عمّار المطّلبي
الحوار المتمدن-العدد: 5623 - 2017 / 8 / 28 - 20:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
* في سورة مريم، في الآية الرّابعة، نقرأ دعاء النبيّ زكريّا :
( قالَ ربِّ إنِّي وَهَنَ العظْمُ مِنِّي واشتعَلَ الرّأسُ شَيباً و لَمْ أكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّي شَقِيّاً )
في هذه الآية ، و لنقل المشهد حيّاً ، يلجأ القرآن إلى وسيلتَين : الإيقاع و الصوت :
قالَ ربِّ إنِّي
وَهَنَ العظْمُ مِنِّي
بالنسبة للصوت نجد صوت الشّين يتكّرر ثلاث مرّات:
اشتعَلَ / شَيباً / شَقِيّاً
فهذا الصّوت المهموس المُتفشّي الرّخو هو أنسبُ صوتٍ هنا للتعبير عن الشّجَن و اللهفة و الرّجاء، يعاونهُ في تأكيد هذه المعاني صوتُ السّين المهموس في / الرّأس / و تكرار كلمة / ربِّ / مرّتَين في بداية الآية و في آخرها !
* في سورة الأحقاف، في الآية الثانية و العشرين، نقرأ:
(قالُوا أجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عنْ آلِهَتِنا فأْتِنا بِما تَعِدُنا إنْ كُنتَ مِنَ الصّادِقين )
الإيقاع الدّاخلي شديد الوضوح ، و قد تحقّق باستعمال المقطع / نا / أربع مرّات:
أجِئْتَنا
لِتَأْفِكَنا
آلِهَتِنا
فأْتِنا
تَعِدُنا
............
إيراد كلمة / تَأْفِكَنا / في هذه الآية ذو دلالة على صعيد المعنى :
ففي المعنى تعني الكلمة هذه : تصرفنا ، مضافاً إليها المعنى الأصلي لكلمة : الإفك، التي تعني الكذِب ، أيّ أنّ قوم عاد، سألوا مُستنكرين نبيّهم : أجِئتَنا لتصرفَنا عن ديننا بكذِبك ؟!
أمّا دلالة الصوت على المعنى، فهي واضحة جدّاً ، بتوالي صوت التّاء 6 مرّات في الآية، بما يُعزّز التعبير عن البرم و الضيق و الحيرة و نفاد الصّبر !
* في الآية التي سبقتها، يقف المرء أمام التّوزيع الصّوتي المُدهش، فيلحظ القارئ كيف أنّ القرآن لا يأتي باسم النبيّ هود، بل يستعيض عنه بعبارة ( أخا عاد ) ، اتّساقاً مع تكرار صوت الخاء : خلَتْ، خَلفِهِ، أخاف !!
( واذْكُر أخا عادٍ إذْ أنذَرَ قومَهُ بالأحقافِ و قدْ خلَت النُّذُرُ مِنْ بينِ يدَيهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ ألّا تعبُدوا إلّا اللهَ إنّي أخافُ عليكُمْ عذابَ يومٍ عظيم )
***
في الآية 61 منْ سورة الكهف، نقرأ:
( فلمّا بلَغا مَجْمعَ بَيْنِهِما نَسيا حُوتَهُما فاتّخَذَ سبيلَهُ في البحرِ سَرَبا )
في الإيقاع، نقرأ:
مَجْمعَ بَيْنِهِما
نَسيا حُوتَهُما
أمّا الصوت ، فيُأتى بصوت السّين المهموس 3 مرّات في هذه الآية القصيرة :
نَسِيا، سبيلهما، سرَبا
يرسم بهذا هروب السمكة إلى البحر خفيةً ، في غفلةٍ من النبيّ موسى و رفيقه الفتى، و هما يمضيان في رحلتهما المُتعبة !
#عمّار_المطّلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟