أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - شيء من الماضي















المزيد.....

شيء من الماضي


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 5665 - 2017 / 10 / 10 - 00:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في غمرة النقاش و (العراك)، الذي دار في ساحة الإعلام ومواقع التواصل ألاجتماعي، حول استفتاء إقليم كردستان العراق، والذي أخذ في مجمله طابعا حادا من المدافعين والناقمين على حد سواء، طُرح رايٌ، اتسم بالهدوء والرصانة، حمل رايته الشيوعيون وكتّاب جريدة المدى، أخذ شكل عتاب رقيق للساسة الكرد، بوصفهم ممثلين للحركة القومية الكردية، آخذهم فيه على تحالفهم مع أحزاب الإسلام السياسي الشيعية الحاكمة، و وصفهم بانهم قد ( أداروا ظهر المجن) بحسب تعبير المدى، للقوى الديمقراطية العراقية، التي كانت الحركة القومية الكردية، (وعلى مدى كامل المرحلة التاريخية التي شهدت صعودها) (رافدا متدفقا، وحليفا مخلصا) لها، بحسب الصحيفة نفسها.

بعد الاستفتاء أخذ الشيوعيون خطوة أوسع من العتاب الرقيق، لامست النقد، فيما اتجه صاحب المدى شمالا حيث انضم الى شلة من الصهاينة تلتف حول مسعود البارزاني، وأخذ كتاب جريدته يبررون الاستفتاء ويهيئون الامزجة لتقبل نتائجه.

افترض هذا النقد (العتاب) بأن العلاقة بين الحركة القومية الكردية، والحركة الوطنية الديمقراطية العراقية، التي هي بحسب هذا الخطاب، الحزب الشيوعي العراقي ـ لموقفه الاممي والانساني المميز عن بقية الاحزاب من مسألة تعددية المجتمع القومية والدينية ـ كانت علاقة باتجاه واحد وذات استمرارية. فيما الواقع يخبرنا حكاية أخرى عن هذه العلاقة، يمكنني القول في توصيفها؛ أن الحزب الشيوعي كان، حقا وفعلا، حليفا مخلصا للحركة القومية الكردية، بحكم ربطه، لأسباب مبدأية، القضية القومية بالقضية الوطنية، وحقوق الكرد بمسالة الديمقراطية في العراق، لكن تلك الحركة لم تكن بهذا الصدق، ناهيك عن الاخلاص في علاقتها به. وبمراجعة بسيطة لتاريخ هذه العلاقة سنجد أن الاحزاب القومية الكردية قامت عبر تاريخها بحروب ايدلوجية وبصراعات سياسية مع الحزب الشيوعي بلغت، مرات عديدة، حد حملات قمع واسعة وتصفيات جسدية ومواجهات عسكرية.

أول صدام فعلي يمكن اعتباره مؤشرا على توتر العلاقة بين الطرفين وقع بعد ثورة تموز 1958، حيث وقع الحزب الشيوعي في تلك المرحلة بين فكي كماشة قاسم، في سعيه لتكريس سلطته، وبراغماتية ملا مصطفى وانتهازية قيادات الحزب الديمقراطي التي كانت تريد تحقيق مصالحها الحزبية والقومية الضيقة على حساب القضية الوطنية العامة. لهذا أعان ملا مصطفى قاسم، " الشديد القلق على مركزه" في مواجهة الشيوعيين وإخضاعهم، بعدما غير قاسم اتجاه سياسته ضدهم عام 1961، ولم يقدم البارزاني دعمه لقاسم ضد الشيوعيين من اجل التقرب منه والاستقواء به لمطامح خاصة، كاخضاع القبائل المنافسة له، وتوسيع نفوذه المحلي، أو من أجل تحييد تاثيرات إبراهيم أحمد وجلال الطالباني ومنافستهما له داخل قيادة الحزب، وحسب، وإنما لأنه شعر، بحسب "ديفيد ماكدول" في كتابه "تاريخ الاكراد الحديث" أن (هناك منافسة جدية" لنفوذه" مع قادة "ح.ش.ع*").

في نفس الفترة وذات السياق كتب الملّا في عام 1961 الى السفير البريطاني في دمشق مذكرة (لمناقشة السبل للقضاء على الشيوعية، ومأجوريها في العراق وفي"كل اجزاء كردستان") وكانت مهمة الملا الاولى، بحسب " مكدوّال " ايضا، هي ( انقاذ (ح.د.ك) من براثن (ح.ش.ع). وهو تعبير مبالغ فيه لان الحزب الشيوعي لم يكن بالقوة التي تمكنه من ان ينشب براثنه في الحزب الديمقراطي الكردي، والسبب الحقيقي يكمن، بتقديري، في الخوف من تاثير الحزب الاجتماعي والسياسي بين جماهير الاكراد، مايجعله في موقع المنافس الصعب للاحزاب القومية الكردية، ولهذا نجد أن الاحزاب القومية الكردية قد توقفت عن التصادم مع الحزب بعد أن تراجع تاثيره ونفوذه، في العقود المتاخرة، بين الجماهير، وبعد انكماشه وتحوله الى حزب صغير يقبع في هامش الساحة السياسية بشقيها العربي والكردي.

تَواصل التجاذب بين (الحركتين) طوال عقد الستينيات، إذ اصطف الملا وحزبه مع إنقلابيي شباط عام 1963، ضد حكومة قاسم وضد الشيوعيين المتحالفين معه، ثم بعد ذلك كان الارتباط المباشر مع شاه ايران والاسرائيليين عام 1966، وهذا السلوك صار مقدمة لتأجيج الصراع مع الحزب الشيوعي الذي تصاعد بداية عقد السبعينيات حينما غدر، على سبيل المثال، عيسى سوار، أحد اتباع الملا، بمجموعة من الكوادر الشيوعيين العائدين إلى العراق من موسكو عبر اراضي كردستان وقتلهم، وصولا الى حملة من الاغتيالات (فكرت جاويد، مثلا) والاعتقالات للكادر الشيوعي في معتقل رايات سيء الصيت، (دكتور فارس، مثلا)، وهكذا وصولا الى المواجهة العسكرية المكشوفة في عام 1975 بعدما انضم الملا وحزبه علنا وباندفاع في أحضان الشاه والموساد، ولا علاقة لهذا الصدام بما يريد أن يروّج له القوميون الأكراد من تأثير لعلاقة البعث في الجبهة آنذاك على الشيوعيين، وإنما هو كان استمرارا للعلاقة المتوترة بين الطرفين، فالشيوعيون انطلقوا بموقفهم ذاك من أرضية وطنية لا علاقة لها بمحاباة البعث أو الاصطفاف معه ضد (الجيب العميل) كما دأب إعلام السلطة على تسمية الحركة المسلحة الكردية حينها، ولا أعرف ما إذا كان الشيوعيون قد تبنوا في أدبياتهم هذا النعت أم لا.

بعد انتكاس الحركة المسلحة الكردية في العام 1975 وبعد عودة التنظيمات القومية الكردية للعمل المسلح من جديد، وبعد نقد الحزب الديمقراطي لتجربته السابقة، وتبنيه لاطروحات سياسية وفكرية جديدة، وفتحه لصفحة جديدة في علاقته باليسار العراقي، وببعض التنظيمات الوطنية الاخرى، أخذ تنظيم "جلال الطالباني"، "الإتحاد الوطني الكردستاني"، "لواء" محاربة اليسار العراقي ومناصبته العداء، الذي أخذ شكل صراع مسلح في أغلب الاحيان،حيث توّجَّها بارتكابه مجزرة بشتاشان المعروفة عام 1983، التي كانت، برايي، جريمة من جرائم النظام البعثي ضد الشيوعيين نفذت بيد تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني المتطرفة.

لا يتسع المقام للكثير من التفاصيل حول علاقة الحركة القومية الكردية باليسار العراقي، لكن يمكنني القول، باختصار، أن اليسار، كان وما يزال، هو الصديق للشعب الكردي ولحركته القومية، فيما تذبذب موقف وسلوك هذه الحركة ازاءه. وهذا السرد المختصر يؤكد لنا أن الصورة الالقة، التي أراد "عتاب" اليسار لها ان تعمم عن علاقة اليسار بالحركة القومية الكردية ليست دقيقة وغير واقعية.

الجانب الآخر الذي غفل عنه عتاب الناقدين لمواقف الحركة القومية الكردية من الحركة الديمقراطية العراقية، هو أن هذه الحركة، وهي خارج السلطة ليست هي نفسها حين تكون بيدها مفاتيح الحكم والثروة، وهو ما توفر لها بعد سقوط النظام في العام 2003، بعد تقاسمها السلطة والنفوذ مع القوى التي دعمتها في الاستحواذ الكامل على سلطة الاقليم. فمعروف أن دخول أي قوى سياسية الى عالم السلطة سوف يؤثر على بنيتها وعلى مواقفها وبالتالي على دورها، فكيف اذا كان هذا الولوج، الى عالم السلطة والمال، قد جاء على الشكل الذي حققته به القوى السياسية العراقية مجتمعة، ومنها، بطبيعة الحال، الاحزاب الكردية. لهذا، فمن الطبيعي أن لا تتحالف الأحزاب القومية الكردية مع القوى الديمقراطية والمدنيين في مواجهتهم لسلطة الفساد المتحكمة في البلد الآن، لأن الشروط السياسية التي وجدت هذه الاحزاب نفسها فيها تفرض عليها نوعا آخر مختلف من التحالفات أملاه عليها وضعها العام ضمن الحالة العراقية، التي رهنت بعض قواها خياراتها السياسية بيد الأمريكان، وبعضها الآخر بيد إيران، وأتبعوا جميعا نهجا محاصصاتيا نابعا في حقيقته من طبيعة جذورهم الايدلوجية التي أوصلتهم إلى خياراتهم، أو قل اضطراراتهم، السياسية البائسة.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلقات مفقودة من سيرة (مناضل)
- مديح زائف
- وعود خفية
- مأزق الاستفتاء
- مهرجان الاستفتاء والانفصال
- ذات يوم كان ديلان
- مخالب فولاذية أُنْشِبَت في غير مكانها
- تلك هي شقائق النعمان إذن!2
- تلك هي شقائق النعمان إذن!
- نظرة إحادية
- مشروع مؤجل
- محنة العجز
- محنة عراقية
- (المناضل) عزيز السيد جاسم
- أول آيار، بعيد، حزين ومنسي
- الحشد الشعبي: الدور والمهمة
- وداعا ايها الورق وداعا
- تركة ثقيلة
- عقدة المظلومية
- في فضائل الانتحار/ كلام في السياسة


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - شيء من الماضي