أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كفاح حسن - واثق الخطوة .. يمشي ملكا















المزيد.....

واثق الخطوة .. يمشي ملكا


كفاح حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5685 - 2017 / 11 / 1 - 02:16
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في الذكرى الثانية و العشرين لإستشهاد رفيقي محمد الحلاق
واثق الخطوة .. يمشي ملكا
أن تكتب عن صديق, بات كل ما يربطك به سوى ذاكرة مزدحمة بالأحداث و المواقف ، امر صعب. ذاكرة أصبحت لي اليوم زاد يعينني على مواصلة الحياة.. فأنا اليوم أكتب عن صديق ربطتني به رفقة و ملاحم تجعلني أجد مكانه جنبي, رغم أنه ودعنا ليلة الثاني من تشرين الثاني عام 1995 .. ،نعم إننا لازلنا نعيش مع بعض, فهو يعرف مواقفي و ردود فعلي كما أنا أفهم أحلامه و قناعاته.
في أول لقاء لي مع محمد على الحدود الفاصلة مابين كردستان العراقية و كردستان الإيرانية.. حيث وقف مازحا.. فوضع رجله الأولى على الجزء العراقي و الأخرى على الجزء الإيراني, و صرخ مازحا..
- أنا أقف على كردستان الموحدة..
لقد كانت حدود وهمية وضعتها أيادي لم ترى المنطقة إلا على صفحات الخرائط..
في أول لقاء لي معه, وجدته عاشق حساس, يحفظ المئات من ابيات الحب المغناة.. و عندما يغني لطاهر توفيق, تجده يغني من أعماق قلب عاشق محروم من عشيقته.
دخلنا سوية مع قوة الأنصار التي وصلت ألى ريزان في خريف 1983, لتبدأ من هناك الأعمال ببناء مقرات لسرايا قاطع أربيل في مواقع متعددة في منطقة بارزان عند وديان جبل شيرين المطلة على نهر الزاب الذي يجري في وادي يفصل مابين بارزان و دينارته. و المنطقة يراها زائرها كقطعة من الجنة.. فالغابات و عيون الماء الساحرة و الحيوانات البرية التي تتنقل بيننا دون خوف أو فزع..
و كانت ليالينا جميلة حيث نتجمع بعد العشاء في مجموعات متناثرة. و كنت أختار غالبا المجموعة التي ينضم إليها محمد الحلاق.. حيث الغناء الكردي التراثي, فمعنا يكون ماملي و طاهر توفيق و سيوة, و معنا الشعر الكردي الجميل بقصائد العشق و الغرام و الحنين.. لقد وجدت محمد أمامي إنسانا مرهف الأحاسيس, بعيد كل البعد عن السلاح و القتال. و قد صارحته بتصوري هذا. و لم يعترض عليه. بل أيده, حيث كان غذاؤه هو بيوت الشعر و أنغام الموسيقى.
لقد بدأت صداقتنا و إستمرت بسهولة و بدون تكلف أو تضليل, لقد كنا واضحين, و لم يفرقنا خلاف الرأي, بل زاد من تقاربنا.. فهو القادم من مدينة كويسنجق الفاتنة بجمالها و الساحرة بفنها و أدبها.. و أنا القادم من كربلاء و التي تحمل القباب الذهبية و التي كانت مرتع للمعرفة و العلم و الأدب و الفن.. كنا نشعر بأننا توأمين و قادمين من مدينتين توأمتين..
و في إحدى الليالي تجمعنا أنا و هو و شلة من الرفاق حول الموقد, و هنا تجرأت في أن أسأله عن صحة الخبر الشائع من إنه قد قتل إثنين من قادة البيشمركة.. شيخ شمال و سرباز خلال معارك الإقتتال الداخلي في منطقة بتوين. فأجابني بسؤالي عن هل إنني أصدق التهمة. و قلت له بدون تردد بأنني لا أصدق من إن محمد يقوم بذلك.. فأكد لي محمد من إنه بريء من دم هذين القائدين كبرائة الذئب من دم يوسف.. و لكن رغم ذلك, جرى تصفيته هو و مفرزته بالكامل ثأرا لشيخ شمال و سرباز.. فأي مهزلة هذه. علما بأن قتلة هذين القائدين معروفين و ليست لهم أي علاقة بفصائل الأنصار, بل هم من منتسبي إحدى الأحزاب الكردية الداخلة في طاحونة الإقتتال.
بعد إتفاق قادة المعارضة على إيقاف معارك الإقتتال الداخلي.. سارعت فصائل الأنصار على الإلتحاق في مناطق عملها.. و إنطلقنا أنا و محمد و أنصار سرية الكوي إلى سهل الكوي مرورا بوادي سماقولي و سفوح باواجي.. لقد شعرنا بفرحة أهالي المنطقة بعودة الرفقة ما بين الأنصار و البيشمركة.. و تولدت صداقات متينة مابين الأنصار و البيشمركة, و خضنا المعارك المشتركة ضد إعتداءات الجحوش و قوات الطغمة البعثية ضد أبناء المنطقة في كلكه سماق و بوكد و إيلنجاغ و بنه باوي.. و إختلطت دماء شهدائنا في هذه المعارك و حملنا جرحانا سوية. لقد شدتنا إلى بعض وحدة الهدف و العدو, و كان الإقتتال الداخلي مفروضا علينا بسبب من روح التحزب و التخندق التي حاولت قيادات أحزابنا أن تغرسه فينا.
لقد كان محمد الحلاق وجها جماهيريا محبوبا في قرى سهل كويسنجق, كان يتقدمنا في دخول القرى, بينما يتسابق أبناء القرى في دعوته لبيوتهم.. كان معروفا في خطواته الواثقة و تواضعه الصادق. و في مدينة الكوي كان يلقي الترحيب و الإعتزاز و نحن ندخلها ليلا متحدين السلطة و أزلامها..
و كانت بساتين طوبزاوة موضع راحتنا النهارية. و تكررت زيارتنا العصرية لضاحية حماموك, حيث كان العشاء الكويسنجقي اللذيذ.. رغم إننا كنا محرومين من شرب مياه حماموك خوفا من مفعولها السلبي حسب تحذير الخبثاء.
و كم قضينا أوقات جميلة وسط حقول التبغ و نحن نساعد الفلاحين في ترتيب أوراق التبغ و التسابق في عملنا, و نحن نتطلع بخجل ألى الجمال الصارخ لحسناوات القرى و هن يتراقصن بثيابهن و بألوانها الصارخة و بحركات تثير الهلع في قلوبنا.. و هنا تستيقض شخصية الشاعر و الفنان من داخل أعماق حمه العاشق.. و هو يحن لحبيبته الساكنة في كويسنجق, ألى تلك الحبيبة التي يصر والديها على رفض طلب حمه ليدها.
و بعد إتساع عملنا و زيادة عدد أنصارنا, إضطررنا لبناء مقر لسريتنا في وادي سماقولي الجميل. و شاركتنا في السكن فيه والدة حمه. و لم تكن أم لمحمد فقط, بل كانت أما لجميع الأنصار, خاصة الأنصار البعيدين عن أهاليهم, و الانصار الجرحى.
و في غمرة الإنتصارات التي سطرها البيشمركة و الأنصار.. أتت المفاجأة.. فالخميني يجرع السم و يقبل بإيقاف الحرب مع عراقنا بعد أن وصلت الحرب إلى طريق مسدود, و بعد أن حصدت أرواح شبيبة البلدين و حطمت أحلامهم. و هنا يجد صدام فرصته النادرة في الإنتقام من أبناء الإقليم, فيعلن حملة أنفاله المجرمة ضد القرى الكردية.. و يوجه جحوشه و قواته في حملة بشعة و دموية ضد أبناء القرى العزل.. لقد كانت مرجلة زائفة ضد أبناء وطننا العزل .. و كانت حملة أنفاله مكملة لحملاته الوحشية ضد أبناء الأهوار و أرياف الوسط و الجنوب..
لقد بقينا في الأراضي المحروقة.. مدافعين عن أبناء المنطقة, و قدمنا الشهداء تلو الشهداء في معارك اصطدامية مع العدو أو في أعمال خيانة تمت بين صفوفنا.
و لقد إضطررنا إلى الإنسحاب إلى مقراتنا الحدودية في دولي كوكه و ناوزنك.. و رغم آلام الإنسحاب النفسية, إلا إننا فرحنا لمحمد كثيرا. حيث كان ضمن العوائل التي إلتحقت بمقراتنا الحدودية, عائلة حبيبة حمه الكويسنجقية. و بذلنا كلنا جهودنا في إقناع والديها بقبول زواج إبنتهم من حمه.. و كان عرسا جميلا هو يوم عرس محمد. حيث حضرنا مراسيم عرس حمه و كذاك عرس الفقيد النصير حاجي جمال و اللتان تمتا في وقت واحد. و إنتقل محمد مع عائلته للسفر ألى بلدان اللجوء الأوربية. و لكنه لم يستسيغ عيشة الغربة.. فتركها عائدا إلى كويسنجقه.. و إنغمر في النشاط السياسي الحاد. نشاط قاسي أجبره هو و جمهرة من رفاقه على ترك الحزب الشيوعي و تأسيس حزب بديل عرف بإسم ( بارتي كار).. و كان حمه ضمن قادة هذا الحزب.. و قي وقت قصير أصبح حمه الشخص الأول في الحزب. و كثر أعدائه و المتربصين به. و تجددت الإتهامات المختلقة ضده من إنه كان وراء أستشهاد شيخ شمال و سرباز. و بدأ أعدائه يتحينون الفرص للقضاء عليه. و لم يوفر له رفاقه الحماية الكافية و الضرورية, كأنهم كانوا يرغبون في التخلص منه.
في آخر لقاء لي مع حمه في ستوكهولم.. طلبت منه الإنتباه من أعدائه, فأجابني مستهزءا بأعدائه, و قال إنهم لا يجرؤا من الوصول إليه.
و رغم تحذير أصدقائه في مدينة كويسنجق من تربص العدو ضده, و طلبوا منه البقاء في الكوي و عدم مغادرتها, ألا إنه في ليلة الثاني من تشرين الثاني من عام 1995 أنتظره أعدائه في سيطرة طوبزاوة. و جاء محمد مع رفاقه إلى حتفهم. و بحقد و بوحشية تم تصفية محمد و رفاقه..
يا محمد لازالت طيور القبج بين صخور باواجي تنتظرك..
لازالت الغزلان البرية في بساتين طوبزاوة تنتظرك..
لازالت مزارع كليسة و بوكد و خرابة تنتظرك..
لا زالت درابين مدينتك كويسنجق تنتظرك..
يا محمد أنا على عهدي معك.. فمثلما سأدافع حتى الموت عن مدينتي كربلاء و أهلها, سأدافع عن مدينة و سهل كويسنجق ضد أي معتدي عليها و على أهلها, حتى لو كان المعتدي من أبناء جلدتي..و سنواصل كرهنا لقيادات الأحزاب الفاسدة التي نهبت البلاد و سبت العباد..
كفاح حسن
أواخر تشرين الأول 2017



#كفاح_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنضع النقاط على الحروف
- في مجلس الفاتحة على روح جلال الطالباني
- الرابطة التي لا تتزعزع
- ساهر.. صحفي بارع من تلاميذ طريق الشعب
- في رثاء الشيوعي الاخير في عينكاوة .. سليم بولس
- ذكريات كربلائية
- عن الاستفتاء في الاقليم
- الارهاب يوجه ضربته الغادرة إلى ستوكهولم
- للخيانة طعم مر
- مام صالح..نموذج للنقاوة و الوفاء
- احمد الهاشمي..و ذكريات الزمن الغابر..
- حاجي جمال..نموذج نادر للإنسان الطيب
- في ذكرى وضاح
- ما بعد تحرير الموصل
- في ذكرى بطلة كربلاء
- المعركة المصيرية في الحانة الشامية
- لماذا أحرقت الكرادة
- من ذاكرة الأيام .. حاجي بختيار
- وجوه لاتنسى
- ليلة ليست كبقية الليالي..


المزيد.....




- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...
- شولتس أم بيستوريوس ـ من سيكون مرشح -الاشتراكي- للمستشارية؟
- الأكراد يواصلون التظاهر في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن أوجل ...
- العدد 580 من جريدة النهج الديمقراطي
- الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تُعلِن استعدادها ...
- روسيا تعيد دفن رفات أكثر من 700 ضحية قتلوا في معسكر اعتقال ن ...
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال ...
- لحظة القبض على مواطن ألماني متورط بتفجير محطة غاز في كالينين ...
- الأمن الروسي يعتقل مواطنا ألمانيا قام بتفجير محطة لتوزيع الغ ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كفاح حسن - واثق الخطوة .. يمشي ملكا