|
المحاصر
علياء حسين
الحوار المتمدن-العدد: 5604 - 2017 / 8 / 9 - 14:01
المحور:
الادب والفن
المحاصر تأليف علياء حسين
الشخصيات 1- الشاب 2- الرجل كبير السن 3- ثلاثة صبيان 4- الفتاة الشابة 5- والدة الفتاة
المسرحية .. البداية .. قفص معلق في وسط المسرح يطل على الجميع ، يجلس في داخله شاب مكبل من دون حراك في بادئ الأمر ثم يثور ويتجاوب ويحزن ويتحدث حسب التطورات .. يدخل أولا ثلاث صبيان فقراء كما يبدو ، يعملون لسد جوع عائلتهم ، تبدو عليهم السعادة رغم ضيق الحال يجلس صبيان على حافة الطريق بينما يتجه احدهم للنظر إلى الشاب المعلق وسط القفص ..
الصبي : (ينظر للشاب لدقيقة ) : لما لا تنزل الشاب : ( يتحرك بسرعة وتعجب باتجاه الصبي ) : هل تراني ؟؟ الصبي : نعم بالتأكيد ، هل أنت مجنون ؟؟ الشاب : لا اعتقد إن احد يراني غيرك ( ثم يلتفت بالنظر إلى صديقي الفتى ) الصبي : هييه ( يصيح على أصدقائه ثم يشير للقفص ) هل تريان ذلك العصفور احد أصدقائه : ( ينظر حيث يشير صديقه ) يا مجنون لا يوجد أي عصفور .. ( ثم ينشغلان عنه ) الشاب : الم اقل لك ، مضى على وجودي هنا الكثير ، لم يلاحظني احد غيرك ؟؟ الصبي : ما الذي حجزك هناك .. الشاب : الحقيقة الصبي : ( يجلس على الأرض ) وهل في الحقيقة أصفاد ؟؟ الشاب : فيها كل شئ أيها الصغير ( ثم يجلس هو الآخر داخل زنزانته بيأس ثم يقترب من القضبان ) الصبي : لما فعلت ذلك إذا ؟؟ الشاب : إنها الأقدار أيها الصغير ، كنت ابحث عنها فوجدتني ..، ساعدني بالخروج من هنا ( يقترب من القضبان ) الصبي : إن ساعدتك ، سيمسكون بي واسجن معك .. الشاب : إذا ساعدني واهرب الصبي : لن استطيع علي أن أواجه مصيري حينها ؟؟ الشاب : كن شجاعا الصبي : أنا شجاع ، لكنك غير ذلك مطلقا ؟؟ الشاب : أيها الصغير أنا شجاع أيضا ، لم تنصفني الحقيقة فحسب الصبي : كان عليك أن تدرك ذلك إذا قبل أن تقرر المواجهة الشاب : ( تفاجأ من حنكة الفتى ) أنت صغير جدا لكنك تتحدث كالكبار تماما الصبي : ( باستهزاء وثقة ) أنا كبير يا هذا ، سأزداد حجما مع الوقت فقط ينهض الصبيان الآخران ويتجهان نحو صديقهما يلتفتان يمينا ويسارا .. الصبيان : مع من تتحدث ؟؟ الصبي : ( ينظر إلى الشاب ) لا احد هيا نذهب .. يظل الشاب يراقبهم أثناء ذهابهم بعيدا ، مع التفاتة الصبي للشاب بين الحين والآخر ..
تدخل امرأة وابنتها الشابة المسرح الأم متجهمة الوجه ، أما الشابة تستمر بالضحك بين الحين والآخر بصوت عال ..
الأم : اصمتي أيتها البلهاء ، ( تتلفت قليلا ) ماذا سيقول الناس عنا اصمتي الفتاة : ( تستمر بالضحك ) ، وهل الضحك ممنوع ؟؟ يصلان للمنتصف حيث الشاب معلق ، بينما يقوم هو بمراقبتهن ممسك بقضبانه الأم : نعم ممنوع يا غبية ، أتضحكين على خيبتك ؟؟ الفتاة : (تتوقف عن الضحك ثم تتحدث بعصبية ).. خيبتي ؟؟ الأم : نعم خيبتك ، لم تعرفي حتى كيف تحافظين على زواجك ، أصبحت علكة بمجالس النساء بسببك الفتاة : ( تصرخ ) لست أنا من قرر أن أزوج نفسي وأنا لم ابلغ حتى السادسة عشر بعد ، سأفعل ما أريد الآن ، سأضحك ، سأصرخ ، سأغني ( ثم تستمر بالضحك ) الشاب : ( يمد يديه من القضبان ) .. سيدتي .. سيدتي .. ساعديني أرجوك الأم : ( ترفع رأسها للأعلى باتجاه الشاب وتنظر ) .. حتى الغراب يغرد على رأسك لشدة خيبتك ، هيا تحركي ..
تدفع ابنتها للسير قليلا ثم تغادران ، بينما تلتفت الشابة للنظر إلى الشاب وتكمل سيرها ..
بعد الخروج تعود الفتاة كما يبدو خلسة للشاب بينما تقوم بالنظر خلفها خوفا من لحاق والدتها بها ، تتقدم ببطء نحوه ..
الفتاة : هييه .. هييه ( تنادي على الشاب بصوت خافت ) لما أنت معلق هناك الشاب : ( ينظر للفتاة ) لا اعلم وجدت نفسي معلقا هنا ، لما عدتي ؟؟ .. الفتاة : والدتي لم تلاحظك مطلقا ، انه أمر جيد أن لا يراك الجميع .. الشاب : جيد ، ما الجيد في ذلك ؟؟! الفتاة : ستتمكن من مشاهدة وسماع الجميع ( تضحك بحماس ) أليس ذلك أمر ممتع ؟ الشاب : قررت يوما أن لا ارتدي قناعي فوجدت نفسي مكبلا محاصر هنا .. وأنتي تضحكين ؟؟ الفتاة : وهل نجح الامر ؟؟ الشاب : لا فكما ترين ( يشير أصفاده وللقفص ) الفتاة : كلا ينظر من نافذته ، ربما أنت لا تطل على الجميع ، لذا لا يراك جميع من يمر هنا الشاب : ساعديني بالخروج الفتاة : هل جننت ؟؟ ( تضحك بسخرية ) ستظن والدتي إني أتحدث مع الأشباح ، هذا ما ينقصني الآن .. ( ثم تضحك تغادر مسرعة ) الشاب : ( يصرخ ) ، لا تذهبي عودي ارجوك ..
ثم يجلس وحيدا في زنزانته محاولا ربط جأشه بعد تلك المعاناة ..
لا يزال الشاب في القفص محاصر ، يرى كل شئ يتغير من حوله الفصول ، الأماكن ، الطرقات ، الناس .. كل شئ ، حتى الطيور لم تعد تهاجر تلك الهجرة ، كان يراقب السماء بدقة ، والأرض بدقة أكثر ، كان يعلم بكل ما يدور من حوله ، لكنه لم يستطع فعل شئ لنفسه مطلقا .. ثم يلتفت إلى نفسه قليلا ينظر إلى وثاق يديه ، ثم يتأمل في القفص ، يحاول النهوض لكنه لا يستطيع ، يضرب برجله ارض سجنه محاولا تحطيمها أو فعل شئ ما لعل الثورة في داخل نفسه تثور فتخلصه مما هو عليه . يبدأ بسماع صوت جميع من مر به ( بعض الجمل من صوت الصبي والفتاة ) صوت الفتاة : كلا ينظر من نافذته ، ربما أنت لا تطل على الجميع صوت الفتاة : ستظن والدتي إني أتحدث مع الأشباح صوت الفتاة : انه أمر جيد أن لا يلاحظك الجميع صوت الصبي : لما لا تنزل صوت الصبي : وهل في الحقيقة أصفاد ؟؟ صوت الصبي : أنا شجاع لكنك غير ذلك مطلقا يبدأ بالانفعال تدريجيا ، يهز القضبان بيديه ينهض ، يقاوم نفسه ، يصارع ، يصرخ ، يستنجد ويحاول أن يجمع كل تلك الذكريات والمواقف وبناؤها من جديد لكنه لا يستطيع ذلك ، فكل ما مر به أصبح جزء من الماضي والماضي لا يعود .. بعد مشاهدته لجميع ما مر به ومحاولته التخلص من القفص ، يبدأ بالسكون تدريجيا ، يجلس داخل جحره ، ثم يكتفي بمحاولته الأولى لتحرير نفسه ..
يعاني الشاب الوحدة والتخبط نتيجة صراعه في البحث عن نفسه وعن تخليص نفسه ، يمسك قضبان قفصه الكئيب بحثا عن أحدا أو أي شئ ينجده ، يدخل رجل كبير في السن يمسك عصا ، يقف على مسافة وينظر للشاب وهو معلق في قفصه ، ينظران لبعضهما لعدة ثوان ثم يجلس الرجل على كرسي خشبي قريب ..
الشاب : ( بصوت متردد ) هل تراني ؟؟ الرجل : ( بابتسامه ) ومن لا يراك الشاب : ظننت انك لم تستطع أيضا ، البعض لم يكن يفعل ( يقصد رؤيته ) الرجل : الجميع كان يراك ، البعض لم يستطع من إدراكك فقط ، سيكون صعبا عليهم جدا لو أطالوا النظر أكثر . الشاب : لم لا يخرجني احد الرجل : ربما خشوا أن تسقط على رؤؤسهم .. لا احد يعلم !!؟؟ الشاب : لقد كان بعضهم على حق ، أما الآخرون لم يكونوا الرجل : من يعثر على حقيقة عليه أن يجرب السقوط من الأعلى بحرية الشاب : لو ساعدوني بالخروج لفعلوا الرجل : لو فعلوا ذلك لسقط القفص على رؤؤسهم الشاب : لن ادعه يسقط الرجل : إذا لن تتخلص من قفصك الشاب : ( يحتار قليلا ثم يجيب بانفعال ) سأمسك الحبل لأنجو الرجل : ستبقى معلق هناك إذا الشاب : ( ينظر في أرجاء القفص ثائرا ) ، سأصرخ حتى يصعد إلي احدهم الرجل : لن يخرجوا عن المألوف الشاب : سأصرخ حتى يخرجوا الرجل : لن يكترثوا الشاب : ( بيأس وحزن ثم يجلس في قفصه ) ، ماذا علي أن افعل الآن الرجل : كنت شاهدا على الجميع من أعلى ، رأيت الجميع ، حين تبدأ برؤية نفسك جيدا نفسك ستنجو ..
ثم ينهض من على الكرسي ويشير بعصاه للشاب وللقفص ..
.. لن يتمكن احد من مساعدتك ، حتى تساعد نفسك وتتخلص من أوهامك
ثم يغادر الرجل رويدا ، ويصمت الشاب لعدة دقائق ، ثم ينظر ليديه المكبلتين بحزن ، وينهض غاضبا فجأة يصارع نفسه والقفص بكل جديته ، يصرخ محاولا فك وثاقه ، ويعاني أكثر ثم يتمكن أخيرا بعد ثورته الشديدة من حل وثاقه ، ثم يبدأ بالصراع من جديد مع القفص يهز القفص تارة ويمسك القضبان محاولا كسرها مرة أخرى ، ثم يتمكن بعد عدة محاولات من كسر قضبان القفص من الأعلى ، ثم يتسلق أعلى القفص ويقطع الحبل ليسقط القفص وكل شئ أرضا ( يمكن تعتيم فترة السقوط حين قطع الحبل وربط الممثل من أعلى ليتم إنزاله بعدها بثواني ) ..
يرى نفسه وحطام القفص على الأرض ، يجلس متفقدا نفسه وجسده مذهولا مبتهجا ، ثم يجل بانفعال على ركبته أولا استعداد لمسك زمام نفسه ، يستجمع قوته ثم يقف بكل شموخ ( دلالة على إيجاد نفسه أخيرا وتغلبه في الصراع ) ،، ( يمكن إضافة الموسيقى في الجزء الأخير لزيادة حماس المشاهد ) . .
#علياء_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أساطير الموسيقى الحديثة.. من أفضل نجوم الغناء في القرن الـ21
...
-
السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني
...
-
مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع
...
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|