|
مُذكرات خَروف
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5593 - 2017 / 7 / 27 - 12:09
المحور:
كتابات ساخرة
وُلدتُ مع توأمٍ في مزرعةٍ كبيرة .. وأتذكرُ بأنني وأخي كُنّا مُدللَين في الصِغَر ، وكان الجميع يهتمُ بنا ، وكانتْ اُمي ترضعنا من حليبها اللذيذ ، بل ان الراعي ، كان يجلب لنا حليباً جاهزاً في قَنانٍ عندما كانتْ اُمي مريضة . وفوق ذلك ، كان الراعي يحمينا مِنْ الخرفان الكبيرة ولا يسمح لها بإيذاءنا . أتذكرُ ان اُمي كانتْ تصيح عندما نبتعد قليلاً : إرجع ياولدي .. فأن هنالك ذئاب شرسة سوف تفترسك إذا إبتعدْتَ عن القطيع ! . لم أرَ ذِئباً في حياتي ، لكنني أرتعدُ حين أسمع بإسمه وحتى بعد أن كبرتُ وأصبحتُ خروفاً بالغاً . لم تستمر فترة طفولتي طويلاً ... وتدريجياً إكتشفتُ أن لحظات سعادتي في الأسابيع الأولى من عُمري ، كانتْ حُلماً قصيراً وإنتهى إلى الأبد .. وأن العيش كخروفٍ ضمن القطيع ، صعبٌ للغاية . ................ لشّد مايحزنني ، ان البشر يتصورون ان جميع الخرفان أغبياء ، ولهذا السبب يُسّمون الشخص المصاب بداء النسيان او الهلوسة ب " الخَرِف " المأخوذةِ من خروف . علماً أنني خروفٌ ذكي وعندي مَشاعِر وأحاسيس ... لكن صفاتي هذهِ نقمة عليّ وليسَ نِعمة .. فلقد أدركتُ مُبَكِراً أنهم يطعمونني ، ليس حُباً بي ولا عطْفاً عليّ ، بل من أجل تسميني لكي أكون جاهِزاً للذَبح . كَمْ كُنتُ أتمنى لو كُنتُ خروفاً تقليدياً مثل معظم خُرفان القطيع التي تتبع أوامِر الراعي وتوجيهاته ، وهي مُغّمِضة ومُبتَسِمة ، مَهْما كانتْ تلك الأوامِر غير مَنطِقية وتلك التوجيهات مُجحِفة ! . لكن ماالعمل وأنا خروفٌ مُفّكِر ؟ لا أدري هل أضحكُ أمْ أبكي من هذه المُفارَقة " .. طيلة عُمري خّوفوني من الذِئب الذي سوف يفترسني ، لكني مُتأكِدٌ أن سكين الراعي هو الذي سيذبحني في النهاية " . .............. ثُمَ كيفَ لا أشعرُ بالغُبنِ والظُلم ... صحيح ان البقرة أكبر مني حجماً وتوفر الحليب بكمياتٍ مُحتَرَمة .. لكنني أيضاً ، كُلّيَ خيرات وفوائِد ، فليسَ هنالكَ جزءٌ من بدني لا يستفاد منهُ البشر .. فلحمي هو الأطيب وكَبَدي هو الألَذ ، وجلدي هو الأحسَن وصوفي هو الأروع .. وأحشائي تُطبَخ منها الباجة .. بل أن خرائي سمادٌ عضوي ثمين .. وفوق كل ذلك ، فأن ملايين البشر يعبدون البَقر ، ولا أحد يعبدني ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مِن هُنا وهُناك
-
أني أحْتَج
-
خواطِر من روبار العمادية
-
- شيائِكة -
-
عن الموصل ، ثانية
-
فوضى اليوم ... فوضى الغَد
-
في إنتظار - العيدية -
-
- دَولة كردستان -
-
ألَنْ ديلون .. وإسماعيل ياس
-
بُقَعٌ سوداء
-
بعوضة
-
رشيد ... سيرةٌ غريبة لشخصٍ إستثنائي
-
على هامِش مُؤتَمَرَي أربيل : حقوق الإنسان والدفاع عن أتباع ا
...
-
دخول الشوال مع الدُب
-
شخصِيةٌ غير نَمَطِية
-
يحدثُ أحياناً ...- جُزءٌ من مشروع رِواية -
-
قولوا لا .. لأردوغان
-
أعِدَكُمْ ... أعِدَكُمْ
-
- شاه كَرَمْ -
-
شاحِنةُ خرفان
المزيد.....
-
موسم أصيلة الثقافي يعيد قراءة تاريخ المغرب من خلال نقوشه الص
...
-
شائعة حول اختطاف فنانة مصرية شهيرة تثير جدلا (صور)
-
اللغة العربية ضيفة الشرف في مهرجان أفينيون الفرنسي العام الم
...
-
تراث عربي عريق.. النجف موطن صناعة العقال العراقي
-
الاحتفاء بذكرى أم كلثوم الـ50 في مهرجاني نوتردام وأسوان لسين
...
-
رجع أيام زمان.. استقبل قناة روتانا سينما 2024 وعيش فن زمان ا
...
-
الرواية الصهيونية وتداعيات كذب الإحتلال باغتيال-محمد الضيف-
...
-
الجزائر.. تحرك سريع بعد ضجة كبرى على واقعة نشر عمل روائي -إب
...
-
كيف تناول الشعراء أحداث الهجرة النبوية في قصائدهم؟
-
افتتاح التدريب العملي لطلاب الجامعات الروسية الدارسين باللغة
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|