|
أسرار خفية وراء التطورات الأخيرة في السعودية، يرافقها دور غامض لسعد الحريري في دوامة الصراع السعودي الايراني الطويل
ميشيل حنا الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 5699 - 2017 / 11 / 15 - 05:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد يتبادر الى الذهن فور قراءة عنوان المقال، أن الأمر يتعلق بمؤامرة ايرانية على السعودية. لكنها في حقيقة الأ وكما أخذ يتجلى تدريجيا بما تسرب من أنباء من السعودية ومن دولة الامارات... هي مؤامرة سعودية داخلية، تسعى كما قالت بعض المصادر، الى تجنب حرب سعودية مع ايران. فمحور الصراع الايراني السعودي، كان وراء التطورات الأخيرة في السعودية، والتي ادت الى اعتقال عشرات، بل مئات المعارضين لنهج الأمير محمد بن سلمان الساعي للتصعيد مع ايران، وربما الشروع بحرب جديدة يزج السعودية بها، رغم انشغال المملكة بحرب مباشرة في اليمن، وبحروب أخرى بالوكالة قد لا تعد ولا تحصى. ويقول بعض المراقبين ومنهم مراقبون اماراتيون، أن الأمير محمد بن سلمان المصمم على خوض حرب ضد ايران، طلب من أمراء الأسرة المالكة، التبرع بنصف ممتلكاتهم لتمويل هذه الحرب. غير أن الأمراء السعوديين ، وخصوصا ابني الملك عبد الله وابن الملك فهد، وغيرهم من الأمراء كالأمير طلال بن عبد العزيز على سبيل المثال، قد ملوا من اندفاع الأمير محمد بن سلمان نحو الحروب، وما قد تقوده هذه الحروب من ويلات على المملكة، فقرروا لذلك الانقلاب عليه مستخدمين قوات الحرس الوطني الذي يقوده الأمير متعب بن عبد الله .. لكن السي آي ايه الأميركية، اكتشفت حقيقة ما يدبر في الخفاء، وأبلغته للرئيس دونالد ترامب الراغب بحرب سعودية ايرانية معززة بدعم اسرائيلي أميركي، فساءه ما يحدث في السعودية في الخفاء، ولذا بادر فورا الى ايفاد زوج ابنته "كوشنر" على عجل، ليبلغ الملك سلمان بتفاصيل ما يجري سرا ضد ابنه وربما ضده. وامضى "كوشنر" ساعات طويلة امتدت حتى الرابعة صباحا، كما يقول التقرير الصادر عن مجهول في الامارات، يشرح خلالها للملك سلمان بن عبد العزيز تفاصيل المؤامرة الساعية لعزل ابنه عن ولاية العرش، وربما اعادة تثبيت محد بن نايف المعزول من ولاية العهد... في موقعه السابق. ويربط البعض بين استقالة الحريري المفاجئة والمعلنة من السعودية وليس من الداخل اللبناني، وبين المتغيرات التي طرأت على السعودية.. فالانقلابيون قد ارادوا طمأنة ايران بأن تحركهم لا يستهدف ايران، بل على العكس، هو يسعى لتوطيد العلاقة بها وانهاء الصراع معها...وبالتالي تجنب بلوغ ذاك الصراع مرحلة الحرب الفعلية الدامية معها. ولأنهم كانوا عاجزين عن الاتصال مباشرة بايران نظرا لوجود مراقبة شديدة عليهم، فقد لجأوا الى الاتصال بسعد الحريري، بوسيلة أو بأخرى، وطلبوا منه ايصال رسائلهم المطمئنة الى ايران. ولكن الحريري الذي كان والده الراحل يحمل الجنسية السعودية اضافة الى اللبنانية، تردد في الانخراط في دوامة ذاك التحرك الخطير. الا أن شقيقه "نادر" ، حثه على القيام بهذه المهمة، لكون حرب سعودية ايرانية، ستنعكس سلبا على لبنان، وقد تؤدي لحرب أهلية فيه تنهي الاستقرار الذي تحقق بعد حرب أهلية دامية استمرت اربعة عشر عاما، اضافة لكون تلك الحرب الأهلية، ستبتلع كل المنجزات التي حققها لبنان عبر عصور من التطور نحو الأفضل. فهذا ما يفسر التطورات المتعلقة بسعد الحريري، والتي أدت الى اعلان استقالته من السعودية وليس من لبنان كما يفترض، بذريعة أنه بات مهددا من حزب الله، علما أن حكومته التي شكلت منذ بضعة شهور فحسب، بعد صفقة (باركتها السعودية وايران) بينه وبين ميشيل عون، يتبوأ الرئيس عون نتيجتها رئاسة الجمهورية، ويتولى الحريري رئاسة الوزراء بمجلس وزراء يضم عدة وزراء من حزب الله، الذي قال الحريري الآن في خطاب الاستقالة الذي جرى بثه من السعودية، أنهم يتآمرون عليه، وقد يقومون باغتياله، أسوة بما فعلوه بوالده قبل عدة أعوام، وقيل يومذ (على ذمة القائل)، أن حزب الله كان وراء عملية اغتياله. ويعتقد البعض أن الحريري قد أجبر على الاستقالة، وأنه قد قرأ نصا أعده السعوديون له وأجبروه على قراءته أمام قنوات التلفزيون السعودي وليس اللبناني ، ووضع الحريري بعدها في الاقامة الجبرية في منزله بعد أن جرد من هواتفه الخلوية...رغم أنه التقى بالملك سلمان، وأعلن أمامه ندمه عما فعله طالبا مغفرته، فغفر له الملك سلمان، الا انه تشبث بوجوب بقاء رئيس الوزراءاللبناني أسيرا أو سجينا في منزله. وازاء كل الاشاعات التي راجت حول كونه سجينا في السعودية، قرر الحريري الظهور على تلفزيون المستقبل (التلفزيون الرسمي للحزب الذي يرأسه)، ليبرر أسباب بقائه في السعودية، نافيا كونه أسيرا أو مقيما اقامة جبرية في منزله. ولكن سعد الحريري تلخبط بل وتلعثم بعض الشيء في ردوده باجابات لم تكن مقنعة. وفي هذا الاطار قالت اختصاصية التحليل النفسي اللبنانية "ستيفاني غانم" بأنه "ان تحدثنا عن ملامح الوجه ونبرة الصوت، وجدنا أن الرجل حزين، خائف، غير تلقائي، ومتعب"، مؤكدة أن ذلك انعكس على غياب""نفس القائد" المعهودة فيه، طوال فترة المقابلة... انه "نفس القائد" الذي كان يتمتع به الحريري حتى في خطاب الاستقالة الأخير، أي استقالته من حكومة سابقة ترأسها قبل أعوام. وتضيف المحللة النفسية بأن الحريري في لقائه على قناة المستقبل، وهو اللقاء الذي أجرته بولا يعقوبيان، ظهر "بوضعية نفسية معاكسة تماما لكلامه"..." وقد ظهر ذلك بوضوح في صوته المنخفض والحزين، الذي يظهر انهزاما واضحا، فيكرر كلامه ويكرره. وتضيف المحللة النفسية "ستيفاني غانم" أن الحريري "ظهر وكأنه غير مقتنع بما يقوله". وتقول الأنباء أن يولا يعقوبيان، الاعلامية من قناة المستقبل في بيروت، خلال الاستعداد للشروع باللقاء التلفزيوني مع رئيس وزراء لبنان المستقيل، وقبل أن يكتمل الاتصال الصوتي مع قناة المستقبل نتيجة خلل فني، طلبت من رجل سعودي كان يقف الى جانب الرئيس الحريري، بأن يسلم الرئيس هاتفه الخلوي ليتم التنسيق عبره ... لكن السعودي رفض بعنف تسليم الهاتف للحريري قائلا: " هاتف. لا لا. لن اسلمه هاتف"، مما رجح فعلا أن الرئيس الحريري لم يكن يخشى تآمر حزب الله عليه، بل قال ما قاله وهو قيد الاعتقال، وقد جرد من هواتفه الخلوية، بدليل أنه لم يخرج هاتفه الشخصي للاستعانة به في الاتصال بقناة المستقبل في بيروت. كما أنه لم يجر تحديد هوية وماهية الرجل السعودي الغامض. فهل كانت مهمته حماية سعد الحريري أم مراقبته والتحفظ عليه. التطورات في السعودية اذن، قد تبدو بعيدة كل البعد عن محاربة الفساد. فأهدافها ومراميها كما يرى بعض المحللين، تعزيز قبضة الداعين لمحاربة ايران عاجلا...بل وعاجلا جدا. فالفساد اذا ما كانت هناك جدية حقيقية وراء مكافحته، ينبغي أن يطال الكثيرين، بل كل أعضاء الأسرة المالكة، بما فيهم ربما الأمير محمد بن سلمان نفسه. فهذه الأسرة المالكة قد تمتعت طويلا بأموال النفط الذي هو مال الشعب السعودي بكامله، وليس مال الأسرة المالكة وحدها. وبينما يقول الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان، "أن ما يجري في السعودية من احتجاز أمراء متنافسين على العرش... هو تصفية حسابات"، فان مؤشرات تفيد بأنه في حقيقة الأمر، التوجه نحو الحرب ضد ايران، ومسعى فاشل من الأمراء الممتعضين، لتجنب تلك الحرب، خصوصا وأنها كانت ستكلفهم التنازل عن نصف ثرواتهم كما أراد الأمثر محمد بن سلمان. .وما يعزز الاحتمال بأن الحرب باتت وشيكة، فتوى أصدرها مؤخرا أحد أئمة الوهابيين تقول بأنه "لا ينبغي مقاتلة اليهود لكونهم موحدين (مثلنا)، مضيفا بأنه يمكن الاستعانة بهم لمقاتلة الايرانيين". فهذه فتوى لا تمهد لوقوع الحرب فحسب، بل تبارك مشاركة الاسرائيليين فيها. وهكذا يتوقع المراقبون أن تتصاعد اللهجة السعودية قريبا ضد ايران، وهو تصاعد يغذيه دونالد ترامب غير المقتنع بجدوى اتفاقية خمسة زائد واحد مع ايران. ولكن بما انها اتفاقية دولية باركها مجلس الأمن الدولي، فان وسيلته الوحيدة لمعاقبة ايران، باتت ادخالها في حرب أخرى ضروص، تقودها السعودية، وتشارك فيها اسرائيل وأميركا في آن واحد. وازاء التطورات الأخيرة، وانكشاف وجود معارضة واضحة بين البعض...بل بين الكثيرين من السعوديين للدخول في حرب جديدة كهذه، ربما بات من الضروري الاستعجال في اشعالها وفرضها على شعب المملكة السعودية، كأمر واقع لم يعد بالامكان التراجع عنه. وفي نهاية المطاف، فاني أتمنى ويتمنى ملايين العرب والايرانيين، ألا تقع حرب كهذه، وأن يجري تناسي الخلافات الطائفية بين الشيعة والسنة التي تبرر بها الحروب بين الطائفتين، والتي أضيف اليها في هذه المرحلة بواعث أخرى سياسية، وصراع للهيمنة على المنطقة. فالأوروبيون قد تناسوا كل خلافاتهم الطائفية والدينية والاثنية والقومية، ودخلوا في اتحاد أوروبي. فما الذي يمنع اذن أن نحذو حذوهم. . ففي الاتحاد قوة في مواجهة العدو الحقيقي المشترك بين الدولتين، السعودية وايران، وأبرز هؤلاء الأعداء هي الدولة النووية الاسرائيلية. فمنطقة الشرق الأوسط قد شهدت في العقد الأخير من هذا القرن، ما يكفيها من حروب ودماء ومهجرين وضحايا أبرياء. ولذلك لا بد من القول اذن مع الملايين من سكان منطقة الشرق الأوسط: لا للحرب، ولا لسفك مزيد من دماء الأبرياء. الكاتب والمفكر ميشيل حنا الحاج الاعلامي الأول والمميز لعام 2017 كما أسماه مجلس اتحاد الاعلاميين العرب. المستشار في المركز العربي الأوروبي لمكافحة الارهاب والاستخبار - برلين
#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غموض واسرار وراء التطورات الأخيرة في السعودية، ودور سعد الحر
...
-
هل تؤدي التطورات المتسارعة في السعودية الى اقتراب المملكة من
...
-
الممرات الآمنة لداعش في معارك الفلوجة والرقة والموصل وانعدام
...
-
هل يتوجه الأمير محمد بن سلمان نحو العروبة التي يحاول الاسلام
...
-
أهم افرازات القضاء على دولة داعش، تكريس ظهور دولة الاكراد
-
Aloha ساخنة أو ساخرة للرئيس ترامب، صادرة عن ولاية هاواي المؤ
...
-
هل ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية أم للولايات المتحد
...
-
هل يشكل استفتاء كردستان العراق على الاستقلال في ايلول القادم
...
-
الثورة الشيوعية في الذكرى المائوية لانطلاقها
-
حادثة السفارة الاسرائيلية في عمان، والدلال المتميز الذي يحظى
...
-
الأبعاد الاستراتيجية المتعددة لأزمة الخليج، هل يمكن أن تشمل
...
-
شرطان بين الشروط الخليجية الثلاثة عشر هما موضع جدل خاص
-
رحلة في ذاكرتي الفلسطينية: بصمات فلسطينية في حرب عاصفة الصحر
...
-
عندما توا رحلة في ذاكرتي الفلسطينية: عندما تواطأت مع (أبو جه
...
-
رحلة في ذاكرتي الفلسطينية: عندما تواطأت مع (أبو جهاد) لاحباط
...
-
مفاجأة تفاقم الخلاف بين الخليج وقطر وبلوغه حد القطيعة
-
مدن بريطانيا الأكثر أمنا في أوروبا باتت فجأة الأكثر استهدافا
...
-
رحلة ترامب للشرق الأوسط تسعى لتحقيق السلام الفلسطيني الاسرائ
...
-
الارهاب الذي افرزته الحرب السورية يهزم الحزب الاشتراكي الفرن
...
-
يوم الشعانين ..يوم الدعوة للسلام..أم يوم الشهداء؟
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|