|
البطل الافتراضي
عايدة نصرالله
الحوار المتمدن-العدد: 1459 - 2006 / 2 / 12 - 09:34
المحور:
الادب والفن
ملاحظة الكاتبة: هذا النص لا يمت للواقع بصلة، فكل من يجد نفسه فيه سيكون محض صدفة.
وطني الأكبر ضاق حتى أصبح أضيق من رأس قدم نملة. عفته وعفت الحلم فيه .. عدت للوطن مغربل من كل حلم.. كل أحلامي ذرت كحبات رمل في عاصفة صحراوية فأعمتني نهائيا.. لكن ما العمل وتلك التي تتلبسني ولا تنفك عني؟ من أجلها كان علي أن أبني هذا الوطن..لا تلوموني إن قلت لكم أني أخيرا بنيت الوطن الحلم. ها هو أمامي...أحمله بيد واحدة. وحتى أستطيع التجوال فيه وأنا مغمض العينين، فأنا أحفظه عن ظهر قلب، بمساربه، ألوانه، مدنه وبساتينه. أدور وألف من ساحة إلى أجمل، ولي من الزهور من يجعل العالم كله فواحا. وأقفز وأشطح من زهرة إلى أخرى ، سباق إلى رشف زهوري وأشد نشاطا من نحلة. هذا هو وطني، حر طليق فيه.. تماما كما شئت دائما، ولا أحد يسائلني..أنا الذي أسأل. أنا الذي أقول. فقط. بنيت وطني من أجلها.. من أجل التي تتلبسي وتدق بخناق هوائي ، وتلبسني في نومي وصحوتي ، في فرحي وعطشي ، في شبقي وفتوري، تلبسني كجلدي، دمي، هي التي بدونها أنا فراغ، فمَ اهتم، ووجود دون وجود. من أجلها هي فقط. بالأمس ... كنت أنتقل من منفى لمنفى وكانت ما زالت قامتي طويلة، وعيوني تملك البريق ، كنت أقطف أزهاري من المنافي دون أن يعلم بي أحد، وبعد أن استقر بي المقام في وطني الأكبر. " يدندن بينما يداه مشغولتان بتكتكة متسارعة اللهاث" "وطني وطني وطني الأكبر" يدندن وعيناه تنفذان أمامه إلى حيث الوطن الذي لا وطن له سواه. الأولاد كل في شؤونه. المرأة... هههههههههههههه... أحلتها ل"شيء". وأما هذه التي تلبسني فلن تحال يوما إلا لي.. وبي وفي. كانت هي الأخرى ستفقدني أو كنت سأفقدني لولا اختراعي هذا الوطن العسلي الذي ارتشف منه ما لذ وطاب من زهوري. ها هي إحدى الزهرات تنفث بأريجها باتجاهي.
هي تجلس أمامي.. عيناها بحر.. لمعان شبقي ينطلق منهما.. أكاد أراهما من وراء الشاشة.. لكني سأناور معها. في البداية سنتحاور عن الشعر والثقافة.. سأبوح لها ببعض ما يضرب على أوتار الأمومة عند المرأة.. أعرف النساء من خبرتي.. يجرهن الحنان أولا. -الو، كيف حالكِ"؟ -أهلا، والله مفاجأة، كيف حالك؟ - والله حالي مثل حال كل الناس، مهزوم. - معقول، أنت؟ - نعم أنا. -وما الذي يهزمك"؟ - الكذب والزيف - موضوع الكذب والزيف يطول شرحه، ما علينا..ما الذي ذكرك بي؟" - قرأت لك قصة، أعجبتني - شكرا. "وطبعا أبدا بالحديث عن قصتها. وأنا ماهر جدا في النقد.. وأقول لها عبارات من تلك التي تشد قاع البحر من عنقه.. حتى أشعر بها ليونة الحرف. بعدها سأقول لها "عزيزتي لكي تكتبي بصفاء، شقي الجلد، غيبي وحلقي في السماء، اجعلي للكلمات أجنحة، افترعي حجب عقولهم، أغلقي مزاليج الآخرين عنك، اكتبي كأنك تكتبين لنفسك" وطبعا ما أن أقول هذا الكلام حتى تنجرف.. فهي ستدرك أنى أريد دفعها للأمام.. كلهن هكذا.. وبعدها سأبدأ المرحلة الأشد روعة. -كيف حالكِ؟ -افتقدتكَ، أصبحت لا أستطيع أن أغيب عنكَ وهنا يأتي مربط الفرس. -وأنتَ كيف حالكَ - مريض، قلق، وحيد - سلامتك وتجرها العاطفة. - لكن لم اخترتني أنا بالذات؟ ما أسهل هذا السؤال، ، فهي لا تعرف أني أصول وأجول بين اسهم النت، وأعرف أن المرأة تحب أن تكون خاصة فأقول: -هكذا لا أعرف. شيء ما في حديثك جعلني ارتاح، فكتابتك تتفصد لهيبا، أميرة النقاء أنتِ ولا أحد غيرك. "أحس بارتعاش أناملها، والله أكاد استشعر عيونها تدمع من الفرح، وتحاول أن تتزن فتقول: - شكرا. أنا فخورة بذلك، ولكن لم تحك لي لماذا أنت قلق وحزين؟ - لأني وحيد، أعانق الهزيمة أينما وليت وجهي. - لماذا؟ وأنت الكاتب الذي لا كاتب سواه، ونصك لا قادر عليه إلاك. - أنت التي تبالغين، العفو يا سيدتي ، والله أنا تلميذ. - يا الله لتواضعك. " ومع تصعيد حناني، وتصعيد التواضع واستعدادي لجعلها ربة الكتابة، يجرفنا الحكي حتى لأتخيلني وقد لبست دور شهرزاد بدل أن أكون شهريار..فتبدأ تحكي لي مشاكلها. بالتفصيل..وتذرف الدموع المنهمرة. تقع في الشباك..إذ ما تبدأ بكشف نفسها حتى يصعب التراجع - والله ببالي أن أمسد على شعرك كطفلة تفرح بعد التمسيد.. يبدأ الغليان ينتابني. أحس أنى على أن اقتحم الحدود -كل الليل قلقت. - لماذا؟ - هل أنت جنية؟ من أين خرجت لي؟ - ماذا تقصد؟ - لا . أخاف إن قلت أن تتضايقي. - لا. قل. فأنا قصصت لك عن حياتي. - وأنا كذلك لم أكشف حياتي لأحد غيرك. "طبعا هي ستصدقني، ولا تعرف أن نصف كاتبات وشاعرات العالم العربي يعرفن عبارة " قلبي بيت مهجور"، " فتنة الأقاصي"، أميرة النقاء" إلهة السماء"، "أنت حبق الروح"، " أحيانا أغير كلمة الحبق لعبق" وحتى الرجال أحيانا يحظون بلقب "عبق الروح"..تعابير لا يهتدي إليها أي شاعر، حتى حدث أن عرفت نفسي يوما برجل المحارات. وهذه التي تسكنني أخيرا ستصدقني. إذ كيف لمن هو مثلي أن يبوح وجعه لغيرها؟؟ هاها ها هاههههههههه. يفتح شباك آخر -أين أنتَ يا طفلي المشاكس؟ -آه أنتِ يا أميرتي. - نعم أيها الطفل المشاغب -آه أنتِ يا فلذة الكبد، أين أنت؟ - معكَ، هل أنت مشغول مع أحد؟ - كيف أنشغل إلا بك يا لهاث الصحاري وفتنة الروح. - منذ ساعتين وأنا انتظرك. - وأنا انتظرتك عمري - ما أكذبك - ههههههههه. أجمل كذاب، لحظة حبيبتي - حسنا يعود للشابك الأول
يقول في نفسه ها هي تقع -أينك حبيبي؟ غبت كثيرا -هل علي أن أقول لك كنت في الحمام - أه..طبعا لا. - كيف عينيك اليوم؟ - مشتاقات لك - كان صوتك جميلا وددت لو أطير إليكَ، ونطير بعيدا عن أعين المتلصصين. - تمهلي يا حبيبتي - كيف التمهل وأنت تحتل مطبخي؟ - مطبخك؟ - يعني تحتل كل مساحات حياتي - نعم فهمت - لكن تمهلي...لحظة من فضلك. يعود للشباك الآخر - أين كنت حبيبي - وأين أكون إلا معك.. هل كان علي أن أقول لك كنت في الحمام - طبعا لا.. يفتح شباك ثالث... شباك رابع...شباك...شباك...شباك...يا الهي قد أعد نصوصا موحدة أقولها للجميع. "بعد أن أشجع الشاعرة..الكاتبة..الزهرة..أفتح لها أبواب الأمل على مصراعيه... ولا ترى إلاها فيِّ.. وتكون قد ألقت أوزارها على صدري..أشعر أني امتلك لحظة اللا-عودة..لن تستطيع الإفلات.. فكل ما تعرفه عن نفسها هو لي.. تأتي اللحظة الحاسمة:
- أود لو التحم فيك.. "هنا تبدأ الأنهار بالسيل وأرتوي. بعد الارتواء لا يكون علي إلا التفكير بالتخلص لأني ملول، ولا أحب الحرث في أرض واحدة.. كم أنا ملول. وأحب أن أذوق من كل نهر رشفة. وهنا أبدأ التخطيط لأشد المراحل حنكة فأمثل دور الغيرة نعم فأنا أتقن الغيرة بشكل تعلمته مع السنين. سأذبحها غيرة . وأنام ليلي الطويل. -اشعر انك لم تكوني معي. - والله قضيت كل الوقت أفكر فيك - لا لم اشعر بذلك. - كيف اثبت لك ذلك؟ - علي أن أحس. - ولكني أقول الحقيقة. وطبعا سأجعلها تجن أكثر - لا.. أنت ربما كلمت فلان .. وعلان.. وطبعا ما دامت كشفت لي كل حياتها. يصبح مريحا أن استعمل الأسماء والأحداث ضدها. وتبدأ مرحلة انهزامها.. وأشعر أنها بدأت مرحلة الانهزام والهروب الذي خططتُ له .. وانجح. طبعا في هذه الأثناء يكون عندي قائمة أسماء أخرى لنساء قد أتلذذ معهن. ولا تسألوني لماذا افعل ذلك. هي غوايتي .. تماما كالقصيدة.. فكل امرأة هي ومضة قصيدة.. ولا أريدها أكثر من ومضة القصيدة.. المرأة التي تومض لي بحروف القصيدة تنهي المهمة. كله لأجلها هذه التي تلبسني-القصيدة تنتهي المهمة لأبدأ دورتي مع أخرى من جديد. ويستمر بالدندنة .." وطني وطني...وطني الأكبر" أما تلك أو تلك أو تلك... فتعض على أصابعها..
1.7.2005
#عايدة_نصرالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-شاعر القصيدة التي تبتلع قراؤها-
-
شهقة الموت السريري
-
قلبي على الحافتين
-
-العطش-: استلاب الجسد المكان والصبو للعبور
-
الجارزة السوداء
-
أنين المقاهي
-
رجل يهتك ليل الأسئلة
-
مقطوعة شعر
-
مقطوعة شعر بعنوان -زارا رحلة التجلي في هوس النقاء
-
كطيف كونته مخيلتي
-
زارا: رحلة المبتغى في هوس النقاء
-
خصلة شعر
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|