أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لمباشري - جدلية السخرية والانتحاب في ديوان حتيت بلا مغزل















المزيد.....



جدلية السخرية والانتحاب في ديوان حتيت بلا مغزل


مصطفى لمباشري

الحوار المتمدن-العدد: 1458 - 2006 / 2 / 11 - 10:08
المحور: الادب والفن
    


من المفارقات الغريبة التي تستأثر باهتمام كل المواكبين للحركة الثقافية بالمغرب, في ظل هذا الزمن الأغبر, اتصاف مرحلتنا التاريخية الآنية بالعقم نظرا للضحالة التي بلغتها الإصدارات الإبداعية, على مختلف المستويات, إلا نادرا. هذا الشح في الإنتاج, والمستوى الدوني الذي طبع الساحة الثقافية مرده التردي والانبطاح, والقهر الاقتصادي, والرضوخ للأمر الواقع المفروض, قسرا, على الشعوب المغلوب على أمرها بشكل عام. من هذا المنطلق نحكم على أوضاعنا المهترئة بأنها رهينة سنوات عجاف حكمت عليها بالموت, مجازيا, ما دامت لم تتمكن من انتشال ذاتها من شرنقة الجمود والإسفاف والاسترخاء الفكري حد الاجترار. لا أحد يجادل بأن التطور العكسي الذي عرفته الساحة الثقافية, بالأساس, هو نتاج ظروف سياسية قاهرة حتمت على مختلف دول العالم الثالث الامتثال لضوابط الدول الإمبريالية المتحكمة فيها اقتصاديا, وسياسيا, منذ سقوط جدار برلين, وانبطاح دول العالم المدعو اشتراكيا. لكن هذا الحكم لا يشكل صبغة الإطلاقية نظرا لما يمكن ملامسته من خلال فلتات نسبية قد تتخلل مراحل معينة وتلك سنة التاريخ. هذه الفلتات انبعثت من مسام ركام اجتراري طافح على السطح موهما إيانا بأن ثمة انحسار في المجال الإبداعي بلغ مداه حد اليأس. في السياق ذاته, يمكن إدراج الديوان/الشريط " حتيت بلا مغزل " للزجال المتميز " عزيز بنسعد " ﴿1﴾. إصدار منبثق من ظروف استثنائية عصفت بكل المكاسب الذاتية والموضوعية التي أفرزتها مراحل تاريخية زاخرة عايشتها الشعوب المغلوب على أمرها زمن الاستعمار. هذا العمل الإبداعي أعاد لنا الاعتبار, وشدنا إلى جذورنا التاريخية, كشعب لا يقبل الضيم, ولا يستكين للإملاءات, كيف ما كان نوعها, ولا ينبطح للدعاة الكومبرادوريين آكلي لحوم لبشر. إنه بمثابة تميمة تقينا من درن المفاسد الاجتماعية, وتحمينا من السقوط في مطب المتخاذلين والمتمسحين بالأعتاب. عمل إبداعي يحكي معاناة الشعب المغربي بفنية نادرة, وأسلوب واقعي بعيد عن أية مرآتية ميكانيكية فجة. والأجمل أن يتخذ العمل إياه أسلوبا مغايرا يكسر عبره الرتابة والروتين اللذين طبعا الساحة الثقافية, ويرسم لذاته هدفا نبيلا يكشف من خلاله المسكوت عنه في غياب أية وسيلة إبداعية جسورة, أو أي شكل من أشكال التعبير يمتلك القدرة على خلخلة السائد, واستنطاق الواقع لتعريته من أوراقه التوتية التي غالبا ما يحاول الجناة/المسئولون عن تردي الأوضاع, وعن المعاناة التي تجرع الشعب المغربي مرارتها طيلة سنين, مداراتها والتستر عنها بمختلف الوسائل الممكنة بما فيها المغريات المادية.
ترى, كيف يمكن مقاربة ديوان/ شريط "حتيت بلا مغزل"..؟. كيف سنفض بكارة هذا الإصدار المتميز في زمن عزت فيه الكتابة الإبداعية المسئولة ليسود الإسفاف والضحالة والتملق والتمسح بالأعتاب..؟ هل يسعفنا منهج نقدي بعينه في فك طلاسمه وتحليل شفرته, وبالتالي سبر أغواره رغبة في الكشف عن مضامينه وتحديد دلالة صوره الشعرية الثرة؟ توالي الأسئلة لا حد له في التعامل مع هذا النوع من الإنتاجات الإبداعية بحكم الخصوصية التي تميزه عما تعج به الساحة الثقافية الموشومة بالشح الملحوظ كما وكيفا. لذا لا يسعنا إلا محاولة استقراء العمل إياه والإنصات إليه مليا عل الوسيلة إياها تساعدنا على معانقته, واحتضانه لأنه قمين بهذه القراءة العاشقة.
بين الحكاية الأسطورية, وفي حالنا الأحجية [ هينة نموذجا], والأمثال الشعبية مسافة لا يمكن حرقها إلا عبر رحلة سندبادية يقودنا إلى مساربها الديوان/الشريط المتميز"حتيت بلا مغزل" عبر شطحات خيالية تمتاح صورها من واقعنا المنكسر. الإصدار إياه, الجدير بالتأمل, يحكي مأساة سيرة ذاتية شعب مثخن بالجراح, شعب تكالبت عليه كل أصناف القمع أملا في تمرير طروحات فجة, وتكريس واقع مترد لم يعد يتساوق وطبيعة الحداثة التي يتغنى بها المتمسحون بالأعتاب, والمتلهفون على فتات الموائد... هذا المتن ينفرد بخصوصية دالة لا يستطيع تمثلها إلا المبدعون الذين يشكلون استثناء في هذه المرحلة الرمادية نظرا لجرأته في طرح قضايا حساسة غالبا ما افتقدناها وسط ركام من الإصدارات منذ زمن..
ديوان/ شريط " حتيت بلا مغزل " نص مركب يحكمه, منهجيا, منحيان أساسان:
- منحى اتسم بطابع الكتابة الشعرية المعاصرة على مستوى الصورة والمخيال الشعري جسده الجزء الأول المتمثل في القصيدة الومضة المعنونة إجرائيا ب " ستة وستين كشيفة ".
- منحى حداثي ذو نفس ملحمي مشحون بفكر ثاقب, وخيال واسع اختزل مراحل تاريخية بشكل مكثف, ومتداخل تخللته شطحات فكرية بعيدة عن أية إسقاطات ضحلة في طرح التيمات الأساس محور العمل الإبداعي الأخاذ.
المنحيان كلاهما تحكمهما تجربة شعرية ثرة وظفتهما كوسيلة فعالة لتمرير موقف متميز منحاز إلى البسطاء من الناس. موقف يستمد شرعيته من واقع متعفن يطال بناره كل المترعين بالأمل, وكذا المسحوقين, والمولعين بحب هذا الوطن" المبغى ". لذا فأول ما يستوقف المتلقي في تعامله مع الديوان/الشريط عنوانه الدال المنحوت أساسا من المثل الشعبي المأثور" حتيت ومغزل". عنوان يختزل مضامين التيمات الأساس محور العمل الإبداعي. هذا النمط من الاشتغال يكاد يتميز به الزجال "بنسعد" مقارنة مع باقي الزجالين المغاربة إلى حد الخصوصية. توظيف الأمثال والحكايات الشعبية والاشتغال على المفارقات, تلكم أهم المواصفات التي تطبع تجربة هذا المبدع وإن بأسلوب مفعم بالسخرية المرة معتمدا أساليب بلاغية كالجناس التصحيفي مثلا لتوصيف حالتنا الاكتئابية. إذا كان المثل الشعبي مصدر العنوان يحث على العمل والمواظبة بدل الثرثرة الفارغة كنمط من السلوك متداول لدينا نحن المغاربة, على الأقل, إن لم نقل العرب عموما, فإن " بنسعد" لم يجانب الحقيقة في وصمه لحالنا بأنه أجوف لم ينتج إلا الفراغ. وأكبر شاهد على هذا التوصيف الدلالي المثير مآلنا ومصيرنا المظلم وإجهازنا على ما تبقى لدينا من مآثر نوعية كانت تشكل مفخرة نعتز بها كرمز لحضارتنا العريقة- بالرغم من الشوائب العالقة بها منذ فجر التاريخ- التي أصبحت في طي النسيان بسبب تكالب[نا] وتخاذل[نا] وانبطاح[نا]...
لهذا الاعتبار, واحتجاجا على ما آلت إليه الأوضاع الآنية, يستصرخ "بنسعد", رافعا عقيرته في أعالي السماء, وإن بنوع من الحسرة, "عسل بلادي يانا شربتو كََََََطران"[ ص.18]. إنه مفرد بصيغة الجمع يستفزنا, يستحثنا على نفض غبار الذل والهوان اللذين وصمانا بالعار لأننا لم نحاول – نحن المشدودين إلى الحضيض -التموقف من القرارات الجائرة المتخذة في حقنا, والمفروضة علينا قهرا. والغريب في الأمر أننا كلنا ذهبنا ضحية سنوات القمع والرصاص اللذين سادا في مرحلة تاريخية محددة لا زلنا, لحد الآن, نعاني من مضاعفاتها: " كلنا كلينا الماضي ف الماضي "[ 26] بشكل أو بآخر. الواقع السوداوي إياه, طال معظم المغاربة المترعين بالشوق, والمتطلعين إلى غد أفضل تاركا إياهم عرضة للضياع.. لذا لا نلوم كل المستنكرين والرافضين لهذا الوضع المتدني, والمدينين له, والمقرين بأن دار لقمان لا زالت على حالها رغم ادعاءات مصاصي الدماء, لأن: " ظلامنا, يا ظلامنا, ما فجر حالو" [ص.9 "]. إنها صرخة مدوية في وجه المستبدين, ودعاة التفتح المتشدقين بالعهد الجديد, وبالديمقراطية المفصلة على قياس الأقلية المنتفعة بخيرات البلاد. هذا الواقع الظلامي نابع أصلا من القمع الممارس على الجماهير الشعبية منذ زمن مما جعلها تتجرع مرارة الإحساس بالخنق, والعزلة, والتهميش حد الاغتراب. من هنا لا نستغرب تموقف الشاعر من الممارسات الوحشية المسلطة عليها عبر بوحه الحميمي: " وهذا السر أمانة / تغربت فيك يا بلادي"[ ص.72]. ما أشد لوعة الإنسان حين ينتابه الشعور بالاغتراب داخل الوطن..! ترى, ماذا عساه أن يفعل, في مثل هكذا ظروف قاسية تجرده من هويته, ومن كل ما يربطه بأرضه التي ناضل مواطنو بلده من أجل تحريرها وانتشالها من مخالب المستعمر زمن الكفاح المسلح..؟ أليس من الفظاعة بمكان أن يقصى الإنسان داخل بلده, ويهمش, وتنتزع منه كل حقوقه, ومكاسبه بدون وجه حق..؟ رصد هذه المظالم, والقبض عليها بأسلوب فني يكشف بالأساس المستوى الإبداعي الذي يجسده الديوان /الشريط" حتيت بلا مغزل ", الأمر الذي يقتضي التعامل معه كإنتاج فني سيظل غرة في جبين الزجل المغربي الحديث دون منازع. إن استقراء الواقع, بالفنية المتحدث عنها, هو ما يجعلنا ملزمين بتصنيف الإنتاج إياه ضمن خانة الإبداع المتميز بحكم موقفه الموضوعي, وطريقة تصريفه بفنية رائعة, وامتلاكه لرؤية ثاقبة في معالجة القضايا محور تيماته الأساس... من هذا المنطلق نسجل تموقفه, واستنكاره للوضع المتردي الذي بلغته الساحة الاجتماعية, في مثل هكذا أوضاع, تتحكم فيها بورجوازية متعفنة تفتقر إلى رؤية إستراتيجية تخول لها امتلاك بعد نظر في تدبير الشأن العام. ترى, كيف يمكن ائتمان طبقة اجتماعية, بالمواصفات المحددة أعلاه, على مصير أمة عريقة زاخرة بعطاء لا يمكن توظيفه, وتصريفه إلا عبر سياسة واقعية تنصف كل المسحوقين, والمهمشين المستشرفين إلى أفق مشرق بعيدا عن آية ديماغوجية آو انتهازية فجة عصفت, في الزمن الأغبر هذا, بكل الإنجازات التي حققتها, بطريقة أو بأخرى, جل المؤسسات الوطنية, سياسية كانت أو ثقافية, أو اجتماعية, زمنا, بفضل نضال, وجهود, وتضحيات مناضليها الشرفاء. لذا لا يحق لأي مدع ملامة الشاعر في تموقفه من الوضع السائد ونقده اللاذع له ما دام يرصد الحقيقة المسكوت عنها, ويعري الواقع, وينصف معذبي هذه الأرض الطيبة المحرومين من خيرات بلدهم, والمكتوين بذات النار الملتهبة التي أتت على الأخضر واليابس:
" آش يكون هذا الليل/ ف ملك الله/حتى ما نشربو شتاه/ وحنا العلكَ/ الحاتل ف لمطافي؟ " [ ص.73]. هذا الإقصاء نابع أساسا من موقف اجتماعي سائد يحاول دعاته تكريس التفاوت بين أفراد المجتمع علما بأنهم يدركون بالملموس أن الفئات الاجتماعية المهمشة تملك بالكاد قوت يومها, إضافة إلى تجريدها من كل الحقوق التي يجب أن يضمنها لها المجتمع. لكن جشع الطبقة الاجتماعية المتوحشة إياها حال دون تقليص التفاوت الاجتماعي, بل ساهم في توسيع الهوة بينها وبين باقي أفراد المجتمع. من هذا المنطلق لا نستغرب تعاطف الشاعر مع مسحوقي المجتمع الذين لم يعد لديهم ما يفقدونه, في ظل هذا الوضع المهترئ, سوى أغلالهم, وعرق جبينهم. وما اعترافه بواقع حال هؤلاء المحرومين إلا دليل إثبات على ما يتذوقونه من مرارة العذاب باعتبارهم مدينين للجميع ولا يملكون إلا انتماءهم الطبيعي لبلدهم. بهذه الحرقة المفرطة يتغنى " عزيز بنسعد " بهموم أبناء جلدته لأنهم كلهم ذلك الإنسان المجرد:
" اللي ما خرج من لبلاد/ ما سلم من عقايبها/ آويلي وحدي/ كلشي يسال فيها/مول الما... مول الضو/ مول الكرا... مول الحانوت/ مالين الضريبة...الكزا ره/ مالين الديطاي... صحاب الوقت/ إيه.. والمخزن؟/ والله ما خزنتها عليه/ ويلا خزنتها عليه/ تبقى ورايا/ بلادي وحده..وهي اللي عندي" [ ص.40].
حين توصد كل الأبواب في وجه المواطنين المغلوب على أمرهم, يبقى الأمل الوحيد لانتشال ذواتهم من شرنقة الفقر المدقع, والبطالة المقنعة التي غالبا ما تشكل حلا مؤقتا للمسئولين على البلاد, يبقى الملاذ الوحيد للهروب من الواقع المتعفن هذا هو التطلع إلى العالم الآخر, وركوب الخطر عله يشكل للمنفلتين بصيص أمل يوهمون به أنفسهم كحل مؤقت مرحليا, ولو على حساب كرامتهم, أو تقديم أنفسهم قرابين لحيتان البحر بعد أن تتقاذفهم أمواجه: " شالي بيديك بجوج/ تا يغيب عليك مركبنا/ ويلا هاج علينا الموج/ وكتاب علينا وتكركبنا/ سيحتك يا مّي يا حنه/ فاخرنا مللي زهر كَلبنا/ خلينا رسام خيامنا/ وترسنا على سعد ايامنا " [ ص.74].
هذه الظاهرة وليدة الأوضاع الاجتماعية المتردية, ليست بريئة, باعتبارها منحصرة في الدول المتخلفة وحدها لأسباب سوسيو/اقتصادية أفرزتها المؤسسات الدولية المتحكمة في مصائر الشعوب المقهورة على مختلف المستويات. والشاعر, في توصيفه للظاهرة إياها, لا يحمل المسئولية فقط للمؤسسات البنكية الدولية, وإنما للسياسة المتبعة من طرف المتحكمين في رقاب الشعوب المغلوب على أمرها, خصوصا وأن معظم أراضيها تزخر بثروات طبيعية هائلة لم تستثمر بشكل معقلن, وكذا لم يتم توزيع ما اكتشف منها وفق نظام ديمقراطي يخول للجميع الاستفادة من خيراتها طالما أنها ملك لكل مواطني البلد إياه, بدل احتكارها واستغلالها من طرف أقلية باغية, الأمر الذي يحفز عددا هائلا من الشباب المعطل/المهمش استرخاص ذاته وابتذالها أملا في الحصول على لقمة العيش وراء الأسوار بالكاد, أو ب" سته وستين كشيفه " على حد تعبير المبدع " عزيز بنسعد " .
تعهر كل شيء, غدا التفسخ والانحلال الخلقي وتبضيع الذوات في سوق النخاسة الأبيض معالم بارزة لجلب " الآخر" وفتح الأبواب على مصراعيها لكل من هب ودب, وغدت المدن بدون أسوار, لا رغبة في الانفتاح والتحرر وعدم فرض القيود, بل لاختراقها, وتمييع مسلكيات مواطنيها وقتل روح الإباء والكرامة وعزة النفس في أجيالها, وتجريدها من الروح الوطنية حد الانبطاح:" وانا رقّاص عنايتي مكَََواه/ ت من حويطنا تفرم.. ياه/ اولى هو لكَليل/ ع اللي داز يتخطاه " [ص.77].
ما أوسخنا..! ما أوضعنا..! كيف سنبرر موقفنا أمام الأجيال القادمة حين تستفسرنا عن ردود فعلنا إزاء ما عرفته البلاد من اختراق, ونهب واستلاب وميوعة..؟ مواجهة المد السلطوي بمفهومه العريض لم يتخذ صبغة الشمولية, من هنا ظلت البلاد عرضة للاجتياح يستصغرها كل من سولت له نفسه العبث بشرفها طالما أن الحماية مغيبة بشكل سافر يترجمها إحساس [ البلد ] بالرعب والارتعاش: " وبقات الزغبية تشوف/ قارمة ب الخوف" [ص.82 ] لأنهم استفردوا بها ونهبوها رغبة في الإيقاع بها هي المغلوبة على أمرها الشبيهة بالنعجة " المهلوبة ":" اللي ترعاه ف الجبل/ تحطو ف لوطى/ زاد الميمون عليها وطا/ كشطو عليها ت لغطا/ وبقات سكَطية/ ك ولدتها امها زبطه" [ص. 82 ]. هذا الموقف الانهزامي لا ينطلي على معظم أفراد الشعب الغربي, فالجميع يدرك بأن الجماهير الشعبية الكادحة بالأساس قدمت تضحيات جساما في سبيل تحرير الأرض من ربقة الاستعمار الكولونيالي, وكذا في مرحلة الاستقلال الشكلي الذي هيمنت في ظله طبقات اجتماعية ذيلية باعت كل شيء واسترخصته " على عينك يا تاجر في المرايا ", دون اعتبار لكرامة الوطن, ولا لكبرياء مواطنيه الذين لم يبخلوا بأرواحم في سبيل الدفاع عن حوزته ضد كل من سولت له نفسه تدنيس كرامته. هؤلاء الأجلاف لم يتورعوا في اغتصاب الأرض/ وفض بكارتها ولفظها في نهاية المطاف إلى الشارع لتغدو فريسة لكل المتطاولين على كرامة الشعوب وتمريغ أنفها في التراب. من هنا يأتي تأشير "بنسعد " على المتهمين / الجناة المسئولين عن الأوضاع المتردية التي لا زلنا, لحد الآن, نكابد مرارتها, دالا " مي وردية" أو " لا لا مسعودة " أو" لا لا تورية" – كاستعارات مكنية للأرض – على مغتصبيها واضعا الإصبع على الجرح, رغبة في محاسبة الكومبرادور المتعفن, وكل من تقلد مسئولية تدبير شأن البلاد, وأوصلها إلى الأفق المسدود [ انظر صورة الغلاف الخلفية]: " راهم.. راهم/ والغوت وراهم/ سايكََين بلادي لهبيله/ الطايره مني بلا جناح" [ص. 80 ], إلى أين؟ إلى الهاوية, إلى الحضيض, إلى مذبح التفسخ والانحلال, إلى الهاوية التي لن نتمكن من انتشالها منها إلا بعد جهد جهيد قد لا ندعي, للآن, بأننا مؤهلون لبذله في ظل هذا الزمن الموبوء الذي نخر كل شيء, وشل العزائم والقدرات إلى حد الانبطاح الكلي يا للعار..! أكيد أننا حاولنا تجاوز بعض المثبطات التي حالت, في الزمن الماضي, بيننا وبين تحقيق قفزات إلى الأمام للاعتبارات المشار إليها آنفا. لكن الحكام يدركون بالملموس أننا لسنا مغفلين حتى يمرروا على ظهورنا طروحاتهم المهزوزة لتكريس واقع يخدم في نهاية المطاف مصالحهم ومصالح أسيادهم الإمبرياليين. ومع ذلك فهم لا يترددون في تمييع الساحة, وتشييع مجموعة من الظواهر الاجتماعية التي يهدفون من خلالها تلهية مسحوقي المجتمع وتحريف توجهاتهم عبر التخدير الإعلامي أو السياسي باستغلال قضايا وطنية, أو قومية حتى يتأتى لهم تحقيق مآربهم في غفلة عن الجماهير الشعبية ذات المصلحة في التغيير. من هذا المنطلق يحاول المبدع " عزيز بنسعد " تلمس هذا النهج التخريبي الذي غالبا ما تلجأ إليه كل القوى المتحكمة في مصائر الشعوب علها تخلط الأوراق, وتشتت الاهتمامات ليخلو لها الجو في مواصلة نهب/ اغتصاب البلاد: "... هذا الريف كتامي/ وانا الكامي/ ف كَلبي صوت اماج لبحر/ وهاذ الكَوزه صحراويه/ وانا بشوك البلية مجدام/ نشوف فيهم جاوك يا بلادي/ ف غرق النعاس/ وانت ف سرير السهو/ حلوا المجدول.. وبانت السرة/ طمعوا ف المستور.. وما سترو/ كون ما الستار الله [ ص.99]. رغم كل شيء, فإننا لم نبرح مكاننا, ولم نتمكن من تجفيف منابع القمع والقهر والاضطهاد الممارس, لفترات ليست بالقليلة, على مختلف الشرائح الاجتماعية داخل الوطن وخارجه. لذا لا يتردد" بنسعد " في توصيف حالتنا الكارثية دالا كل من توهم أو اعتقد بأن الأمور قد تغيرت, وأن ما اصطلح عليه بالعهد الجديد ليس إلا فذلكة كلامية تهدف إلى دغدغة العواطف ودر الرماد في العيون لأن الوضعية هي هي, وأن لا جديد تحت الشمس. فكل أشكال الاضطهاد لا زالت تمارس وإن بأساليب مغايرة لما كان سائدا زمن القمع الأسود. لذا لا يتردد " بنسعد " في تذكير كل مواطن بأن دار لقمان لا زالت على حالها مخاطبا إياه: " كخلتيها باقا/ باقي دم البارح/ ف زكروم الباب/ وباقي الشحط الكَارح / ف مجمع لحباب/ وباقي عقيلي سارح ف اللي كان حيله وسباب/ سير أنا بغيتهم يتجمعو ف صرة/ ويمشيوا ليه ف مرة " [ص. 93 ].
وما يحز في قلب الشاعر هو الصمت المريب المهيمن على القوى السياسية الفاعلة بمختلف توجهاتها إزاء كل الممارسات الوحشية التي طالت الجماهير الشعبية إلى حد الخنق والتجويع والتشريد رغبة في تكميم الأفواه, وردع كل من سولت له نفسه اتخاذ موقف رافض لما هو سائد في ظل هذا الزمن الرديء. ولعل الحياد السلبي الذي غالبا ما يلجأ إليه الانتهازيون والوصوليون بدفن رؤوسهم في الرمال, بالرغم من معاناتهم الاجتماعية كأيها الناس, يساهم بشكل مثير في تكريس الواقع السائد وتشجيع الحكام على تماديهم في مثل هكذا ممارسات لا إنسانية منبوذة: " آويلي على غدايدي/ وخليني ندادي ف مدادي/ كله حد الشوف رمادي/. الشكيمه/ واللجام والكمامه/ زيد تجنويح لحمامه/ وفراخ بلا لكَط بلا ما/ والله إيلا طريق النعامه كلها ندامه"[ص.100]. الرؤية السوداوية هاته ليست نابعة من فراغ ماحق, بقدر ما هي وليدة تجربة مرة عايشتها الجماهير الشعبية, بعد سنين من الحصار والاضطهاد والحكم الفردي وتبني حالة الاستثناء لتمرير مخططات ارتكاسية لم تجن منها الجماهير إلا الفقر المدقع. والغريب في الأمر أن النظام, حين توالت عليه الضغوط الخارجية بفضل النضال الحقوقي الذي ظل هو الوسيلة الوحيدة لتأليب الرأي العام العالمي بالأساس في إزاحة الستار عن الممارسات القمعية إزاء المناضلين, وكذا الكشف عن مصير المختطفين, سيلجأ [ أي النظام الحاكم] إلى نهج أسلوب حداثي موهما الرأي العام الداخلي والخارجي بأن العهد البائد قد ولى, وأنه مقبل على فتح صفحة جديدة يضع من خلالها قطيعة مع زمن الحجر والرصاص والقمع الأسود. هكذا سيعرف المغرب نقلة نوعية على مستوى التجربة الديموقراطية في العالم العربي بالأساس, وسيحاول إيهام الآخرين بأنه جاد في توجهه الجديد, سيما بعد تدجينه لمجموعة من القوى السياسية التي كانت بالأمس القريب تشكل معارضة متطرفة له, وقدم مناضلوها الشرفاء أزهى فترات عمرهم قربانا لتحرير بلدهم واستقلاله. إعادة ترتيب البيت تمت وفق خطة استراتيجية تعامل النظام في حبك خيوطها بشكل ذكي, بحيث تمكن من تفتيت قوى اليسار وأعاد هيكلتها وتجميعها وفق منظوره الخاص الذي أتاج له إمكانية التحكم في توجيهها حسب هواه. لهذا الاعتبار يمكن استيعاب المحطات التاريخية التي أجريت فيها العمليات الانتخابية للآن. إنها سقطة مدوية لجميع القوى " الوطنية " في البلاد حاول المبدع " عزيز بنسعد " التأشير عليها بشكل كاريكاتوري مفعم بالسخرية السوداء, والنقد اللاذع والضحك , لكنه ضحك كالبكاء: " ها ويلي حتى من الدزاز/اللي كان دهاز/ ما بقا فيا ع وكَفنا ليه منجج وافي/ نوض انت يا الكنس الطناز/ دخل الشركَي/ من كمايم ليالي حياني/ ها يغركَ فيه/ خلى حيوط لاله مسعوده كَاديه ف عوافي"[ ص.94 ].
ولا يمكن توجيه أصابع الاتهام إلى الجهات المسئولة, أو المتواطئة معها من أحزاب ونقابات, وجهات مستفيدة باسم المجتمع المدني, أو الجمعيات ذات النفع العام, بل لكل مواطن واع مدرك لخفايا الأمور, وظل صامتا على كشف حقيقة الواقع الذي لا زلنا نتجرع مرارته, وإن على مضد, مراهنا على التجربة البرلمانية, في ظل الشروط المتحكمة فيها, نظرا لخصوصيتها وما أفرزته منذ سنين من نتائج كارثية ساهم فيها التزوير بشكل مثير تكاد بلادنا تنفرد به. من هنا يحمل المبدع " عزيز بنسعد " المسئولية الكبرى لكل المتواطئين الجبناء الرافضين لتعرية الواقع والكشف عن خبايا الأمور خوفا من اكتشاف الحقيقة المرة التي قد تطالهم هم أنفسهم بلهيبها:
" من اليوم / كَاع من فهم وضرب الطم/ أنا بغيت حروفو/ تكَليس ليه ف البرلمان/ ما تدخل دار خليفه.." [ ص. 96 ].
راهن المغاربة منذ زمن على القوى الوطنية علها تسعفهم في تحقيق بعض من آمالهم المجهضة في المهد, وقدموا الغالي والنفيس من أجل تحقيق المبتغى إياه, لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن, إذ تبخرت كل الآمال المعقودة, وانتهى الرهان إلى الأفق المسدود نظرا لتواطئ الجميع بحثا عن المصالح الذاتية التي سمحت لكل المراهن عليهم بالاغتناء الفاحش دون مراعاة للمبادئ أو التضحيات التي قدمها العديد من شرفاء هذا الوطن.. إنها إحدى تجليات الخسة والعار اللذين اتصف بهما الدعاة, والمتمسحون بأعتاب الطغاة ضدا على تطلعات الجماهير الشعبية ذات المصلحة في التغيير. إذن, حين يفقد المواطنون الثقة في القوى السياسية المفروض فيها لملمة الجراح, وتكثيف الجهود رغبة في خلخلة البنيات المهترئة, آنذاك يبقى الرهان معقودا على المثقفين غير المدجنين من طرف القوى السياسة إياها, أو حتى من طرف النظام الحاكم, للتعبير عن إرادة الجماهير الشعبية المغبونة, ولو بالتضحية بالنفس دفاعا عن المبادئ السامية التي ناضل من أجلها, أيضا, كل أحرار هذا الوطن.. من هذا المنطلق يعبر المبدع " عزيز بنسعد " بالفم الملآن عن موقفه الموضوعي من التردي الذي بلغه الواقع المغربي وإن اقتضى الحال استرخاص الذات حبا في هذا الوطن الضائع, وأملا في تأريخ زمن العز الذي عايشه هذا البلد في مرحلة زمنية لا زالت تشكل أزهى فترات تاريخه:
" ويلا جاب الله/ وسعفت لقصيدة/ بقطيع الراس/خودوا حقكم فيا/ وتورخوا بيه ليام العز". [ص.75]. ألا يوحي هذا الموقف المتميز بنكران الذات الذي افتقدناه في ظل هذا الزمن الموبوء, زمن الانبطاح, والتخاذل, والاتكال؟ موقف المبدع, ليس نابعا من قناعة ذاتية فحسب, بل هو نتاج مخاض ترتب عن الوضعية الاجتماعية والسياسية المتردية التي بلغها المغرب في ظل هكذا شروط ذاتية وموضوعية أودت به إلى المآل إياه. إذن فهو, بالمواصفة هاته, لسان من لا يجرأ على ترجمة أحاسيسه إزاء ما يكابده, ويتجرع مرارته ضدا على إرادته ما دام مغلوبا على أمره.. لكن ما يميز ديوان " حتيت بلا مغزل " عن مجموعة من الكتابات الموازية له في ذات المجال هو عدم استثنائه, في حكمه, حتى المواطن الذي يعبر بلسانه عن موقفه من الأوضاع السائدة. فانتقاده للحكام, وكذا القوى السياسية المراهن عليها وطنيا لإحداث التغيير داخل المجتمع, ضمنه أيضا تدني موقف الشعب الارتكاسي, والمنعدم الإرادة الفعالة لإحداث رجة داخل المجتمع أملا في إزاحة البساط من تحت أقدام المتحكمين في الرقاب. المواطن إياه غدا مجردا من أية عاطفة تشده إلى الأرض, وتستدعي منه حمايتها, والدفاع عن حوزتها ضد كل من سولت له نفسه المس بها أو انتهاك حرمتها نظرا لقدسيتها. من هنا تأتي سخرية " بنسعد" من هذا الموقف الساقط حد الانبطاح ولو على لسان " امي وردية "/الأرض المغربية وهي تتندر به عبر وصيتها المحكية على لسان الشاعر:
" خلاتها امي وردية/ كَالت لك/ كل ما مشيت لدكَ خيامو/ نلكَى وجهو ركَيكَ/ داير الشنعه لبلعمان/ لسانو ما يعكَر/ ودمعاتو سايله عليك ورد وما زهر"[ص.84]. والموقف المعبر عنه أعلاه هو في ذات الآن مرثية لمرحلة تاريخية أفرزت العديد من الكتابات الإبداعية, في إبانها, التي حاول كل منها التعبير عن مضاعفاتها بشكل أو بآخر على مختلف المستويات. والأدهى من ذلك أن يصل التردي إلى المستوى الثقافي باعتباره رافعة المد الجماهيري التقدمي في أي بلد ينشد التطور والنمو والازدهار سيما إذا كان يزخر, كما هو الشأن بالنسبة للمغرب, بثروات مادية ومعنوية كفيلة بضمان ذات المستوى المأمول الذي تتطلع إليه كل الجماهير الشعبية بمختلف شرائحها. شاهد إثبات على الوضع الثقافي المتدني المأسوف عليه " رابطة المغرب للزجل" وما أفرزته من نتائج وخيمة جنت على أهلها دون أن تكون للمنضوين تحت لوائها أية علاقة مباشرة بما حدث سيما بعد المؤتمر الثاني الذي سيكشف بالملموس عن التخلف الفكري الذي لا زال متحكما في مجموعة من الزجالين المنفوخ فيهم حزبيا إلى درجة الإجهاز على ما تم إنجازه على مستوى هذه الحركة الإبداعية المتميزة المجهضة في المهد. تأسيسا على الوضع إياه, نخلص إلى القول بأن الأمور حين تسند إلى غير أهلها فانتظر الكارثة, انتظر الإجهاز على كل ما هو مميز, على كل ما يخول للإنسان استشراف آفاق المستقبل رغبة في مسايرة تطلعات الشعوب وآمالها في تحقيق طموحاتها المشروعة ضدا على قوى البغي والهيمنة وأتباعها من المتمسحين بالأعتاب, والمتملقين الراغبين في تحقيق مآربهم ولو باللجوء إلى الغش, والسرقة, والرشوة, وكل أنماط الخيانة والطعن من الخلف... هذا التدني المسجل على الرابطة, بالرغم من فتوتها, والملموس عن قرب من طرف كل المبدعين المنتمين إليها, بما فيهم بعض أعضاء المكتب", تناوله الزجال " بنسعد " بنوع من السخرية اللاذعة المؤرقة لكل المبدعين الذين يمتلكون غيرة على هذه الحركة الشعرية المراهن عليها لإحداث ثورة إبداعية في زمن الزجر الذي عرفه الشعر الفصيح كما تمت الإشارة إلى ذلك أعلاه... انتقاد " بنسعد " اللاذع لمسار الرابطة مرده التسلط الممارس من طرف بعض من أتيح لهم, لاعتبارات خاصة, تحمل مسئولية تدبير شأن هذه الحركة الإبداعية الفتية, وكذا التراجع الخطير الذي برزت بعض معالمه في مرحلتها الثانية التي ستتسم بنوع من تضخيم الذات, والبحث عن السندات الرسمية في غياب أي تنسيق أو استشارة باقي الأعضاء الذين يتحملون مسئولية تسيير شأن الرابطة بشكل ديمقراطي تتجاوز فيه كل الحسابات الضيقة التي غالبا ما تجني, في نهاية المطاف, على كل المكتسبات التي تم تحقيقها. ذلكم ما حاول " بنسعد " توظيفه بشكل ذكي مفعم بالسخرية المرة من مثل هكذا مواصفات أساءت إلى الرابطة في ظرف كان كل المثقفين الجادين يراهنون عليها لرد الاعتبار للثقافة الشعبية- والرابطة إحدى واجهاتها الأدبية - التي حاول المتهافتون على فتات الموائد الرسمية الإجهاز عليها بمختلف الوسائل المتاحة لهم, إن عبر التهميش, أو التقزيم, أو الاستخفاف, أوعدم الاعتراف بها كشكل من أشكال التعبير القمينة بإضافة لبنات جديدة إلى الثقافة العالمة.
" ها منججنا واكَف/ بلا سدا.. بلا وقاقف/ وما بقات غير هاذ الخريقه/ بلا جيوب/ ما سترت عرانا بطرز رباطي/ ما عرات محاشمنا/ حتى شربنا وراق لكرم قباطي..! [ص. 50].
" زيد آ لرهباني/ زيد فوق الشطحه حايحاي/ إيلا لخوا من الداخل/ باش يفيد تقرقيب لخلاخل/ واخا درت بنار." [ص.53].
" زيد آلرهباني/ زيد فوق الشطحه حاي..حاي/ وما بقات غ هاذ لخريقة/ وحرنا آش نكتبوا فيها..؟ أنا بعدا وعلى رقبتي/ كَلت:/ ع اللي فيها يكفيها/ ها ديك الرا خاصها شين/ يقدر يكون شوار/وهاديك الميم ما تبقاش/ سبقها ترتاح/وهذاك الزاي/أنا حالف لا كَطعتو/ حي على الصلاح/ حي على الفلاح " [ص.55 / 56].
موقف " بنسعد " من الرابطة يوحي بنوع من الرفض القطعي حد النسف. ظاهريا, ذلكم ما يمكن استشفافه عبر " كشيفاته " أو " مطيلعاته " – على حد تعبير " ناس الملحون ", لكن في العمق تشي هذه الشذرات بالحسرة, والتمزق على ما آلت إليه الرابطة. إنها رؤية سوداوية مفعمة بالأمل شريطة تجاوز كل المعيقات التي أودت بها إلى الدرك الأسفل. من هذا المنطلق تأتي دعوته الصريحة إلى "الصلاح", إلى " الفلاح " عله يلملم جراحاتها المثخنة, ويكفكف دموعها المنسابة حزنا على حظها العاثر, ويرسم أمامها آفاقا مشرقة على أساس استئصال الأورام الخبيثة التي تنخر كيانها وتهدد جسمها بالعفونة إلى حد الإجهاز عليها حالا أو مستقبلا لا محالة..
هذه المراوحة التي تحكم تصور" عزيز بنسعد " قمينة بالتحديد لأنها تبعده عن أي يأس عدمي قد ينعته به المتربصون بهكذا كتابات إبداعية تستأثر باهتمام كل المواكبين لمسار هذا الشعب المثقل بالهموم.. نقر بالموقف إياه ونحن ندرك بالملموس صدق إحساسه المشوب بالحسرة إلى درجة الانتحاب حزنا على الوطن الضائع, الوطن الممزق, الوطن الدفين بحكم تكالب كل الوسطاء, كل العملاء, كل المأجورين على طمر هويته وثقافته وثرواته المعنوية بالأساس تحت التراب.. على هذا االأساس تأتي مرثية " عزيز بنسعد" له, بسرد حكايته المأساوية متخيلا وكأن مظاهر الطبيعة بكل شموخها تشاركه همومه وأشجانه, وحسرته على ما آلت إليه أوضاع هذا الوطن النبيل:
" ويلا جاب ليك الله آبلادي/ تبقال شاهد لقبر/عافاك آمو الربيع الصبر./ عين ملوية تطيح فيهم ك لحجر/ وسبو كون ف راسو لا بد يحضر/ أما بوركَراكَ هاداك كثر وجدر/ مكَوى درعه اللي ما سايقه خبر/ كَولوا ليها/ إبلا ما رواتنا هنا/ توصل علينا لقبر/ [ص.84/85].
حضور البعد الوطني, بهذا الزخم الإبداعي داخل الديوان, لا يعني أن الزجال "عزيز بنسعد" انحصرت رؤيته الإبداعية في هذا الجانب فحسب, بل إنه استحضر بكل حميمية البعد القومي, وكذا الإفريقي نظرا لطبيعة العلاقة التي تربط الشعب المغربي بهذين البعدين الدالين عبر تاريخه العريق.. وهكذا حاول, وبتميز, المزج بين القضايا الوطنية والقومية والإفريقية وكأن بينها وترا إذا تم العزف عليه اهتزت له كل الأطراف معاناة واجتراحا مع بعض الفوارق بين ما هو قومي, وما هو إفريقي. إن الوضعية المتردية التي بلغتها الدول العربية, بالرغم من الغنى الفاحش الذي تتمتع به كل دول الخليج بفضل ريع البترول, وكذا بعض دول المغرب العربي", نابعة أساسا من مواقفها المتخاذلة في صون كرامتها والدفاع عن حوزة وطنها ومساندة الشعوب العربية التي تعاني من جور الاستعمار بمختلف أنواعه, استيطانيا كان أو كولونياليا, ومن التخلف الناخر لكيانها. من هنا لم يتردد المبدع "عزيز بنسعد" في إدانتها, وتعريتها من أوراقها التوتية أملا في إيقافها عند حدها واستنهاضها لمراجعة مواقفها الارتكاسية:
" لا حيا لا وجه للسعايه/ تمه بقيتوا كراره ف تابع الدنيا/ يا أمه ع لجور معانده./ طفيوا الغضب/ ما نتوما غبار هاد الأرض/ ما نتوما مازير/ لحصايد الراكَده/. راعيوا.. راعيوا/ مدى صلت أنا بغنايا/ ويلا حمى الطرح/ شوفو سرابه/ وخرجوا من هاد الساكن/[ص.89/ 90 ].
أما الدول الإفريقية, فإن مصدر تخلفها ومعاناتها وفقرها المدقع نابع أساسا من القهر الاقتصادي والظروف الطبيعية التي زادت الطين بلة حتى وإن كان بعضها لا زال يختزن في باطن أرضه ثروات معدنية هائلة تستحوذ عليها الدول الإمبريالية وتتحكم فيها بشكل أو بآخر دون أن تسمح للأفارقة باستغلالها حسب إمكاناتهم وطاقاتهم بمد يد المعونة إليهم عبر منظمات إنسانية رغبة في استئصال شأفة التخلف الذي لا زال ينخر معظم شعوبها. التداخل بين البعد القومي والإفريقي, واستعصاء الإشكال في عدم إيجاد حلول تتساوق وطبيعة الصراع التاريخي المرير دلالة على تشابك القضايا واختلاط الأوراق إلى درجة استحالة العثور عن بداية الإشكال لمعرفة خيوط اللعبة التي ساهم الاستعمار الكولونيالي في تعقيدها. ذلكم ما أرق المبدع " بنسعد " إلى درجة الاستعطاف في استجدائه لنا بالإقرار بالحقيقة المرة التي لم يتجرأ أحد على البوح بها:
" داخلت عليكم ع بالقدس/ الطاليه الدم حناني/ ها عار إفريقيا لكريضه/ لمخرجه نواضرها من شدكَ الخبز/. إيلا ما كَولو:/ هادي مندبه من ضيم الصحرا بكات/ وهادي كبه/ حلفت إيلا عطاتنا ب الراس/ تخبلت وتشابكت/ وتصرفت فينا عكَدات/[ص.76 ].
إن الصور الشعرية المكثفة التي تم توظيفها لمعالجة البعدين المشار إليهما توحي بمدى الشاعرية وعمق المخيال اللذين يتميز بهما المبدع " عزيز بنسعد", إذ حاول عبرها اختزال مأساة الشعب الفلسطيني/ العربي والجرح الإفريقي الغائر بشكل مكثف يعكس موضوعية تصورنا لإبداعية هذا الزجال ومدى قدراته اللامحدودة على العطاء المتواصل. والمقاربة إياها تعكس بالملموس مدى العلاقة الحميمة بين هذين البعدين والبعد الوطني محاور الديوان/ الشريط " حتيت بلا مغزل", علاقة لا يمكن الحسم فيها إلا عبر خلق ارتجاجات فنية تعيد لقصيدة الزجل جانبها الاعتباري في ظل هكذا ظروف تكالبت فيها كل أشكال التهميش والإقصاء رغبة في إبراز هكذا نصوص مهزوزة لا يمكن, تحت أي ظرف كان, تقييمها واعتبارها قصائد جديرة بالاهتمام. على هذا الأساس يتميز ديوان/ شريط " حتيت بلا مغزل", بانفراده في طرح قضايا حساسة لم يستطع أي شكل من أشكال التعبير السائدة في ساحتنا الثقافية, حاليا, ملامستها بهذه الجرأة الأدبية والفكرية نظرا لاعتبارات خاصة حاولنا رصدها, والتأشير عليها بشكل تقريبي بين ثنايا دراستنا هاته.. كما لا ننسى توظيفه للأساليب البلاغية بشكل حداثي يعكس مواكبة المبدع للتجارب الحديثة السائدة. نشير في هذا الصدد إلى توظيفه السجع التام: " كلنا كلينا الماضي ف الماضي...", والتصحيف: " وعلا من ترمي عارك؟/ وعرعارك من شجر بلادك مقطوع ", والسخرية اللاذعة من الدول العربية بالأساس نظرا لما آلت إليه أوضاعها من تراجع حد الانهيار: " ضحكات لبرارك/ على كل من تحتها بارك/ والجوع من كل نوع/ يهني ويبارك/ من هنا... ت لبلاد العرب..!", وكذا تكسير مضامين الأمثال بشكل كاريكاتوري مثير للضحك, لكنه ضحك كالبكاء:" حتيت ومغزل" =/= " حتيت بلا مغزل", " وريه وريه/ وسير وخليه" =/= " وريه وريه/ وسير لا تخليه", اللي ما خرج من الدنيا/ ما خرج من عقايبها" =/= " اللي ما خرج من البلاد/ ما سلم من عقايبها".
لذا نسجل بكل فخر واعتزاز أننا أمام تجربة إبداعية تشكل طفرة نوعية لقصيدة الزجل بالمغرب سينصفها تاريخ الأدب مستقبلا, لا محالة, سيما حين سيقف النقاد الجادون على محطات أدبية في عصرنا الحديث تستدعي بالأساس تقييم إنتاجها الإبداعي الذي أفرزته الساحة الثقافية, آنذاك, بالمغرب خصوصا على هذا المستوى. للاعتبار ذاته حاولنا سبق الأحداث في التأشير على العمل الفني إياه علنا نعيد إلى مبدعه بعض الاعتبار في غياب أية مواكبة نقدية تضع المتلقين بالسماع في الصورة وتثير اهتمامهم قصد التعاطي مع هذا النوع من الإبداع الجاد رغبة في تشجيع الطاقات الشابة على الخلق الفني المتميز...
بعد هذا الجرد العام لبعض تيمات ديوان/ شريط " حتيت بلا مغزل ", ماذا عن خلفيته الموسيقية التي تكاد تشكل إحدى مقوماته الأساس المراهن عليها من طرف مبدعه؟ ما الإضافة النوعية المميزة للإصدار مقارنة مع الإنتاج السائد؟ هل يعد الشريط ترفا فنيا أم أنه مكون أساس يهدف منه "عزيز بنسعد" إلى إعطاء نفس جديد لتجربة المجموعات التي أوشكت على لفظ أنفاسها الأخيرة بعد رحيل الرواد, وتوقف أهم الدعائم الفنية المتبقية عن مواصلة المسير لاعتبارات حاولنا التأشير إلى بعضها في دراستنا للظاهرة منذ سنين ﴿2 ﴾.
بدءا, يمكن تسجيل ملاحظة أساس ركز عليها " عزيز بنسعد " حين أعاد قصيدة الزجل إلى طبيعتها الأصلية. منذ انتعاش هذا اللون الفني, بعد فترة كمون دامت سنين طويلة, اقتصر على المكتوب دون أن يتمكن من الحفاظ على خصوصيته, باستثناء تجربة المجموعات التي حاولت رد الاعتبار إلى هذا المكون الأساس في قصيدة الزجل. على أن "عزيز بنسعد" لم يقتصر على هذه الإضافة النوعية فحسب, بل حاول ولوج تجربة جديدة مغايرة لما كان سائدا على مستوى غناء المجموعات, إذ زاوج بين القراءة الزجلية والغناء بشكل متواز أحيانا, أو متداخل بينهما كما سنحاول تبيان ذلك عبر رصدنا لهذه التجربة الثرة التي يجب استثمارها من طرف ما تبقى من مجموعات وإن كنا لا نراهن عليها مستقبلا طالما أنها لا زالت أسيرة رؤيتها الفكرية الضيقة, وإمكانتها الفنية المحدودة ﴿3﴾.
في البدء كانت الكلمة, كان البوح بالخلق الإنساني والإبداع الفني إلى حد التماهي بينهما, وكان الغناء صدى لهذا البوح يحكي حرقة السؤال لكل النفوس المكلومة, والذوات المغبونة دون ببغائية قد تسقطه في شرك الرتابة: " آش يكون هاد الليل/ ف ملك الله"..." آش يكَد يدير هاد الكروش/ ف جلايل الباطل" [ص. 73 ]. هذا التلوين الفني اكتسب جدارته في التنويع الموسيقي الموظف عبر الشريط, بحيث يتم الانتقال من مقام إلى آخر دون تكلف, ودون إحساس القارئ بالسماع بهذه النقلة النوعية. ذاك ما حاول توظيفه "عزيز بنسعد" بامتياز حين وضع مقطعا زجليا خاصا في قالب كََناوي وبصوت أجش ترجم بنغم رقيق مضمون المقطع إياه بأسلوب فني يشهد على إبداعيته. هذه المزاوجة بين القراءة الزجلية والغناء خلقت تناغما فنيا كأن كلا منهما يشكل رجع صدى, أو كورالا للآخر. وفي لحظات مغايرة تتكسر رتابة التصدية, أي الانسلاخ عن دور الكورال, حيث تتخذ القراءة بعدا جديدا محددة وظيفته في تجلية مستغلقات الصور الشعرية المغناة. هذه النقلة النوعية يمكن رصدها عبر الإيقاع الكَناوي الموظف في النص بشكل متميز والذي تطلب نغما مغايرا, وكلمات تتساوق وطبيعته, إضافة إلى صوت غنائي ملائم لهذه النبرة الموسيقية الشجية: " تغركَ فيه المبدية بالدال/ والدال كابه ف حدوره/ إيلا ما حضرت ف الباس تحضر ف الضرورة "[ص.75]. هذا النضج الفني لم يأت اعتباطا, أو عفويا, بل إنه نتاج عمل متواصل بين مكوناته الأمر الذي أفرز تجربة فنية قمينة بأن تهز أعطاف المتلقين بالسماع وتحدث في نفوسهم تفاعلا به تكتمل الدورة الإيقاعية. وبالرغم من أن الشريط الغنائي اقتصر في معظمه على المواويل التي أبدع فيها الثلاثي " مصطفى صادق" وكذا " بلا حسن " والصوت الكَناوي المتميز" مصطفى لحسايني", فإنه [ أي الشريط الغنائي] أشر على موجة فنية جديدة نتطلع إلى عدم تكسيرها على شطآن اليأس العدمي المكرس من طرف دعاة الميوعة والانحلال الخلقي والمتعة اللحظية السائدة. وأخيرا, وليس آخرا نشد بحرارة على يد كل من ساهم في إغناء هذه التجربة الغنائية, وأعطاها نفسا جديدا يخول لها التموقع وسط هذا الزعيق من الغناء المعتمد أساسا على هز الأرداف, وتلميع الصورة/ الجسد في غياب الصوت, آملين أن تتاح لكل هؤلاء إمكانية التواصل والاستقرار المادي لبلورة هذا العطاء الفني المجسد عبر ديوان / شريط " حتيت بلا مغزل" ليترجم في نهاية المطاف الى مجموعة غنائية متكاملة رفقة الزجال المبدع " عزيز بنسعد " المؤهل للدفع بها إلى الأمام.. ﴿4 ﴾.
تلكم مجرد أمنية نتطلع الى تحقيقها على أرض الواقع تأسيسا على ما حاولنا, جهد إمكاناتنا المتواضعة, مقاربته, وإن كنا لا ندعي بأننا لامسنا كل تيماته, أو سبرنا أغواره بالكشف عن دلالاته, ومستغلقاته, كما تجدر الإشارة على أن المقاربة إياها ليست حكم قيمة, بقدر ما هي تأويل لمقروء تتحكم فيه مجموعة قيم بعيدة كل البعد عن قصدية المبدع سواء كانت المقاربة متساوقة, آو متباينة مع طروحاته. من هذا المنطلق وجب التركيز على هذا المعطى حتى لا نزايد على الزجال " عزيز بنسعد" إدراكا منا بأن أي نص إبداعي يستدعي أكثر من قراءة, ومن هنا تميزه, وغناه على أساس أن يكون جديرا بالقراءة المتعددة وإلا فليذهب إلى مزبلة التاريخ.


هوامش:
1- " حتيت بلا مغزل ": ديوان زجلي للمبدع " عزيز محمد بنسعد " صادر عن مطبعة فضالة- المحمدية سنة 2004 مرفقا بشريط سماعي تخللته قراءة شعرية لنصوص من الديوان ومواويل غنائية منتقاة من الديوان نفسه أو من ديوانين سابقين أصدرهما الشاعر: " كلمة ف ايزار حياتي "
عن مطبعة قرطبة بالدار البيضاء سنة 1996, و" مدهي بسكاتي " عن مطبعة فضالة- المحمدية سنة 2000.
2- انظر كتابنا " إشراقات مغتالة.. كتابات في قضايا الأغنية الجادة بالمغرب " عن مطبعة فضالة/ المحمدية سنة 2001.
3- نفس المرجع السابق.
4- تجدر الإشارة الى أن الزجال عزيز بنسعد " خاض تجربة متميزة مع مجموعة " لرفاكَ "
المأسوف عليها توجت بشريط غنائي يحمل عنوان " علام الليف " والمتضمن لمرثية شجية للفنان . الراحل " العربي باطما ".



#مصطفى_لمباشري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ امام او ايقاع زفرات قلب مكلوم


المزيد.....




- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لمباشري - جدلية السخرية والانتحاب في ديوان حتيت بلا مغزل