أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير ابراهيم تاية - وعد -بلفور-.. الرسالة التي غيّرت تاريخ المنطقة















المزيد.....

وعد -بلفور-.. الرسالة التي غيّرت تاريخ المنطقة


منير ابراهيم تاية

الحوار المتمدن-العدد: 5670 - 2017 / 10 / 15 - 13:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد مرور قرن من الزمان على إعلان وعد بلفور الذي شكل حجر الأساس وقدم المدخل الصهيوني لاغتصاب أرض فلسطين واقتلاع شعبها وطرده من وطنه، وفي سياق الجريمة التاريخية التي ارتكبتها بريطانيا، ، هذا الوعد الذي أدى إلى أكبر كارثة إنسانية عرفها التاريخ البشري لا تزال اثارها ماثلة الى اليوم، ان وعد بلفور ليس أوّل ولا آخر وعد يُقدّم لليهود عبر التاريخ؛ فهو مجرّد حلقة في إقامة الكيان الصهيوني، واستكمال لما بدأه نابليون حين وعد اليهود بتأسيس كيان لهم في فلسطين. ولا بد من قراءة لتسلسل الأحداث والوقائع التي سبقت إعلان وعد بلفور الذي ساهم بتأسيس الكيان الصهيوني على ارض فلسطين

في العام 1807 دعا نابوليون بونابرت إلى عقد مجمع يهودي بحضور كل الطوائف اليهودية في أوروبا لجمع شمل الأمة اليهودية، وبعد دخوله القدس وجه نابوليون رسالة إلى القادة اليهود قائلا "يا ورثة فلسطين الشرعيين" ، وبعد عودته إلى فرنسا منهزماً من مصر وبلاد الشام، دعا نابليون الطوائف اليهودية في المستعمرات الفرنسية إلى عقد مجلس (السانهدرين)، وهو أعلى هيئة قضائية كانت قائمة في التاريخ اليهودي القديم، وحجّته في ذلك مساواتهم بالفرنسيين والبدء بتأسيس الدولة اليهودية "في المنفى" لحين احتلال فلسطين
كان وعد نابليون لليهود بتأسيس دولة لهم أساس التفكير اليهودي الجدّي والعملي بإعادة ما يُسمّونه باطلاً "أرض إسرائيل". ولم يكن يدرك أحد أن نابليون هو من وضع حجر الأساس في العقلية اليهودية؛ فبعد هذه التجربة التي خاضوها مع بونابرت وفشلهم في تحقيق أمانيهم أدركوا أن فرنسا لن تقوم لها قائمة بعد هزائم بونابرت، فانتقلوا إلى دول أخرى، على رأسها بريطانيا فألمانيا وروسيا والنمسا

في العام 1838 أيّد رئيس وزراء بريطانيا اللورد بالمرستون موقف الزعيم اليهودي الثري روتشيلد في إرسال مجموعات من يهود أوروبا إلى فلسطين لإنشاء شبكة مستعمرات لكي تشكل حاجزاً يفصل مصر عن سوريا، وجاء اهتمام بريطانيا بفلسطين مبكراً، وكان لأسباب اقتصادية. كما أن التماهي الكبير بين بريطانيا والحركة الصهيونية هو الذي دفع باتجاه إصدار هذا الوعد

في نهاية القرن التاسع عشر في العام 1897 كانت ولادة الحركة الصهيونية في "بازل" سويسرا، حيث أعلن مؤسسها هرتزل أن النجاح في تحقيق إقامة الدولة اليهودية مرتبط بتبني الدول العظمى هذا المشروع لكونه يتوافق مع مصالحها في الشرق الأوسط

في تشرين الأول 1917 أصدر الرئيس الأميركي ولسون بياناً إلى الشعب الأميركي أعلن فيه موافقته على إرساء "كمونولث يهودي في فلسطين"

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وتفكك الامبراطورية العثمانية واكتشاف اتفاقية سايكس- بيكو في 25 أيار من عام 1916 التي تقسم المنطقة العربية إلى كيانات سياسية، أعلن وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور في 2 تشرين الثاني عام 1917 "أن حكومة جلالته تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين" عرف فيما بعد بوعد بلفور

مسودات التصريح
بعد نتائج الحرب العالمية الأولى لصالح بريطانيا وفرنسا، بدأت المباحثات البريطانية- الصهيونية في شباط 1917 تم خلالها صياغة ست مسودات لتصريح بلفور هي التالية:

- المسودة التمهيدية لوزارة الخارجية البريطانية المعدة في يونيو/ حزيران أو يوليو/ تموز 1917 كانت الألفاظ الرئيسية عندما أعدت هذه المسودة هي: اللجوء والملجأ. والتصور أن تعلن الحكومة البريطانية تحبيذها لكي ينشأ في فلسطين "ملاذ لضحايا الاضطهاد من اليهود" واحتج على هذه الصيغة ناحوم سوكولوف عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية العالمية بقوله "لن تلبي حاجات القضية إطلاقا"

- المسودة التمهيدية الصهيونية في 12/7/1917نصت على أن الحكومة البريطانية "تقبل بمبدأ الاعتراف بفلسطين وطنا قوميا للشعب اليهودي وحق الشعب اليهودي في بناء صرح حياته القومية بفلسطين تحت ظل حماية تجري إقامتها عند إبرام الصلح وعقب انتهاء الحرب إلى النجاح (….) منح الاستقلال الداخلي للقومية اليهودية بفلسطين، (و) حرية الهجرة لليهود"، لم يجر تقديم هذه المذكرة رسميا، ولذلك صرح سوكولوف في رسالة تفسيرية إلى اللورد روتشيلد بوجوب النص على مبدأين أساسيين هما: الاعتراف بفلسطين وطنا قوميا للشعب اليهودي، والاعتراف بالمنظمة الصهيونية.

- المسودة الصهيونية في 18/7/1917: نصت على ما يلي: 1- إن حكومة جلالة الملك تقبل المبدأ القائل بأنه يجب تحويل فلسطين وطنا قوميا للشعب اليهودي. 2- سوف تبذل حكومة جلالته أفضل مساعيها لضمان تحقيق هذا الهدف، وسوف تبحث في الطرق والوسائل اللازمة مع المنظمة الصهيونية.

- مسودة بلفور المقدمة في شهر اغسطس/ آب 1917: نصت على ما يلي: إن حكومة جلالته تقبل المبدأ القائل بإعادة تكوين فلسطين وطنا قوميا للشعب اليهودي. وهي سوف تستخدم أفضل مساعيها لضمان تحقيق هذه الغاية، كما أنها على استعداد للنظر في أية مقترحات حول الموضوع قد ترغب المنظمة الصهيونية في عرضها عليها

- مسودة ميلنر المقدمة في شهر آب 1917: نصت على ما يلي: إن حكومة جلالته تقبل المبدأ القائل بإتاحة كل فرصة ممكنة لإقامة وطن بفلسطين للشعب اليهودي، وسوف تستخدم أفضل مساعيها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، كما تكون مستعدة للنظر في أية مقترحات حول الموضوع قد ترغب المنظمة الصهيونية في عرضها عليها.

- مسودة ميلنر- آمري في 4/10/1917: نصت على ما يلي: إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي في فلسطين للجنس اليهودي، وسوف تبذل أقصى مساعيها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا بأنه لن يؤتى بعمل من شأنه إلحاق الأذى بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة بفلسطين، أو الحقوق والمكانة السياسية التي يتمتع بها في البلدان الأخرى أولئك اليهود الذين يشعرون بقناعة تامة إزاء جنسيتهم ومواطنيتهم الراهنة.

ومما لا بد من ذكره أن اللورد كرزون وهو نائب الملك في الهند سابقاً والوزير البارز في وزارة الحرب، كان وحده بين المسؤولين البريطانيين آنئذ الذي توقف عند المضامين والمغازي التي ينطوي عليها وعد بلفور، مبيناً أثناء جلسة مناقشته في الوزارة البريطانية أن إعطاء هذا الوعد افتئاتاً على حقوق مصالح إسلامية وعربية أساسية، فقد قال حسبما ورد في سجل وقائع الاجتماع الذي جرى في 4/10/1917: "كيف يعقل أن يقترح التخلص من أغلبية السكان الحاليين المسلمين وإحلال يهود محلهم؟"، وهو يرى أن تأمين حقوق مدنية ودينية متساوية لليهود المقيمين في فلسطين سياسة أفضل من العمل على إعادة اليهود إلى فلسطين على نطاق واسع، وهو "أمر يعتبره من مظاهر المثالية العاطفية التي ينبغي ألا يكون لحكومة صاحب الجلالة شأن بها من قريب أو بعيد"، وقد بلور كرزون وجهة نظره في مذكرة قدمها إلى الوزارة مؤرخة في 26/10/،1917 أوضح فيها بجلاء المكانة التي تحتلها مدينة القدس في دنيا الإسلام والمسيحية، ويشير إلى المشكلة الإنسانية التي ينطوي عليها وعد بلفور إذ يقول: “يوجد هناك ما يزيد على نصف مليون من العرب السوريين، وقد استوطنوا هم وأجدادهم البلاد منذ قرابة 1500 عام، وهم أصحاب الأرض التي يتقاسم ملكيتها الملاك والمجتمعات القروية، ولن يرضى هؤلاء بمصادرة أراضيهم وانتزاعها منهم لتسليمها للمهاجرين اليهود أو أن يكونوا مجرد حطابين وسقائين لهم".

بإعلان بلفور دق الاستعمار البريطاني الإسفين الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط، وبعد 30 عاماً على الوعد وفت بريطانيا بوعدها وساهمت باغتصاب فلسطين بإقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين في العام 1948، وبعد قيام "إسرائيل" زعم "الإسرائيليون" أن كيانهم السياسي الاستعماري الاستيطاني يتمتع بالشرعية القانونية الدولية، وذلك على اعتبار أن تصريح بلفور وصك الانتداب البريطاني على فلسطين اعترفا بالأمرين التاليين: أولا: الصلة التاريخية بين الشعب اليهودي وفلسطين. وثانيا: حق الشعب اليهودي في إعادة تأسيس وطنه القومي.

لقد شكل وعد بلفور حجر الأساس في الصراع العربي الصهيوني الذي لم تتوقف الدول الاستعمارية عن رعايته، ووجد الصهاينة من يعدِهم بأكثر ممّا وعد بلفور، فالوعد ما كان له أن ينفّذ لولا الرعاية البريطانية والدولية. والكيان الصهيوني ما كان له ان يستمرّ كلّ هذه العقود لولا توفر الوعود بدعمه وحمايته؛

تصريح معاكس
مقابل ما شكله تصريح بلفور من تزييف للتاريخ لا بد من الإشارة إلى أن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أقر في مقابلة مع مجلة "نيو ستيتمان" الأسبوعية في 15/11/2002 بمسؤولية بلاده التاريخية عن الكثير من النزاعات الحالية بالمنطقة العربية وخاصة القضية الفلسطينية والنزاع بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير من خلال قوله: "إن الكثير من النزاعات الحالية بين الدول هي من نتائج ماضينا الإمبريالي، وينبغي علينا تسويتها".
وأقر أن بلاده أعطت وعد بلفور لليهود، والذي يعدهم بوطن في فلسطين، وفي الوقت نفسه منحت ضمانات متناقضة لكل من الفلسطينيين واليهود"وهذه الأشياء تمثل تاريخا مهما لنا، لكنه ليس تاريخا مشرفا".
هذا التصريح البريطاني المتأخر لم يرافقه أي جهد سياسي حقيقي لإلغاء بعض آثار تصريح بلفور عن كاهل الشعب الفلسطيني، كما أن الحكومة البريطانية الحالية لم تقدم أي دعم للقرارات الدولية التي تدين "إسرائيل" على مخالفتها لكافة القوانين والأعراف الدولية والقرارات الصادرة عن الشرعية الدولية ممثلة بهيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها الرئيسية وفي مقدمها مجلس الأمن الدولي..



#منير_ابراهيم_تاية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -موت صغير- سيرة إمام الصوفية ابن عربي


المزيد.....




- رئيس كوريا الجنوبية يقبل استقالة وزير الدفاع ويعين السفير لد ...
- الأسد يوجه بزيادة 50% على رواتب العسكريين وسط تصعيد عسكري شم ...
- توغل إسرائيلي شمال خان يونس، ومقتل العشرات في غارات جوية
- تعليق الدراسة بسبب انقطاع الكهرباء في كوبا
- القاهرة.. منتدى لخريجي الجامعات الروسية
- وفد أوكراني يلتقي مستشار ترامب المستقبلي
- وسائل إعلام فرنسية: ميشيل بارنييه سيقدم استقالة حكومته الخمي ...
- الولايات المتحدة تهدد بفرض عقوبات على جورجيا بسبب قمع الاحتج ...
- فيتنام.. مقتل 12 جنديا في انفجار خلال تدريب عسكري
- بعد زلزال دمياط.. رئيس البحوث الفلكية في مصر يوجه رسالة حاسم ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير ابراهيم تاية - وعد -بلفور-.. الرسالة التي غيّرت تاريخ المنطقة