
موعد أوبة ملك الموت ، ركب الرجل فرسه ، وخرج قاصدا
وادي الجيف ، لما وصل ترجـل عن فرسه ، بحث عن جيفة
ثور أوفرس ، فلم يجد غير جيفة بغل هرم ، سـل خنجره من
غمده وبقر بطن البغل المنتفخة ، أزال أحشاءه ، واختبـأ فـيه
لكن هيهات ، فقد قدم ملك الموت، وقبض روح الرجل داخل
جيفة البغل الهرم .
بويعلاوي عبد الرحمان ( بويا رحمان )
وجدا - المغرب
#بويعلاوي_عبد_الرحمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟