مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1468 - 2006 / 2 / 21 - 11:34
المحور:
الادب والفن
في كلّ مساء
تعزفُ غرفتنا الخشبية
الناي على فرح الوادي المتفيأ بالغيم وبالاشجار
فترددها اوتار الريح بترتيلٍ قدسيٍ دافءْ.
ترتيل الدير القابع في عمق الزمن المهجور..
الوادي المستور المدهون اريجاً برذاذ الازهار الجبلية
يهبطُ من منحدر الجبل الغارق في غيماتٍ دانيةٍ.
الوادي الساكن في نسغ الضوء المسترسل
كالغصن المجدول ضفائر في شوق الانهار..
قدام الكوخ الجبلي
تجيءُ تباعاً في الفجرِ
افواج ايائل حوريات
وغزالات رقطاء
تصعد من صدرالكوخ الى الاعلى
وتدوسُ القشّ المتراكم من اوراق الاغصان الصفراء
نسمعُ سرداً مطموساً ما بين حوافرها
وحصى منثوراتْ
احياناً..
تحتك بنا عن قرب ٍ
تنضجُ فيها فكرة نطح الجدران
احياناً..
تتطلعُ في الشباك لتحصد رؤيتنا
وتعانق همس الصوت السارح في سر سكون العتمةْ
احياناً..
تجفـل منا
تجفل من عزلتنا، في داخل وحدتنا
وتراقب عري الانفس قبل الاجساد.
نحن معاً.. الظل هو الجالس قرب الموقد
والظل انا الراقد قدام الشباك
فلنا لون خاص
يتناسخ في المخلوقات الارضية
ولنا حلمٌ بفضاء اللؤلؤ في اغوار البحر
خدرٌ في خلق زوايا العشب الاخضر
ولنا ذاكرةٌ تحمل أشْباحاً من اجنجةٍ تسعى للطيران
بتصورنا..
نحن معاً
ان الكوخ الجبلي الجاثم في وسط السفحِ
يمنح فرصة
في رؤية ما خلف التقديرات
يستأصلُ منّا ما كدس من اوجاع السرداق المغلق
فنعيش على ضوء قناديلٍ، كانت كالشمس تضيء الفكر
اطفئها الحقد ضجيج كلام مخبول
ولهذا نتقارب بالودِ..
نفتحُ ابواب التفكير على وطنٍ
اصبحنا فيه ضيوفْ
وهلامينَ هلامينَ هلامينْ
نتشابك في السهدِ..
نستنفر في وهج المحنة يغرينا التفسير
ونسلي انفسنا
بمخيلةٍ ورسومٍ مختلفة..
بثعالب تحمل تعويذاتٍ للصيد
بالارنب يقفز منحدراً في الوادي
والقط البري يراقبهُ
وطيور الاشجار تغني.. في اعينها،
قامات مراعي
تتموسق في الحان شتى
ونتابع في سفرٍ بحري سنجاب عند النبعِ
وغراب اسود ابيضْ، يتقافز بين اخاديد الصخر النعسان
نفرح بالنمل يغادر مسكنه
وفراشات سنابل فضية
تمضي نحو النور المبثوث من الشباك
وعلى اطراف السقف من الاسفل
فئران الوادي الحنطية
تتسابقُ في خلق اشاراتٍ تحذيرية.
مغموسينَ ومنشورين نمدّ الأرجل في قفص الماضي
نغسلُ كل هموم القلب
ونشم تعاريج الارض
بتراويح المخلوقات الجبلية
بعيون مياهٍ تمشي، لتعرّش حبّ الكون
بتصورنا..
ان الوحدة افضل من تلك الضوضاء الجبرية
من قتلٍ ملغومٍ في خبز الفقراء
من تفجيرات العقل السادية
نبقى ننْبضُ آمالاً
ننْسجُ اوهاماً لنبوءاتِ الفرح القادم
نتسامح في مدنٍ
تلد النوتات لعشق الانسان
فَنُرَحّل احلاماً
عبّر نجومٍ تمتدّ بعيداً نحو نجومٍ في الوطن الغائب
ونقيم علاقات الاهداب بلون الظلِ ولون الثلج..
تتهجّأ فينا الكلمات
بحنينٍ يخطو، نحو شواطئ تحمل بين ثناياها
الموج القادم من موج بطيء
نلبس قمصاناً، لجبال الزمن السابق
نتداول في الجمر الباقي
كي تبقى.. تعزفُ غرفتنا الخشبية
الناي بصوت المخلوقات
حيث الظل الراحل فينا
يصبحُ ضحكاً للدمعِ المنسوج براعم.
1 / 2 / 2006
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟