|
اتفاق اوسلو في عيون فلسطينية
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5642 - 2017 / 9 / 17 - 21:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اتفاق أوسلو في عيون فلسطينية تميم منصور في الثالث عشر من الشهر الحالي مرت الذكرى ال 24 لتوقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين إسرائيل ، وحقيقة بأن هذا هو أول اتفاق سياسي بين الطرفين اليهودي والفلسطيني ، فجميع الاتفاقيات السابقة كانت دائماً تتم بتأثير خارجي ، عربي أو أجنبي وهذا هو أول اتفاق تقرره قيادة فلسطينية دون تدخل جامعة الدول العربية ، مع أن غالبية دول الجامعة في حينه وافقت على هذا الاتفاق ، باستثناء سوريا والعراق. مرت هذه الذكرى بهدوء وصمت خجول ، كالغيمة البيضاء التي لم تطرح شيئاً ،وهذه ليست المرة الأولى التي تمر فيها ذكرى هذا الاتفاق دون طبل وزمر في وسائل الاعلام الإسرائيلية والعربية وحتى العالمية . وسائل الاعلام في إسرائيل تناولت هذا الحدث بأسلوب الهارب من المواجهة التاريخية وتناقلته داخل ممرات ضيقة تكاد لا تُسمع ، وهذا يؤكد بأن حكومة اليمين الفاشي فيها غير معنية بتناول هذا الموضوع ، وانها ترفضه وتحاربه ، أكثر من ذلك غالبية الإسرائيليين يعتبرون اتفاق أوسلو تنازلاً ومنة من طرفهم ، وانهم تنازلوا عن حقوق يمتلكونها وحدهم ، وان ما حصل عليه الفلسطينيون لا يستحقونه . هذا كان أيضاً حال غالبية الفلسطينيين ، فقد تعمدت وسائل اعلامهم عدم تخصيص حلقات الحوار والبرامج لتناول هذه المناسبة ، الا في حالات هامشية للغاية ، هذا الموقف مؤشر الى حدوث تراجع كبير في نسبة الذين دعموا هذا الاتفاق ، وصفقوا له ، حتى داخل السلطة نفسها . لكن هذا التجاهل لا يخفي حقيقة هامة وهي : ان هذا الاتفاق قد سبب شرخاً عميقاً داخل المجتمع الفلسطيني ، خاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة ، بسبب الاتفاق انقسمت القيادات الفلسطينية الى معسكرين كبيرين ، معسكر لا زال يؤمن بحق الكفاح المسلح ويشمل حركة حماس والجهاد الإسلامي ، ومعسكر بقيادة فتح يؤمن بالحوار والحلول السلمية . الملفت للنظر عند التوقيع على هذا الاتفاق ان الوفد الفلسطيني المفاوض والموقع لم يرجع الى الشعب لأخذ رأيه ، فقد فرض هذا الاتفاق فرضاً على الشعب الفلسطيني ، كما ان هذا الوفد تستر على الكثير من قواعد وبنود هذا الاتفاق ، هذا ما فعله السادات عندما وقع مع إسرائيل اتفاقية كامب ديفيد . الاعلام الإسرائيلي من كشف غالبية بنود اتفاق أوسلو ، كما كشف هذا الاعلام من قبل اتفاقية كامب ديفيد وكشف أيضاً اتفاق وادي عربة مع الأردن . يجب أن نعترف بأن هذا الشرخ تحول الى جرح نازف من الخلافات الفلسطينية الفلسطينية لا زال قائماً ، وان المردود العكسي الأول لاتفاق أوسلو بدأ بإطفاء نيران الانتفاضة الأولى ، وكان من المفروض أن تستمر هذه الانتفاضة حتى يحقق الشعب الفلسطيني جميع أمانيه ، بالاستقلال الكامل ، لقد خسر الشعب هذه الثورة الشعبية التي قل ما حدث مثلها في التاريخ ، لقد فاقت في تأثيرها واسلوبها وايقاعها النضالي ثورة الشعب الهندي بقيادة غاندي ، انها أي الانتفاضة الأولى تختلف ومغايرة لكل الثورات التي قام بها الشعب الفلسطيني في الماضي ، قيادتها كانت في الميدان من أبناء الكادحين ومن الريف الفلسطيني ومن المسحوقين في المخيمات ، سلاحها الإرادة والاصرار على كنس الاحتلال والمواجهات الجماهيرية مع قوات الاحتلال ، كشفت هذه الثورة صلف إسرائيل وسياستها القمعية ، وقد نالت موافقة الكثير من الدول في العالم ، مما زاد من الضغط على حكومة الاحتلال للتفاوض مع الفلسطينيين . هناك من يعتبر اتفاق أوسلو نقطة مفصلية في تاريخ الشعب الفلسطيني ، لأنه أوقف أولاً عجلة الثورة ، وفي نفس الوقت تنفست إسرائيل الصعداء من حالة الحرج والارتباك التي سببتها الانتفاضة ، مع ذلك هناك من يحاول أن يضع العوامل التي دفعت قيادة منظمة التحرير التوقيع على هذا الاتفاق ، في مقدمتها خروج مصر من المعركة ، بعد اتفاق كامب ديفيد ، هذا الى جانب الخلافات العربية العربية ، وغياب مشروع قومي عربي وخطة مشتركة لحل القضية الفلسطينية ، إضافة الى الضغط والملاحقات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني وقيادته من قبل الانظمة العربية ، ناهيك عن الدعم الأمريكي الامبريالي غير المحدود للصهيونية وإسرائيل . في مقدمة هذه الملاحقات محاولة الأنظمة العربية الاستمرار بمصادرة القرار الفلسطيني ، ونتائج معارك أيلول الأسود والحرب الأهلية اللبنانية والاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ، وآخرها طلب السلطات التونسية من منظمة التحرير الفلسطينية اخلاء مكاتبها في تونس ولا ننس الخلافات الدامية بين الفصائل الفلسطينية المسلحة والانقسامات داخلها . استغلت إسرائيل هذه الظروف، وفرضت على منظمة التحرير أثناء مفاوضات أوسلو شروطاً قاسية و مذلة ، كان يجب عليها رفضها ، من بين المآخذ التي سجلها الكثيرون على هذا الاتفاق : التجاهل كلياً لفلسطيني الداخل ، بل على العكس فقد أقرت منظمة التحرير اسرلتهم ، ووافقت مع الطلب الإسرائيلي بعدم تحرير اسراهم الامنيون الذين لا زالوا حتى اليوم في السجون . أقر الاتفاق بحدود إسرائيل من رأس الناقورة شمالاً الى ايلات جنوباً وأكتفى الفلسطينيون بما تبقى من فلسطين ، الاعتراف الشرعي بإسرائيل جغرافياً وسياسياً تحول الى إقرار والتزام دولي فرض على السلطة الفلسطينية عدم التراجع عنه ، كما ان هذا الاتفاق يعني بالمفهوم الدولي السياسي وغير السياسي وقف الاعمال الحربية من قبل الفلسطينيين ، واعتبار كل مقاومة ارهابياً حتى لو لم تلتزم إسرائيل بقراراته. الاتفاق لم يوضح وضع القدس والموقف من المستوطنات التي كانت قائمة ، كما أنه لم يضمن تشكيل دولة فلسطينية ، ولم يحدد موعده لقيام دولة فلسطينية ، لم يسمح الاتفاق بإقامة جيش وطني فلسطيني دون اذن من الاحتلال ، وأجبر السلطة الفلسطينية على التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال للمحافظة على استقرار والهدوء ومنع أي عمل من أعمال المقاومة لمنع توسيع الاستيطان . سّبب الاتفاق تقسيم الأراضي الفلسطينية الى دوائر وكنتونات بأسماء والوان مختلفة يسمح للقوات الإسرائيلية اقتحامها واباحتها متى شاءت . مع ذلك هناك من يرى بعض النقاط الإيجابية في هذا الاتفاق ، نورد بعضها : أعطى حكم ذاتي للشعب الفلسطيني على جزء من أرض فلسطين ، لكن هذا الحكم بقي دون سيادة ، بفضل هذا الاتفاق جرت لأول مرة انتخابات رئاسية برلمانية تشريعية ، كما تم بفضل الاتفاق اطلاق سراح عدد كبير من اسرى الحرية من سجون الاحتلال ، كما عاد عشرات الاف من الفلسطينيين الى الأراضي المحتلة ، وسُمح لأول مرة بنشر الهوية الفلسطينية وجواز السفر الفلسطيني والعلم الفلسطيني داخل الوطن ، وهذه تعتبر من رموز السيادة وتثبيت الهوية .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اسرى الحرية بين فكي ميزانية عباس
-
لمحة من تاريخ أيتام الداخل الفلسطيني
-
صراع الأجيال الفلسطينية مع مناهج التعليم الصهيونية
-
من عربة بوعزيزي الى عربة محسن فخري
-
ثقافة الفساد في المجتمع الاسرائيلي
-
حبل من وراء الحدود
-
ايران كوبا الشرق الأوسط
-
غزة في انتظار حرب الكهرباء
-
عار الهزيمة لن يدوم
-
لا مصر بدون مواطنيها الاقباط ، ولا أقباط بدون مصر
-
من البيعة الصغرى الى البيعة الكبرى
-
قراءة في صفحة من صفحات الانقسام الفلسطيني الفلسطيني
-
طوابير العرب العائدة لبيت الطاعة الامريكي
-
أسرى الحرية بين النصر والشهادة
-
تهليل القرعة التي تتباهى بشعر اردوغان
-
وهل يضر النيل يوماً اذا بال التكفيريون فيه - أنه لا ينجس
-
مرة أخرى - أيمن عودة في الميزان
-
تبرئة مبارك المسمار الأخير في نعش الثورة المصرية
-
البادي أظلم
-
الخطوة الأولى في طريق العودة وحدة الصف
المزيد.....
-
بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من
...
-
-روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي
...
-
منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا
...
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
-
هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
-
منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد
...
-
وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن
...
-
أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
-
سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك
...
-
حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|