نواف خلف السنجاري
الحوار المتمدن-العدد: 1469 - 2006 / 2 / 22 - 09:54
المحور:
الادب والفن
لم تكمل سعاد دراستها الجامعية وحتى حلمها في أن تصبح محامية تدافع عن المظلومين ذهب أدراج الريح لأنها لم تدافع عن حبها وحريتها في اختيار شريك حياتها بل رضخت لقرار والدها ووافقت على الزواج من احد أقاربها الأغنياء لقد تمت الخطوبة بسرعة وعندما نصحها زميل دراستها بفسخ الخطوبة رفضت لأنها لا تريد (أن تكسر كلام والدها) فدخلت سجنها المؤبد بصمت.. كل شيء مختلف بينها وبين زوجها ولا يجمعها سوى غرفة النوم وأولادهم الخمسة أنهم على طرفي نقيض .. فهي إنسانة حساسة ، خيالية، ذات ميول روحية مليئة بالشاعرية، أما زوجها فانه لا يفهم من الحياة إلاّ لغة الأرقام والمستندات وهمه الوحيد هو زيادة أرصدته في البنوك . سعاد جزء من مقتنياته الثمينة ، أما روحها فتحلق بعيدا مع عالم الكتب والأشعار التي تملأ مكتبتها الجميلة المكتظة بدواوين بوشكين وأعمال جبران وأشعار نزار قباني والسياب ،فأغلب أوقات فراغها كانت تقضيها في مكتبتها وبين صفحات كتبها التي أدمنت قراءتها ..وبعكس جميع النساء فأن طلباتها كانت تقتصر على الكتب وما طلبت من زوجها يوما (المجوهرات أو الحلي أو مواد تجميل) وهذا بحد ذاته بات محل سخط الزوج وسخريته .كانت تعرف جيدا بأن زميلها (المحامي الشاب) يحتضر لأصابته بمرض عضال ، وتدرك بأنها أغلى شيء في حياته ، وتتذكر جيدا تلك اللحظات الجميلة التي كان يقرأ أمامها آخر قصائده بعذوبة .. وبصوت ساحر .. وهي تحتفظ ببعضها لحد الآن ، وتعتبره جزءا منها . اليوم جميع الشوارع فارغة ، والمحلات مغلقة ، لان أكثرية أهالي المنطقة خرجوا للمشاركة في مراسيم دفن ذلك الشاب الشاعر .. عادوا من تشييع الجنازة ، وسعاد وحيدة في بيتها تعد طعام العشاء لأولادها وزوجها.. وتبكي بمرارة.. ولكن بصمت .
#نواف_خلف_السنجاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟