أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - جولة تصيبها الخيبة














المزيد.....


جولة تصيبها الخيبة


حيدر الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 5607 - 2017 / 8 / 12 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


جولة تصيبها الخيبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر/ فصة قصيرة

ها هو خريف تشريني آخر يحاول الافلات من دائرة الزمن ، بعد مرور بضع سنوات لعودتي من الأسر، وفي ظل حصار اقتصادي مقيت يحرق بسعيره الأخضر واليابس ، تماماً مثل ثمان سنوات لحرب مضت ، وسنوات حرب قائمة لم تنتهي بعد ، وليس من أملٍ لنهاية لها .
التفتُ حولي يمينا وشمالا ، وانا احبس دموعي كي لا يراني شامت سمحت له نفسه بالشماتة
. وا حسرتي على ما انا فيه اليوم ،
لم تعد الكثير من ادوات البيت ولوازم المطبخ والحاجيات والمقتنيات السابقة تحتل مكانها ، في زوايا واركان منزلي كما كانت في السابق ...
اذ ان معظمها هرولت الى الاسواق مجدداً بغية الحصول على ثمنٍ لها،
بعد ان شح ما نملك من مال لغرض تمشية امور العيش ، وقد سدَّت أثمان بيعها بالرخيص ،
بعض احتياجاتنا الضرورية في بيتنا الشاحب المسكين . ولو لفترة ٍما ..
حاولت ان اجد عملاً ولو بأجرٍ ضئيل .دون جدوى .
صوبتُ نظري باتجاه مكتبتي المنزلية , والتي لم تزل تحتل مكانها امام جدار حائط متهالك ،
وتناولت اصابعي المرتعشة رزمة من عناوينها ، وحملتها منكسراً نحو باعة الكتب في سوق السراي ، لعلي اجد مبتغاي في بيع بعضها .
مررت على اكثر من بائع دون جدوى ، مشيت صوب مكتبة صاحبنا القديم الكتبي الفكه
( المرحوم حسين الفلفلي ) اخبرني احد اولاده : ان سوق الكتاب راكد هذه الايام فلا تتعب نفسك في الدوران ،انها لا تأتيك بثمن ترتضيه .فرضيت بنصحه دون شك وجدل ،
شعرت ان مصاريني الخاوية من الطعام بدأت تتلوى ، حين شممت رائحة ( كبة السراي ) عن بُعد ليس بقريب، عند رأس السوق من جهة المتنبي .
لا باس ليس من حقك ان تشتهي ايها المفلس الحزين !
رجعت بي اقدامي من حيث عنق جسر الشهداء ،
و يا لهول ذلك المشهد الرهيب الذي كان بانتظاري :
طفلة بعمر الورد وهي حافية بثيابٍ مقطّعة رثة ، تبكي وتتوسل بحسرةٍ ومرارة ،
ــ لا تتركيني .. ماما لا تتركيني . واصابعها تشير الى سوق السراي .
لعل امها كتاب مثقل بالأحزان والآلام !
ها هي تُخرج رأسها من بين دكاكين السوق مغبرة الوجه بعباءةٍ بالية ونعلين مترهلين ،
ــ ما ما ... تهرول نحوها ،وتتشبث بثوبها العتيق، فتبعدها وتبتعد عنها !
ــ أهذه ابنتك ؟ ... سألها بعض المتجمهرين عند كل حادث .
ــ لا اريدها .. لا اريدها !
وتصرخ بصوت شاحب حزين ،والله يا ناس ... والله يا عالم .. والله يا سامعين الصوت ،
ليس عندي ما اعيلها ، لعلها تعثر على من يرعاها ،
وتركض دون وعي لعبور الجسر ، والطفلة تصرخ ماما ماما ..
تلتفت الام وتعود بها الى أحضانها ببكاء مرّ وعويل ، وهي تترقب العيون هل من معين ؟
مددت يدي الى جيب بنطلوني ، لم املك الا 25 فلساً أجرة عودتي الي البيت
اهل الرحم كثيرون ... ولكن اين هم ؟
سحبت نفسي من بين جمهرة المتفرجين ، عبرت نفق الجسر باتجاه محلات بيع الاحذية وصولاً الى تمثال الرصافي . كانت سترته النحاسية من غير ازرار ، وهو ينشد :
( لقيتها ليتني ما كنت القاها .. تمشي وقد اثقل الاملاق ممشاها .......)
تلك كانت مشاهدة صادقة لم اجانب الحقيقة في وصفها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمجمة جدّي
- من هوَّ
- رمضان بريمري
- لوحة موناليزا في مختبر نٍزار قباني
- صوّر من الحياة ( مشاهد قصيرة )
- آه يا أنا
- مهداة الى صديقي الشاعر الراحل حسين السلطاني
- ذكريات
- وللجسور البغدادية حكاياتها
- سهرة مع توجعات نساء الارض
- التأثير المتبادل بين العرض والمتلقي
- ليلة عودة الربيع
- محنة الاسماء المتشابهة واختلاف المنجز
- مسرحية بيرجنت بين الرمزية والتعبيرية
- ثرثرة بدخان ساخن
- حضرة صاحب المعالي
- انا تعبان
- اليك عنّي وكفى
- تفسير وتأويل النص الدرامي
- 3 قصص قصيرة جداً ( من كوميديا الأحداث )


المزيد.....




- *محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا ...
- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - جولة تصيبها الخيبة