أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - سلسلة الفضّه














المزيد.....

سلسلة الفضّه


كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5643 - 2017 / 9 / 18 - 22:45
المحور: الادب والفن
    


في البدء كان السؤال ... والسؤال حكايه ..
والحكاية هي السؤال حين تغدو حقيقةً في الفكر أو المنظور ..
الحياة حكايةٌ طويله لا تنتهي .. سواءً كانت الحكاية في البدء كَلمِه كما يقول الكتاب المقدّس ، أو كان البدء للفعل كما يقول المخالفون ..
والحكايا ألوانٌ راقصه وحركة مسرحٍ لا ينتهي تتوالد على خشبته الأسئله ، تنطلق وتتفرّع من جوهر السؤال الذي ينمّ عن قلقٍ وجوديّ : ماذ قبلُ ...؟ وماذا بعدُ ...؟ وماذا الآنْ ...؟
والحكايةُ يا سيّدي دائماً مُخبّأه ، لا يظهر بريقها الّا حين تصبح منطوقةً وبالضبط حين ينطقها الحكيم
والحكاية سلسله ... سلسلةٌ طويله ، طويله ، حلقاتهاموغلةٌ في القِدَم ... في الزمان والمكان .. مُتشعّبه .. .
------

كان جدّي أبا النديم ( رحمه الله تعالى ) يلبس فوق - قمبازه - سترةً -( جاكيت) وتحتها - صدريّه من نفس لون الجاكيت ونفس القماش - والصدريّة هذه قميصٌ دون اكمام ودون قبَّه ، ولها جيبٌ صغير على اليمين من الأسفل ، يضع بها شيئاً واحداً هو ساعةٌ فضيّة اللون دائريّة ذات غطاء يّفتحُ بواسطة زر صغير على حواف الساعه المنقوش عليها زخارف محفورة وأُخرى ناتئه جميلة الشكل وفيها ابداع في الصنعه
كنتُ صغيراً اراقب جدٌي كيف يفتح الساعه وينظر الوقت فيها ،وما كان يبهرني هو سلساها ،المعلّق من طرفه بالجيب الصغير ومن طرفه الآخر في الساعة المدهشه ، ذاك السلسال الفضيّ الطويل ذو الحلقات الناعمة المتشابهة الملساء وأسأل نفسي كيف ترابطت وتداخلت ، أطلب السلسال من جدي وأفرح كثيراً حين أفتح يدي الصغيره وتتكوّم حلقات السلسا ل في كفي ثمّ أفرده طويلاً كالحبل الرفيع وألوّح به ،أو اجعل منه دوئراً ، ثمّ خطاً مستقيماً ،وأعجز عن معرفة سر تداخل وترابط حلقاته ، وكنت أتمنى أن يكون لي مثله كي ارسم به اشكالاً أو دوائرَ أو أن يكون متعلقاً بالسماء بعيداً بعيدا
-------

ورث عمي المرحوم ابا يوسف الساعة والسلسال عن أبيه ، وعمي كان شيخاً مهيباً وقوراً واسع الصدر وحليماً ، وفي ذكرى مرور اسبوع على وفاة والدي -رحمه الله - دعوت عمّي ورجال آخرون - كما هي العادة والعرف في القرية - ذبحنا خروفاً أكراماً لروحه وقُريء آيٌ من الذكر الحكيم ،وبعد انتهاء مراسم العزاء قلت لعمّي :
هذه ساعة جدي وهذا سلسالها
قال نعم ، هل تعجبك ...؟
قلت نعم فيها صنعة بديعه وسلسالها أيضاً بديع
قال : ذكّرتني بحكايةصاحب السلسال .. اسمعوا :
مملكة النهر العليا مشهورة بملكها الذي يلبس سلسالاً ذهبيّاً ذي أطواقاً خمسةً على صدرهِ رمزاً للجاهِ والغنى وسيفاًفضيّاً مُرصّعاً يُعتبر تحفةً في غاية الجمال والروعه،رمزاً للقوّةِ والعظمه، وسلسلةً فضيّةً،جميلةً، خفيفة الوزن
وكان لكلِ ملكٍ رجلاً يختاره الملك ويكون هو( مؤدب الملك ) يستشيره ويستأنس برأيه ، ولم يكن او يُسمح لِأحدٍ أن يلبس أطواق ذهب في المملكه إلّا جلالته وحين اقتربتْ منيّتُهُ قال لمؤدبه : هذا الطوق وهذا السيف يخصان ولي عهدي وتلك سلسلةٌ فضيٌة له وحده .
مات الملك واتى الملك الجديد وكان شاباً قال للرجل الذي اختاره مؤدّباًلهُ : أدّبني
قال المؤدب : الذهب والسيف لك وحملهما خفيف ،وسلسلة الفضّةِ ايضاً أمّا هموم المملكه فهو أثقلُ على الصدر من ثقل الجبال
قال الملك الشاب : كيف....؟
قال المؤدب : غداً سيجتمع القوم للمبايعه وسنلتقي .
في اليوم التالي اجتمع القوم تحت القصر وفي الساحات جحافلاً وقوافلاً لمبايعة الملك الذي قال لمؤدبه : أدّبني قبل المبايعه
على شرفة القصر العالي ،وقف الملك ومؤدبه .. رأى الملك الناس تملأ الأمكنه .. تتدافع .. يهدر صوتُها : عاش الملك .. يحيا الملك .
قال المؤدب : هل تعرف حقيقة الناس ..؟
تقدّم المُؤدبُ وضع كفيه على عيني الملك فترة صغيرة ثمّ ازاحهما .... نظر الملك شاهد الساحات وقد امتلأت قطعاناًمن القِرده والخنازير والسباع والثعالب والجراذين والطيور جارحها وصغيرها والثيران ،وما هبّ ودرج، وأفواج من البشر يتاجرون ويصرخون وهناك يتقاتلون وثمة من يجري هرباً وخلف جيادٍ مُطهّمةٍ فوقها فرسانٌ وعلماء يحملون كتبهم فوق ظهورهم ،واولاد يتسابقون ونساءتشدُّ شعر نساء أُخريات ، واصوات موسيقى صاخبة واخرى حزينه ومشاهد دمٍ وقتلٍ مُروعه ، وثمة فرح صغير في زوايا بعيده
قال الملك صارخاً : أقلني يا سيّدي
وضع المؤدب يديه على عيني الملك وأزاحهما ، فعاد المشهد أمام ناظري الملك كما كان وعاد الهتاف مدوياً : عاش الملك .. يحيا الملك
قال المؤدب : هذه حقيقة المملكه لا تتعجّب
هل تريد المزيد.....؟
وضع المؤدب يديه على عيني الملك مرّات عديده فكان الملك يرى قصره خراباً ،تعيثُ فيه الأفاعي والحشرات ، ومرةً رأى ارض المملكه ،كأنّها روضة من رياض الجنّه ومرّةً صحراء قاحله ، ومرّةً رأى نفسه في بحرٍ محيط هائج تتقاذفه امواج كا الجبال العاتيات وتهبط به الى وهاد لا قعر لها
قال للمؤدب : أجرني يا سيدي وأقلْ عثرتي
رفع المؤدب يديه عن عيني الملك قائلاً :
أحمل ْ خفيفاً يا بنّي ،وليكن حملك َ خفيفاً، مثل سلسلة الفضة الصغيره التي بين يديك
قال الملك الشاب للقوم من على شرفة القصر : شعبي العزيز " أقدّم لكم المؤ دب ملكاً جديداً فبايعوه ، هو الأجدر، وهو الحكيم الأقدرَ ، وسلسلة الوفاء والحب والخير تجمعنا معاً



#كمال_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بائعة الجبن شيماء
- الحنكليس والانتياس
- قميص عرّو
- جورة بو سمعان
- جب داؤود
- أبو قطيط
- النورَجْ
- الجلموق
- الغربال
- الأبلق مختار الرعوش
- حلساء .. ملساء
- ظِلالْ
- حكايا جدو أبو حيدر -30-
- حكايا جدو أبو حيدر -29-
- حكايا جدو أبو حيدر -28-
- حكايا جدو أبو حيدر -27-
- حكايا جدو أبو حيدر -26-
- حكايا جدو أبو حيدر -25-
- حكايا جدو أبو حيدر -24-
- أوجاع


المزيد.....




- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...
- بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan ...
- الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
- فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
- -رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
- فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
- فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال ...
- اضبط الآنــ أحدث تردد قناة MBC 3 الجديد بجودة عالية لمتابعة ...
- كيف تمكنت -آبل- من تحويل -آيفون 16 برو- إلى آلة سينمائية متك ...
- الجزائر: ترشيح فيلم -196 متر/الجزائر- للمخرج شكيب طالب بن دي ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - سلسلة الفضّه