|
كفى لحُكامِ بغدادَ وأربيل
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5679 - 2017 / 10 / 25 - 15:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كمُواطِن ... أشعرُ بالإحباط الشديد ، بِطعمِ يشبه الهزيمة ، بشعورٍ يقرب من الإنكسار . لا أقصدُ هُنا إحباطاً ناتِجاً عن بسط الحكومة الإتحادية سيطرتها ، على كركوك والمناطق الأخرى ... ولا أعني هزيمة البيشمركة عسكرياً ... ولا الإنكسار المُلازِم للنزوح وما يرافقهُ من مآسي . بل أعني ببساطة : اليأس من هذهِ الطبقة الحاكمة ليسَ في أقليم كردستان فقط ، بل في عموم العراق أيضاً ... أن فُقدان الثِقة بكُل الأحزاب القابِضة على السُلطة ، أدى بي وبعشرات الآلاف غيري أيضاً ... إلى ذاك الشعور المرير بالإحباط والهزيمةِ والإنكسار . خلال العقدَين الماضييَن ، كتبتُ 1600 مقالاً ، أكثرُ من ألفٍ منها ، في نقد الحكومات والسلطة في بغداد وأربيل ، في فضح الفساد وإحتكار السلطة وقمع الحُريات وإستغلال الدين والمذهَب والقومية ، في خداع الجماهير . منذ بداية التسعينيات ، إنتقدتُ بوادِر إحتكار السلطة في الأقليم تحت اليافطة سيئة الصيت " فيفتي فيفتي " بين الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني ، والصراع المحتدم بينهما بعد ذلك ، والذي أدى إلى مقتل وجرح آلاف البيشمركة البسطاء من الطرفَين بدون أي مُسّوغ . ثم جمعَتْهما أمريكا وصالحَتْهما ، وذهبتْ الدُماء المُسالة في تلك الحرب اللاأخلاقية ، هدراً . وبعد 2003 ، سارعَتْ الأحزاب الكردستانية الحاكمة ، بالتنسيق والتفاهُم مع أحزاب الإسلام السياسي في بغداد ، تحت رعاية ووصاية المُحتَل الأمريكي ... فأنشأت نظام المُحاصَصة اللعين ... الذي من خلاله ، تكّرَسَتْ الطائفية المذهبية والسياسية وتغلغل الفساد بأنواعه في كُل مفاصل الكيان الجديد . ومن بركات المحاصصة وتقنين الفساد : ظهور حواضن ممتازة لإرهابيي القاعدة في الداخل ، وبرعاية سوريا وإيران وتركيا ودول الخليج ، وسط تواطؤٍ مشبوه من المحتل الأمريكي ... بحيث عّمتْ الفوضى والتفجيرات والتهجير معظم مدن العراق ... وأفرختْ القاعدة داعش وتكاثرتْ بالمُقابِل ميليشيات طائفية شيعية مسلحة خارج القانون . ثم كانت مأساة سبايكر وبعدها سقوط مدنٍ كُبرى بيد داعش .. وبدلاً من مُعاقَبة المسؤول الأول عن كثيرٍ من المآسي " نوري المالكي " ومُحاسبة أحد أبرز النافخين في قِربة الطائفية " أسامة النجيفي " ... فلقد كُرِما بتنصيبهما نائِبَين لرئيس الجمهورية . وليس هذا فقط ، بل ان كُل المتورطين في قضايا فسادٍ كُبرى خلال السنوات الماضية ، ومن كُل الأطراف المحاصصاتية بكردهم وعربهم ... الخ ، وبعضهم مُتهمٌ بالخيانة والتعاون مع الإرهاب ، وآخَرين بنهب وهدر مليارات الدولارات ... لم يتم مُحاسبة أحد منهم ولا مُقاضاتهم ولا مُلاحقتهم ... فقسمٌ منهم مازال متربعاً على هرم السلطة ، وآخرين غادروا العراق بأموالهم الضخمة التي نهبوها . .................... * ليس دفاعاً عن سُلطة الأقليم ... لكن " الحشد الشعبي " المُشكَل أساساً بنداءٍ من السيستاني ب " الجهاد الكفائي " ضد داعش ، وذلك لقلة كفاءة الجيش والشرطة الحكوميين ، حينها . وليس من مهامه مُقاتلة البيشمركة ... فكان ينبغي أن يقوم الجيش الإتحادي بهذه المُهمة ، لوحده ، إذا كانَ لا بُد منها . فالحشد ليس كتلة مُتجانِسة ، بل فيها تشكيلات طائفية متشددة تعمل بإجندات إيرانية سافرة .. وليستْ مقبولة ولا مُرّحَب بها ، لا كُردياً ولا سنِياً . * ليسَ دفاعاً عن سلطة الأقليم ... لكن الجيش والحشد الشعبي ، لم يكُن ينبغي أن يتجاوَز الأماكن التي كان فيها قبل 9/6/2014 . فكان من الحكمة أن يتوقف في " كَي وَنْ " ومكتب خالد وحقول النفط ، ولا يدخل مدينة كركوك . وبعدها يلجأ إلى التفاوض لحل المسائل المعلقة الأخرى . * ليس دفاعاً عن سلطة الأقليم ... لكن تصرفات قسمٍ من الحشد الشعبي في طوزخورماتو ، يُؤكِد بأنها ميليشيا طائفية خارجة على القانون .. حيث هجّرت مئات العوائِل وأحرقتْ وهدمتْ بيوتهم ومحلاتهم التجارية ، بعد أن سلَبَتْها . * ليسَ دفاعاً عن سلطة الأقليم ... لكن [ الرَمز ] المُتمثِل بالسلطة الإتحادية وحكومة بغداد .. أسؤا كثيراً من بعض النواحي ، من سلطة وحكومة الأقليم . فلسنا بحاجةٍ هُنا إلى مسيرات لَطم وتطبير وعويل وصراخ على مدار السنة .. لسنا بحاجةٍ أيضاً إلى مفارز الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر ، وتقييد الحُريات الشخصية . كما ان فضائِح النهب الكُبرى في بغداد والمحافظات تزكم الانوف . ********************* - ليس دفاعاً عن الحكومة الإتحادية ... لكن بغداد رغم هبوط أسعار النفط وإحتلال داعش لمدنٍ كبيرة ( وهي نفس الأعذار التي تتحجج بها أربيل ، في تقليصها وتأخيرها للرواتب ) .. فأنها أي بغداد ، إستمرتْ في دفع الرواتب وفي مواعيدها ، وحتى للمحافظات التي وقعتْ بيد داعش . في حين فشلتْ أربيل حتى بعد ان قامتْ بتصدير النفط مباشرةً . - ليس دفاعاً عن الحكومة الإتحادية ... لكن فشل أربيل في تشكيل جيش وطني موحّد من البيشمركة ، وتدريبه وتجهيزه بمعدات جيدة وأسلحة متطورة وأعتدة كافية ، طيلة السنين الماضية ، يُعّدَ إنتقاصاً وإهمالاً كبيراً ... لكن الأمّر من ذلك .. زجَ البيشمركة غير المُوحدَة وغير المُؤهَلة ، في إشتباكات غير مُتكافِئة مع الجيش العراقي والحشد الشعبي ، بلا غطاءٍ ولا دعمٍ دولي أو أقليمي ... أن ذلك يُقّلِل كثيراً من " هيبة " وسُمعة البيشمركة التي حصلتْ عليها ، بشجاعتها وتضحياتها خلال مقارعة داعش لثلاثة سنوات ماضية . - ليس دفاعاً عن الحكومة الإتحادية ... لكن رغم المُحاصصة سيئة الصيت والفساد في بغداد ، فهنالك مجلس نواب " على عّلاته " وحكومة " على نواقصها " ورئاسةُ " على هزالتها " ، وهي قائمة على الدستور " رغم مئات المآخِذ على إنتقائية تطبيقه " ... بينما في أربيل : رئاسة أقليم مُنتهية الولاية منذ أكثر من سنتَين / حكومة مشلولة منذ سنين / برلمانٌ مُعّطَل منذ أكثر من سنتَين .. وفوق ذلك مّدَدَ لنفسهِ البارحة لثمانية أشهُر أخرى ! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نعم ... نُعاني من الإحباط الشديد ... لكّنا لم نُهزَم من الداخِل .. ولم ننكَسِر في أعماقِنا ... بل أن جذوة المُقاوَمة مازالتْ مُشتعِلة . وبصوتٍ عالٍ نقول : كفى لهذهِ الطُغَم الحاكمة في بغداد وأربيل ، كفى لهذهِ الأحزاب الفاسدة ، التي آذّتْنا كثيراً .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسرحيةٌ في مُنتهى البذاءة
-
- أحمد يونس - ... محطات من حياته
-
حمكو المجنون يقول : الإنتخابات ستُؤجَل
-
صِراعٌ على الحدود
-
بين أربيل وبغداد
-
رسالة إلى الشوفينيين العَرَب والكُرد
-
عَنْ وحَولَ إستفتاء كردستان
-
دعوةٌ إلى التعقُل والهدوء
-
مَعَ ... ضِد
-
القميص
-
إستفتاء الإنفصال .. مُلاحظات بسيطة
-
على هامش إستفتاء إنفصال كردستان
-
مُذكرات خَروف
-
مِن هُنا وهُناك
-
أني أحْتَج
-
خواطِر من روبار العمادية
-
- شيائِكة -
-
عن الموصل ، ثانية
-
فوضى اليوم ... فوضى الغَد
-
في إنتظار - العيدية -
المزيد.....
-
تحليل لـCNN يُظهر كيف تحولت الاحتجاجات السلمية في بنغلاديش إ
...
-
محمود عباس أمام البرلمان التركي: قررت الذهاب إلى غزة مع جميع
...
-
أوكرانيا تنفذ هجوما جريئا على كورسك.. اختراق استراتيجي قد يغ
...
-
ثقة الديمقراطيين في هاريس تتفوق على بايدن في ملف المناخ والش
...
-
أسوأ نتيجة منذ إعادة التوحيد.. ما أسباب تراجع ألمانيا في الأ
...
-
مطالبة أممية بضرورة تحسين ظروف الاحتجاز في سجن -جو- في البحر
...
-
ذكرى عودة طالبان.. آلاف الأفغان المهددين في انتظار دورهم للج
...
-
لوكاشينكو: هدف الغرب إسقاط أكبر عدد من الضحايا بين الأوكراني
...
-
مطار مدريد يعزز الإجراءات الوقائية من جدري القردة
-
لوكاشينكو: روسيا لن تتأخر في إرسال قواتها إلى بيلاروس إن تعر
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|