|
الشيوعيون الكرد يُصَفّون-ح ش ع- (2/2)
عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 5624 - 2017 / 8 / 29 - 13:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اقدم الجناح الكردي في الحزب الشيوعي العراقي، على تصفية الحزب بصيغته(الوطنية)، المرتكزة لديناميات حيز "اللادولة"، بناء وبالاتساق مع ترتيبات التدبيرية الغربية الثانية للاوضاع العراقية، ,والهادفة لادراجها ضمن السقف المسموح به "دوليا"، بعد فشل وهزيمة التدبيرية الاولى، ممثلة في "الدولة الحديثة الملكية" وقاعدتها قانون تسوية الارض الانكليزي لعام 1932، فقد اوجبت وقائع وزخم ثورة 14 تموز1958، وسقفها، وما تمخضت عنه من صعود شعبي جماهيري كاسح، وغير مسبوق في المنطقة، الى التفكير بصيغ ملائمة، تضمن ضبط الجموح العراقي ، بظل القطبية الدولية، ماقد ادخل الطرف السوفيتي في الترتيب المقترح، والذي ابتدأ اصلا بحسم كون "الحزب العقائدي"، وليس العسكر، كما هي الحالة المعتمدة لضبط الاوضاع في العالم الثالث هي الملائمة للعراق ( كان العراق البلد الاول في العالم الثالث، الذي عرف ظاهرة الانقلابات العسكرية عام 1936 مع باكورة تلك الظاهرة، انقلاب بكر صدقي)، والمتطابقة مع خاصياته، الامر الذي برز واضحا خلال التمهيد لانقلاب 17/30 تموز 1968 ، فقد سعى الوسطاء وقتها، مبعوثين عن شركات النفط عبر "عبدالرزاق النايف"، للبحث عن "حزب" يتسلم السلطة من العسكريين المستعدين للتنفيذ، ليمسك بالاوضاع. فعرضوا الامر بداية على فؤاد الركابي و"الحركة الاشتراكية العربية، التي يتزعمها، قبل تيار البكر /صدام، البعثي، الذي وافق على المهمة فورا وبلا تردد على عكس الحركة الاشتراكية العربية. ولا ننسى ان الانقلاب حصل مع بوادر اتجاه الشيوعيين لحمل السلاح، بعد انشقاق كبيرطابعه يساري، حصل عام 1967 ، ولم تكن ملابسات لحظة التنفيذ، سوى محطة اخيرة ضمن ترتيبات واحداث، سارت بمجملها، وعلى الجهتين نحو تركيب "ثنائية" حزبية تصفوية تستهدف الحزب الشيوعي بصيغته الوطنية، غير القابلة للاحتواء، بدات اولا بالاجهاز على التاسيس الشيوعي الثاني، في شباط 1963، وتمهيد السبيل لوضع قيادة الحزب ابانها مباشرة تحت تصرف التيار الذي سيضطلع بنقل الحزب نهائيا، للرضوخ لاليات ومصالح فئة "شيوعية" جزئية، هدفها وضع الحزب بخدمة قضاياها القومية، وبالاساس موقعها داخل حركة " التحرر الكردية"، مايؤدي لمعاكسة فعل اليات التشكل الوطني والتاريخي، ويلتقي والحالة هذه مع المشروع الغربي المضاد للحركة التحررية والوطنية العراقية. انقسم سلوك زعيم التيار المذكور، بناء لملاحظات مباشرة عيانية لقياديين متقدمين، بعد اعتلائه سدة قيادة الحزب، الى حقبتين يثير تتابعهما التساؤل: حقبة اولى ترضوية مهادنة، تبدي اقصى اشكال المرونة، وتاكيد الاستقواء بوحدة اعضاء القيادة، وهذه ظلت تسم سلوك السكرتير الاول، داخل "اللجنة المركزية" والمكتب السياسي، مابين 1964 الى 1978، حين اخرج الحزب من التحالف الذي كان قد عقده عام 1973 مع حزب البعث الحاكم، وحقبة اخرى تصفوية علنية، اتسمت بالعزل والابعاد، وحتى الاضطهاد، استهدف في المؤتمر الرابع بالطرد قرابة 28 قياديا، هم خلاصة تجربة وخبرة الحزب التاريخية، اي كل ما يمثل ماضي الحزب الجنوبي، بمرحلتيه التاسيسيتين، الاولى "الفهدية"، والثانية التي انجزها "سلام عادل". مع استثناء بعض الامعات، المستبقين في مراكزهم، لاكمال العدد، وللابقاء الزائف على مايذكر بالصفة الوطنية العراقية للحزب. مر الحزب الشيوعي كقوة نشأت ابان حقبة ما قبل التشكل الوطني النهائي، وفي منتصفها تقريبا، وبظل غلبة افتراض تحقق مثل هذا التشكل، قسرا واعتباطا، بحكم الحضور الاستعماري الغربي، بلحظات انعكست على وجوده وبنيته، نتيجة الصراع الفعلي، بين الطاريءالغربي، والبنية المجتمعية الصاعدة تشكلا منذ القرن السابع عشر، فكان قد حظي باعلى اشكال القبول الشعبي، حتى من دون ان يبدي اي تفهم للخاصيات الوطنية او تطابق معها ومع مقتضياتها، او مضمرات الدينامية الوطنية التاريخية واهدافها، فقبل بترحاب على قاعدة الحاجة لوسيلة "حديثة مضادة" للنمط الطاريء الاستعماري من "الحداثة الاستعمارية"، مااستحث وبسبب سعة جماهيريته، وفعاليته بالاخص بعد وثبة 1948، توجية ضربة له، ادخلته طورا من الاضطراب والفراغ القيادي، والفوضى، تناوبت على القيادة ابانها الفئات اليهودية البغدادية والكردية، فكان احتدام القضية الفلسطينية، وغياب الكادر العربي الجنوبي، بفعل القمع والسجن، قد افسح المجال لهذه الفئة، والاكراد بالذات، لتصدر المشهد، بظل تضعضع تنظيمي وفكري، وغياب تقليدي للعنصر العربي البغدادي، ومعه المنحدر من المناطق الغربية، مع اندحار للعنصر الموصلي، بحكم انتصار "فهد" المسيحي الموصلي الاصول، المرتكز لقوة القاعدة الجنوبية ل"مجتمع اللادولة"، على المسلمَين، الاديب القاص"ذو النون ايوب" و "الصايغ". الى ان اعاد زخم انتفاضة تشرين 1952، حضور مركز التشكل الوطني الجنوبي، بصعود نجم "سلام عادل" ببراعته العملية، برغم افتقاره للبعد التنظيري، وضعف حسه السياسي، وقد بدا معنيا بعميلة تأسيس ثانية، اوجبتها قوة احتدام الصراع مع النظام الملكي، والحاجة لاعادة لحمة وتراص الحزب، بعد ثبوت فشل وتدني كفاءة العناصر البغدادية اليهودية والكردية، وضعف امكاناتها على الصعد الرئيسية، فكأنما اعيدت مرة اخرى الجولة الاولى "الفهدية"، بين بغداد وارض السواد، لصالح الاخيرة. وكما انتهت عملية التأسيس الثاني نهاييتها الدموية عام 1963 ، فان الحزب بما هو قوة فعل على المستوى الوطني، وكوسيلة كانت ضرورية ولازمة، ضمن عملية الصراع الوطني مع الطاريء الغربي الاستعماري، قد انتهت تماما مع عام 1988، مع توقف الحرب العراقية الايرانية، وفقدان الحزب بصفته الكردية الغالبة، آخر معاقل وجوده التي كان قد حصل عليها في كردستان، ايام انشغال الجيش العراقي في الحرب مع ايران 1980/1988 . وعندها لم يتبق للحزب من دور يذكر في الحياة الوطنية، وتحول الى مجرد هيكل منفي، ليتحول الى اداة بخدمة للمصالح الشخصية، مهزوم تاريخيا، ليبدأ من وقتها عصر التغني بالماضي، وبضخامة التضحيات المهدورة، لم ينقذه من الموت الكلي، اي حتى الشكلي الراهن، مثله مثل غيره من قوى المعارضة في الخارج، غير دخول صدام حسين للكويت عام 1990، والغزو الامريكي. قامت التدبيرية الحزبية العقائدية النفطية الثانية الغربية للعراق، على قاعدة تصفية حزب العراق الشيوعي الجنوبي، بالعمل المشترك المزدوج، للبعث الحاكم في المركز، والتيار الكردي الشيوعي، المعد ليلعب دور "بعث الجبال"، ماكان سيمنحه دورا اساسيا داخل الحركة القومية الكردية، وعلى مستوى العراق، وذلك ماقد تحقق عمليا وفعلا بحمل السلاح من قبل الحزب الى جانب الحكومة، ضد الحركة الكردية بقيادة مصطفى البارزاني عام 1974، ولم تكن هذه العملية الضخمة والمعقدة الصعبة، بنت يومها، فهي تعود الى ما بعيد ثورة تموز1958، وظلت تدار وتصاغ بعناية ودقة، فبعد ان صفيت "القيادة المركزية" خلال شتاء عام 1969، قام الحكم البعثي بمايلزم من تنضيف ضروري للبيت القيادي الشيوعي، تهيئه لانتصار تيار "الجبهة الوطنية والقومية التقدمية" الكردي، فاجهز على كاظم الجاسم، ومحمد الخضري، وكل من كان يمكن ان يشكل عقبة، بوجه التيار المطلوب تسيده، فاغتيل وقتل شاكرمحمود، وستار خضير، وعبدالامير سعيد. وكل هؤلاء من ابناء الجنوب والفرات الاوسط. علما بان الشيوعيين الاكراد، والقادة الشيوعيين منهم لايموتون ابدا، مشكلين ظاهرة حرية بالفحص، فهم، من بهاء نوري، الى عزيز محمد، وكريم احمد، وحتى عزيز الحاج، تجاوزوا التسعين، وبعضهم شارف على مناطحة القرن، ربما لكي يشهدوا ظهور المهدي الغائب وقد حل محلهم، على راس مملكة العدل الموعودة الضائعة في ارض الرافدين. هكذا يكون قد انتهى عهد القوى الايديلوجية الحزبية، وبمقدمها الحزب الشيوعي العراقي، يوم كان ضرورة، توجبها بعض خاصيات وشروط الصراع والتشكل الوطني الحديث، ابان فترة حساسة من تاريخ العراق الحديث، انتهت اليوم، لتحل مكانها حقبة الوطنية الثانية، مابعد الايديلوجية، المتوافقة مع سياق كينونة تاريخ العراق في دورته الثالثة الراهنة، صعدا نحو زمن "مابعد غرب".
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيوعيون الكرد يُصَفّون-ح ِش ع-؟(1/2)
-
من عزيز الحاج الى الامبراكونيا(2 مكرر2)
-
اين - القيادة المركزية- ؟ بطولة المهزومين ( 2/2)
-
اين -القيادة المركزية-؟ المحطة والوجهه (1/2)
-
استفتاء مسعود ومحفزات الامبراكونيا
-
ازمة الغرب وعصر الانتقال ل- اللادولة-
-
هل من دورة سومرية ثانية؟
-
ماركس وحضور العقل العراقي(اللاتاريخانية)(1/2)
-
اكذوبة ماركس الكبرى؟
-
صاروخ بالستي ايراني فوق اربيل
-
الوطنية العراقية وخيانة النخب الحديثة (2/2)
-
الوطنية العراقية و - خيانة- النخبة الحديثة (1/2)
-
الثورة المؤجلة : الخلاص من الايديلوجيات (ملحق)
-
الثورة المؤجلة : سيرة الامبراكونيا (ملحق)
-
الثورة العراقيية المؤجلة وتخلف النخب ( 2/2)
-
الثورة العراقية المؤجلة وتخلف النخب (1/2)
-
هزيمة المشروع الوطني العراقي: من المسؤول عنها ؟
-
- الطائفوقراطية- واليسار كطائفة ؟ (2/2)
-
-الطائفوقراطية- واليسار كطائفه؟(1/2)
-
عراق - اللادولة- وخرافة - الدولة المدنية- (2/2)
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|