أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد مسافير - الجريمة والعقاب!














المزيد.....

الجريمة والعقاب!


محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 5651 - 2017 / 9 / 26 - 22:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حينما ألمح شخصا يتصرف بغرابة، يصفع شخصا آخر، أو يغتاب آخرين، أو يسرق، أو يتعاطى المخدرات... أربط هذا السلوك بالعضو الذي أفرزه - الدماغ، بما تكدس داخل هذا العضو الغريب من خبرات وتجارب وتفاعلات عبر مسار حياة بأكملها، أي أن هذا السلوك هو حتمي الحدوث اعتبارا لما سبق، ولو أنه من الصعب جدا أن نربط مفهوم الحتمية بالسلوك الإنساني!
هذا الفهم، يؤدي حتما إلى تقدير الإنسان وتفهم انفعالاته أو نزواته أو مصائبه، فأي إنسان تعرض لنفس التجارب ونفس العوامل النفسية والاجتماعية التي تعرض لها الجاني، فإنه لن يسلك إلا مسلكه، لأن الذاكرة (أرشيف الخبرات) هي الإنسان، وهي التي تحدد هوية الإنسان.
لستَ أنا، ولستُ أنت، نحن نختلف كثيرا عن بعضنا البعض، وعدم تفهم هذا الإختلاف هو ما يؤدي حتما إلى التعصب والخلافات والجدالات، لا أحد يستطيع تفهم الآخر، وكل ينظر إلى الأمور بمنظاره الخاص ويستنكر على الآخرين منظارهم!
مثلا، فقد بلغت المجتمعات المتقدمة مبلغا من الفهم يفرض عليها النظر إلى الجاني من الزاوية النفسية والاجتماعية ثم إعداد برنامج للتأهيل الفردي حسب الحالة، ثم تتبع السلوك بشكل مستمر بغية تقويضه وتسهيل عملية الإدماج!
إنها عملية مضنية حقا، لكن الاضطلاع بها لن يتحمله إلا المجتمع الذي قطع أشواطا عظيمة في مسيرة التحرر، المجتمع الذي يحترم فيه الإنسان ويقدر فيه حق تقدير، أما مجتمعات الرعاع، مجتمعات الجهل والتخلف، فلا تزال ترى أن الجريمة متأصلة في الجاني ويجب القصاص منه، إما بقتله أو قطع أطرافه، وهي حلول سهلة بسيطة لا تكلف أي عناء أو تعب، غير إعلان الحكم واستقدام السياف... وانتهى الأمر!
طبعا، فجزء كبير من القانون المغربي هو وضعي، ولم يترك أي مجال تنسل منه تلك التعاليم البائدة، لكنها لا تزال مثبتة في النصوص، بل لا تزال مقدسة في أذهان العامة، ولا تزال تدرس في مناهج بعض المستويات التعليمية، ولا تزال تتداول في المساجد ومجالس المشايخ، وهي في الحقيقة لا يجب أن تصنف في مجال حرية التعبير أو احترام الأديان، بل يجب حظرها وسجن كل مجاهر - على الأقل - بها، لأنها دعوة إلى الإرهاب ومحاولة استعادة تعاليم جاهلية قد قطع الإنسان الحديث كليا معها!
وإفساح المجال لمثل هذه الأفكار، هو ما يدفع ببعض المنساقين إلى البحث عن مجتمعات تطبق التعاليم الإسلامية الحقة، أو يحاولون فرضها على أرض الواقع، إما بالتوجه إلى الأعلى (انتقاد الحكام والمناداة بالخلافة)، أو إلى الأسفل (فرض أخلاق قرون الجهل على الأبناء والتلاميذ والمحيط)...
ولكم في ما حدث بمدينة العيون مؤخرا عبرة، حين أقدم شخص على حرق شخص آخر تحرش بأخته، ولسنا هنا ندافع عن التحرش، لكننا أيضا نستنكر محاولة القتل، فالتحرش نتيجة حتمية لمجتمعات الكبث، مجتمعات التحريم، لكنه لن يعالج بالقصاص، فالتحرش باق ويتمدد ما دمنا قابعين دوما في قاع التخلف والإنحطاط...
لقد خشي الجاني أن يكون ديوثا، خاف ألا يذكر اسمه في الجنة... وأتذكر ذات يوم خطبة أحد أئمة المساجد، وصوته يصدح قويا في شوارع المدينة، فأنتم تعرفون جيدا قوة مكبرات الصوت خاصة يوم الجمعة، كان الخطيب يحذر بصوت جهور يهز الأنفس وتقشعر له الأبدان، يستنكر العري والمجون، يستنكر على الشباب الدياثة، ويتساءل بسخط: كيف لشباب اليوم أن يرضى لأخواته أن يتزين ويلبسن سراويل ضيقة ثم يتبرجن في الشوارع دون أن يحركوا ساكنا؟
يا حكامنا... إنكم من يزرع الحقد، ونحن من يجني منه النقم!



#محمد_مسافير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب يريد إعادة الهيئة!
- سقط القناع عن القناع!
- حذار من الحب في بلاد العرب!
- مبادئ في مهب الريح!
- المثلية والدين والمجتمع!
- الأسود يليق بك!
- ومن الدين والتقليد ما قتل!
- نساء من فولاذ!
- الإنسانية والدين!
- صلاعمة في الحانة!
- رأي في أشرف الخلق!
- صرخة نملة!
- أئمة القرن الواحد والعشرين!
- الحب والسياسة!
- رأي في القرآن!
- خدعة الزمن!
- السياسي في بلادي عاهر أو قواد!
- سوء فهم!
- قصة فاطمة
- خطيبتي... هاكِ شروطي!


المزيد.....




- قاضية تمنع إدارة ترامب من إجراء تغييرات على جوازات سفر -الأم ...
- إعلام: المسودة الأمريكية لصفقة أوكرانيا لا تتضمن ضمانات أمني ...
- خبير عسكري: الجيش الروسي يقطع شريان حياة المقاتلين الأوكراني ...
- الرئيس الكونغولي السابق كابيلا يعود من منفاه إلى غوما الواقع ...
- -تبت إلى الله-.. تفاصيل التحقيق مع مدرس استدرج طالبة إلى منز ...
- رئيس أركان البنتاغون يغادر منصبه قريبا بعد فضيحة تسريب معلوم ...
- ماكرون يدعو الباحثين من جميع أنحاء العالم إلى اختيار فرنسا و ...
- مجلس الشورى الإيراني: يجب أن يعود الاتفاق مع الولايات المتحد ...
- 68 شهيدا منذ فجر الجمعة والجوع يهدد مئات الآلاف بغزة
- القيادة المركزية الأمريكية تنشر فيديوهات توثق عملية تجهيز ال ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد مسافير - الجريمة والعقاب!