|
ايها الاعراب : من منكم افضل من صدام حسين ؟
كفاح محمود كريم
الحوار المتمدن-العدد: 1468 - 2006 / 2 / 21 - 11:35
المحور:
كتابات ساخرة
منذ البدءِ كانت الأعرابُ أشد كفراً ونفاقاَ، تسلطاً وانحرافاً ، تحكمها الغرائز والعواطف الجياشة ، فرحاً أو غضبا عصابيا حتى تصل في درجاتها حد إبادة الآخر دون ما ( أن تهتز لها شعرة واحدة ) ، ألم يقل ( رئيسنا القائد ) ذلك ذات يومٍ ؟ ترى ؛ هل كان وحده قد إغتال منظومات الأحساس لديه أم هي صفة متأصلة في التكوين لا في شخصهِ فحسب وإنما متوارثة منذ مئات السنين ، ولم تخترقها كل قوانين السماء والأرض ، بل إكتفت بتغليفها وتجميلها دون ما المساس في أصولها (!) . هنا لا أريد أن أضع تفاسيراً أو حدودا جغرافية بين لفظتي العرب وما تعنيه أو الأعراب وما تومئ إليه بقدر تساؤلاتي عن سلوكيات وأنماط التفكير لدى اولئك الذين نعتهم القرآن الكريم منذ البداية بهذه الصفات ، ولأن هذا الكتاب العظيم لكل زمان ومكان فستبقى الأعراب أحد طرفي الصراع حتى يفرج الله علينا وعليهم ( ويحكمُ آياتهِ ) . بعد سقوط إمبراطوريات القبائل ، إنكفأت تلك العشائر إلى حجومها التي تحكمها قوانين الخيمة والرمل والماء والحريم والكلأ ، مكتفية بذكريات الماضي وإجترار ( الأمجاد والبطولات ) حتى عادت ثانية في مطلع القرن الماضي لتؤسس دول العشائر وممالكها العتيدة دون ما تغيير في الجوهر والسلوك . لقد نجحت قبائل الأمبراطريات في ( تطوير) أنظمتها رغم حجومها الصغيرة هذه المرة ، وامتدت دولها من المحيط إلى الخليج وغدت إمبراطورية بني العباس وبني عثمان أكثر من عشرين دولة مناضلة يقودها هذه المرة أكثر من عشرين أميراً لهولاء المؤمنين ( بدلا من أمير واحد ) ، ألم أقل لكم إنهم يتكاثرون ويتوالدون كالقطط الشتائية ، وأصبح لدينا أكثر من عشرين جنة عدن بدلا من واحدة (!) . إذن الأعرابُ هم الأعراب، فقط كان لعامل الزمن وتراكماته اثرٌ على الشكلِ، حيث تم استبدال (الديكور الخارجي ) وإضافة بعض (الإكسسوارات) وتغيير ( موديلات ) وسائل النقل والحركة (!) . أما المضمون والسلوك والحالة النفسية ولغة التخاطب والتعامل والتقاتل، فورب الكعبة بقى هو هو ما تغير قيد أنملةٍ (!) . منذ أن شكلتْ ( عشائرنا الأصيلة ) ممالكها العظيمة وإماراتها العتيدة وجمهورياتها الخالدة على ضفاف الخليج وسواحل البحار والمحيطات في النصف الأول من القرن الماضي وحتى هذا اليوم ورئيسُ العشيرة أو شيخها يتوارث حكمنا ( بأمرٍ من الله ) أو بأمرٍ من ( مجالس الشعب ) المصنعةِ في غرفةِ نومهِ. وإن كثرت العشائر في دولة من هذه الدول، تقاسم شيوخها الغنائم حسب حجومها وولائها للرئيس القائد ..... (الرئيسُ القائد ) هنا صفة لمن يحكم دولة شيخ العشيرة (!) . ومنذ ذلك التاريخ ( أي منذ مطلع القرن العشرين ) وجميعهم ( أبا عن جد ) يحكموننا بإصرار ولا يغادرون كراسي حكمهم إلا ( لحاجة ماسة ) أو أمر عزرائيلي ، فلم يكُ الرئيس صدام حسين الأوحد في حكمه ولم يك مكتشفاً لهذا النمط من ( القيادة ) بل هو واحدٌ من نتاجا ته . فقط ربما يسجلُ له الإبداع في تطويرهِ وتنويع أساليبهِ في الغزو الداخلي أو الخارجي (!) . مَن مِن كلِ دول العشائر هذهِ بقى ( شيخها القائد ) في الحكمِ أقل من صدام حسين ( باستثناء من أزيحَ بأمرٍ من عزرائيل أو تآمرٍ من شيخٍ آخر يكملُ المسيرة ) ؟ وهل هو الوحيد بين أقرانهِ مَن انقلب عليهِ قريبه ؟ لقد وضع الآخرون آباؤهم في السجون حتى الموت من أجل كرسي الحكم ؟ وقتل الآخرون إخوتهم وأولياء عهودهم أو ربما كانوا أكثر لطفاً ففقعوا عيونهم ليمنعوهم عن الولايةِ (!) . مَن مِن كلِ ( الملوك والأمراء والرؤساء ) لدول العشائر هذي يعترف بالرأي الآخر أو يحترمه على أقلِ تقدير ، خصوصاً ما يتعلق بالكرسي وتداولهِ ؟ مَن منهم مَن لم يقتل المئات والآلاف من ( عملاء الشيوعية والإمبريالية والصهيونية ) من أبناء جلدته دفاعاً عن الأمة ومقدساتها المنزوية بين ( كراسي الحكمِ ) لمجرد الاختلاف في الرأي ؟ وهل كانت ( حلبجة والدجيل ) يتيمتان بين قريناتهما في مدن دويلات العشائر ؟ هل إبتكر ( صدامنا ) أحواض الأسيد وقطع الرقاب من الوريد إلى الوريد لوحدهِ أم ورثها عن غيره من ( الأجداد العظام ) وأجاد في تطويرها ؟ هل جنوب السودان وسواحل الجزائر وليبيا وتونس والأقباط وأبها وحماه والقامشلو وتل الزعتر والجمهورية الصحراوية والبحرين وجنوب وشمال اليمن والبدون في الخليج ، كانت ايظاً تحت حكم ( الرئيس القائد صدام حسين ) ؟ صحيحٌ ؛ إن رئيسنا الضرورة قد ( أبدع ) في تطويره واستخداماته لهذا النمط من التفكير والسلوك ، وأراد الاختصار بالزمن والنوع (!) إلا انه لم يكن الوحيد ، من الناحية الفكرية والسلوكية، فقد كان هناك مئات الآلاف ممن يكتنزون هذا التكوين السايكولوجي في ممارساتهم التي مهدت للرئيس القائد وسهلت مهمته في القيادة والتنفيذ بحيث تكاثرت هذه الجموع وغدت أضعاف أضعاف ما كانت عليه، حتى وصلت في كثير من معارك دولة الضفادع حد المزايدة في التطبيق على الرئيس نفسه (!) ويبدو لي إننا سنقع في خطأ كبير لا يقل خطورة عن ذلك الإثم الذي اقترفناه يوم تأسست مملكة العراق تأسيساً هشاً ، وقبلنا فكرة ( استيراد ) ملكاً لنا ، وأذعنا لتهميش شيعته وكورده ، بمحاكمة الرئيس السابق ( والحالي كما يشتهي سيادته أطال الله عمره ) لشخصه والتسريع بإعدامه . إن محاكمة الرئيس صدام حسين فرصة تاريخية للعراقيين دون ما كل الشعوب الأخرى لا لمحاكمة شخص ما بل لمحاكمة منظومة فكرية وسلوكية واجتماعية طالما سيطرت على مقدراتنا وتوجهاتنا ابتداء من الأسرة والمدرسة والجامعة والعسكر و الأحزاب وكل مؤسسات المجتمع المدني ومفاصله وصولا إلى مؤسسات الرئاسة والقرار، لا أن نكتفي بإعدامه ، ونرسله إلى الماضي ثم لا نلبث بإعادة تصنيع أجيال مطورة عنه ، وهي أكثر بشاعة وبشاشة ستفقدنا بالتأكيد ماتم تأسيسه خطأ قبل أكثر من ثمانين عاماً . إننا أحوج ما نكون اليوم إلى مراجعة فكرية هادئة لا يشوبها التشنج والعواطف الجياشة ، فنحن ( ويبدو ) ذلك في مرحلة تأسيس كيان جديد على أنقاض كيانات كان يحكمها يزيد بن معاوية منذ أكثر من ألف عام باستثناء بعض الأشراقات التي تخللتها ولم تؤثر على مجراها ، وعليه سنضطر إلى استقبال الكثير من ( المجاهدين والمناضلين ) الذين يدافعون حتى الأنتحار من أجل بقاء منظومة يزيد بن معاوية وأبا لهب ومن لف لفهم من خلفاء الجواري ورؤساء الغلمان من قادة الأمة و( آلهتها ) .
#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قفوا :انتم على خطأ ايها السادة .. لا تقتلوا الرئيس !
-
مهلا أيها السادة ... دعوا الرئيس يتكلم !
-
دولة النقيق ... وإمبراطوريات القبائل !
-
دولة ألضفادع ... بين حسين كامل وعبدالحليم خدام!
المزيد.....
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|