|
الظالم والمظلوم في العهدين الملكي والصدامي
فارس عبدالوهاب أمين
الحوار المتمدن-العدد: 5605 - 2017 / 8 / 10 - 11:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
برزت في الآونة الاخيرة في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام طروحات مغرضة تمجد بالنظامين الملكي والبعثي الصدامي واظهارهما على انهما الافضل في تاريخ العراق الحديث، ولو تتبعنا مسارات الحركة التاريخية لكلا النظامين نجدهما يتشابهان في كل شيء حتى في مدة حكمهما التي دامت اكثر من 35 عاماً لكل منهما، الواحد، فالنظام الملكي كان نظريا نظاما ملكيا دستوريا برلمانيا رأسماليا، في حين كان النظام البعثي الصدامي نظاما عسكريا قوميا اشتراكيا لا دستوريا يؤمن بحكم الحزب وان كلا النظامين جاء بفعل الدعم الغربي من اجل السيطرة على مقدرات العراق وتقويض الحركات الوطنية وعلى رأسها حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم التي تمثل انموذجا راقيا للحكم. فبريطانيا جاءت بالنظام الملكي الذي كان نظاماً صورياً يخضع للمندوب السامي وقامت باستفتاء صوري لإضفاء الشرعية وهذا الامر تكرر مع النظام البعثي ايضاً، عندما قام حزب البعث بانقلاب 8 شباط عام 1963 على ثورة 14 تموز وباسناد من قوى الغرب وهذه الحقيقة اعترف بها معظم اعضاء حزب البعث امثال علي صالح السعدي وهاني الفكيكي و طالب شبيب وغيرهم. كما ان الدور الذي لعبه الوصي عبد الإله ورئيس الوزراء الاسبق نوري سعيد في تحويل حياة الشعب الى جحيم بسبب الفقر والجهل والتهميش هو مشابه للدور الذي لعبه الطاغية صدام حسين وأزلامه عندما حوّلوا النظام الجمهوري من طوق نجاة للشعب الى حبل مشنقة يخنقهم ويشتتهم ويزيد من معاناتهم وآلامهم. كما أن النظامين اتبعا اسلوبا مناطقيا وطائفيا في ادارة الدولة من خلال تقريب ابناء العشائر الموالية لها، واستبعاد ابناء الشعب من كل المناصب الرفيعة بالدولة والاعتماد على رجالات الاقطاع والسماسرة في فرض نفوذهم والتحكم بمقدرات الفقراء وممارسة ابشع انواع التمايز والعبودية والاستيلاء على املاك المواطنين من بساتين ومزارع بشكل قسري. الى جانب الاسلوب القمعي والوحشي الذي اتبعه كلا النظامين في التعامل مع معارضيهما، واتباع اساليب البطش في التعامل مع اي حركة تمرد او احتجاج من قبل الفقراء الذين ضاقوا ذرعا من سيطرة الاقطاع وتنامي الفقر والامراض والجهل بدءا باعدام العقداء الاربعة الذي قاموا بثورة مايس عام 1941 وابادة المسيح الاشوريين عام 1933 و قتل ما يقارب ثلاثة آلاف مواطن اشوري ، اضافة الى استخدام ابشع اساليب البطش والقوة واستخدام الاغتيالات السياسية مثل اغتيال بكر صدقي ومحمد رستم حيدر وتوفيق الخالدي كونه منافساً لنوري سعيد مرورا باساليب القتل والبطش التي اتبعها البعثيون والتي بدأت بقتل الزعيم عبد الكريم قاسم بدون محاكمة واعدم مئات البعثيين أمثال فؤاد الركابي وعبد الخالق السامرائي وعدنان الحمداني ومحمد عايش وقتل الملايين من ابناء الشعب العراقي بعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ومحاربة الاقليات الدينية التي اضطر الكثير منها الى مغادرة البلاد. الامر الآخر الذي يشترك به كلا النظامين هو تعاملهم مع قضايا مهمة وحساسة مثل القضية الكردية، فقد تعرض الشعب الكردي للظلم وابادة من قبل النظامين، ففي زمن الملكية واجه الشعب الكردي سياسات قومية متطرفة وعمليات عسكرية أدت الى قتل آلاف الكرد نتيجة القصف العنيف التي تعرضت له المدن الكردية، ما اضطر الزعيم الكردي مصطفى البارزاني لترك العراق متجها الى منفاه الاجباري في روسيا بسبب الاتفاق مابين نوري السعيد والشاه والاتراك، كما ان النظام البعثي استغل الورقة الكردية ابشع الاستغلال وقد تعرضت المناطق الكردية الى عمليات قصف متكررة وقد تآمر النظام مع تركيا والشاه وقاموا بضرب القضية الكردية عام 1975 في الاتفاق الشهير المعروف باتفاقية الجزائر، كذلك في ثمانينيات القرن الماضي، فقد خاض النظام الصدامي العديد من المعارك مع الكرد وقام بأبشع عملية ابادة في مدينة حلبجة وقتل الابرياء بالسلاح الكيمياوي. ومن هنا يتضح مدى التشابه بين النظامين اللذين كانا بمثابة كابوس اسود في تاريخ العراق واللذين تشابهت نهايتهما ايضا وهي التنكر بازياء النساء والاختباء في الجحور، كما فعل ذلك نوري سعيد والطاغية صدام حسين، ان المحاولة في عكس الصورة المزيفة عن كلا النظامين عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية يكشف أن مخلفات النظامين مازالت تعمل بالخفاء للنيل من التجربة الديمقراطية التي يعيشها العراق الآن بالاعتماد على صناعة الازمات والعنف والتوتر لتنفيذ اجندة خارجية في ضرب العمق العراقي من الصميم مثلما ضربوه عام 1963 عندما أجهزوا على ثورة 14 تموز الخالدة.
#فارس_عبدالوهاب_أمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|