تاريخ الانقسام في الامة - جذوره واصوله وسماته وخصائصه - عرض ومناقشة وتحليل ... (1)

ماجد ساوي
شاعر وكاتب
(Majed Sawi)

الحوار المتمدن-العدد: 5613 - 2017 / 8 / 18 - 22:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الامة التي انشاها الرسول الكريم عليه واله الصلاة والسلام منذ فجر البعثة الشريفة وامضى من حياته ثلاثا وعشرين عاما يبني بنيانها , وتحدث عنه بعناية واهتمام وايضاح وبيان بعشرات النصوص الماثورة وتحدث عنها الكتاب الذي جاء به وهو القران الكريم بالعديد من الايات والعشرات من السور بكلمات لا تحتمل الخلاف ولا يدخل فيها الزيف ولا يخالطها الهيف , اقول ان هذه الامة حدث اول انقسام فيها بعد وفاة النبي مباشرة ولم ينتظر هذ الانقسام حتى الدفن, بل انه قبل ذلك كان يطل براسه معلنا فشلا لمشروع النبوة بجمع الناس من العرب والمؤمنين تحت مظلة واحدة , مظلة تجعل حياتهم ذات قيمة ومعنى واخرتهم ذات فوز وارباح.

بدا هذ الانقسام الاول في تاريخ الانقسامات في الامة باحداث الردة المشهورة. ومنذ ذلك التاريخ والامة تنتقل من انقسام الى انقسام يتبع كل انقسام انقسام اخر في كل منقسم حتى لا يكون هناك مكان للمزيد من الانقسام , الى عصرنا الحالي الذي حطم كل الارقام القياسية السابقة للامة في الانقسامات , بحيث انك تجد شيئا منقسما الى قسمين او عدة اقسام في كل زاوية من زوايا الامة , وترى الرجال والنساء والاطفال والشيوخ ينقسمون عدة مرات في كل مرة يجتمعون فيها الى اقسام متناحرة يكون شغلها الشاغل وديدنها هو الولوغ في الانقسام الى اخر حدود التقسم .

منذ الانقسام الاول والامة منقسمة الى متقسمات واقسام وقواسم وقسمات , ومقسوم خاص بهذا وذاك واؤلئك وهؤلاء - وايضا هذه وتلك في تطور للانقسامات وبلوغها ميدان المراة والنساء وحصولهن على نصيبهن من القسمة- , ولعله من اطرف واظرف - وهو امر ظريف وطريف ومضحك حقيقة - مايمكن ذكره في حديثنا عن الانقاسمات في الامة ان الامة في ذروة الانقسامات السياسية في القرون الوسطى من التاريخ الاسلامي , اقول انها حجت ثلاث وعشرين عاما بدون الحجر الاسود وطاف الحجيج حول البيت العتيق ووهو فارغ المكان لانه قد تعدت عصابة من الرعاع عليه وسرقته , ولم ينفر ولا يخرج ولا يبرز احد من الامة للتصدي لهم , ولم يستطع الناس استعادته الا بعد مطالبات عديدة وتوسلات كثيرة بعد ان مل منه اولئك القوم ورغبو عن مشروعهم الذي سرقوه من اجله .

لعلي اذكر هنا اشهر انقسام – والاكثر ذيوعا والاشد صناعة للخلاف فيها - في تاريخ الامة وهو انقسام معاوية وعلي بن ابي طالب في العقد الثالث للهجرة النبوية حيث استقل معاوية بحكم الشام بحجة دم الخليفة عثمان , ورفض مبايعة الخليفة علي بن ابي طالب , واستمر هذا الانقسام حتى وفاة الخليفة علي بن ابي طالب وانتهى صوريا ورمزيا ومعنويا بتولي الخليفة ابنه الحسن لمقاليد الامور وعقده صلحا معه , يتنازل له بموجبه عن الخلافة وعادت الامور الى مجاريها بعد هذا الفداء الكبير من الحسن بن علي .

في مطلع القرن الاول عادت الانقسامات للامة سياسيا باستقلال الامويين بحكم الاندلس بل واعلن احد امرائهم – لاحقا - انه امير للمؤمنين في اول انقسام – ايضا - لهذا المنصب في الامة , وهو امر لم يعتده الناس قبل ذلك وظل الاعتقاد السائد بانه محصور في شخص واحد فقط , وتهدم هذا المفهوم والاعتقاد باعلان هذا الامير. تتابعت الانقسامات في الامة وتبع العديد من الامراء طريقة الامويين فبدات تظهر الامارات المستقلة عن سلطة الخليفة وكثرت في القرن الرابع جدا وكان هنالك في جزيرة الاندلس وحدها اكثر من عشرين امارىة ودولة , بل والانكى من هذا ظهور انقسام نوعي - غير وجود اكثر من خليفة- في منصب الخليفة حيث ظهرت الخلافة الفاطمية منافسة الخلافة العباسية ومدعية الاحقية بالخلافة بحكمها للحرمين الشريفين وسمى الامير الفاطمي نفسه بامير المؤمنين وخليفة للمسلمين – كمنازعة للخليفة العباسي الذي تسيد هذ االنمصب لقرون وتقبلت الامة هذا الانقسام بروح مرحة وحلوة ان صحت العبارة ومتفهمة بل وقعد له بعض العلماء والفقهاء والمشايخ في كتبهم للغرابة, وكان هذا من مظاهر تكريس الواقع في فقه هؤلاء القوم .

ماجد ساوي
الموقع الزاوية
http://alzaweyah.atwebpages.com

#ماجد_ساوي (هاشتاغ)       Majed_Sawi#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات