المصطفى العربي
الحوار المتمدن-العدد: 5597 - 2017 / 7 / 31 - 09:28
المحور:
الادب والفن
في زمن ما قبل أن يدمرو صفاء ذهني و دمر الفقر بدني ، كنت أعتقد إعتقادا راسخا و أنا أعاني الجوع و قساوة البرد و الأمراض كنت أحلم أنه لابد أن يأتي إداري يسأل في الدوار المقهور عن الجائع و المريض و المقصي ليدمض جراحه و يحل مشاكله . هكذا كنت و كان أملي الوحيد هو أن الإدارة في بلادي تزور المناطق النائية فتسأل عن الفقير المحتاج الذي يفترسه القمل و الأمراض فتحييه . هكذا كنت أحلم و أطيل الحلم . كان برلماني أثناء الإنتخابات يزور الدوار و يعد المقهورين بحل كل مشاكلهم عندما ينجح و كنت أسمع ذلك و أنا طفل فأطير فرحا و تزهر الدنيا أمامي لكن مع مرور الوقت عندما فاز البرلماني و بقي يفوز حوالي أربعة عشرة سنة و لكن لم يعد أبدا يزور الدوار فينيره ببياض بدنه و سمنته و نقائه و سياراته فيتعجب سكان الدوار و يتسائلون أهذا بشر ؟ سوف ينقذنا و يعالجنا و يعطينا الخبز و الماء و الدواء كما وعدنا و تمر السنين و لم يعد البرلماني، يقولون إنه في العاصمة بصدد حل مشاكلنا و أتابع حلمي لكن عندما شخت إستيقظت و أنا مجرد هيكل عظمي مشرد تآمرت علي كل الأمراض .
بدأت أسمع و أعرف أن البرلماني لا يأتي و لن يأتي لأنه ليس من طينة بشر الدوار . صار الإخباريون يتحدثون عن سفر البرلماني إلى Davos أو غيرها من مدن العالم و لا يعرفون لماذا . يتحدثون عن ضيعاته و أنعامه و أراضيه الفلاحية التي لا تحدها حدود و المنازل التي يملكها في مدينته و غيرها . بدت كما باد أغلب سكان الدوار و البرلماني قضى سنين طويلة في البرلمان يفوز دائما في الإنتخابات و لم أر إداريا بحث عني أو ما يسمى بالمقدم يسأل عني أو قائدا أرسل في طلبي لينقذني : العمر كله لم أر هذا ، بل دائما كنت أطرد مدحورا مرفوضا في أبواب الإدارة و لو من أجل الحصول على شهادة الفقر التي قالو لي آخر مرة بأن هذه الشهادة لم تعد موجودة في العالم و إذا سألت عنها مرة أخرى فإنني أبحث عن شيء لا تحمد عقباه . كنت حالما صادقا ، لكن في أبواب الإدارة لم أر يوما بزغت فيه شمس الشفقة و الرحمة أمامي .
#المصطفى_العربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟