|
حروبٌ ترسم ملامح عهدٍ جديدٍ .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5698 - 2017 / 11 / 14 - 14:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السباق بلغ منتهاه ، و الصراع محمومٌ على أوجه ، للاستحواز على مناطق استراتيجةٍ ، و بسط النفوذ لكسر إرادة الشعوب المغلوبة على أمرها . القوى العظمى تتنافس مع بعضها من جهةٍ ، و مع الدول الإقليمية من جهةٍ أخرى لقهر الشعوب و إذلالها .
من امتلك القوة فقد بغى ، و من كَبُرَ فقد تجبَّرَ ، و من استحوذ على زمام الأمور فقد طغى و جار ، ضارباً عرض الحائط كل القيم النبيلة ، و سحق مبادئ حقوق الإنسان ببوطه العسكريِّ . أحداثٌ مؤلمةٌ للغزاة . و مؤامراتٌ تستهدف منطقتنا البائسة . منظماتٌ إرهابيةٌ و ميليشياتٌ تقتل و تدمر و تبيد فتحرق الأخضر و اليابس لحساب الجهات الخارجية التي و لدتها و مولتها بالمال ، و دججتها بمختلف صنوف الأسلحة للفتك و البطش ، و خوض الحروب بالوكالة .
مرحلةٌ جنونيةٌ ليس لها مثيلٌ ، و فوضى عارمةٌ بلا شبيه تمر بها المنطقة . و مباراةٌ طائفيةٌ و مذهبيةٌ حامية الوطيس بين الأقطاب السنية و الشيعية لاسترداد أمجادٍ غابرةٍ . و ثاراتٌ أكل الدهر عليها و شرب .
استيقاظ الشر في مكامنه ، لممارسة وحشيته في الجانب المظلم . و التعاطي مع المجتمعات البشرية بأسلوبٍ حيوانيٍ بلا كوابح . و على مقاس الميول الخاصة . انتهاكٌ صارخٌ لمبادئ الإنسانية ، و تقاعسٌ تامٌ عن أداء الواجب تجاه المجتمعات ، أو النهوض بها ، أو تحقيق طموحات الجماهير الغفيرة المسحوقة .
حروبٌ تجري على قدمٍ و ساقٍ بين القوى العظمى بالوكالة تارةً ، و بالانغماس الفعليِّ تارةً أخرى ( كما في سوريا و العراق و ليبيا و الصومال ....الخ ) . ففي اليمن المعارك على مدى ثلاثة أعوامٍ بين السعودية ( السنية ) و حليفاتها ، و بين القوات الحوثية ذراع أيران ( الشيعية ) دون أن تحسم النتائج .
و في سوريا القوات الأيرانية تشن أعنف المعارك مع ذراعها ( مقاتلي حزب الله ) التابع لولاية الفقيه ، و بغطاءٍ جويٍّ روسيٍّ ضد المعارضة السنية . و أردوغان غارقٌ في بحرٍ من وساوس الحيرة . يسرع الخطا هنا و هناك ، يقدم التنازلات لهذا و ذاك بسخاءٍ ، واضعاً يده على قلبه . فجهاز التحكم بعيدٌ عن يديه ، و بوصلته طالها الخلل ، و لم يعد عملها دقيقاً . و لا نتائج ترضيه البتة ، أو تطمئنه .
و في لبنان القول الفصل لحزب الله . و ماتبقى لاحول لهم و لا قوة ، و مقصوصو الجناح . المشروع الأمريكي يتعثر بعوائق أيرانية الصنع . فهي تزرع و تحصد ، و أيران تجني الثمار . التصريح الأيراني مستفزٌ لترامب ، و موجعٌ للملك السعودي : ( لا يمكن اتخاذ أي قرارٍ في لبنان ، أو اليمن أو العراق و بدرجةٍ أقل في سوريا ، بدون موافقة أيران ) . قد لا يبدو ذلك مقلقاً ، أو مزعجاً لترامب . فربما مايحدث ضمن خطةٍ أمريكيةٍ لاستدراج أيران ، و بهدف استنزافها و هدر طاقاتها ، و من ثم شن الحرب الخليجية الثانية عليها ، و الحاق الضربة القاضية عليها . فالتواطؤ مع سليماني و العبادي لهضم كركوك قد يعد من ضمن خطته . ترامب يحرض الملك السعوديَّ بدءاً بلي ذراع قطر ، و محاولة احتضان العبادي ، و انتهاءً بتلقين رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لتقديم استقالته المفاجئة ، و التهديد المباشر لإيران ببتر يدها .
و ناهيك عن الأحزاب و الفئات و الميليشيات الداخلية لهذه البلدان التي تتناحر بحثاً عن النفوذ و الحصص ، و إمحاء الآخر بالاقتتال و هدر الدماء . فالتقارب لا يتوافق مع مصلحة القوى العظمى و الدول الإقليمية ، و تعدد ولاءاتها تنخر جسد الوطن ، و تترك أثرها العميق على مستقبل الشعوب، و طموحاتها النهضوية . فلا تضحية ، و لا مآثر تفتخر بها ، و لا مسؤولية لتحمل الهزائم ، أو الوصول إلى الأجواء النقية ، و لا جرأة عن التنحي عند الفشل . صراعاتٌ مهيمنةٌ ، و تجاذباتٌ شخصيةٌ ، و لا أحد يقدم الجديد المفيد . مؤسساتٌ فاسدةٌ ، و ترسيخ السلطة لفئةٍ محددةٍ . الاتهامات متبادلةٌ ، و الثقة متدنيةٌ ، و لا استخلاص للعبر . فالجميع لصوصٌ في وضح النهار ، و ليس من نصيب الشعوب سوى القتل والفقر و الجوع ، و في أحسن الحالات التشرد أوالغرق .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إمبراطورية الغرائز ، و وأد الطفولة .
-
الجلسات الحميمية تزيد الود ، و تعزز الوصال .
-
الهجوم على سياسة السيد البرزاني حجةٌ واهيةٌ و نفاقٌ
-
لوحةٌ سياسيةٌ ، ضبابيتها ستنقشع قريباً .
-
العبادي و مطرقة الحشد الشيعي .
-
ليلةٌ تنزف الرعب .
-
لا ضمير للسياسة .
-
المهم أننا سنصل .
-
كفاكم هرطقةً و سذاجةً .
-
سحقاً لك يا شرقُ .
-
هل الانتحار جبنٌ ، أم شجاعةٌ ؟
-
المعلم برسالته يخترق جدران كل الأزمنة .
-
النفوس اللئيمة تفتقد الوفاء .
-
يضعون الكرد دائماً في قفص الاتهام .
-
يومٌ ميمونٌ ليس كغيره من الأيام .
-
حينما بأمانيك يعبث الزمن ، بخلط أوراقك .
-
نكتةٌ حمقاءٌ سمجةٌ لمجلس الأمن الدوليِّ .
-
بعض الأحلام من خلف قضبان التمني تتحرر .
-
الذوبان في عالم الكتب ، خيرٌ من مجالس السوء .
-
لمن نستغيث ، لإطفاء جمرة المحسوبية البغيضة ؟!
المزيد.....
-
بسبب الحرارة الشديدة.. ذوبان رأس تمثال شمعي لأبراهام لينكولن
...
-
في جزر الفارو.. إماراتي يوثق جمال شاطئ أسود اللون يبدو من عا
...
-
-قدها وقدود يا بو حمد-.. تفاعل على ذكرى تولي أمير قطر تميم ب
...
-
النفس المطمئنة و-ادخلي في حب علي وادخلي جنتي-.. مقتدى الصدر
...
-
مبان سويت بالأرض أو دمرت تمامًا.. مشاهد من البحر تظهر الدمار
...
-
حرب غزة: قصف إسرائيلي عنيف على مختلف أنحاء القطاع وسط استمرا
...
-
عملية إنقاذ ناجحة لثلاثة متسلقين بولنديين في جبال الألب
-
تقليص مشاريع عملاقة بالسعودية.. هل رؤية 2030 في ورطة؟
-
طهران: اتفاق التعاون الاستراتيجي الشامل مع روسيا ينتظر اللمس
...
-
ستيلا أسانج تعلن نهاية -حملة قذرة- لاحقت زوجها لسنوات
المزيد.....
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
المزيد.....
|