|
حين يبلغ السيل الزبى
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5624 - 2017 / 8 / 29 - 10:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد وصلت تركيا حد الهلوسة في ادعاءاتها السياسية و ما تعلنه من المواقف ازاء القضايا الهامة لديها من جهة و تعاملها مع الامور التي تعتبرها استراتيجية لها و للاخرين بانتقائية وتدعي ما لم يقبله العقل من جهة اخرى . لا نتكلم عن ما تصر عليه تركيا بانها لم تتجه نحو الدكتاتورية و تريد ان تبريء عنقها من التوجهات الخطرة لاردوغان بطرق شتى سواء بارشادات و اشرافه بنفسه لحين ينتهي من لعبته المتعددة الجوانب في سياساته الخارجية التي استهلها بلفت نظره نحو الشرق و روسيا بالذات لدواعي سياسية و اقتصادية، و لم تعلم بان ما هو على كاهلها و عليها ان تؤديها هو من الضرورات لدى حلفاءها و لم تفكر في المشاريع الاستراتيجية التي تضرب في عمق المصالح الامريكية ان لم ترفع يدها عنها، و هي تعلم بناه لا يمكن ان تعبر دون ان تكون لها افرزات قد تودي في نهاية الامر بحكمه او يضطر مخنوعا الى التراجع الكامل عما بداه و يخسر و معه بدله ايضا من جميع الجوانب . انه يراوغ داخليا و يناور مع الكثير من دول العالم حول ما يهمه في تحقيق اهدافه الخاصة من اجل فرض ما بحوزته من التوحهات الدينية رغم رفضه لما يمكن ان يُقال بانه يسير بتركيا و نظامها الى الاسلمة اعتقادا بانه الطريق الذي قد يبرزه و يتمكن من الوصول به الى الامبراطورية، وحقا انه يتخبط و لا يعلم كيف يتعامل مع المواضيع ذات الاهمية لدى الشعب التركي و مصلحته في كثير من الجوانب و مع ما يتوافق مع مصالح حتى حلفاءه . يقتضي ما دخل فيه اردوغان ان يغير من لون جلده كالحرباء سريعا كما يفعل و هو يغول في تغيير مساره سواء من اجل اعادة توجيه سياسات امريكا نحو بلاده بشكل يرتضيه او تراجعه عن عملية السلام الداخلية و هو يشن حربا دون هوادة على الكورد و يتعمد في تغطية ما يجري بحركات بهلوانية خارجية لتغطية ما يفعله داخليا سواء تحركاته بادعاء الانقلاب الفاشل او محاربة الكورد بكل السبل . على الصعيد الخارجي و علاقاته و كيفية تغيير توجهاته و مساره، لا يعلم اردوغان جيدا بانه لم تصل تخرصاته و تلاعبه بالامور لدى امريكا و الدول الغربية ذات المصلحة في الشرق الاوسط لحده غير المقبول لحد الساعة، و انهم يتعاملون معه كاحد اعضاء الناتو و لازالت تركيا البلد صاحب الموقع الاستراتجي الهام لديهم و لم تصل الحال الى اقرار احلال البديل الافضل عنها، و لكن اردوغان يدفع الى تغيير موقفهم بسرعة اكثر مما نتوقعه . لو تابعنا ما يدعيه اردوغان و قيادة حزبه العدالة و التنمية بشكل دائم من انهم لم يدفعوا الدولة التركية الى الاسلمة في نظامها و مسيرة شعبها، فاننا نتيقن بانهم يدعون ما لا يفعلون او يقولون عكس ما يفعلون و افعالهم دليل على عكس ادعاءاتهم منذ الاستفتاء على تغيير الدستور و تاطير و تحويل كافة السلطات الى شخص اردوغان و اخرها تبعية المخابرات اليه شخصيا و تصفية حساباته معها لتكون الة بيده، والادهش انه لم يعترف بعد بدكتاتوريته . الحجج التي يعلنها اردوغان و حزب العدالة و التنمية دوما على انهم لم يدخلوا البلاد في نفق اسلمة البلاد هي؛ ادعائهم بانهم تواصلوا في تفاوضهم مع الحزب العمال الكوردستاني (الشيوعي ) لديهم من اجل بسط السلام في بلادهم، و هذا ليس بمبدا يمكن ان يعتبر ان البلاد لم تتوجه الى الاسلمة لكون الخطوات في هذا المسار تكتيكية صرفة لا يقصد اردوغان ان يشارك الشيوعية او اليساريين في ادارة البلاد، و الا فان اليساريين الحقيقيين موجودون ضمن الاحزاب و التنظيمات التركية ولا يدير هذا الحزب وجهه اليهم بل يضايقهم، و كان التفاوض ليس على نوع النظام و ماقد يؤدي الى اسلمة البلاد مع الحزبة العمال الكوردتساني الذي توقف اصلا على كيفية التوصل الى حل للقضية الكوردية، و ليس لنوع النظام اي دخل في المفاوضات التي انقطعت و انتهت منذ مدة طويلة، و ما يسير به اردوغان من استغلال الوضع من اجل اسلمة البلاد في حال استمرت المفاوضات او انقطعت كما حصل . و الحجة الثانية لديهم هي عدم دخولهم في رحى المنافسات و الصراعات او الحروب المذهبية الدائرة في المنطقة كما يدعون لفظا، و انما هم يسلكون طريقا هي في عقر دار المذهبية بكل ما تملك هذه البلد من القوة سواء بسياساتها الخارجية او رعايتها للتنظيمات الاسلامية و دعمها لهم سياسيا و عسكريا و اقتصاديا، لا بل دخلت في الاشراف عليهم و توجيههم بشكل مباشر وفق مصالحها الضيقة ايضا، الا ان تركيا فشلت في كثير من خطواتها في هذا الجانب . ان بعض الخطوات التي تتخذها تركيا و لم تدخل في قائمة اسلمة البلاد فانها تتخذ كخطوات براغماتية ليست الا، و تكون في اتجاه تحقيق ما تريده كي تعبر المرحلة الصعبة و المعقدة التي تمر بها المنطقة . و الحجة الاخرى هي بقاءها على العلاقة المتينة مع روسيا على الرغم من حربها في القرم و سوريا، و لا تعلم بانه ادعاء في غير مكانه لانها ابقت على علاقة مع روسيا و قوتها كنتيجة لما دارت و سارت عليه المعادلات و ما سلكته امريكا من السياسات التي كانت تركيا تعتبرها لغير صالحها و ارادت ان تغير ما سارت عليه بهذه العلاقات و ان تغير وجهة امريكا، و انما لم تكن الخطوات استراتجية او بعيدة عن ما تفعله من اسلمة البلاد . و تدعي محاربتها لداعش، بينما كل المؤشرات تدلنا على انها كانت من اهم الاطراف التي يمكن تنبني و تدورالشكوك حولها من قبل المتابعين على انها هي وراء داعش و حركاته و حادثة البدلوماسيين الترك في الموصل خير دليل على نظرة داعش لتركيا و تعامله معها على ارض الواقع . ان المعضلة الكبرى لازمة العلاقات الخارجية التي تعيشها تركيا و تريد بكل ما لديها من اعادة عقارب الساعة لما كانت عليه من المكانة في العقود الماضية، المعضلة هي توجهات اردوغان و تركيا الخاطئة بنظر الغرب من كافة النواحي, و السياسة الداخلية وتوجهاتها المشكوكة و طموحات اردوغان وتعامله مع القضايا و هي فقدت مصداقيتها التي تعتبر اهم العوامل لبناء العلاقات المتينة، فان تركيا اصبحت ترقص مع كل لحن و تريد ان تسير بما يمكن ان يعيدها الى ما كانت عليه على الاقل من الاهمية و الثقل، و لم تحسب الحسابات الدقيقة للمعادلات و التغيراتها الجذرية في المنطقة و بما فعلت بعيدا عن المعقول و لم تنسق في عملها مع راعيها القديم الجديد و لم تحترم مكانتها كعضو في الناتو و تصرفت و كانها خارج سربه و من خلال الخطوات التي خطتها ازاء التغييرات التي حدثت في منطقة الشرق الاوسط و عدم اتقانها اللعبة لضمان المصالح للمتحالف معها، بل وقفت ضدها في اكثر الاحيان و تعنتت في كثير من المحطات، و اوصلت حالها الى ما هي عليه من الضلالة كما هو المعلوم . سلوك تركيا غير الطبيعي احيانا ادت الى ابتعادها عن ما تاملته من دخولها الاتحاد الاوربي و اتخذت قرارات و فعلت ما لا يمكن تقبله داخليا في سير سياساتها بما لا تتوافق مع معايير الدول الاوربية من الديموقراطية و حرية التعبير و التعددية و اسعتجلت على فرض ارادتها و اتخذت من التوجهات و الخطوات ما لا تعيد اليها مصداقيتها بعد الان، و من اهم المواضيع التي لم تنجح في ادارتها بشكل سليم هو تقدير موقعها كعضو في الناتو و التراوح بين الشرق والغرب في علاقاتها الخارجية الاستراتيجية التي لا يمكن ان يغض الطرف عنه من قبل الغرب و امريكا بالذات عدا فشلها في لاسياسة الداخلية . و اننا نتابع ما تشتد عليه تركيا في هذه الايام من اللعب على المصالح الاقتصادية و تغيير ما كانت عليه مع روسيا و تقوية علاقاتها الى مرحلة متقدمة يمكن ان تضرب في عمق المصالح الغربية الاوربية كانت ام الامريكية و بالاخص في شان الغاز و المشاريع الكبرى التي تعتبر القشة في قصم ظهر البعير في العلاقت التركية الغربية، و انها لا تلعم ام تعلم و تريد السير على غيها في تعاملها مع ما يحدث، و انها يجب ان تعلم انه قد بلغ السيل الزبى و سوف تصطدم مع مواقف غربية قاسية لو تخطت الحدود التي رسمته امريكا و الغرب لها على الرغم من تعنتها لحد الساعة و تتصرف و كانها لا تبالي بما يحدث و تتعامل مع ليونة تلك البلدان و كانهم امام امر واقع فرضته عليهم تركيا بسلوكها و سياساتها، و انها لم تعتبر من الدول و الدكتاتوريت التى سارت بما لا تشتهي السفن عندما جاءت لحظة الحقيقة و نعتقد بانه جاء الوقت الذي يفرض القرار الحاسم نفسه، و عنده لا يفيد الندم . و يجب ان لا ننسى بان تركيا ذات اهمية كبرى لامريكا و يمكن ان تسير معها الى نهاية المطاف بكل ليونة، و كذلك تركيا من جانبها تعلم ان مسار التاريخ قد فرض امورا عليها دخلت المصالح في عمقها ولا يمكن تغييرها بسرعة كذلك .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف نفند حجج جماعة كلا للاستفتاء
-
اصبحت الشعبوية آفة الشعب الكوردستاني
-
من خلق فوبيا الكورد لدى تركيا
-
خطوات تمهيدية لتسهيل اجراء عملية الاستفتاء
-
الخطر الاكبر هو فقدان الدولة الكوردستانية
-
القاسم المشترك الوحيد بين تركيا و ايران
-
الغاء الاستفتاء قرار انتحاري ؟
-
الكورد بين الادارتين الامريكيتين
-
ان تنازل الكورد عن حق تقرير مصيره في بغداد
-
ان كان القضاء غیر منصف
-
من هو صدیق الكورد الحقیقي
-
هل توحدنا مؤآمرات الاعداء حول الاستفتاء ؟
-
ما هي خلفيات رافضي الاستفتاء في كوردستان
-
تركيا بين الخوف و الطمع
-
المناصب الكوردية فی بغداد و تاثيراتها السلبية على اقلي
...
-
هل نولي الاهتمام بالمعارضة الخارجية للاستفتاء ؟
-
موقف الشعب الكوردي من حركة لاء للاستقلال
-
من یستحق تسمیة الجحش فی كوردستان اليوم
-
لماذا تصر ایران علی منع الاستفتاء فی كوردس
...
-
هل تقضي تركيا على نفسها بصواريخ اس 400؟
المزيد.....
-
عربات قطار بأمريكا تستبدل الركاب بالشعاب المرجانية والسلاحف
...
-
مسؤولان أمريكيان لـCNN: فريق بايدن ليس لديه خطط وشيكة حول اق
...
-
-ميتا- تحظر وسائل الإعلام الروسية الرسمية على منصاتها لمنع أ
...
-
-نزهة الغولف- الخاصة بترامب.. -مصدر قلق طويل الأمد- لدى الخد
...
-
ماهر الجازي: الأردن يستلم جثمان منفذ -عملية اللنبي- في مسقط
...
-
بعد محاولة الاغتيال المفترضة.. بايدن يتصل هاتفيا بترامب
-
بعد رحلة تاريخية من جدة إلى الرياض.. -طائرات موسم الرياض- تس
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس وحدة الصواريخ والقذائف في
...
-
الإعلام العبري يرصد صواريخ باليستية مصرية في جبال سيناء ويتس
...
-
ناريشكين: الأنظمة الموالية لواشنطن في أوروبا تسير على خطى ال
...
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|