أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - لن أعود اليك















المزيد.....

لن أعود اليك


اميرة بيت شموئيل

الحوار المتمدن-العدد: 407 - 2003 / 2 / 24 - 03:09
المحور: الادب والفن
    


 

قصة قصيرة بقلم: اميرة بيت شموئيل

 

-          لا احبه يا امي. لماذا تغصبيني على الزواج به؟

-          الى متى ستنتظرين بلا زواج... لقد تخطيت الثلاثين وما زلت ترفضين كل متقدم للزواج بك... لماذا تخافين الزواج؟... هل ارتكبت خطيئة في علاقتك مع بولس ام ماذا؟

-          بولس اشرف انسان عرفته يا امي... لاتظلميه بحق السماء... دعيني وشأني يا امرأة... لم اعد طفلة لتقيديني... دعيني وشاني... دعيني.

 

اسرعت مادلين الى سحب حقيبتها وبعض الملابس من الجرار وغادرت البيت غير عابئة هذه المرة بصراخات امها الغاضبة.  تركت لاقدامها الحرية لتجري دون ان تقيدها بوجهة معينة او مركز ما. فقد شعرت برغبة عاصفة تقودها للتحرر من قيود اهلها ، بعدالاهانة التي الحقتها امها بحبيبها بولس وبها.

-          بولس حبيبي، ساترك يدي في يديك هذه المرة ولن اسحبها... لست عابئة بأمي او أهلي... لقد كبرت وتحررت منهم الى الابد... خذني الى حيث تشاء يا قدري.

 

كانت مادلين مساقة بذكرياتها .. تجري مسرعة... تتذكر وتتحدث الى نفسها، حتى يخال الى ناظرها بانها مجنونة أوهاربة من مستشفى المجانين. 

-          انت مقيدة يا حبيبتي... مقيدة بالعادات والتقاليد القديمة... مقيدة بالافكار البالية . اريدك ان تتحرري.

-          لا استطيع ان اعيش سعيدة واهلي غاضبون علي يا حبيبي... ارجوك ان تفهمني. ابي يرفض زواجنا لاننا ننتمي الى كنيستين مختلفتين. امي ترفض لانك تنتمي الى حزب لا يعرف الله. لماذا لا تنتمي الى كنيستنا وتتحرر من الحزب الى ان نتزوج ثم تعود اليهما.

-          لاني حر.. والحرية تعني التحرر من العبودية يا حبيبتي... كما انها تعني المسؤولية... لا استطيع ان اخدع الناس بما لا اؤمن به. بالنسبة للكنيسة، نعم لست بالناسك، ولكني لا اجد سببا مقنعا لحجة ابيك لاحل ارتباطي بكنيسة وارتبط باخرى. اما عن الحزب، فلا اجد سببا معقولا لحجة امك بربطه بالايمان بالله... انا ارتبط بحزب علماني لا يتدخل في شؤون الله. اسمعي، لقد جاءتني منحة دراسية من الحزب في روسيا... وفكرت ان اخطفك لنتزوج سرا ونسافر اليها، بهذا سنضع اهلك امام الامر الواقع ، ثم نعود ونصالحهم بعد ان تهدأ الامور.

-          انت مجنون.

-          انا عاشق ومظلوم. مادلين، أنظري في عيني... أتحبيني كما احبك؟

لم تستطيع ان تطيل النظر في عيني بولس المشتعلة حبا وعشقا. ارتمت في احضانه واخذت تبكي وتقبل صدر وعنقه، كطفل لايدري كيف يفسر خلجاته بالكلمات.

-          اتشك في حبي لك يا بولس.

-          ابدا ياحبيبتي... ولكني احسك بعيدة عني ومترددة احيانا.

-          انا حائرة وخائفة من العواقب... لا ادري ماذا افعل.

-          لا عليك... افعلي ما يريحك. لن اجبرك على اتخاذ قرار لا ترغبين به... يكفيك ما تكبلك من قيود يا حياتي.

 

نعم، من اجلها لم يسافر بولس للدراسة... بقي قربها، عسى ان تتغير الضروف الى الافضل او تتحرر حبيبته منها، لكن الايام لم تمهله طويلا، فقد اشتدت النزاعات بين حزبه والحزب الحاكم، وبدأت السلطات المحلية تطارد الموالين لحزبه في كل مكان، فكان نصيب بولس، القاء القبض عليه وزجه في احد السجون الفاشية.

 

جنت مادلين، عندما سمعت بالخبر وتوسلت الى اهلها لمساعدتها في الاستفسار والاتصال به، الا ان مشاعر الرعب والخوف التي فرضتها السلطة في الوسط، جعلهم يفرضون عليها قيود اقسى من سوابقها خوفا على ابنتهم. تخلص الاب وبسرعة من جميع التزاماته وتحول بعائلته الى مدينة اخرى عسى، ان يبعد شر البلية عنها. عاشت مادلين في جحيم مع ذكرياتها، بعيدة باخبارها عن بولس، كما عاش هو، الى ان نزلت عليها الصاعقة لتختال املها في الالتقاء به ولو لثواني... فبعد خمسة سنوات من العذاب، تم تنفيذ قرار الاعدام بحبيبها. 

 

حاول الاهل ابعاد مشاعر الحزن واليأس عن ابنتهم بارسالها لزيارة الاقرباء خارج الوطن، عسى ان تقرر البقاء في احدى هذه الدول، ولكنها كانت تعود اليهم دائما. اخيرا، تقرر اجبارها على الزواج والاستقرار مع احد اقرباءها، الذي تقدم لخطبتها. وافقت في البداية، مرغمة، كونها تحت تهديدات وتأنيب امها وابيها، وقد تخطت السن القانونية للزواج ولكن، ومع اقتراب موعد الزواج، وجدت نفسها تثور شيئا فشيئا على القيود التي تجبرها على خيانة حبيبها بولس.

 

توقفت الذكريات وتوقفت معها قدماها عن الحركة. اخذت مادلين تجول بنظرها في مكان باصات حمل الركاب. سمعت احد السواق ينادي" نفر واحد الى موصل... نفر واحد موصل". اتجهت الى الباص ودفعت بجسدها المتعب ليرتاح في المقعد الخالي . لاتدري لما استقلت الباص الى موصل بالذات ولا ماذا ينتظرها هنالك، ولكنها شعرت بالراحة لقرارها هذا. بوصولها الى موصل، استقلت سيارة تاكسي واخذت تطلب من السائق ان يوصلها الى اماكن عديدة، لم تنزل فيها، ولكنها كانت تجول في اروقتها بعينيها المغروقتان بالدموع، حتى قالت له اخيرا" خذني الى المقابر ارجوك"!!!.

 

 نزلت من السيارة واخذت تتجول بين القبور تقرأ الاسماء. رفعت عينيها الى البعيد، لتشاهد عجوز منحنية على احداها، تبكي الساكن. شعرت بقدميها تقودها الى الاقتراب منها. اقتربت وتحولت بنظرها بين العجوز والقبر . قرأت اسم الساكن غير مصدقة " بولس يوحنا"!!!.

-          ام بولس!!!. انا مادلين.

رفعت ام بولس عينيها المثقلة بالاحزان الى مادلين وقالت لها:

-          مادلين!!، لقد رجوته منذ يومين ان يجعلني اراك واحضن كنتي وحبيبة وحيدي الى صدري.

ارتمت مادلين في احضان ام بولس باكية، وقالت

-          ها هو يلبي نداءك يا اماه. لقد امسك بيدي واوصلني اليك.

بعد يوم ارسلت رسالة الى امها ، تقول:" لن أعود اليك... لقد وجدت أمي!!."

 



#اميرة_بيت_شموئيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيحدث غدا
- الشهيدة مركريت جورج مقاتلة اشورية، اغفلها الكتاب الاكراد وال ...
- رأفة بالعراق المثقل بجروح الأمهات والأرامل والأيتام
- اتكمن المشكلة في التسمية ام في المناصب؟؟؟
- ماهذا بتمثيل للشعب الاشوري
- الى اللجنة التحضيرية والمشاركين في مؤتمر المعارضة العراقية ف ...
- قضية المرأة واعدائها الحقيقيين


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - لن أعود اليك