أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - مالك بن نبي: ثقافة البديل الحضاري















المزيد.....


مالك بن نبي: ثقافة البديل الحضاري


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 5657 - 2017 / 10 / 2 - 17:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


انطلق مالك بن نبي فيما يتعلق بأولوية وجوهرية الثقافة بالنسبة للبديل الحضاري من فكرة عامة تقول، بان "حل مشكلات الوجود الفعلية للعالم الافروآسيوي تفترض إلى جانب نموه الداخلي أن يصنع ثقافته الخاصة كيما يحل مشكلاته العضوية" . بمعنى أن حل ما اسماه بكيفية تشييد بناء قائم على الحقائق النفسية الاجتماعية، ومشكلات التوجه القائم على حقائق الوضع العالمي أو حامل الثقافة وإطاره الذي يحيط به، يفترض إرساء أسس ثقافة بديلة. ووضع في أساس هذه الثقافة البديلة ثلاثة مبادئ متوحدة هي كل من تصفية العادات والتقاليد البالية حتى يصفو الجو للعوامل الحية الداعية للحياة، وضرورة الفكر الجديد الذي يحطم الموروث عن مرحلة الانحطاط والتدهور، وأخيرا البحث عن وضع جديد للنهضة من خلال تحديد الأوضاع الملموسة. أما الصيغة العملية لبلوغ هذه الغاية فيفترض توحيد الموقف السلبي (النفي الشامل) من رواسب الماضي، والايجابي الذي يربطنا بمقتضيات المستقبل . واعتقد أن هذه الحالة قد جرت في أوربا من خلال ما قام به توما الاكويني من تنقية الثقافة الأوربية من الماضي، وما قام به ديكارت من إتيانه بالعناصر الايجابية. وبغض النظر عما في هذه الصيغة من ابتسار وتسطيح لإشكاليات الثقافة والحضارة الأوربية ومسارها التاريخي، إلا أنها تعكس مضمون الرؤية المنهجية والعملية لمالك بن نبي فيما يتعلق بفكرة البديل الحضاري، بوصفه بديلا ثقافيا عمليا وسياسيا محترفا ومتساميا لكي يؤدي مهمته التاريخية. من هنا مطالبته بان تكون الثقافة "حرفية اي من ذوي التخصص وليس للعيش". وذلك لان مهمة الثقافة تقوم في "بناء المرّكب الاجتماعي". وحدد أربعة عناصر فيها طابقها مع ما اسماه بمهمتها التربوية وهي كل من "عنصر الأخلاق لتكوين الصلات الاجتماعية"، و"عنصر الجمال لتكوين الذوق العام"، و"منطق عملي لتحديد أشكال النشاط العام" وأخيرا "الفن التطبيقي الموائم لكل نوع من أنواع المجتمع" والذي يعادل معنى الصناعة حسب تعبير ابن خلدون .
تشكل هذه العناصر الأربعة "منظومة" الفكرة المنهجية والعملية للبديل الحضاري. لقد استقاها مالك بن نبي وبلورها من خلال استقراء التجربة التاريخية للنهضة الإسلامية والعربية الحديثة ونتائجها الفعلية. فقد بدأت النهضة بالنسبة للعالم الاسلامي، كما يقول مالك بن نبي، مع تحسسه الأولي من غفلة وثقل السبات الطويل. وبالتالي فهي نتاج عمل دءوب، لكنها في الوقت نفسه "نتيجة خائبة" فيما يتعلق باشتراك الجميع في تحديد الأهداف والوسائل . والسبب الرئيسي لهذه النتيجة هو أن المشاريع المتعلقة بالنهضة كانت مبنية لا على أساس تأمل التجربة الذاتية من جهة، ومقترح البدائل المستقبلية من جهة أخرى. فقد كانت في اغلبها أما تقليدا للغرب أو مراوحة ضمن تقاليد بالية. بينما لا يمكن للنهضة الحقيقية الاعتماد على حلول ونماذج من الشرق والغرب، وذلك لان "مشكلاتنا خاصة". ومن ثم ينبغي للنهضة أن تكون بمستواها. من هنا استنتاجه المبدئي أو المنهجي عن أن ما يقوم بدراسته ليس "المشاكل التي تخص عام 1948، بل هي من المشاكل التي تخص عام 1367" . بمعنى ضرورة الابتداء بالنهضة الثقافية الحضارية من خلال الأرضية الصلبة للتطور الذاتي. من هنا فكرته عن أن الابتداء في البناء الحضاري أو النهضة يبدأ ليس بالعلوم والعلماء ولا بالإنتاج الصناعي، بل بالمبدأ الذي يكون أساسا لهذه المنتجات جميعا . وحصر هذا المبدأ في ثلاثية الإنسان والتراب والوقت، بوصفها أساس البديل الحضاري الفعلي . إذ لا يتاح لحضارة في بدء تطورها وإرساء أسسها الذاتية "إلا ذلك الرجل البسيط، والتراب الذي يمده بقوته الزهيد، والوقت اللازم لوصوله. وما عدا ذلك من طائرات وقصور وما شابه ذلك فهي مكتسبات، لا من العناصر الأولية" .
بعبارة أخرى، لقد حاول مالك بن نبي إرساء أسس منظومة متعلقة بالإنسان والجغرافيا والتاريخ الفعلي تعمل من خلال البنية الواعية والإرادة المدركة للمهمات الحالية والغايات المستقبلية، أو ما اسماه بالتحرر من بقايا المورث المعرقل للتطور والاتصال بالقضايا المستقبلية. أما وسائلها فهي التي وضعها ضمن فكرة "العناصر الأربعة" وهي كل من الأخلاق والجمال والمنطق العملي والفن التطبيقي. فالعالم العربي يقف أمام مرحلة مستقبلية هي مرحلة البناء الثقافي الحضاري وليس البقاء ضمن "المرحلة الحماسية" أو "المرحلة البطولية". وذلك لان نزعة محاربة الاستعمار لا تصلح أن تكون دافعا ساميا يحرك حضارة ويعطيها مثلها الأعلى، كما يقول مالك بن نبي. وان "القضية ليست أن ننتزع العالم من موجة احتقار الكبار لكي نسلمه إلى حقد الصغار" . إن هذه المقدمة الأخلاقية أو العنصر الأخلاقي ينبغي استكماله بالذوق الجمالي. وذلك لان "المقدرة الخلاقة مرتبطة دائما بالانفعال الجمالي" . بعد ذلك يأتي دور "العنصر الصناعي". وإن حصيلة هذا التلاقي فقط يمكنه أن يؤدي إلى إحداث نهضة قادرة على صنع حضارة . فميزانية التاريخ، كما يقول مالك بن نبي "ليست رصيدا من الكلام ومن عدد الكلمات، بل هي كتل من النشاط المادي، ومن الأفكار التي لها كثافة الواقع ووزنه. وهذه الميزانيات المكونة من صرف النشاط الايجابي هي ميزانيات من القيم الأخلاقية تقوم على فصول الثقافة الأربعة: منهجها الأخلاقي، وذوقها الجمالي، وفنها الصناعي، ومنطقها العملي" . وهناك طرق عديدة للوصول إلى هذه الغاية لكن المهم تجنب الطرق الطويلة .
شكلت فكرة الطرق الطويلة أو حرق المراحل القضية المركزية للاختيار العملي. بمعنى محاولة الربط بين الرؤية الواقعية والتجريبية العقلانية. فقد كانت محاولات العالم الاسلامي خاصة ومتفاوتة في عمقها بهذا الصدد، لانها لم تكن تستند على نظرية محددة للأهداف والوسائل، وعلى تخطيط للمراحل. من هنا انقسامهم إلى من يدعو إلى إعادة واسترجاع الماضي بالرجوع إليه، وآخر إلى قطع جميع الصلات بالماضي. وكلاهما على خطأ . وذلك لان لكل منهما نموذج جاهز . أنهم يعتقدون بأنهم ينشئون أساسا متينا للحضارة بكومة من الأشياء المستعارة التي لا تنفع . في حين أن "الحضارة ليست كومة من الأشياء المتخالفة في النوع، بل هي كلّ، اي مجموع منسجم من الأشياء والأفكار، بصلاتها ومنفعتها وألقابها الخاصة وأماكنها المحددة" . ويقف العالم الاسلامي والعربي أمام ثلاثة أنواع متحضرة يمكنها أن تقدم نماذج للتطور في القرن العشرين وهي: الفرنسي والانجليزي والياباني. بينما تكشف التجربة التاريخية للعالم الاسلامي والعربي بهذا الصدد، انعدام وجود صورة ناطقة واضحة عن أنهما اختارا بالفعل نموذجا. وكل ما جرى ويجري يبدو كما لو انه "ينمو تحت تأثير نموذج غامض فرض عليهما تلقائيا" ، بمعنى انعدام الاختيار الحر. فالعالم الاسلامي والعربي لا يمكنه ولا يجب عليه أن يتبع جميع الدروب والمتعرجات على طوال الطريق الذي سلكه الغرب، فليس لديه من القرون مثل ما كان لنموذجه، كما يقول مالك بن نبي. وعليه توصل إلى استنتاج نهائي بهذا الصدد يقول، بان العالم الاسلامي والعربي ملزم "باقتباس طرق التاريخ المختصرة التي لم تقتبسها الحضارة الغربية" . أما الصيغة العملية لبلوغ ذلك فأنها مختلف ومتنوعة ولكنها ينبغي أن تستند إلى ما اسماه بنظرية الإنسان والتراب والوقت وعناصر الارادة العقلانية الفعالة في كل من المنهج الأخلاقي والذوق الجمالي والفن الصناعي والمنطق العملي.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مالك بن نبي: فلسفة الفكرة الحضارية
- البديل الحضاري الإسلامي عند أنور الجندي(5-5)
- البديل الحضاري الإسلامي عند أنور الجندي(4)
- البديل الحضاري الإسلامي عند أنور الجندي(3)
- البديل الحضاري الإسلامي عند أنور الجندي(2)
- البديل الحضاري الإسلامي عند أنور الجندي(1)
- البديل الحضاري عند سيد قطب(3)
- البديل الحضاري عند سيد قطب(2)
- البديل الحضاري عند سيد قطب(1)
- الحضارة الإسلامية في الفكر الاسلامي المعاصر (3)
- الحضارة الإسلامية في الفكر الاسلامي المعاصر(2)
- الحضارة الإسلامية في الفكر الاسلامي المعاصر(1)
- الحضارة الإسلامية في مرايا المناهج الغربية(4)
- الحضارة الإسلامية في منهج التعارض الحضاري
- الحضارة الإسلامية في مرايا المناهج الغربية- المنهج التاريخي
- الرؤية الغربية لقضايا وإشكالات -الشرق والغرب-
- الاستشراق-الوجه الآخر للمركزية الأوربية ووعيها الذاتي
- الحضارة الإسلامية في دهاليز الوعي الغربي (الأوربي)
- نهج الحضارة ومنهج البدائل
- فلسفة الحضارة ووعي الذات القومي الثقافي


المزيد.....




- راكبة تلتقط بالفيديو لحظة اشتعال النار في جناح طائرة على الم ...
- مع حلول موعد التفاوض للمرحلة الثانية.. هل ينتهك نتنياهو اتفا ...
- انفصال قطعة كبيرة من أكبر جبل جليدي في العالم!
- 15 قتيلاً على الأقل خلال انفجار سيارة في مدينة منبج في سوريا ...
- روسيا تعلّق الطيران في عدة مطارات عقب هجوم أوكراني بالطائرات ...
- عواقب وخيمة لوقف أمريكا المساعدات الخارجية.. فمن سيعوضها؟
- الصفائح الجليدية في القطب الجنوبي أكثر قدرة على الصمود
- انتشال رفات 55 شخصا ضحايا اصطدام طائرة الركاب بمروحية عسكرية ...
- لبنان .. تغيير أسماء شوارع وساحات تذكر بالنظام السوري السابق ...
- الرئيس الجزائري: أبلغنا الأسد رفضنا للمجازر بحق السوريين


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - مالك بن نبي: ثقافة البديل الحضاري