أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيام محمود - جوليات .. 5 .. ( لاجنسيّة / Asexual ) و ( مغايرة / Straight) .. 1 ..















المزيد.....

جوليات .. 5 .. ( لاجنسيّة / Asexual ) و ( مغايرة / Straight) .. 1 ..


هيام محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5684 - 2017 / 10 / 31 - 07:55
المحور: الادب والفن
    


بين الحقيقة والخيال أكتب بإيجاز هذه القصة , وأُهديها إلى كل الذين لن يهتموا لها , وإلى كل من تتكلم عنهم ومن أشبههم : مهما كانت "أنواعكم" , لا تسمحوا لأيّ شيء يوجد على سطح الأرض أن يفرض عليكم "نوعًا" ليس "نوعكم" الذي تعلنون أو حياةً ليست الحياة التي تُريدون مع أملي أن تعوا أن السبب "الرئيس" لمعاناتكم هو خرافة الأديان وآلهتها فليتَ الذين منكم لا يزالون في الأوهام يسبحون , يستيقظون .
__________________________________________________________________________

رأيتُ نفسي دائما "مُغايرة" منذ صغري ولازلتُ أرى ذلك إلى الآن ولم تكن عندي يوما مشكلة مع المثليّة حتى أيام "جاهليّتي" الدينية أينَ كنتُ متديِّنة إسميّة و"أُمِّيَّةً" دينيًّا , لم ترقني يومًا "التصنيفات" لأنها تؤسّس للتمييز والعنصرية وأول "تصنيف" لم أقبله هو التصنيف ( رجل / إمراة , ذكر / أنثى ) وما يتبعه من زعم "بدوي" بأن "العادي" و "الطبيعي" هو ( رجل و إمرأة ) وما عداه فـ "شذوذ" و "إنحراف" و "مرض" .

عرفتها منذ سنوات فكانت أجمل هدية في حياتي كلها ؛ نوع خاص من العلاقات الإنسانية لم أجد له لا أنا ولا هي توصيفا أو "تصنيفا" , فهي "لاجنسية" أي لم تشعر لحظة في حياتها بـ "انجذاب" لبشر ذكرا كان أو أنثى ولا تزال وأنا "مغايرة" لم أشعر يوما بـ "انجذاب" لإمرأة ولا أزال . كان الجواب "المنطقي" أن يكون الذي يربطنا ببعض "صداقة" قويّة فأكون أنا "صديقتها" الأقرب إليها وتكون هي "الصديقة" المفضّلة عندي لكن هذه الإجابة لم تكن شافية لنا , فهي لا تراني "صديقة" وأنا لا أراها كذلك فهي عندي أكثر من ذلك بكثير ونفس الشيء أنا بالنسبة لها ؛ أذكر أول مرة ذهبت معها إلى منزل أهلها وعندما قدمتني إليهما نظرَتْ لهما ثم لي وقالت : أأأأ ... , فقاطعتُها وقلتُ : إيلان , لم تجد لي "تصنيفا" ولو كانت تراني "صديقة" لقالت ببساطة : ماما , بابا هذه "صديقتي" إيلان , لكنها لم تفعل , نفس "الحرج" كان دائم الوقوع معي كلّما وصفها أحدٌ من أفراد عائلتي بـ "الصديقة" أو بـ "الأخت" فكنتُ في الحال بيني وبين نفسي أتساءل هل هي كذلك أم لا ؟ وجوابي لم يكن "صديقة" أو "أخت" بل كان دائما "لا أعلم" ! لكني كنتُ أقول أن "البشر الوحيد" الذي أفكّر في سماعه ورؤيته عندما أفتح عينيّ كلّ صباح هو ( هي ) , و "البشر الوحيد" الذي أنتظر بشوق إتصاله ورسائله هو ( هي ) ؛ لم أشعر بذلك يومًا مع أخواتي بالرغم من "حبّي" الكبير لهنّ ولا مع صديقاتي بالرغم أيضا من "حبي" الكبير لهنّ , معها ( هي ) كان كل شيء مختلفا فأنا لم أستطع يوما أن "أصنّفها" أو أن أستعمل لفظة "حب" معها ولم أستطع أن أفهم لماذا لا أقول عنها مثلا : تامارا أفضل "صديقاتي" أو "أحب" تامارا "صديقتي" أكثر من كل "أخواتي" و "صديقاتي" الأخريات ؟

بعد حادث المرور الذي تعرضت له بقيتُ مدة طويلة في حالة غيبوبة وأذكر أن أول شخص خطر ببالي عندما عاد لي وعيي وأردتُ رؤيته هو ( هي ) , وكان لي ذلك عندما إستيقظت ووجدتها تنتظرني ماسكة بيدي , كانت وحدها ولم يكن معها أحد حتى أفراد عائلتي الذين كانوا يزورونني يوميّا كانوا يُغادرون في الليل أمّا ( هي ) فلا , أسرعَتْ لحظتها لإعلام الطبيب والممرضين الذين حضروا وكانوا سعداء جدا بنجاتي من الموت بأعجوبة بعد العمليات التي أُجريت لي , علمتُ بعد ذلك منهم أنها لم تتركني "لحظةً" طوال الشهر والنّصف الذي بقيت فيه في حالة الغيبوبة , ويوم خروجي من المستشفى وأنا مُحاطة بـ "الجميع" قال لي أحد الأطباء هامسًا في أذني : أتمنّى "لكما" حياة سعيدة . بعد حادثي ذاك لم يصفها أحد من عائلتي بـ "الصديقة" أو بـ "الأخت" وكلما حضر ذكرها في كلام أو مرّ طيفها في نقاش كانوا يسمّونها بإسمها دون "ألقاب" , لم يرقني ذلك ولم يكن في "صالحي" أني لم أعرف رجلا إلى ذلك الوقت فشرحتُ لأمي حقيقة ما يحدث بعد أن سألتني : هل أنتِ أأأ ... ؟ وسكتَتْ دون أن تُكمل كلامها , قلت لها أني حقيقةً لا أعلم ما الذي يحدث لكن ما أعلمه يقينا أني "مغايرة" و "أتمنّى" التعرّف على "رجل حياتي" و"أتمنّى" أن يكون لي ذرية معه وكل شيء آخر "تحلم" به أيّ فتاة أخرى .. فردّت : إذن أنتِ "ثنائيّة" .. لم يعجبني ردها فغضبت وقلتُ لها : أمي , تامارا لاجنسيّة وأنا لستُ مثليّة ! .. فصرخَتْ في وجهي بسخرية : ما الذي يوجد إذن ؟!! "حبّ" "عذري" ! .. فأجبتُها : لا أعلم , حقيقةً لا أعلم .. فتركتني وهي تُتمتم : مُقزِّزة , مقرفة , مقزِّزة ..

بعد مغادرتي للمشفى , كانت تامارا قليلة الحضور إلى منزل عائلتي لكننا كنا نُمضي أغلب اليوم معا بالهاتف وعبر النات , لم أقل لها الذي حصل مع أمي لكني كنتُ متأكدة من أنها فهمتْ أن العائلة "الكريمة" لم تعد تُرحّب بها كما كان الأمر قبل حادثي ؛ ذلك الحادث غيّر الكثير في حياتي , كان تجربة قاسية ومؤلمة لكنّه كان حقيقةً ولادة جديدة بالنسبة لي أعقبتها حياة فريدة لم أكن أتوقّعها . بعد أن تعافيت , عدتُ إلى عملي المعتاد وإلى رفاقي الذين تركتهم قبل حادثي فوجدتهم قد تغيّروا ؛ كلهم سمعوا ببقاء تامارا معي في المشفى , فيهم من يعرفها ويعرف أنها "لا تحب الرجال" , أضافوا إلى ذلك أنهم لم "يروني" مع رجل ففهموا سبب "رفضي" لأحدهم منذ سنوات وسبب "رفضي" لـ "كل" الرجال , الأحكام التي أصدروها كلها "تُدينني" وكانت كالآتي : سِتَّةٌ منهم أغلقوا سفاراتهم عندي وقد حرّضهم على ذلك زميلٌ رفضتُه سابقا وقد رفضته منذ البداية لأنه قبيح الشكل وكنت أتعجّب كيف خطر بباله أنّه يمكن أن "تنظر" من هي مثلي إلى من هو مثله , وواحدٌ أغلق الباب وترك شباكا صغيرا فقط لإحتياجه لي في العمل فقد كنت أقوم ببعض مهامه وأنوب عنه عندما يغادر العمل قبل إنتهاء الوقت ؛ كلهم أدانوني بـ "جرم" لم أقترفه . تلك الأيام كانت صعبة عليّ لكنها كانت الوقت الذي تحرّرتُ فيه من كلّ السّجون التي يعيش فيها كل هؤلاء "المساكين" الذين يُحيطون بي , موقفهم وحكمهم جعلاني أفكر : لماذا يحمل رفاقي نفس فكر ماما ؟ إذا كنت "أنا" صاحبة الشأن لا أعرف حقيقة ما يربطني بتامارا فمن أين أتَتْهُم "هم" كل هذه الثقة لـ "يُشَخِّصُوا" الذي عندي ؟ والسؤال الأهم الذي طرحته : لماذا كل هؤلاء البشر يرون و "يُصنّفون" العلاقات البشرية بمنظار "جنسي" ؟ .. يومها لم تكن الرؤية واضحة عندي لكني كنتُ متأكدة من وجود خلل ما وهذا الخلل لا يمكن أن يكون مني فأنا لم أخطئ في حق أحد ولم أعتد على أحد , كل ما في الأمر أني كنت "سعيدة" مع "إمرأة" مثلي لا ( هي ) ولا أنا كنا نحمل "رغبات" جنسية تجاه بعضنا لكننا نحمل "شيئا" آخر ؛ "شيء" جعلني على إستعداد أن "أضحي" بكل عالمهم من أجل أن يستمرّ .

بعض أقوال زملائي في العمل جعلتني أتساءل عن ميولي الجنسية , فالإحتمالات التي سمعتها ثلاث فقط : إما "أخت" أو "صديقة" أو "حبيبة" و "حبيبة" يعني رغبة وممارسة جنسية بـ "الضرورة" وإذا قلتُ غير ذلك فأنا في الإحتمال الثالث الذي وضعوني فيه . إستغرابي من ثقتهم في "التّصنيف" وإصدار الأحكام جعلني أرى بوضوح كمَّ الظلم الذي يُمارسه هذا المجتمع على من خرج عن الطريق المُسَطَّر له حتى دون قصد أو تعمّد ذلك كحالتي , ومدى إنعدام قيمة الإنسان فالقيمة تُعطى له إذا إلتزم وتُسحب منه دون أيّ عناء إذا لم يلتزم , كنت يومها ككل متديّنة إسميّة ألقي باللوم على المجتمع والثقافة والعادات والتقاليد دون أن أعرف أصل كل الشرور .

إتصلت بتامارا قبل نهاية عملي لنتّفق أينَ نلتقي فقالت أنها مع صديق وعند إعتذاري عن اللقاء ألحّتْ لكي تقدمني لصديقها فرفضتُ , لا أستطيع أن أُنكر أن الشعور الذي أحسستُ به لم يكن إلّا نوعًا من "الغيرةً" التي لم تزدني إلا تساؤلا وحيرة , بعد أن أنهيتُ الإتصال واجهتُ نفسي لأول مرة وسألت : هل "أحبّها" ؟ جوابي كان أقرب إلى الـ "نعم" لكني تساءلت : كيف يكون ذلك وأنا لا أشعر بأيّ رغبة جنسية تجاهها ؟ فكل رغباتي كانت مُوجّهة نحو هذا الرجل الذي لم يظهر إلى الآن ؟ وحتى عندما أكون وحدي أُشبع رغبتي لم أستطع يوما رؤيتها بل كنت لا أرى إلا رجلا ! .. منذ ذلك اليوم حاولتُ "رؤيتها" مرارا فلم أستطع , كان ذلك مستحيلا معها ومع أي إمرأة أخرى , فأكّد لي ذلك "مغايرتي" لكنه لم يستطع نفي "حبّي" لها فاستجمعتُ قوايا وقررتُ مصارحتها .



#هيام_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة وجيزة عن اللاجنسيين ( Asexuals ) و- مشاكسة - للملحدين . ...
- جوليات .. 4 .. هدية للنساء : ( شكرا (ماما) ) , وكلمة للرجال ...
- شكرًا لكَ -سيدي- البيدوفايل وشكرًا لكِ -سيدتي- البيدوفايل ..
- جوليات .. 3 .. مُسلِمة كيوت وملحد بدوي ..
- جوليات .. 2 .. عاهرة ..
- علاء .. 8 .. القصّة .. فصل 1 .. نظريّة العَوْدَة وتبادُل الط ...
- علاء .. 8 .. القصّة .. فصل 1 .. نظريّة العَوْدَة وتبادُل الط ...
- علاء .. 8 .. القصّة .. فصل 1 .. نظريّة العَوْدَة وتبادُل الط ...
- جوليات ..
- علاء .. 8 .. القصّة .. فصل 1 .. نظريّة العَوْدَة وتبادُل الط ...
- علاء .. 8 .. القصّة .. فصل 1 .. نظريّة العَوْدَة وتبادُل الط ...
- علاء .. 8 .. القصّة .. فصل 1 .. نظريّة العَوْدَة وتبادُل ال ...
- علاء .. 8 .. القصّة .. تقديم ..
- علاء .. 7 .. عندمَا نئنّ ..
- علاء .. 6 .. أَنَا وَأَنْتَ .. وَهُمْ .. وَهْمٌ وَعَدَمْ ..
- علاء .. 5 .. أنا وأنتَ .. عبث ..
- علاء .. 4 .. أنا وأنتَ .. وَهُمْ .. قَمْلٌ وَجَرَادٌ وأُمُور ...
- علاء .. 3 .. أنا وأنتَ .. هل أنتَ ديناصور ؟ ..
- علاء .. 2 .. عن صلب المسيح وصلبى ..
- إلى هيئة تحرير الحوار وإلى قراء الحوار ..


المزيد.....




- شركة روسية تبدأ في تصوير فيلم سينمائي في دبي
- لماذا تُعتبر هذه المدينة القديمة مهد الثقافة التايلاندية؟
- محافظة أفغانية تغلق محطة إذاعية لبثها الموسيقى
- تونس.. فنون الخط العربي تستعيد جمالياتها العريقة
- التناص والتلاص.. هل أضحت السرقات الأدبية -علامة عربية مسجلة- ...
- كلاكيت: المخرجون عندما يقعون في غرام الأدب
- انطلاق فعاليات -مهرجان الثقافة الكُردية الأول-دورة الشاعر عب ...
- علماء يكتشفون أصول أقدم نظام للكتابة في العالم
- الفنانة هند عبد الحليم تطلب من جمهورها الدعاء بعد إصابتها با ...
- البحرين تفوز بجائزة أفضل وجهة للمعارض والمؤتمرات (صور)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيام محمود - جوليات .. 5 .. ( لاجنسيّة / Asexual ) و ( مغايرة / Straight) .. 1 ..