|
ربع قرن على اغتيال فرج فودة
فهد المضحكي
الحوار المتمدن-العدد: 5635 - 2017 / 9 / 9 - 13:59
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
لا ابالي ان كنت في جانب والجميع في جانب آخر.. ولا احزن ان ارتفعت اصواتهم ولمعت سيوفهم.. ولا اجزع ان خذلني من يؤمن بما اقول، انما يؤرقني اشد الارق ان لا تصل هذه الرسالة الى ما قصدت، فأنا اخاطب اصحاب الرأي لا ارباب المصالح، اخاطب انصار المبدأ لا محترفي المزايدة، وقصاد الحق، لا طالبي السلطان وانصار الحكمة لا محبي الحكم. تلك هي الكلمات للمفكر الكبير فرج فوده الذي اغتالته قوى الغدر قبل نحو ربع قرن، وهو احد مفكري التيار العلماني في مصر والوطن العربي، حمل على عاتقه هموم الوطن وقضاياه، نادى بحرية الابداع الثقافي والفني، طالب بفصل الدين عن الدولة، رأى انه لا مستقبل بلا تنوير.. وكرس حياته وكتاباته للدفاع عن حرية الفكر والمعتقد التي ما زلنا نحلم بها وننشدها في ذكراه. جريدة «الاهالي» المصرية نشرت على صفحاتها الوطنية المشرقة ملخص لفعالية اقامها المجلس الاعلى المصري تحت عنوان «فرج فوده حضور رغم الغياب» تحدث فيها الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة عن فودة لاعتباره حالة مميزة في الثقافة المصرية والعربية، وعن جماعة الاخوان المسلمين التي حاولت اغتيال العقاد عام 1949 وفشلوا، وكذلك حاولوا اغتيال طه حسين معنوياً ونجحوا في بعض الحالات مشيراً الى ان الوسط الثقافي لم يكن مدركاً لقيمة فرج فوده، فقد كنت حاضراً لمناظرة معرض الكتاب عام 1992 بينه وبين مأمون الهضيبي ومحمد الغزالي اللذين لم يكن على ملامحهما الغل والحقد فقط من فوده، ولكن كانت ملامحهما تحمل الموت له، لانه نجح باسلوبه ان ينتزع على لسان الهضيبي اعترافات بجرائم التنظيم السرى. واضاف وزير الثقافة، ان فرج فوده سقط شهيداً والى الآن افكاره تؤكد صحتها او اكد ان طوال القرن العشرين وحتى في نهاية القرن التاسع عشر، كان على الكتاب ان يقدموا ضريبة الدفاع عن الدولة المدنية الديمقراطية، وفي هذا المعنى يأتي على عبدالرازق وطه حسين ونصر حامد ابو زيد وخلف الله، وفي كل جيل كان هناك من كان يتقدم بنفسه دفاعًا عن مدنية الدولة. كان سابقاً لعصره، هكذا وصفه البعض.. كان المفكر الذي تنبأ بمستقبل العرب قبل 25 عاماً. لم يكن فوده وغيره من المفكرين والمبدعين الذين قتلوا برصاص الغدر اعداء للدين، او انتقصوا من دوره في المجتمع، ومن مكانته في قلوب الناس وحياتهم، بل كانوا اشد المعارضين لاستغلال المقدس – وهو ما يفعله الخطاب الديني باشكاله المختلفة – ومن اجل التغيير يتبنى العنف والتعصب والارهاب! هكذا كانوا، لان الاسلام السياسي نقيض العقلانية والاستنارة، لا يقتصر خطره على تزييف الوعي فحسب، بل يمتد الى اسلمة القوانين والمعرفة وذلك لاقامة سلطة سياسية دينية متشددة! ونقلاً عن الكاتب اشرف عبدالحميد يقول الباحث «اندرو نادر» الذي اعد دراسات وابحاثاً عن المفكر فوده انه يمتلك نفس قدرة «زرقاء اليمامة» فقد كان مدهشاً في توقع العديد من الاحداث التي ما زلنا نعيشها حتى اليوم ومن جملة ما توقعه تقسيم العراق لمناطق طائفية سنية وشيعية وكردية وهو ما يبدو انه يمهد له الان! واشار اندرو ان فوده كشف ان ايران ستحدث فتنة في العالم الاسلامي والعربي وستستخدم ورقة الدين لمحاولة تصدير ثورتها وتوسيع امبراطوريتها، كما ستعتمد على المليشيات الشبابية المسلحة، وستكون شرارة الفتنه بين المسلمين من خلال تقسيمهم لسنة وشيعة. وفي مقابل ذلك ذكر فوده ان نمو الاسلام السياسي هو جزء من اتجاه عام في جميع البلاد الاسلامية، يمكن ان يطلق عليه اسم «الثورة الاسلامية» وان هذا الاتجاه العام احدث انقلاباً جوهرياً في اساليب ووسائل الاحزاب السياسية الاسلامية في العالم الاسلامي، الاحزاب السياسية الاسلامية في العالم الاسلامي، حيث طرح منطق الثورة الشعبية، او التغيير العنيف، كبديل لاسلوب التعايش مع النظم الديمقراطية في ظلها. كان فوده وفي سلسلة مؤلفاته حذر من غياب المعارضة المدنية في الدول العربية، مشيراً الى ان ذلك يحول حركات الاسلام السياسي الى «صوت المعارضة الوحيد» وكتب عدد من المقالات بعد عدة رحلات لتونس، اكد خلالها على تصاعد شعبية التيارات الدينية في ظل غياب تام للمعارضة المدنية، كما وصف زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي بانه مثل الخميني الذي كان يحلم بالعودة لبلاده على كرسي الحكم وهو ما حدث بالفعل بعد الثورة التونسية التي اندلعت في ديسمبر 2010 حيث فاز حزب النهضة باغلبية اصوات الناخبين التونسيين في اول انتخابات اجريت بعد الثورة التونسية. لم يكن فوده يتعرض لفتاوى التكفير والقتل من قبل الاسلام السياسي فقط بل من قبل الازهر وبالتحديد جبهة علماء الازهر. وفي عام 1992 اصدرت هذه الجبهة بياناً كفر فوده واجاز قتله بسبب آرائه حول تطبيق الشريعة والتعامل مع الدولة المدنية ورفضه للاسلام السياسي. وفي ذات العام تم اغتياله، الا ان فوده كان في اكثر من كتاب من كتبه انه يسعى لاسلام نقي خالٍ من العنف و«الارهاب».. اسلام اكـثر قبولاً للتعددية ويقــدم الرحمــة علـى الغضـب ولكن حلمــه انتــهى باغتيـاله وهــو خــارج من مكتبـه مع ابنه.
#فهد_المضحكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطبيب الروبوت
-
الدول العربية.. والآثار السلبية للدين العام!
-
فاطمة أحمد إبراهيم
-
القوى المتأسلمة والمصالح السياسية!
-
التبعية التكنولوجية!
-
الجامعات العربية والحرية الأكاديمية!
-
الفساد يعرقل التنمية!
-
سلامة موسى
-
الثقافة العربية والتحديث!
-
حديث حول الدّيْن العام
-
الولايات المتحدة واستراتيجية القوة!
-
القيمة المضافة وتباين الآراء!
-
أحداث مؤلمة!
-
في ذكرى اغتيال المفكر مهدي عامل
-
الوضع المالي.. التحدى الأكبر!
-
الإمارات الدولة النموذجية في استطلاع الرأي
-
حديث حول المواطنة!
-
نزيهة الدليمي.. حياة مليئة بالكفاح ونكران الذات!
-
الأزمات المالية وصندوق النقد الدولي!
-
الإسلام السياسي والديمقراطية
المزيد.....
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
-
تسعة شهور من الحبس الاحتياطي.. والتهمة “بانر فلسطين”
-
العدد 590 من جريدة النهج الديمقراطي
-
اليمين المتطرف يحتفل برحيل أونروا من إسرائيل
-
الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل
...
-
تسع خطوات عاجلة لـ 10 نقابات مهنية مصرية ضد تهجير ترامب للفل
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|